نظرة على كوكب الأرض لدقائق.. كيف تصبح رائد فضاء تناظري مثل سارة صبري؟

تداول رواد شبكات التواصل الاجتماعي نبأ صعود المصرية سارة صبري إلى الفضاء باعتبارها "أول رائدة فضاء مصرية"؛ فظهر من يحتفي "بإنجازها الذي لا يمكن أن يختلف على قوته أحد"، في مواجهة من وجدوا في الأمر تضخيما لحقيقة الرحلة المرتقبة. فهل سارة صبري رائدة فضاء فعلا؟

من سارة صبري؟

سارة صبري هي الرئيسة التنفيذية والمؤسسة لمبادرة "فضاء عميق" (DSI)، وهي شركة غير ربحية تهدف إلى زيادة إمكانية الوصول لأبحاث الفضاء، كما تشغل سارة منصب نائبة الرئيس التنفيذي في شركة تكنولوجية ناشئة في برلين تعمل على تطبيقات الهاتف المحمول.

حصلت الشابة المصرية على درجة البكالوريوس في الهندسة الميكانيكية مع تخصص ثانوي في علم الأحياء والكيمياء وتمهيدي الطب في الجامعة الأميركية في القاهرة، ثم عملت خلال السنوات الثمان الماضية بمجال اللياقة البدنية مدربة يوغا، ثم اتجهت إلى تدريس اللغة الإنجليزية بشكل مستقل، حتى انتقلت إلى العاصمة الألمانية برلين لتبدأ فصلا جديدا في حياتها.

خطوة نحو الفضاء المحاكى

بدأ اهتمام صبري بالفضاء المحاكى فبراير/شباط 2021، فوفق خبراتها المذكورة في حسباها على موقع "لينكد إن"، أضافت سارة لملفها الوظيفي وصف "مسؤول طبي/ رائد فضاء تناظري" بمحطة لونارز لأبحاث الفضاء. تعرف محطة لونارز نفسها بأنها محطة أبحاث تناظرية لمحاكاة مهمات الفضاء على الأرض، وتقع في مطار ببولندا، ويعود تأسيسها لعام 2017، وكانت المحطة الأولى من نوعها في أوروبا، على مساحة 250 مترا مربعا.

توفر المحطة عزلة كاملة لطاقمها في المطار لمدة أسبوعين، بعد تدريب المتقدمين وتوزيع المسؤوليات على مدى أسبوعين سابقين، وتكلفة المشاركة للفرد هي 1750 يورو، ومن شروط الالتحاق: عدم استخدام الهاتف في أثناء العزلة، واختبار "بي سي آر" (PCR) يثبت عدم الإصابة بمرض كوفيد-19، والالتزام بساعة من التمارين الرياضية يوميا.

وكانت سارة مسؤولة عن إجراء الفحوصات الطبية على نفسها وطاقم الرحلة.

سارة صبري في جامعة المريخ

ذكرت سارة في تاريخها الأكاديمي على حسابها بموقع "لينكد إن" اجتيازها لدورة "العوامل البشرية" (عبر الإنترنت) ضمن برنامج "جامعة المريخ"، وهي منظمة غير ربحية للأبحاث، تأسست عام 2020 بالولايات المتحدة. وتقدم "جامعة المريخ" برنامجا ينقسم لأكثر من 6 دورات، يتطلب 30 ساعة من الدراسة، ويوفر نظرة عامة فنية على العلوم والتقنيات وأنشطة ما بعد الوصول إلى سطح المريخ.

تقدم "جامعة المريخ" برنامجا للراغبين في التدريب العملي على الأنشطة والمهام التناظرية، كما يحدث لرواد الفضاء الحقيقيين في وكالة "ناسا" (NASA)، لكن تقدمه الجامعة بشكل تمثيلي على الأرض، فتوفر مختبرات ومساحات عامة يتشارك فيها الطلبة والباحثون.

