بالمورال.. قلعة الملكة الراحلة إليزابيث للاستقبالات والاسترخاء

تعد قلعة بالمورال التي شهدت وفاة الملكة إليزابيث الثانية، الخميس 8 سبتمبر/أيلول الجاري، الملاذ الخاص بأفراد العائلة المالكة في بريطانيا منذ قرابة قرن ونصف القرن، حيث اختيرت تلك البقعة الهادئة من بقاع المملكة التي لا تغيب عنها الشمس، لتكون المكان الأكثر قربا من أبناء وأحفاد الملكة فيكتوريا.
في يونيو/حزيران 1852، اشترى الأمير ألبرت قلعة بالمورال، بعد أن وقعت الملكة فيكتوريا في غرام أسكتلندا لطبيعتها الخلابة وهدوئها المميز. وكانت في البداية بيتا صغيرا تمت توسعته بالمنازل المجاورة ليصبح قلعة كبيرة تليق بالملكة، ليكتمل البناء في عام 1856 بعد ضم 150 منزلا، لتدخل القلعة حيز التاج البريطاني رسميا بعد أول زيارة صيفية من الملك جورج السادس والأميرة إليزابيث -حينذاك- ومعهم الأميرة الراحلة مارغريت.
ومنذ ذلك الحين استقرت بالمورال في قلب الملكة الراحلة إليزابيث الثانية، لتصبح بالمورال مقصدها الصيفي كل عام، والمكان الهادئ الذي شهد آخر أيام حياتها الحافلة ووفاتها.

"كل شيء يبدو أنه يتنفس الحرية والسلام، ويجعل المرء ينسى العالم واضطراباته المحزنة"، كانت تلك كلمات الملكة فيكتوريا عن بالمورال، وهو بالفعل ما شعرت به الملكة إليزابيث في زيارتها الأولى للمكان وهي طفلة في كنف والدها، واستقر في وعيها ذلك الهدوء الذي طالما رغبت فيه حين تشتد الصعوبات وتضطرها الأمور لمواجهة العالم واضطراباته، فحينها لا يوجد سوى بالمورال.
يذكر التاريخ أن الأحداث المفجعة التي شهدتها العائلة المالكة في بريطانيا، كان جزءا كبيرا منها في بالمورال، ففي 31 أغسطس/آب 1997 على وجه التحديد، وهو الوقت الذي تقضي فيه الملكة إليزابيث عطلتها الصيفية مع أحفادها في القلعة الأسكتلندية، جاءها خبر مقتل الأميرة ديانا، الزوجة السابقة للأمير تشارلز.
لم تغادر الملكة منتجعها الصيفي الذي يفتح للعامة كمزار طوال شهور العام، ويغلق فقط من أغسطس/آب وحتى أكتوبر/تشرين الأول.
إصرار الملكة على عدم مغادرة قلعة بالمورال، أثار حفيظة البريطانيين حينها تجاه ملكتهم المفضلة، لكن الملكة التي تعرف كيف تمسك جيدا بمقاليد الأمور، اختارت أن تحني رأسها لجثمان ديانا في جنازتها، في مخالفة لتقاليد العائلة المالكة، لكنها كانت المرة الأخيرة التي تنحني فيها الملكة ولم تكررها أبدا.

كانت قلعة بالمورال دائما بمثابة "مطهر نفسي" لزائريها، كما وصفتها مارغريت تاتشر، رئيسة وزراء بريطانيا السابقة الملقبة بـ"المرأة الحديدية"، والتي كانت شديدة الامتنان لدعوتها إلى القلعة، وكذلك توني بلير رئيس الوزراء البريطاني السابق الذي وصف القلعة الصيفية "بالساحرة".
هناك في بالمورال كان الجميع يفاجأ بإليزابيث مختلفة، كانت تغسل الأطباق، وتبهر الجميع بأطباقهم المفضلة وبالموسيقى والكتب التي يفضلونها.
ويصف بلير العطلات الصيفية التي قضاها بدعوة الملكة له في قلعتها الأسكتلندية المفضلة بأنها "كانت مزيجا من الفضول والسريالية تماما"، ويكمل بأن "بالمورال كانت دوما مكانا صالحا للاسترخاء".