استمرار مأساة اللاجئين الأفغان على الحدود الباكستانية

أصبحت رؤية تجمعات اللاجئين الأفغان على الحدود الأفغانية الباكستانية منظرا مألوفا يتكرر كل يوم منذ إغلاق باكستان حدودها في التاسع من شهر نوفمبر/تشرين الثاني الجاري في وجه اللاجئين الأفغان الهاربين من جحيم المعارك المندلعة في شمال البلاد، والفارين من أشد أزمة جفاف تعصف بالبلاد منذ عقود.
ويتجمع المئات من الأفغان على الجانب الأفغاني من الحدود، ينظرون بأسى وحسرة باتجاه بوابة خيبر المغلقة وسط بكاء الأطفال، في حين يكافح حراس طالبان جاهدين لإبعاد الحشود عن البوابة الرئيسة، وإتاحة الفرصة لمرورسيارات الشحن.
وإثر إعلان باكستان حظر دخول اللاجئين الأفغان إلى أراضيها ناشدت الأمم المتحدة إسلام آباد العدول عن قرارها، بعد أن ظلت تقدم الدعم والمأوى للأفغان على مدى أكثر من عشرين عاما.
لكن المسؤولين الباكستانيين أكدوا مرات عديدة أن باكستان لديها مشاكلها الاقتصادية الخاصة، ولا يمكنها تحمل تبعات تدفق المزيد من اللاجئين إلى أراضيها، في ظل غياب المساعدات الدولية.
وكان الغضب الباكستاني قد تزايد إثر تناقص المساعدات الغربية للاجئين الأفغان، بعد مضي عشر سنوات على اندحار الجيش السوفييتي من أفغانستان، وتحول الأزمة إلى حرب أهلية بين الأفغان.
ويبدو أن باكستان دقت ناقوس الخطر، عندما أدى القتال الأخير الدائر في شمال أفغانستان بين قوات طالبان -التي تسيطر على 95% من الأراضي الأفغانية- وقوات المعارضة إلى تدفق اللاجئين الباحثين عن مأوى آمن.
وأعرب مسؤولون باكستانيون عن تخوفهم من تسرب بعض المؤيدين للمعارضة ضمن جموع اللاجئين. وكانت بعض الميليشيات الأفغانية المناوئة لطالبان قد هددت بالقيام بأعمال تخريبية داخل باكستان، بسبب دعم إسلام آباد لحركة طالبان.
ويقول المسؤولون الباكستانيون إن نحو ثلاثين ألف لاجئ عبروا الحدود إلى باكستان قبيل إغلاق الحدود، وأن ذلك سيزيد من عدد اللاجئين الأفغان الموجودين داخل باكستان، والذين تقدرهم السلطات الباكستانية بنحو مليوني لاجئ.
وأعرب المسؤولون في حركة طالبان عن أملهم في أن تعيد باكستان النظر في قرارها، وقال مولوي نور محمد حنيفي مسؤول الحدود في طالبان إن بعض اللاجئين فقط هم من الفارين بسبب القتال الدائر في الشمال. لكنه قال إن الأكثرية من الذين اضطروا إلى مغادرة منازلهم بسبب الوضع الاقتصادي المتدهور، وموسم جفاف طويل لم تشهد البلاد مثله.
وأضاف المسؤول الأفغاني أن مئات العائلات المشردة تنتظر السماح لها بالعبور إلى باكستان، أو تقديم المساعدة لها داخل أفغانستان، "لأنه لم تقدم أي مساعدة لهم من أية جهة حتى الآن". وأكد أن طالبان لا تستطيع تقديم المساعدة لهم.
وقال المسؤول عن العمليات في مكتب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابع للأمم المتحدة إن المساعدة الدولية لأفغانستان انخفضت، إذ بلغت 2,9 مليون دولار فقط هذا العام. بينما المبلغ المطلوب هو 5,3 مليون دولار. وأكد مسؤول آخر وجود أزمة مالية في المكتب المذكور.