استشهاد فلسطينيين وأنباء متفائلة من واشنطن

استشهد شابان فلسطينيان برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، كما أصيب أربعة جنود إسرائيليين بجروح، بعد أن صدمتهم سيارة عربية قرب مدينة القدس المحتلة. وقد تصاعدت حدة التوتر رغم استمرار محادثات واشنطن.
وأفادت مصادر طبية فلسطينية أن عاهد عيادة مريش /18 عاما/ أصيب برصاصة في صدره أثناء تنقله بالقرب من معبر المنطار الذي شهد مواجهات عدة منذ بدء الانتفاضة. وكان راشد برهوم /26 عاما/ قد استشهد متأثرا بجراحه التي أصيب بها أثناء قصف مخيم للاجئين الفلسطينيين جنوب قطاع غزة. وأشارت المصادر الفلسطينية إلى أن الشهيد أصيب برصاصة في عنقه، بينما كان يحاول الاحتماء من النيران الإسرائيلية الموجهة إلى مخيم يبنا للاجئين قرب الحدود المصرية بعد منتصف الليل.
وكان ثلاثة مواطنين فلسطينيين قد استشهدوا أمس، وجرح خمسون آخرون برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي في مواجهات مختلفة بقطاع غزة، عندما أطلقت قوات الاحتلال نيران بنادقها، وصواريخ مضادة للدروع، باتجاه مناطق سكنية فلسطينية. وقال شهود فلسطينيون إن ثلاث شقيقات عائدات من المدرسة لمنزلهن، وطفلة تبلغ عاما واحدا كانت في منزلها، أصبن برصاص الإسرائيليين.
كما أصيب اليوم أربعة جنود إسرائيليين بجروح، إصابة اثنين منهم خطيرة، عندما صدمهم فلسطيني بسيارة كان يقودها عند أحد حواجز القدس المؤدية إلى قرية الرام. وقالت شرطة الاحتلال إن الجنود الإسرائيليين أطلقوا النار على سائق السيارة الفلسطيني، وأصابوه بجروح في يديه ورجليه قبل اعتقاله.
وكان سائق سيارة أجرة إسرائيلي قد أصيب أمس بجروح بالغة، عندما طعنه راكب فلسطيني في صدره قرب القدس. وقالت الشرطة الإسرائيلية إن الفلسطيني طعن السائق في صدره، ثم ألقاه خارج السيارة قرب قرية شوريش وفر بالسيارة. وأضافت أنها تبحث عن المهاجم، بينما نقل السائق إلى مستشفى في القدس وهو في حال خطرة.
دعم مالي
من جهة أخرى قال بنك التنمية الإسلامي ومقره جدة بالسعودية إن مجلسا تابعا لجامعة الدول العربية يدير صندوقين لدعم الانتفاضة، أقر صرف أموال تقدر بـ7,5 ملايين دولار أميركي للفلسطينيين. وأفادت أنباء صحفية أن رئيس البنك أحمد محمد علي قال إن المجلس وافق على مشروعات عديدة، تتمثل في تغطية تكاليف علاج 500 جريح فلسطيني خارج فلسطين، وتعليم 1300 من أبناء الشهداء، إلى جانب تخصيص 3,5 ملايين دولار لإعادة تأهيل الجرحى والمعاقين.
تكتيك الاغتيالات
في هذه الأثناء ذكر تقرير لإذاعة إسرائيل أن قوات الاحتلال اتبعت تكتيكا جديدا في سعيها لقمع الانتفاضة الفلسطينية، تمثل في اغتيال القيادات الميدانية بواسطة رصاص القناصة. وقال التقرير إن العمليات تستهدف ناشطين عسكريين في حركات فلسطينية، كالمقاومة الإسلامية (حماس)، والجهاد الإسلامي، وفتح بزعامة رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات.
كما استهدفت أيضا بعض عناصر أجهزة الأمن الفلسطينية، الذين تزعم إسرائيل ضلوعهم في عمليات مناهضة لها. واستند التقرير إلى تصريحات ضابط إسرائيلي كبير، مما يؤكد ما ذهب إليه الفلسطينيون من أن إسرائيل انتهجت في الفترة الأخيرة سياسة تصفية جسدية واضحة، أدت إلى استشهاد 19 فلسطينيا بهذا الأسلوب.
اتفاق وشيك
من جهة أخرى قال المفاوض الفلسطيني ياسر عبد ربه إن محادثات واشنطن اقتربت من الوصول إلى اتفاق يعطي الفلسطينيين السيادة على القدس الشرقية بما فيها الأماكن المقدسة. وأضاف أن هناك بعض التفاصيل، على الجانبين بحثها، مثل: مساحة القدس، وكيفية الربط بين أحيائها، وكذلك وجود المستوطنات اليهودية. وشدد على أنها قضايا صعبة تتطلب جهدا كبيرا، وأن عدم الاتفاق عليها من شأنه أن يعترض الوصول إلى اتفاق.
