اعتقالات إسرائيلية عقب فشل محادثات واشنطن

شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي حملة اعتقالات في صفوف الشبان الفلسطينيين أثناء الليل، وذلك بعد ساعات من اختتام مفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين جرت في واشنطن دون التوصل إلى اتفاق حول قضايا المرحلة النهائية.
وقال متحدث باسم قوات الاحتلال إن الجنود الإسرائيليين اعتقلوا في تلك الحملة 14 شابا فلسطينيا يشتبه بانتمائهم للجهاز العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس". وادعى المتحدث أن المعتقلين -وهم من قرية عصيرة الشمالية القريبة من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية- شاركوا في هجمات ضد أهداف إسرائيلية في الآونة الأخيرة.
وتخضع عصيرة الشمالية للسيطرة الأمنية لقوات الاحتلال بموجب اتفاقات أوسلو بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل.
وكان مفاوضون فلسطينيون وإسرائيليون اختتموا أمس سلسلة محادثات استمرت خمسة أيام في واشنطن دون التوصل إلى اتفاق حول عدد من قضايا المرحلة النهائية.
أفكار أميركية
وغادر مفاوضو الجانبين العاصمة الأميركية بعد لقاء استمر نصف ساعة مع الرئيس الأميركي بيل كلينتون. وقالت مصادر أميركية وإسرائيلية إن الرئيس الأميركي الذي يسعى لإنجاز اتفاق سلام نهائي بين الجانبين قبل مغادرته البيت الأبيض في العشرين من يناير/ كانون الثاني القادم، قدم "أفكارا جديدة" لأعضاء الوفدين.
وقال المفاوضون إنهم سيبحثون تلك الأفكار مع قادتهم السياسيين للبت فيها، وأكد مراسل لقناة الجزيرة الفضائية في واشنطن أن الرئيس كلينتون يتوقع ردا من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بشأن تلك الأفكار في موعد أقصاه يوم الأربعاء القادم.
ويقول مراقبون إن قلق الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي من تراجع اهتمام الولايات المتحدة بعملية السلام في ظل إدارة الرئيس الأميركي المنتخب جورج بوش، يدفعهما للبحث عن حلول وسط للقضايا العالقة لإنجاز اتفاق في الفترة المتبقية من حكم كلينتون.
وتشمل قضايا مفاوضات المرحلة النهائية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي مستقبل القدس الشرقية والمستوطنات اليهودية في الأراضي الفلسطينية ومصير نحو أربعة ملايين لاجئ فلسطيني وحدود الدولة الفلسطينية، وقضايا أخرى مثل المياه والمعابر.
وقال رئيس الوفد الفلسطيني صائب عريقات في ختام لقاءات واشنطن إن عقبات كثيرة ما زالت تحول دون التوصل إلى اتفاق مع الإسرائيليين، وأشار إلى أن الخلافات تتركز على ملفات القدس واللاجئين والأمن.
لكن رئيس الوفد الإسرائيلي وزير الخارجية شلومو بن عامي أصر على أن محادثات واشنطن نجحت في تحقيق تقدم، وقال إن اللقاء بين الوفدين كان مشجعا.
وأشار بن عامي إلى إمكانية عقد قمة بين كلينتون وكل من عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك.
وقلل مسؤول أميركي من حجم الخلاف بين الجانبين، وقال "لم نقل أبدا إن الأمر سيكون سهلا، ولكن ما زلنا متفائلين بالالتزام الذي يبديه الجانبان وانفتاحهما في محاولة لإيجاد حل".
وكانت وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت عقدت لقاءات استمرت ساعتين مع المفاوضين الفلسطينيين والإسرائيليين، بعد أن تأزمت المحادثات بين الجانبين حسبما قالت مصادر أميركية.
