مقتل عميلين ومحادثات منفصلة في واشنطن

قتل فلسطينيان يشتبه في أنهما عميلان لإسرائيل تورطا مؤخراً في تصفية كوادر من حركتي فتح وحماس. وبينما تصاعدت المواجهات في قطاع غزة وأنحاء متفرقة من الضفة الغربية سقط خلالها أربعة شهداء، أعلن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات أن وفدين فلسطينيا وإسرائيليا سيتوجهان إلى واشنطن.
فقد قتل أمس فلسطينيان في الضفة الغربية يشتبه بتعاملهما مع إسرائيل حسب شهادات جيران لهما. وأفاد شهود عيان أن عدنان شاهين قتل برصاص مسلحين فلسطينيين في بلدة ارطاس قرب بيت لحم. ويأتي مقتل شاهين بعد تصفية مسؤول عسكري في حركة فتح في 12 ديسمبر/ كانون الأول في القرية نفسها.
وكان فلسطيني آخر لم يكشف اسمه يشتبه في أنه من المتعاملين مع إسرائيل قتل في وقت سابق في قرية حارس بشمال الضفة الغربية. وكان القتيل يعمل في الشرطة الإسرائيلية قبل الانتفاضة الأولى من 1987 إلى 1993. وبدأت تصفية من يعتقد أنهم عملاء عقب تكرار حوادث اغتيال نفذتها إسرائيل في أوساط كوادر حركتي فتح أكبر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، وحركة المقاومة الإسلامية حماس.
وتمكن عسكريون إسرائيليون من اغتيال العديد من الكوادر القيادية والوسطية في الحركتين بأساليب تشير إلى أن الإسرائيليين كانوا على اطلاع بتحركات المستهدفين. ويقدر عدد من اغتالتهم إسرائيل بالتعاون مع عملائها بنحو 19 ناشطا فلسطينيا على الأقل منذ بدء الانتفاضة، بينهم القائد في كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس إبراهيم بني عودة، الذي صدر حكم بالإعدام على ابن عم له بعد أن ثبتت عليه تهمة التواطؤ مع إسرائيل في قتله .
أربعة شهداء
في غضون ذلك أسفرت المواجهات التي اشتدت حدتها نهار أمس وبعد منتصف الليلة الماضية عن سقوط أربعة شهداء وإصابة أعداد أخرى من الفلسطينيين في أنحاء متفرقة من الضفة الغربية وقطاع غزة.
قال شهود عيان إن جنودا إسرائيليين قتلوا بالرصاص فلسطينيين اثنين قرب معبر حدودي مع مصر في قطاع غزة. وادعت قوات الاحتلال أن مسلحين فلسطينيين على الحدود بين غزة ومصر أطلقوا النار على قاعدة عسكرية إسرائيلية وأن الجنود ردوا على النيران.
وذكرت مصادر مستشفى في رفح بقطاع غزة الجنوبي أن أياد داود واحمد القساس استشهدا بالرصاص عند بوابة صلاح الدين الحدودية مع مصر، أثناء محاولتهما مساعدة فلسطيني آخر أصابه الجنود الإسرائيليون بالرصاص قرب سياج المعبر.
وفي الضفة الغربية استشهد فلسطيني آخر برصاص مستوطنين يهود على طريق قريبة من رام الله. وذكر شهود أن محمد شلش من قرية أبو شخيدم قتل بعدة رصاصات أطلقت من سيارة مارة يستقلها مستوطنون يهود. وأعلنت الشرطة الإسرائيلية في وقت لاحق أنها أوقفت مستوطنين بتهمة قتل شلش، إلا أن هذا التوقيف لم يمنع هجمات مستوطنين آخرين، حيث أصيب طالبان فلسطينيان أحدهما جروحه خطيرة من مدرسة الحوارة بنابلس، حين أطلق مستوطنون النار باتجاه المدرسة من سيارة مسرعة.
كما استشهد سميح الملاعبة وهو ناشط بارز في فتح بانفجار غامض وقع في مخيم قلندية للاجئين قرب القدس. ووصف مسؤولون في فتح ما جرى بأنه "جريمة اغتيال" نفذتها إسرائيل.
واشنطن تستضيف مفاوضات جديدة
وعلى الصعيد السياسي يتوجه في الساعات القادمة إلى واشنطن وفدان فلسطيني وآخر إسرائيلي لإجراء مفاوضات غير مباشرة برعاية أميركية. ومن المقرر أن يضم الوفد الفلسطيني كبير المفاوضين صائب عريقات ووزير الإعلام ياسر عبد ربه وقائد الأمن الوقائي في غزة محمد دحلان، في حين يتألف الوفد الإسرائيلي من وزير الخارجية شلومو بن عامي والمفاوض جلعاد شير.
ومن المعتقد أن هذه المفاوضات هي آخر محاولة دبلوماسية يرعاها الرئيس الأميركي بيل كلينتون لضمان التوصل لاتفاق سلام في الشرق الأوسط قبل أن يتولى خلفه جورج بوش الرئاسة في 20 يناير/ كانون الثاني.
وأكد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات توجه الوفدين الفلسطيني والإسرائيلي إلى واشنطن، أثناء استقباله لأعضاء كنيست إسرائيليين في غزة. وقال إنه مستعد للقاء رئيس وزراء إسرائيل المستقيل إيهود باراك بعد تحضيرات ملائمة .
وقالت مصادر سياسية إسرائيلية إن اجتماع باراك وعرفات سيكون ممكنا بعد جولة المحادثات التي ستعقد في واشنطن. وقال مسؤولون إسرائيليون قريبون من المفاوضات إن باراك ستكون لديه رغبة في تقديم أكثر مما عرضه على الفلسطينيين في كامب ديفيد مقابل موافقتهم على تقديم تنازلات بخصوص حق عودة اللاجئين. غير أنهم أكدوا أن باراك لن يساوم على سيادة إسرائيل على الحرم القدسي، نافين الأنباء المتداولة بهذا الخصوص.
وقال ياسر عبدربه إن المشاورات مع الأميركيين ستبدأ غدا ملمحا إلى إمكانية عقد اجتماع ثلاثي إذا دعت الضرورة. ولكنه قلل من آمال عقد اجتماع قمة، وقال "نريد ضمان نجاح مثل هذا الاجتماع ويجب أن يكون واضحا أن اجتماع قمة لن يكون للمفاوضات و إنما للتوقيع".
اتفاق خلال أسابيع
وفي الوقت الذي استبعد فيه شلومو بن عامي التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين قبل الانتخابات الإسرائيلية، قال وزير العدل الإسرائيلي يوسي بيلين إن اتفاق سلام نهائي مع الفلسطينيين ممكن في "الأسابيع المقبلة". وأوضح في تصريح لإذاعة الجيش "لا أريد أن أعطي أوهاما بالقول إن الاتفاق جاهز للتوقيع عليه, بل ثمة فرص معقولة للتوصل إلى اتفاق نهائي في الأسابيع المقبلة".
وأضاف بن عامي الذي يعد من الحمائم في حكومة باراك، "إن مما يعزز من فرص نجاح المفاوضات أن الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني يفهمان أهمية الاستفادة من كون الرئيس الأميركي المطلع جيدا على الملف لا يزال في البيت الأبيض".
وصرحت مصادر سياسية إسرائيلية أن من المتوقع أن يتوجه مسؤول إسرائيلي لاطلاع الملك عبد الله عاهل الأردن والرئيس المصري حسني مبارك على المحادثات الجديدة.