شارون يدعو لتعديل قانون الانتخابات بعد استقالة باراك

قدمت الانتفاضة الفلسطينية شهيدا جديدا هذا الصباح، وشددت إسرائيل في تضييق الخناق على تحركات الفلسطينيين في اليوم الأول من أداء رئيس الوزراء الإسرائيلي المستقيل إيهود باراك لمهامه رئيسا مؤقتا للوزراء.
وذكر مصدر أمنى فلسطيني أن فلسطينيا استشهد برصاص الجيش الإسرائيلي قرب بيت جالا، أثناء تجدد للمواجهات مع القوات الإسرائيلية.
وأعلنت الإذاعة الإسرائيلية أن رئيس الأركان الجنرال شاؤول موفاز قرر فرض قيود مشددة على حركة تنقل السيارات الخاصة الفلسطينية في الضفة الغربية.
ويأتي هذا التشدد عقب تعرض سيارات إسرائيلية مدنية لإطلاق نار من سيارات فلسطينية على طرقات الضفة الغربية. وكان مجلس المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية طالب باعتماد هذه الإجراءات اثر وقوع عمليتين أوقعتا ثلاثة قتلى إسرائيليين.
اسنقالة وقائية
وفي خضم الانتفاضة التي تصاعدت في الأيام الأخيرة فاجأ رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك، في ساعة متأخرة من مساء أمس، المراقبين بإعلانه قرار استقالته من منصبه، وإجراء انتخابات عامة خلال ستين يوما. وفسر مراقبون خطوة باراك المفاجئة بأنها تهدف إلى قطع الطريق على رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو من ترشيح نفسه لمنصب رئيس الوزراء، إذ إنه لا يتمتع بعضوية الكنيست.
وقال محللون إن باراك باستقالته الآن وجه فعليا ضربة وقائية ضد نتنياهو، الذي أظهرت استطلاعات الرأي أنه قد يهزمه في الانتخابات المقبلة. ففي مثل هذه الحالة فإن القانون الإسرائيلي لا يسمح إلا لأعضاء الكنيست بترشيح أنفسهم لمنصب رئيس الوزراء. وكان نتنياهو تخلى عن مقعده بالكنيست ورئاسته لتكتل الليكود اليميني بعد أن هزمه باراك في الانتخابات العامة التي جرت العام الماضي.
لكن باراك برر استقالته بقوله إنه يريد إعادة ترشيح نفسه لتأكيد زعامته، لأن البلاد تواجه وضعا طارئا بسبب أعمال العنف الدائرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وقال باراك للصحفيين "إنه يتعين علينا إيجاد كل فرصة للتوصل في المستقبل القريب لاتفاقية سلام مع جيراننا" وهي إشارة إلى أن الانتفاضة الفلسطينية عكست نفسها على الوضع الداخلي الإسرائيلي، وأفقدت باراك شعبيته لأنه لم يتمكن من تحقيق وعوده بالتوصل إلى سلام مع أي من جيرانه.
وقال باراك إنه قرر الاستقالة بعد إدراكه أن دعواته الأخيرة لتشكيل حكومة وحدة وطنية لمعالجة الانتفاضة لم تلق استجابة. وأشار إلى أنه اتخذ قراره للحيلولة دون أن تخوض إسرائيل انتخابات عامة كاملة لشغل مقاعد الكنيست ومنصب رئيس الوزراء، في وقت تعاني البلاد فيه من هشاشة في الوضع الأمني.
وسيبقى باراك رئيسا مؤقتا للوزراء إلى أن يتم إجراء الانتخابات.
شارون فوجئ
ورغم الشكوك السائدة في الأوساط السياسية بأن باراك اتخذ خطوته بالتنسيق مع رئيس تكتل الليكود الإسرائيلي اليميني المعارض إرييل شارون، الذي لا تقل خشيته من مزاحمة نتنياهو عن خشية باراك، إلا أن شارون أعلن موافقته على تعديل القانون الانتخابي بشكل يتيح لنتنياهو المشاركة في السباق إلى رئاسة الحكومة.
وقال شارون في تصريح للإذاعة الإسرائيلية "سأوافق على تعديل للقانون يتيح لأي مواطن إسرائيلي غير عضو في الكنيست المشاركة في الانتخابات لاختيار رئيس جديد للحكومة".
وكان شارون أعلن أنه فوجئ باستقالة باراك نافيا بذلك الشائعات التي راجت حول تنسيق بينه وبين باراك، تمهيدا لتشكيل حكومة "طوارئ وطنية" بعد الانتخابات المقبلة بغض النظر عن الفائز فيها. ومن المقرر أن تجتمع كتلة الليكود البرلمانية لمناقشة الوضع الناجم عن استقالة باراك.
ردود الفعل الخارجية
وقد أجمع مسؤولون في السلطة الفلسطينية وفي مصر وفرنسا ودول أخرى على أن استقالة باراك شأن إسرائيلي داخلي، إلا أن هؤلاء المسؤولين لم يخفوا اهتمامهم بما يجري في إسرائيل، وأنهم يراقبون الوضع في انتظار ما ستسفر عنه التطورات خلال الشهرين القادمين.
وقال مسؤولون فلسطينيون إن قرار باراك بالاستقالة شأن داخلي، غير أن المفاوض الفلسطيني حسن عصفور صرح بأن باراك هو المسؤول عن انهيار حكومته، وعن الطريق المسدود الذي وصلت إليه محادثات السلام مع الفلسطينيين.
وقال عصفور إن هذا شأن إسرائيلي داخلي، ولكنه أظهر الأزمة السياسية العميقة الناجمة عن موقف باراك سواء داخليا أو مع الفلسطينيين .
وأعلن البيت الأبيض أنه يراقب الوضع في إسرائيل عن كثب، بعدما أعلن باراك أنه سيقدم استقالته، وقال مسؤول بالبيت الأبيض إن الرئيس كلينتون يتم إطلاعه على التطورات أولا بأول.
وفي فرنسا قال وزير الخارجية أوبير فدرين خلال اجتماع قمة للاتحاد الأوروبي إن قرار باراك يخص السياسة الإسرائيلية الداخلية. "والشيء الذي مازال يهمنا هو حقيقة أنه يتعين على الإسرائيليين والفلسطينيين الالتزام بشكل كامل.. بالتعهدات التي أعلنوها في شرم الشيخ، وهذا هو المهم بالنسبة للاتحاد الأوروبي".
وأكد فدرين أن استقالة باراك لن تغير من خططه لزيارة الشرق الأوسط هذا الأسبوع.
وفي القاهرة نقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن وزير الخارجية المصري عمرو موسى قوله إن مصر تتابع هذا التطور، ومدى تأثر العملية السلمية بهذه التطورات، باعتبار إسرائيل طرفا في عملية السلام.
إلا أنه أضاف أن هذا التطور أمر داخلي في نهاية الأمر ولا تعليق لنا عليه، إلا أننا ننتظر أن تستقر الأوضاع في الفترة القصيرة الآتية.