باراك: لا سيادة للفلسطينيين على الحرم القدسي

استشهد شرطي فلسطيني بقذيفة دبابة أطلقها جنود إسرائيليون أثناء مواجهات بالقرب من معبر إريز في قطاع غزة. وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي أنه لن يوقع اتفاقا ينص على سيادة فلسطينية على الحرم القدسي، في حين أكد الفلسطينيون رفضهم لأي اتفاق لا يضمن السيادة الكاملة على القدس الشرقية.
وقالت الشرطة الفلسطينية إن محمود ناصر (22 عاما) استشهد خلال مواجهات اندلعت عقب بدء جرافات قوات الاحتلال في إزالة أشجار بالقرب من موقع للشرطة. وزعمت قوات الاحتلال الإسرائيلي أنها جرفت الأشجار لمنع المسلحين من الاختفاء خلفها. وسير الفلسطينيون مظاهرات حاشدة بالقرب من المسجد الأقصى عقب صلاة الجمعة نددوا فيها بالاحتلال الإسرائيلي.
وذكرت مصادر طبية فلسطينية أن 18 فلسطينيا أصيبوا بجراح عند المدخل الشمالي لرام الله، عندما فتح جنود إسرائيليون متمركزون خارج المدينة النار أثناء مواجهات مع شبان فلسطينيين عقب مسيرة في المدينة شارك فيها ألفا شخص رددوا خلالها "سنموت فداء لفلسطين".
وفي السياق ذاته أفادت مراسلة قناة الجزيرة في فلسطين أن إسرائيل أغلقت الضفة الغربية وقطاع غزة ومنعت المصلين من الوصول إلى الحرم القدسي الشريف لأداء صلاة الجمعة للحيلولة دون وقوع المزيد من الهجمات، كما اعتقلت 15 فلسطينيا من الضفة الغربية للاشتباه بأنهم على صلة بالانفجارين اللذين وقعا أمس في تل أبيب وغزة.
باراك: لا سيادة فلسطينية
من ناحية أخرى أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك أنه لن يوقع أي اتفاق سلام يمنح الفلسطينيين حق السيادة على الحرم القدسي مهما كان الثمن، ولن تعترف حكومته بحق العودة للاجئين.
وأشار باراك في حديث للتلفزيون الإسرائيلي إلى أهمية التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين، لكنه قال إن عدم التوصل إلى اتفاق يعني أن على إسرائيل إعادة النظر في اتفاقات السلام المبرمة مع كل من مصر والأردن. وحذر من أن المنطقة قد تتعرض إلى خطر الانفجار في أي لحظة، وأن ذلك قد يؤدي إلى عزل إسرائيل.
غير أن وزير الاتصالات الإسرائيلي بنيامين بن إيليز قال إن مقترحات الرئيس الأميركي بيل كلينتون مقبولة، ولكنه أوضح أن التوصل إلى إبرام اتفاق قد يستغرق شهورا.
من الجانب الفلسطيني أكد مستشار الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات نبيل أبو ردينة أن الفلسطينيين لن يوقعوا أي اتفاق سلام لا يضمن لهم السيادة الكاملة على القدس الشرقية بما فيها جميع المقدسات ولا يسمح بحق عودة اللاجئين.
وجاء الإعلان الفلسطيني ردا على تصريحات باراك التي قال عنها المسؤول الفلسطيني إنها تضر بالعملية السلمية وجهود إنقاذها.
في غضون ذلك أكدت القيادة الفلسطينية تمسكها بكامل الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس الشرقية، وحق عودة اللاجئين إلى ديارهم.
وجددت القيادة الفلسطينية في بيان نشرته عقب انتهاء جلسة أسبوعية ترأسها الرئيس ياسر عرفات استعدادها للدخول في مفاوضات سلام جادة ونهائية تحت رعاية دولية وضمن فترة زمنية قصيرة.
