استئناف التنسيق الأمني وإسرائيل تشدد الحصار

في محاولة هي الأخيرة فيما يبدو لإنجاح جهود الرئيس الأميركي بيل كلينتون لصياغة اتفاق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، عقد الجانبان اجتماعا أمنيا رفيعا عند معبر إيريز أعقبه إعلان مصادر إسرائيلية عن أن الدوريات المشتركة بين القوات الإسرائيلية والشرطة الفلسطينية ستستأنف مهمتها قريبا. وفي غضون ذلك ضيقت إسرائيل الخناق على الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة وخارجها، وامتد الحصار المفروض على التجمعات السكانية في الضفة والقطاع إلى معابر الدخول عبر الحدود مع الأردن ومصر. وأصبح ثمانية آلاف فلسطيني عالقين على جسور نهر الأردن وفي معبر رفح.
فقد قالت الإذاعة العامة الإسرائيلية إن الدوريات المشتركة بين الجيش الإسرائيلي والشرطة الفلسطينية ستستأنف مهمتها قريبا في الضفة الغربية وقطاع غزة. وقالت إن هذا القرار اتخذ بعد اجتماع أمني إسرائيلي فلسطيني، عقد مساء الأربعاء واستمر حتى فجر الخميس عند معبر إيريز بين قطاع غزة وإسرائيل، في متابعة لمحادثات أجراها وزير السياحة الإسرائيلي أمنون شاحاك في اليوم السابق مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.
يذكر أن الدوريات المشتركة بين الجيش الإسرائيلي والشرطة الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية التي تشكلت بموجب اتفاق أوسلو 1993, أوقفت مهماتها بعد اندلاع الانتفاضة في الأراضي الفلسطينية المستمرة منذ ثلاثة أشهر.
وقال مسؤولون فلسطينيون إن ليبكين شاحاك ومسؤولين إسرائيليين أمنيين عقدوا اجتماع متابعة عند معبر إيريز، مع المفاوض الفلسطيني صائب عريقات، وقائد الأمن الوقائي الفلسطيني في غزة محمد دحلان، وقائد الأمن الوقائي في الضفة الغربية جبريل الرجوب.
وقال أمنون شاحاك إن الاجتماع -وهو أعلى اجتماع أمني من حيث المستوى يعقده الجانبان منذ أسابيع- كان جيدا، والاختبار الحق سيكون في الميدان. وتأتي هذه المباحثات في أعقاب إعلان الولايات المتحدة أن مبعوثها للشرق الأوسط دينس روس أرجأ إلى أجل غير مسمى زيارته للمنطقة، في ظل شكوك متزايدة في إمكان توصل الجانبين إلى أي اتفاق قبل أن يترك الرئيس الأميركي بيل كلينتون البيت الأبيض في 20 من يناير/ كانون الثاني.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جيك سيويرت إن روس أجل الرحلة بالنظر إلى الاجتماعات الأمنية التي تعقد الآن على مختلف المستويات في المنطقة. وأضاف أن الولايات المتحدة تبحث الآن ما إذا كان يمكن رؤية بعض التراجع لما أسماه بالعنف باعتباره أمرا مهما.
حصار إسرائيلي شامل
من ناحية أخرى ضيقت إسرائيل الخناق على الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة وخارجها، وامتد الحصار المفروض على التجمعات السكانية في الضفة والقطاع إلى معابر الدخول عبر الحدود مع الأردن ومصر. وأصبح ثمانية آلاف فلسطيني عالقين على جسور نهر الأردن وفي معبر رفح.
وأعلن مصدر دبلوماسي فلسطيني في عمان أن غالبية الثمانية آلاف فلسطيني الذين قدموا إلى الأردن لقضاء إجازة عيد الفطر قبل أسبوعين ما زالوا عالقين في الأردن، بسبب إغلاق إسرائيل لمعابر الدخول إلى الأراضي الفلسطينية. ووصف القائم بالأعمال الفلسطيني هذا الوضع بأنه "استفزاز إسرائيلي" مؤكدا في الوقت نفسه أن "السلطات الأردنية لا تدخر جهدا من أجل حل المشكلة".
وذكر الدبلوماسي الفلسطيني أن عامل الوقت أصبح يمثل مشكلة كبيرة بالنسبة للطلبة الفلسطينيين الذين يتوجب عليهم اجتياز امتحانات نصف السنة.
وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنها تلقت العديد من طلبات المساعدة من فلسطينيين لم يتمكنوا بعد من العودة إلى أراضيهم. وأكد مسؤول أردني بجسر الملك حسين أن قرار إغلاق الأراضي الفلسطينية لم يؤثر على تحركات سكان القدس، والذين يحملون هويات إسرائيلية خاصة.
وعلى الحدود المصرية قال مسؤول مصري إن إسرائيل منعت نحو 250 فلسطينيا -منهم 50 عادوا من السعودية بعد أداء العمرة- من دخول الأراضي الفلسطينية عبر الحدود بين مصر وقطاع غزة عند رفح منذ ثلاثة أيام. وما زال معبر رفح الحدودي الذي يربط بين مصر وقطاع غزة مغلقا منذ 11 يوما.
وفي الداخل أصيب عشرات الفلسطينيين بجروح برصاص الإسرائيليين في مناطق متفرقة من الضفة الغربية وقطاع غزة، كما أصيب عشرات آخرون في إحدى القرى جراء الاستعمال المكثف للغاز المسيل للدموع ضدهم، من جيش الاحتلال الذي عرقل إيصال المصابين إلى المستشفيات.
دعوة لمحاكمة باراك
في غضون ذلك دعا وزير الثقافة والإعلام الفلسطيني ياسر عبد ربه إلى محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك وأعضاء حكومته، ووصفهم بمجرمي حرب لإصدارهم الأوامر باغتيال أعداد من القيادات الفلسطينية. وقال عبد ربه في مؤتمر صحفي "يجب أن يحاكم هؤلاء في محاكم دولية". يذكر أن إسرائيل نفذت عمليات تصفية جسدية لعدد كبير من ناشطي الحركات الفلسطينية، وعلى رأسها حركتا فتح وحماس.
وفي سياق آخر أعرب مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا عن مخاوفه من تصاعد الاضطراب في الشرق الأوسط في حالة فشل مفاوضين إسرائيليين وفلسطينيين في تحقيق تقدم قريبا.
وحذر سولانا من مخاطر اندلاع عنف جديد إذا لم يتم إحراز تقدم قبل الانتخابات في إسرائيل، وقبل تولي الحكومة الجديدة مسؤوليتها في الولايات المتحدة.