روس يعود وأنباء متضاربة عن التنسيق الأمني

وقد وسع الفلسطينيون والإسرائيليون من الجهود الرامية إلى وقف المواجهات المستمرة بين الطرفين، بينما ينتظر الجانبان عودة المبعوث الأميركي للسلام في الشرق الأوسط. ويقوم روس بمحاولة اللحظة الأخيرة للوصول إلى اتفاق حول السلام قبيل مغادرة الرئيس الأميركي بيل كلينتون للبيت الأبيض في العشرين من الشهر الحالي.
وقال مسؤول فلسطيني إن مفاوضي الطرفين سينضمون إلى مسؤولي الأمن في محاولة لإنهاء المواجهات وإعادة الهدوء إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية عقب فشل اجتماع القاهرة. وأضاف أن اجتماعا ذا طبيعة أمنية سياسية سيعقد بين الطرفين الأيام القادمة لاستكمال لقاء القاهرة الأمني الرباعي.
وكان الجانب الفلسطيني قد أعلن فشل لقاء القاهرة الذي شارك فيه مدير الاستخبارات المركزية الأميركية جورج تينيت، بيد أن الجانب الإسرائيلي نفى أن يكون اللقاء قد فشل.
وأضاف المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه أن الاتفاق على توسيع الاتصالات تم في لقاء القاهرة الذي فشل في الوصول إلى نتائج بسبب الطبيعة السياسية للعديد من المسائل التي طرحت أثناء الاجتماع. وأوضح المسؤول أن اللقاء المرتقب يأتي بعد رفض الفلسطينيين للاتهامات الإسرائيلية والأميركية بتحميلهم مسؤولية ما يجري، وأن عليهم اتخاذ الإجراءات الكفيلة بوقف الانتفاضة.
وكان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي قد أعلن في وقت متأخر من ليلة الإثنين أن مسؤولين عسكريين وأمنيين من الجانبين سيلتقون الثلاثاء بناء على ترتيبات بحثت في اجتماع القاهرة بهدف خفض المواجهات. لكن مسؤولا أمنيا فلسطينيا قال إن الفلسطينيين رفضوا إجراء أي محادثات أمنية مع إسرائيل إذا لم توقف عدوانها على الفلسطينيين.
ويأتي الإعلان عن هذه اللقاءات متزامنا مع تصريحات لنائب وزير الدفاع الإسرائيلي إفرايم سنيه أكد فيها للتلفزيون الإسرائيلي أن المناقشات حول المسائل الأمنية لم تنته معترفا بوجود "مشاكل صعبة جدا تحتاج إلى تسوية".
وأفاد مراسل الجزيرة في الأراضي الفلسطينية أن المعلومات التي حصل عليها تفيد بأن رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) أفي ديختر ورئيس شعبة التخطيط في الجيش الإسرائيلي الجنرال شلومو بناي سيمثلان الجانب الإسرائيلي في الاجتماع. وقد ينضم إليهما وزير النقل والسياحة الرئيس السابق لأركان الجيش الإسرائيلي أمنون شاحاك.
ويمثل الجانب الفلسطيني قائدا جهاز الأمن الوقائي في قطاع غزة والضفة الغربية العقيدان محمد دحلان وجبريل الرجوب إضافة إلى اللواء أمين الهندي رئيس المخابرات الفلسطينية العامة.
وقد نفى الفلسطينيون هذه الأنباء، بينما أعلن الإسرائيليون أن الفلسطينيين قبلوا مقترحات مدير الاستخبارات الأميركية جورج تينيت لتخفيض مستوى العنف بحسب التعبير الإسرائيلي. وقضت تلك المقترحات بتشكيل لجنة سياسية أمنية مشتركة برئاسة صائب عريقات عن الجانب الفلسطيني وأمنون شاحاك عن الجانب الإسرائيلي.
وعلى الصعيد نفسه أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي شلومو بن عامي أن الجانبين قبلا البرنامج المكون من ثماني نقاط الذي طرحه مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية جورج بينيت.
واستبعد بن عامي إمكانية فصل المسار السياسي عن المسار الأمني. وأوضح بن عامي في تصريحات للإذاعة الإسرائيلية أن أزمة عملية السلام خطيرة، وأن الاحتمال الوحيد لكسر دائرة العنف هو التسوية السياسية.