وشددت القيادة الفلسطينية على تمسكها الكامل بحق عودة اللاجئين تنفيذا لقرار مجلس الأمن الدولي 194 وتطبيق جميع قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالأراضي الفلسطينية.
وأوضح البيان أنه لا يمكن التلاعب بالحقوق الوطنية للفلسطينيين ولا يمكن التفريط فيها، ولن يكون هناك تنازل عن أي شبر تحت وطأة الضغط العسكري.
وفي واشنطن رفض المتحدث باسم البيت الأبيض التعليق على تصريحات باراك الأخيرة، واكتفى بالقول إن الولايات المتحدة ما زالت تجري مشاورات مع الأطراف.
اجتماع للجامعة العربية
في هذه الأثناء أفاد مصدر حكومي لبناني أن اجتماع اللجنة الخاصة التابعة لجامعة الدول العربية والمكلفة بمتابعة قرارات القمة العربية الأخيرة وتقديم الدعم للفلسطينيين سيعقد يوم الخميس في القاهرة وليس الإثنين كما أعلن من قبل، وذلك لإتاحة المجال أمام مزيد من الاتصالات حول المقترحات الأميركية للسلام.
وجاء الإرجاء عقب محادثات جرت بين وزير الخارجية اللبناني محمود حمود ونظرائه المصري والتونسي والسوري والأمين العام للجامعة العربية عصمت عبد المجيد.
ويعقد الاجتماع الذي سيرأسه وزير الخارجية المصري عمرو موسى بناء على طلب فلسطيني بدعم عربي لأي قرار يتخذ بشأن عملية السلام مع إسرائيل.
وفي إطار الجهود الأميركية الرامية إلى وقف المواجهات بين الفلسطينيين والإسرائيليين والتوصل إلى اتفاق سلام أجرت وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت اتصالا هاتفيا مع نظيرها الروسي إيغور إيفانوف بحثت خلاله جهود الرئيس الأميركي الحثيثة لتوصل الفلسطينيين والإسرائيليين إلى اتفاق سلام تاريخي, كما اتفق الوزيران على تنسيق تحركات بلديهما باعتبارهما شريكين في عملية السلام في الشرق الأوسط، وتكثيف الجهود لوقف المواجهات في الأراضي الفلسطينية.
تراجع آمال السلام
غير أن تفجيرات الأمس زادت من تراجع فرص التوصل إلى تسوية قريبة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وأظهرت استطلاعات رأي إسرائيلية معارضة شديدة للأفكار الأميركية للسلام التي طرحها الرئيس كلينتون للتوصل إلى حل نهائي بين الطرفين قبيل مغادرته البيت الأبيض في العشرين من الشهر القادم.
وأشارت هذه الاستطلاعات إلى أن غالبية الإسرائيليين يعارضون أي اتفاق سلام يستند على الأفكار الأميركية. وأوضحت أن شعبية رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك هبطت مرة أخرى، وهو ما يهدد فرص نجاحه في الانتخابات التي ستجرى في السادس من فبراير/ شباط القادم لاختيار رئيس وزراء جديد لإسرائيل.
ويرى محللون أن فرص نجاح المقترحات الأميركية للسلام أصبحت ضئيلة عقب الموجة الجديدة من التفجيرات والمواجهات المسلحة، وبعد إلغاء قمة شرم الشيخ التي كان من المقرر أن تجمع باراك بعرفات والرئيس المصري حسني مبارك.
وبحسب المحللين فإن عرفات يرغب في إبرام اتفاق للسلام، بيد أنه لا يستطيع أن يوافق على أي شيء دون موافقة الشعب الفلسطيني. ويقول المحلل السياسي الفلسطيني غسان الخطيب إن على عرفات أن يوضح لشعبه بأن تضحياتهم لم تذهب هدرا، وأن عليه أن يأتي لهم باتفاق يحل مشكلاتهم وينهي مأساتهم.