وأشار المتحدث باسم الخارجية الأميركية فيليب ريكر إلى أن أولبرايت أجرت مناقشات جادة جدا استمعت فيها إلى تقييم الجانبين لموقفهما من المفاوضات والمدى الذي يريدان الوصول إليه فيها، ولم يعط المتحدث مزيدا من التوضيح.
لكن الوزيرة الأميركية أكدت في مقابلة تلفزيونية أن المفاوضين من الجانبين مستعدون على ما يبدو للعمل بجد لحل ما وصفته بأصعب المسائل على الإطلاق.
في هذه الأثناء أفادت أنباء صحفية في واشنطن أن إسرائيل أبلغت زعماء اليهود الأميركيين بأن أي اتفاق سلام مع الفلسطينيين لا بد أن يعترف بالسيادة الفلسطينية على الحرم الشريف.
ونقلت صحيفة الواشنطن بوست عن وزير الخارجية الإسرائيلي شلومو بن عامي قوله أثناء محادثاته مع زعماء اليهود الأميركيين إن الفلسطينيين يسيطرون عمليا على الجزء العلوي من الحرم الشريف، وبالتالي لابد من تحويل الظروف العملية على الأرض إلى واقع ملزم.
عقبات وتنازل
لكن الرئيس الفلسطيني جدد تأكيده أن الجانب الفلسطيني لن يقدم أي تنازلات بخصوص اللاجئين، وكانت أنباء قالت إن الجانب الإسرائيلي عرض منح السلطة الفلسطينية سيادة على منطقة الحرم القدسي مقابل التنازل عن المطالب الفلسطينية بعودة اللاجئين.
وقال عرفات قبيل بدء محادثاته مع العاهل الأردني عبد الله الثاني في عمان إن الفلسطينيين لن يتنازلوا عن حقوق اللاجئين. وأشار إلى وجود العديد من العقبات في المفاوضات وأن الإسرائيليين بدؤوا يتراجعون عما قالوه من قبل.
وحمل عرفات إسرائيل المسؤولية لرفضها تنفيذ اتفاقات السلام، مما أدى إلى المواجهات المستمرة منذ قرابة ثلاثة شهور. كما شدد على أن الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي التي احتلت عام 1967 هو الذي من شأنه أن يؤدي إلى تسوية سلمية دائمة.
ويشير مراقبون إلى تصاعد الضغوط الشعبية على قادة السلطة منذ بدء الانتفاضة، وبلغت تلك الضغوك حد دعوات لإقالة الحكومة الفلسطينية الحالية وتشكيل "حكومة انتفاضة"، حسب تعبير أمين سر حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" في الضفة الغربية مروان البرغوثي.
فقد طالب البرغوثي بتشكيل حكومة للانتفاضة الفلسطينية تضم الحركات الفلسطينية المعارضة لعملية السلام. ودعا إلى تغيير طبيعة الانتفاضة ودعمها بحكومة تضم أطرافا مثل حركتي حماس والجهاد الإسلامي، مشيرا إلى أن الحكومة الحالية فشلت في التعاطي مع الانتفاضة ومطالبها.
شهيدان وترقب
وفي الأراضي الفلسطينية التي تشهد هدوءا نسبيا أعلنت مصادر طبية فلسطينية عن استشهاد فلسطينيين متأثرين بجروح أصيبا بها قبل أيام.
وقالت المصادر إن الشهيد عبد الله قنن (40 عاما) من رفح كان أصيب برصاص جنود إسرائيليين قرب حاجز للجيش الإسرائيلي جنوبي غزة قبل 14 يوما. كما استشهد ضابط في قوات الدفاع المدني الفلسطيني متأثرا بجروح أصيب بها قبل ثلاثة أيام.
ووصل عدد الشهداء الفلسطينيين الذين سقطوا في انتفاضة الأقصى إلى أكثر من 350 إضافة إلى إصابة أكثر من 12 ألفا بجروح مختلفة. واندلعت المصادمات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة ولكن لم تسجل أي إصابات.