وانتقد بن عامي الذي يعتبره المراقبون من الحمائم ما سماه "الخنق الاقتصادي للأراضي" الفلسطينية, معتبرا أن حصار المناطق الفلسطينية وبقية الإجراءات العقابية المتخذة منذ بداية الانتفاضة تدفع بالفلسطينيين إلى تحركات يائسة.
محاولة روس الأخيرة
وأكد مسؤول أميركي أن روس سيسعى في جولته الحالية إلى تضييق الهوة بين الفلسطينيين والإسرائيليين بشأن مقترحات السلام التي عرضها الرئيس الأميركي بيل كلينتون.
وقال المسؤول الأميركي إن روس سيعمل انطلاقا من المعايير التي تحدث عنها كلينتون في خطابه. وأضاف هذا المسؤول الذي رفض ذكر اسمه "بناء على طلب الأطراف سيستغل الرئيس الوقت المتبقي من ولايته لتضييق هوة الخلافات بين الأطراف إلى أقل حد ممكن، وعلى هذا الأساس سيتوجه روس والفريق المعاون له إلى المنطقة".
ويرى مراقبون أن الفلسطينيين والإسرائيليين لا يتوقعون الكثير من زيارة روس التي ستبدأ الخميس. وأبدى الفلسطينيون تحفظا شديدا على مقترحات السلام الأميركية واتهموا روس بالانحياز إلى الإسرائيليين.
وحدد كلينتون الإثنين علنا للمرة الأولى الخطوط العريضة لمقترحاته التي تعطي الفلسطينيين غزة ومعظم الضفة الغربية، وتحرم اللاجئين الفلسطينيين من حق العودة إلى ديارهم التي طردتهم إسرائيل منها، كما تتضمن تشكيل قوة دولية في فلسطين، لتضمن لإسرائيل الأمن على الحدود على طول غور الأردن.
وتمنح المقترحات الأميركية الفلسطينيين السيطرة على الأحياء العربية بالقدس، وتقدم حلا وسطا بالنسبة للمواقع المقدسة بالمدينة رفضه الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي.
وكان مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ عكرمة صبري قد أصدر أمس فتوى بعدم جواز أي سيادة غير إسلامية على الحرم القدسي الشريف بجميع أجزائه، بما في ذلك الحائط الغربي الذي يقدسه اليهود. وتأتي فتوى الشيخ صبري في أعقاب تصريح لكبير الحاخامات في إسرائيل قال فيها إن مجرد دخول الحكومة الإسرائيلية في مفاوضات حول الحرم القدسي يعد تدنيسا وانتهاكا لحرمته.
وأثارت مقترحات كلينتون غضب اليمين في إسرائيل إذ شارك آلاف اليهود المتطرفين في مظاهرات أمس ترفض منح الفلسطينيين أي نوع من السيادة على المدينة المقدسة، وتطالب ببقائها موحدة تحت السيطرة الإسرائيلية.
المواجهات الميدانية
على الصعيد الميداني استشهد ثلاثة فلسطينيين، بينهم رجل مسن في الساعات القليلة الماضية. فقد أعلنت مصادر طبية استشهاد عبد الحميد خنفر (28 عاما) شمال الضفة الغربية برصاص جنود الاحتلال في صدامات صباح الثلاثاء بقرية سيلة الظهر قرب مدينة جنين. وقالت مصادر المستشفيات إن فلسطينيا آخر استشهد مساء الاثنين متأثرا بجروح أصيب بها في إطلاق نار تعرض له من قبل جنود الاحتلال قرب مدينة نابلس بالضفة الغربية.
وفي دير البلح بجنوب قطاع غزة أفاد مصدر طبي فلسطيني أن الجيش الإسرائيلي قتل بالرصاص إبرهيم أبو مغيصب (70 عاما) قرب مستوطنة كفار داروم أثناء عمله في حقله. وقال المصدر أن أبو مغيصب نقل إلى مستشفى الشفاء بمدينة دير البلح في حالة خطيرة حيث توفي لاحقا متأثرا بجروحه الناجمة عن اصابته بعيار ناري في بطنه.
من ناحية أخرى أعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، مسؤوليتها عن الانفجارات التي هزت مدينة نتانيا شمال تل أبيب مطلع الشهر الحالي. وأدت تلك الانفجارات إلى إصابة عشرات الإسرائيليين بجراح.