بيروت تنفي وجود معتقلين لبنانيين لدى سورية
نفت الحكومة اللبنانية وجود معتقلين سياسيين لبنانيين في السجون السورية ودعت إلى عدم مزج قضية هؤلاء مع قضية المفقودين في سنوات الحرب الأهلية التي عصفت بلبنان بين عامي 1975 و1990.
غير أن أهالي معتقلين يعتقد أنهم لا يزالون مسجونين في سوريا ومنظمات إنسانية وأحزابا مسيحية رفضوا إغلاق هذا الملف معربين عن شكوكهم في تأكيدات الحكومة.
وكانت السلطات السورية قد سلمت لبنان يوم الاثنين 54 معتقلا كانوا لديها من بينهم ثمانية فلسطينيين ومصري، صدرت بحقهم أحكام في سوريا تراوحت بين السجن المؤبد والسجن لمدة سنة ونصف السنة بتهم تتعلق بالتعامل مع إسرائيل وقتل جنود سوريين في لبنان والقيام بأعمال تخريب تهدد الأمن.
وقال وزير الإعلام اللبناني غازي العريضي بعد اجتماع للحكومة إن مجلس الوزراء "نبه إلى خطورة التلاعب السياسي بهذا الملف لجهة استغلال مشاعر بعض العائلات أو محاولة الإيحاء بأن عددا من المفقودين في لبنان أثناء الأحداث موجود في سوريا".
وأضاف العريضي "أكدت المراجع الأمنية والقضائية المختصة حيازتها معلومات واضحة تشير إلى هوية الأطراف التي تقاتلت من مختلف الاتجاهات والتي تتحمل مسؤولية فقدان هؤلاء الأشخاص".
وقال العريضي إن الذين تسلمتهم السلطات اللبنانية يوم الاثنين هم كل من لدى سوريا من "موقوفين" سياسيين لبنانيين وإن من تبقى من معتقلين لبنانيين هم فقط أولئك المدانون بجرائم جنائية والذين ستصدر لائحة رسمية بأسمائهم قريبا وسيحصل ذووهم على أذون رسمية بزيارتهم.
وجدد العريضي موافقة الحكومة اللبنانية على التقرير الذي توصلت إليه في أبريل/ نيسان الماضي لجنة أمنية خاصة كلفتها الحكومة السابقة بالتحقيق في مصير نحو ألفي مفقود أثناء الحرب الأهلية والذي استنتج أن جميع هؤلاء المفقودين هم في عداد الأموات.
لكن منظمات تعنى بحقوق الإنسان وأحزابا مسيحية يمينية رفضت إغلاق الملف بالشكل الذي تطرحه الحكومة وطالبت بأن تكشف الحقيقة كاملة عن مصير جميع المعتقلين في سوريا.
وقال غازي عاد رئيس لجنة أهالي المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية "إن الطريقة التي تقفل بها الحكومة اللبنانية هذا الملف غير صحيحة فهناك معتقلون سياسيون في السجون السورية لم يتم تسليمهم للسلطات اللبنانية وهم متهمون بالتعامل مع إسرائيل ولدى أهاليهم أذونات من السلطات السورية تسمح بزيارتهم".
وأضاف عاد أن بين الذين تسلمتهم السلطات اللبنانية يوم الاثنين معتقلين كانوا قد أوقفوا في لبنان أو سوريا في السنوات التي تلت الحرب الأهلية ولم تقر سوريا بوجودهم، كما أن هناك معتقلين لا يزالون في سوريا ولدى ذويهم أذونات بزيارتهم بالرغم من نفي الحكومتين السورية واللبنانية وجودهم.
وأيدت موقف عاد أحزاب مسيحية يمينية معارضة تعتقد أن هناك نحو 300 معتقل لبناني في السجون السورية من غير مرتكبي الجرائم الجنائية.
كما رفض حزب القوات اللبنانية المسيحي الذي كانت الحكومة قد حلته في العام 1994 الطريقة التي طوت بها هذا الملف.
وقال الدكتور توفيق الهندي المستشار السياسي السابق لقائد القوات اللبنانية سمير جعجع "لا نريد أن يكون هذا الملف مادة لإذكاء العداء ضد سوريا كما لا نريد إغلاق الملف بصورة عشوائية لأن ذلك يبقي جروح الماضي مفتوحة ويؤدي إلى عكس ما يراد له".
ويقضي جعجع أحكاما عدة بالسجن المؤبد في أحد سجون وزارة الدفاع بعد أن أدين بسلسلة من جرائم الاغتيال السياسي في مرحلة الحرب الأهلية.
ومن ناحية أخرى قالت منظمة العفو الدولية إنها قلقة على مصير العديد من اللبنانيين الذين يعتقد أنهم معتقلون أو مفقودون في سوريا خشية أن يبقى هذا المصير مجهولا.
ودعت المنظمة التي تتخذ من لندن مقرا لها الحكومتين اللبنانية والسورية إلى إغلاق هذا الملف بطريقة صحيحة عبر كشفهما الحقيقة بكاملها.