يذكر أن عرفات كان قد قال إنه لن يقدم تنازلات لمجرد مكافأة جهود كلينتون وإنقاذ باراك والحيلولة دون وصول اليميني المتطرف أرييل شارون إلى منصب رئاسة الوزراء في إسرائيل. وكان باراك استبعد تقديم حكومته تنازلات لمجرد ضمان السلام وتأمين مستقبله السياسي الشخصي، وقال: "لن نمضي نحو السلام بأي ثمن.. لن نوقع اتفاقا لا يعزز أمن إسرائيل".
استمرار الخلافات
وأدت خلافات بين الجانبين إلى إلغاء قمة كان من المفترض عقدها أمس في منتجع شرم الشيخ بحضور الرئيسين المصري حسني مبارك والفلسطيني ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك.
وقالت الإذاعة الإسرائيلية إن احتمالات عقد لقاء بين عرفات وباراك باتت ضئيلة في الوقت الراهن، وأشارت إلى أن الرئيس الفلسطيني لا ينوي حاليا الرد على مقترحات كلينتون. وكان عرفات قال في ختام محادثات مع الرئيس المصري أمس إنه يسعى للحصول على إيضاحات كاملة للموضوعات التي تضمنتها المقترحات الأميركية.
وقد طالب الفلسطينيون إيضاحات من الولايات المتحدة، وأكدوا أن ردهم النهائي سيتوقف على هذه الإيضاحات التي طلبوها في رسالة بعثوا بها إلى واشنطن لم تتضمن قبول المقترحات أو رفضها. وقالت إسرائيل أيضا إنها ستطلب إيضاحات من واشنطن بشأن عدة قضايا لم تحددها تتعلق بمصالحها الحيوية.
وقال كبير المفاوضين صائب عريقات لشبكة سي. أن. أن إن الرد الفلسطيني النهائي سيعتمد على الإيضاحات الأميركية. وأوضح أن "أي غموض في المقترحات الأميركية يمكن أن يؤدي إلى انفجار في وقت لاحق"، مشيرا إلى أن هذا هو السبب في أن الاتفاق يحتاج -أكثر من أي شيء آخر- إلى وضوح التفاصيل.
وأعرب عريقات عن قلق الفلسطينيين من أنه وفقا لمقترحات كلينتون ستحتفظ إسرائيل بـ 10% من الضفة الغربية، ولن يكون للفلسطينيين سيطرة كاملة على القدس الشرقية والأماكن المقدسة فيها، كما أن اللاجئين سيفقدون حقهم في العودة إلى ديارهم.
وتدعو خطة الرئيس الأميركي إلى دولة فلسطينية في غزة ونحو 90% من الضفة الغربية بما فيها أجزاء من القدس الشرقية. وفي المقابل تقضي بأن يقبل الفلسطينيون قيودا على المطالبة بحق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم.
وكان الرئيس الأميركي قد قال إن الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي باتا أقرب "كثيرا" من أي وقت مضى للتوصل إلى اتفاق سلام، مشيرا إلى أن الجانبين ما زالا يدرسان مقترحاته بشأن قضايا القدس واللاجئين الفلسطينيين والحدود والمستوطنات اليهودية.
وأضاف "الأمر لن يصبح أسهل من ذلك، فهذا أقرب كثيرا مما وصلنا إليه في أي وقت مضى على الإطلاق"، وأكد الرئيس الأميركي أن الجانبين "أقرب كثيرا مما كانا عليه في كامب ديفد، ولكن لا تزال هناك خلافات".
وكان من المفترض أن يبلغ الجانبان ردهما إلى الإدارة الأميركية يوم الأربعاء الماضي، إلا أن السلطة الفلسطينية قالت إنها بحاجة إلى استيضاح بعض التفاصيل حول تلك الأفكار قبل إعلان موقفها منها. وقال كلينتون إنه متفائل بإمكانية التوصل إلى اتفاق بين الجانبين في غضون الأسابيع الثلاثة القادمة.