كما توفر الجامعة تجارب محاكية للهبوط على سطح المريخ، من خلال زيارة 3 مناطق في الولايات المتحدة: الأولى هي "أخدود الظبي" جنوب غرب الولايات المتحدة، و"فوهة بارينجر" بولاية أريزونا، و"الأخدود العظيم" بولاية أريزونا، وتوفر بكل منطقة غرفة تشبه بيئة المريخ.

لا تضع الجامعة شروطا للملتحقين بالبرنامج، فتقبل الجميع من أي خلفية أكاديمية، لكن من متطلبات الالتحاق تقديم سيرة ذاتية، وخطاب لإبداء الرغبة يتضمن اهتماماتك ووصف شغفك بالمعرفة، وإجادة أولية للغة الإنجليزية، ودفع 600 دولار للدورة الواحدة.

منظمة "فضاء من أجل الإنسانية"

أعلنت منظمة "فضاء من أجل الإنسانية" في 22 يوليو/تموز 2022، اقتراب صعود أول رائدة فضاء مصرية إلى الفضاء وهي سارة صبري.

ونقلت المنظمة خبرات سارة التي تؤهلها لتلك الرحلة، وهي تجربة العزلة الكاملة المحاكية التي عاشتها سارة العام الماضي، ونشرت المنظمة على حساباتها مقطع فيديو تشويقيا لفرحة من يحبون سارة لإنجازها الشخصي والعالمي.

تقدم منظمة "فضاء من أجل الإنسانية" الفرصة الأولى للمواطنين العاديين للنظر إلى كوكب الأرض من الفضاء، وأطلقت المنظمة على برنامجها "رائد الفضاء المواطن"، وفتحت باب التقديم للجميع. ويقوم البرنامج على فرضية "تأثير النظرة العامة"، وهي قدرة النظرة إلى كوكب الأرض على إكساب الإنسان فهما لإعجاز الحياة وتفرد وجودنا.

وتأخذ المنظمة مسافريها في رحلة عبر سفينة فضاء مدارية، وهي طائرة فضائية، يمكنها الطيران كطائرة في الغلاف الجوي لكوكب الأرض، وكمركبة فضائية، تحلق بطاقم الرحلة لمدة 5 دقائق من انعدام الوزن، وإطلالة جميلة على كوكب الأرض.

يتضمن البرنامج تدريبا عقليا وبدنيا ومعرفيا للمتقدمين، بالإضافة إلى تدريب على القيادة، ونقاشات عن الأثر الاجتماعي لزيارة الفضاء، والتبادل الثقافي، وخطط الاستدامة، والمناخ العالمي، وتتم جميع تلك التدريبات عن بعد، حتى إذا ما عاد المسافر، يحكي عن التحول المعرفي الذي خاضه بعدما رأي الأرض، ليساعد البشر على تحسين علاقتهم ببعضهم بعضا.

تشترط المنظمة الأميركية على المتقدمين أن تتخطى أعمارهم 18 سنة، والتحدث بالإنجليزية، وأن يكون لديهم شغف بالإنسانية، ورغبة في التأثير الإيجابي على العالم، وأن يكون المتقدم يشغل دورا قياديا مجتمعيا خلال فترة التقدم.

هزاع المنصوري يعود إلى الأضواء

مع تصاعد أنباء صعود سارة صبري إلى الفضاء، عاد رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري لدائرة الاهتمام، بمقارنة مؤهلات الاثنين في رحلتيهما. ويجدر الذكر أن هزاع اختير من بين 4022 مرشحا إماراتيا، تقدموا لتلبية نداء رئيس مجلس الوزراء الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، للتسجيل في برنامج الإمارات لرواد الفضاء، بالشراكة مع وكالة الفضاء الروسية. مر المنصوري باختبارات على مدار عام 2017، ساعدته فيها خبرته بحكم أنه طيار مقاتل في القوات المسلحة، وقيادته طائرات من طراز "إف-16" (F-16).

وكان المنصوري خضع للتدريب في مركز "يوري غاغارين" لتدريب رواد الفضاء في منطقة ستار سيتي بروسيا، لتأهيله لزيارة محطة الفضاء الدولية، في رحلة مدتها 8 أيام، سبتمبر/أيلول 2019، رفقة بعثة فضاء روسية.