واشنطن تتحرى تصدير النفط العراقي عبر سوريا
قالت الولايات المتحدة إنها ما زالت تتحرى عن تقارير ظهرت لأول مرة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي تقول إن العراق يضخ نفطا إلى سوريا منتهكا بذلك عقوبات الأمم المتحدة المفروضة عليه منذ عام 1990.
في هذه الأثناء اختتم فريق تابع لوكالة الطاقة الذرية مهمة استغرقت أربعة أيام لتفتيش أحد المصانع العراقية جنوب العاصمة بغداد.
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ريتشارد بوتشر أن الولايات المتحدة حصلت على تقارير تقول إن سوريا والعراق أعادا تشغيل خط أنابيب رئيسي لعمليات ضخ تجريبية أو عمليات أخرى، وأنها تجري حاليا تحقيقا في الأمر بالتعاون مع لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة. وأضاف أنه غير قادر في الوقت الحالي على إعطاء أي تأكيد عن مستوى النشاط في هذا الخط.
وتأتي هذه التصريحات ردا على تقارير صحفية جديدة عن قيام العراق بتصدير النفط سرا إلى سوريا في انتهاك للعقوبات الدولية.
ويمثل استئناف الرحلات الجوية الدولية إلى بغداد وبيع النفط خارج نطاق برنامج النفط مقابل الغذاء الذي تشرف عليه الأمم المتحدة اختبارا هاما مبكرا للإدارة الأميركية الجديدة التي تعهدت بتشديد هذه العقوبات.
ويشك خبراء نفط دوليون بأن سوريا تقوم ببيع النفط نيابة عن العراق عبر خط الأنابيب الذي يربط بين البلدين منذ أواخر العام الماضي. وقال دبلوماسيون في الأمم المتحدة إن مبيعات سوريا من النفط ازدادت بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة.
لكن الولايات المتحدة وبريطانيا فشلتا في إقناع فرنسا وروسيا بالموافقة على أن تقوم لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة بإرسال خطاب إلى سوريا للاستفسار عن هذه المسألة.
وقال دبلوماسيون إن روسيا لا ترغب في التشدد مع سوريا، في نفس الوقت الذي يصدر فيه النفط العراقي إلى الأردن وتركيا بعيدا عن إشراف الأمم المتحدة، بدعوى أن هذين البلدين تضررا من العقوبات المفروضة على العراق.
يشار إلى أن لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة تعتزم في الأسابيع القليلة القادمة بحث مسألة تهريب النفط برمتها، والتي قال الخبراء النفطيون إنها بلغت نحو مليار دولار في العام الماضي.
وكانت صحيفة لوس أنجلوس تايمز قد ذكرت أمس أن خط أنابيب النفط من العراق إلى سوريا دخلا لا يقل عن مليوني دولار يوميا للعراق.
ونقلت الصحيفة عن خبراء نفطيين قولهم إن عمليات تهريب النفط التي بدأت في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي هي الآن أكبر مصدر للدخل المستقل لبغداد. وأضافت أن تشغيل الخط يعكس برنامجا سياسيا طموحا في كل من سوريا والعراق.
وقالت إن العراق يأمل في أن يغري دولا من بينها سوريا بتوقيع عقود سرية تحقق اعتمادا طويل الأمد على النفط العراقي من خلال تقديم نفط لجيرانه بخصم يصل إلى 50% عن السعر السائد في السوق.
وكان مجلس الأمن قد وافق في العام الماضي على السماح للعراق بتصدير نفطه عبر سوريا بشرط أن توضع عوائده النفطية في الحساب الذي تشرف عليه الأمم المتحدة. وتصدر بغداد النفط حاليا عبر ميناء البكر المطل على الخليج العربي وميناء جيهان التركي.
تفتيش موقع نووي
من ناحية أخرى اختتم فريق من الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة مهمة استغرقت أربعة أيام، للتحقق بشأن ما إذا كان العراق قد استخدم أطنانا من اليورانيوم وضعت تحت حماية الوكالة منذ أكثر من عامين.
وتقوم الوكالة التي تراقب الاستخدام السلمي للطاقة النووية في جميع أنحاء العالم بعمليات تفتيش للتأكد من عدم تحول المواد إلى برامج عسكرية، وهي غير مرتبطة ببرنامج القضاء على الأسلحة المفروض على العراق وفقا لشروط إنهاء حرب الخليج عام 1991.
وقام فريق الوكالة بالتفتيش عن عدة أطنان من اليورانيوم موضوعة تحت حماية الوكالة قبل أكثر من عامين في مصنع التويثة الذي يقع على بعد 20 كلم جنوب بغداد، بعد تدميره في حرب الخليج عام 1991. ولم يكن اليورانيوم حينذاك مخصبا بما فيه الكفاية لإنتاج قنبلة نووية.
وقال أحمد أبو زهرة رئيس الفريق المكون من أربعة أفراد -وهو مصري- إن مهمة الفريق هي إجراء فحص فيزيائي، وعملية جرد للمواد النووية في هذا المصنع، التي تشمل اليورانيوم المنخفض الخصوبة، واليورانيوم الطبيعي، واليورانيوم المنضب. وأضاف أن الفريق جمع المعلومات الخاصة وسيتم تحليلها في فيينا.
اليورانيوم المنضب
وفي موسكو قال وزير الصحة العراقي أوميد مدحت مبارك إن آلاف العراقيين يموتون سنويا بسبب عقوبات الأمم المتحدة وآثار الهجمات التي شنها الغرب على العراق بذخيرة تحتوي على اليورانيوم المنضب.
وقال الوزير الذي يقوم حاليا بزيارة رسمية إلى روسيا، إن الوفيات بسبب السرطان وعدد من الأمراض الأخرى التي عادت للانتشار مجددا ارتفعت بشدة منذ فرض العقوبات قبل عشرة أعوام وحرب الخليج عام1991 التي استخدمت فيها ذخيرة اليورانيوم المنضب بكثافة ضد أهداف عراقية.
وينفي حلف شمال الأطلسي (الناتو) أن يكون استخدامه لهذه الأسلحة في كوسوفو والبوسنة تسبب في إصابات بالسرطان بين قوات حفظ السلام الدولية التي عملت هناك، غير أن وزير الصحة العراقي قال إن المشاكل الصحية التي يعاني منها المدنيون العراقيون تؤكد وجود ارتباط، وطلب من الغرب إرسال مساعدات طبية وبيئية إلى بغداد.
وأشار إلى أن وزارة الدفاع الأميركية وممثلي المملكة المتحدة اعترفوا أن عدد قذائف اليورانيوم المنضب التي استخدمت ضد العراق بلغ 970 قذيفة، في حين كان إجمالي المستخدم في كوسوفو والبوسنة 100 قذيفة فقط.
وأكد أن الاستخدام الأميركي لليورانيوم المنضب مرتبط بكثير من الأمراض التي ظهرت بوجه خاص في المناطق التي تعرضت للقصف بشكل مباشر، مضيفا أن معدلات الإصابة باللوكيميا (سرطان الدم) تصل حاليا في العراق إلى معدلات تزيد ست مرات عما كانت عليه في عام 1989.