عرفات وباراك يرغبان بالتهدئة.. ومشاورات حول المراقبين

أعلن متحدثون دوليون أن الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان سيبدأ مشاورات مع الفلسطينيين والإسرائيليين حول تشكيل قوة رقابة دولية في الضفة الغربية وقطاع غزة، بينما جدد قادة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي تأكيد رغباتهما في وقف المواجهات.
وكانت المواجهات المستمرة منذ سبعة أسابيع قد أفضت إلى استشهاد نحو 230 فلسطينيا برصاص جنود الاحتلال الإسرائيلي، وأدت إلى وقف تام لمفاوضات السلام بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل.
وقال عنان إن مجلس الأمن أقر اقتراحا فرنسيا يقضي بـ "إجراء مشاورات مع الأطراف بهدف تحديد أسس مقبولة للجانبين حول تشكيل قوة رقابة تابعة للأمم المتحدة"، وأضاف يقول "المجلس طلب مني البحث بالتعاون مع الجانبين في كيفية تشكيل نوع من الرقابة الدولية تكون مقبولة لديهما، مع تحديد طبيعة أنشطتها".
وكان ممثل منظمة التحرير الفلسطينية لدى الأمم المتحدة ناصر القدوة قد اقترح تشكيل قوة رقابة دولية متحركة تنتشر في الضفة الغربية وقطاع غزة لحماية المدنيين الفلسطينيين.
ويعتقد أعضاء في مجلس الأمن أن اقتراحا معدلا تقدمت به فرنسا قد يكون أكثر قبولا لإسرائيل من الاقتراح الفلسطيني. ودعت فرنسا إلى تشكيل لجنة تضم مراقبين غير مسلحين للانتشار في نقاط التوتر، على أن ترفع تقاريرها إلى مجلس الأمن الدولي.
مراقبون ضمن لجنة التحقيق
واشترط عنان من أجل قبول المهمة منحه صلاحية البحث في شكل القوة مع الجانبين، غير أن مصادر دبلوماسية قالت إن الأمين العام للأمم المتحدة يعتقد أن أفضل وسيلة لتشكيل مثل هذه القوة هو ضم مراقبين للجنة تحقيق شكلتها الولايات المتحدة بموجب اتفاق شرم الشيخ الذي توصل إليه الفلسطينيون والإسرائيليون قبل نحو شهر.
وشكلت الولايات المتحدة اللجنة برئاسة السيناتور السابق جورج ميتشل، وهي تضم في عضويتها السيناتور السابق وارن رودمان، والرئيس التركي السابق سليمان ديميريل، والمفوض الأوروبي للأمن والشؤون الخارجية خافيير سولانا، ووزير خارجية النرويج ثوربون ياجلاند.
ويعتقد عنان أن ضم المراقبين للجنة من شأنه أن يحول دون عرض الاقتراح على مجلس الأمن، كما سيجنب مؤيدي تشكيل اللجنة العمل على إقناع إسرائيل بتشكيلها.
وأعلنت إسرائيل معارضتها إرسال أي لجنة رقابة دولية إلى الضفة والقطاع، وقالت إن وضعا كهذا من شأنه أن يعرضها لضغوط من جانب المنظمات الدولية، وأيدت الولايات المتحدة الموقف الإسرائيلي إلا أنها وافقت على تكليف عنان ببحث الموضوع مع الإسرائيليين.
ويأمل الفلسطينيون في أن يحظى اقتراحهم – بعد إدخال تعديلات عليه تجعله أقرب إلى الاقتراح الفرنسي – بقبول الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وقال القدوة للصحفيين إنه شرح المشروع للمندوب الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة يهودا لانكري في لقاء عقد بينهما الأربعاء الماضي في مقر البعثة المصرية لدى الأمم المتحدة.
وأعرب القدوة عن اعتقاده بأن الاقتراح الفلسطيني "موضوعي لتوفير الأمن والسلامة للمدنيين الفلسطينيين وتغيير الوضع على أرض الواقع"، وأضاف أنه سيكون من الصعب للغاية أن يعارضه أي شخص حسب تعبيره.
قلق دولي
وأعرب عنان والسفيران لدى الأمم المتحدة الفرنسي جان ديفد ليفيت والبريطاني جيرمي غرينستوك عن استغرابهم من تأخر لجنة التحقيق الأميركية في بدء عملها.
ومن المقرر أن يلتقي عنان يوم غد رئيس اللجنة التي أبلغت مجلس الأمن أنها ستباشر عملها في السادس والعشرين من الشهر الجاري.
ودعا عنان الإسرائيليين في كلمته أمام الاجتماع غير الرسمي للمجلس إلى "استخدام وسائل غير قاتلة لمواجهة الشغب" الفلسطيني على حد تعبيره، كما طالب السلطة الفلسطينية بذل "ما في وسعها لوقف أعمال العنف".
دعوات تهدئة وشهداء
وفي الأراضي الفلسطينية قالت مصادر طبية إن أربعة فلسطينيين استشهدوا أمس برصاص جنود الاحتلال الإسرائيلي، وأشارت المصادر إلى أن ثلاثة من الشهداء سقطوا في مواجهات وقعت بالضفة الغربية، أما الرابع فقد استشهد في قطاع غزة.
وجاءت هذه المواجهات رغم دعوات متبادلة للتهدئة أطلقها الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك.
فقد أكد عرفات على قراره القاضي بوقف إطلاق النار باتجاه أهداف إسرائيلية انطلاقا من المناطق الخاضعة أمنيا ومدنيا لسلطته، وهي المناطق المصنفة باعتبارها منطقة (أ)، وقال عرفات إن أجهزة الأمن الفلسطينية أصدرت توجيهاتها بهذا الصدد.
من جانبه قال باراك إنه مستعد لتخفيف الأوامر التي أصدرها للجنود الإسرائيليين لقمع الاحتجاجات الفلسطينية، وشكك من جديد بجدوى الحل العسكري.
وقال باراك وهو قائد سابق للجيش الإسرائيلي شارك في عمليات اغتيال طالت عددا من كبار قادة المنظمة "سمعت كل الوصفات السحرية.. لقد عملت في الجيش 35 عاما وأعرف أن دعوات إطلاق يد الجيش لوقف الاحتجاجات غير مجدية".
وعمل باراك رئيساً للأركان إبان الانتفاضة الأولى التي تفجرت في عام 1987 واستمرت حتى عام 1994 تقريبا.
وقال باراك إن إمكانية استئناف محادثات السلام مع السلطة الفلسطينية ستظل قائمة رغم المواجهات "ما دمنا لم نفقد أعصابنا" على حد تعبيره.