وكان وزيرالخارجية الإسرائيلي شلومو بن عامي قد وصف المحادثات بأنها كانت "مثمرة للغاية"، وجرت بروح جديدة وإيجابية، يمكن أن تتمخض عن اتفاق إذا ما استمرت بنفس هذه الروح. وأشار بن عامي إلى أن الرئيس كلينتون عرض على الجانبين "ملامح" اتفاق نهائي يعتبر مقبولا كقاعدة للعمل. بيد أن كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات قال إن المحادثات مع الإسرائيليين تواجه "صعوبات رئيسية وخلافات خطيرة". وأضاف عريقات "لا أريد أن أثير توقعات أحد، نحن نجري محادثات جادة للغاية، لكننا في الوقت نفسه نواجه صعوبات رئيسية وخلافات خطيرة".
وأكد عريقات أن اجتماع قمة يضم الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي والرئيس الفلسطيني لن يكون مفيدا ما لم تكن هناك فرص مؤكدة لنجاحه.
كما قلل المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي بي جي كراولي من التفاؤل وقال "علينا أن نكون واقعيين تماما في هذه العملية، فقد شهدنا 11 أسبوعا من العنف في المنطقة، من الواضح أنها تركت ندوبا لدى الجانبين".
وأضاف كراولي أن طبيعة التقدم في المحادثات ومداه يعتمد على الطرفين، واستبعد الحديث عن قمة ثلاثية في الوقت الراهن، قبل أن تتضح معالم المفاوضات الجارية حاليا.
وامتنع المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية عن الإدلاء بأي تفاصيل، وقال إن المحادثات ما زالت مستمرة. وقال فيليب ريكر إن من السابق لأوانه التحدث عن وقف دورة العنف، ومن المتوقع أن تنتهي الاجتماعات بحلول مساء الخميس أو الجمعة، عندما تبدأ عطلة عيد المنارة اليهودي.
وقال المندوب الفلسطيني لدى الأمم المتحدة ناصر القدوة إنه سيطلب من مجلس الأمن التصويت ثانية على اقتراح إرسال قوات لحماية الفلسطينيين في الأراضي المحتلة. وأضاف القدوة في مؤتمر صحفي أن الشعب الفلسطيني لن يتمكن من الانتظار بعد سقوط أكثر من ثلاثمائة شهيد، وأكثر من 14 ألف جريح برصاص جنود الاحتلال، منذ تفجر المواجهات في التاسع والعشرين من سبتمبر/أيلول الماضي.
وكانت وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت قد كثفت من جهودها لدفع المفاوضين الفلسطينيين والإسرائيليين نحو تحقيق تقدم في محادثات تستهدف وضع حد للمواجهات المستمرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين منذ 12 أسبوعا.
وشاركت أولبرايت في محادثات عقدت بالبيت الأبيض، وستتوجه إلى القاعدة الجوية التي تجرى بها المحادثات خارج واشنطن، في محاولة لمساعدة الجانبين على تحقيق تقدم، حسبما أعلنت مصادر في الخارجية الأميركية.
وقالت الوزيرة الأميركية إن بلادها ترى أن هناك فرصة لحدوث تغيير في توجه رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك، وإن ذلك انعكس على قراره بالاستقالة من منصبه، وخوض انتخابات رئيس الوزراء، لتجديد التفويض الممنوح له من الإسرائيليين تجاه التقدم في عملية السلام.
وأضافت "هناك إحساس بوجود فرص، ومن الواضح أن هناك بعض الحسابات المتغيرة لرئيس الوزراء باراك… ونشعر بأن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات قد يرى أيضا أن الوقت مناسب" للتقدم باتجاه التوصل لاتفاق سلام حول قضايا الحل النهائي.
ويأتي تدخل أولبرايت بعد قليل من لقاء الرئيس الأميركي بيل كلينتون مع المفاوضين الإسرائيليين والفلسطينيين في "جلسة عمل" لمناقشة سبل "دفع عملية السلام".
ويرى عدد من المحللين أن الفلسطينيين مجمعون على أهدافهم رغم تعدد اتجاهات الجماعات السياسية الفلسطينية. ويشير المحللون إلى أن غاية كل الفلسطينيين واحدة، وهي إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة، بمواصلة الانتفاضة والمفاوضات على حد سواء، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
تحركات دبلوماسية مكثفة
وفي القاهرة أكد وزير الخارجية المصري عمرو موسى أن محادثات واشنطن يمكن أن تؤدي إلى اتفاق في غضون أسابيع.
وقال موسى بعد اجتماع الرئيس حسني مبارك مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات إنه إذا كانت النية والإرادة السياسية نحو التوصل إلى تسوية موجودة فإنه بالإمكان إحراز تقدم في غضون أسابيع. وأضاف أن عملية التسوية النهائية هي الأساس لجميع الاتصالات الجارية.
وفي وقت لاحق أجرى مبارك محادثات مع يوسي ساريد زعيم حزب ميريتس الإسرائيلي الذي قال للصحافيين إن رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك أرسله للتشاور حول محادثات واشنطن.
وذكر ساريد عددا من القضايا الشائكة بين الجانبين مثل الحرم القدسي الشريف، والحدود، وحق عودة اللاجئين، وقال "إننا نحاول حل هذه المشكلات في وقت واحد".
يذكر أن مصر استدعت سفيرها في إسرائيل محمد بسيوني الشهر الماضي احتجاجا على استخدام إسرائيل للقوة المفرطة في قمع الانتفاضة الفلسطينية. وأوضح ساريد أنه واثق من أن السفير المصري سيعود إلى إسرائيل فور ظهور أصداء إيجابية في واشنطن.