إدارة بوش قد تضع حدا لسياسة الاحتواء المزدوج
يعتقد عدد من المحللين السياسيين أن سياسة الاحتواء المزدوج ضد العراق وإيران يمكن أن تتغير تغيرا جذريا في العام القادم.
ويذهب بعضهم بعيدا ويقول إن العقوبات المفروضة على البلدين قد تخفف أو تلغى نهائيا عام 2001، عندما يبحث الرئيس الأميركي المنتخب جورج بوش عن مخرج لهذه السياسة التي ثبت فشلها.
وعبارة "الاحتواء المزدوج" ظهرت عام 1993 على لسان مارتن إنديك السفير الأميركي الحالي في إسرائيل، لصوغ استراتيجية عزل العراق وإيران اللذين يشكلان، حسب مزاعم واشنطن، خطرا مزدوجا على المصالح الأميركية في الشرق الأوسط. إلا أن هذه السياسة أثارت توترا بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوربيين الذين عارضوا منع شركاتهم من العمل في إيران.
كما بدأ الحصار المفروض على العراق يتآكل تدريجيا بفعل الضغوط الإقليمية والدولية التي تطالب بوضع حد للمأساة الإنسانية التي يرزح العراقيون تحت وطأتها منذ أكثر من عشر سنوات. فقد أرسلت عدة بلدان، بينها روسيا وفرنسا ودول عربية، طائرات إلى بغداد، وتحركت لإحياء التجارة معها.
بيد أن إدارة الجمهوريين ستحاول في البداية إنجاح هذه الاستراتيجية. فقد تعهد كولن باول، المرشح لمنصب وزير الخارجية، بالعمل على تنشيط العقوبات المفروضة على العراق. وقال باول إن العراق لم ينفذ بعد التزاماته وفقا لهدنة عام 1991، ويتعين إبقاء العقوبات بشكل ما إلى أن ينفذها.
وترى روز ماري هوليس رئيسة برنامج الشرق الأوسط بالمعهد الملكي للشؤون الدولية في لندن أن هناك ثلاثة عوامل خارجية ربما تأخذها إدارة بوش في الحسبان في سياستها حيال العراق.
العامل الأول يتمثل في التغيير الذي طرأ على الأوضاع في الشرق الأوسط بسبب المواجهات الدامية في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 28 سبتمبر/أيلول الماضي. والعامل الآخر هو أن الرئيس العراقي صدام حسين لم يعد معزولا، بل يتمتع بالأموال والنفوذ، بفضل ارتفاع أسعار النفط وتحسن علاقاته مع جيرانه.
أما العامل الثالث فهو تنامي مشاعر الغضب بين العرب ضد السياسة الأميركية المنحازة بشكل مطلق لإسرائيل.
ويعتقد دبلوماسيون أن واشنطن قد تقوم بمحاولة جديدة لعودة مفتشي الأسلحة الدوليين إلى العراق. ومن المنتظر أن يبدأ كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة حوارا مع الحكومة العراقية الشهر القادم، للسماح بعودة المفتشين كمقدمة لرفع العقوبات كما نص قرار مجلس الأمن رقم 1284 والذي رفضته بغداد.
أما بالنسبة لإيران، فالوضع أقل حدة. فالولايات المتحدة وضعت تحسين علاقاتها مع إيران في مقدمة أولوياتها منذ انتخاب الرئيس الإيراني المعتدل محمد خاتمي. وقد يكون عام 2001، الذي خصصته الأمم المتحدة للحوار بين الحضارات استجابة لدعوة خاتمي، فرصة مواتية.
وكانت إدارة كلينتون رفعت هذا العام بعض العقوبات عن إيران، وعبرت عن أسفها للتدخل في شؤونها في الماضي. ولكن اختلاف سياسة البلدين حالت دون عودة العلاقات بين واشنطن وطهران. ولا تزال الولايات المتحدة تتهم إيران برعاية (الإرهاب) والوقوف ضد عملية السلام بين العرب وإسرائيل.
كما تجد جهود خاتمي الحذرة لتحسين العلاقات مع واشنطن معارضة شديدة من التيارات المحافظة في إيران. ويقول فيليب جوردون المحلل بمعهد بروكينجز إن الولايات المتحدة مستعدة للحوار مع إيران، لكنها لا تعرف مدى استعداد إيران لذلك.