منه يخرج الأذان الموحد.. شاهد أكبر المساجد بعد الأقصى في الضفة
المؤذن مراد أبو غربية: انتقاء الأصوات يجب أن يكون ملائما لأوقات الصلاة، فأذان الفجر يحتاج لصوت ذي شجن ورقة وحنان، فيما أذان الظهر فيه حدة واستقامة ليشحذ الهمم، وكذلك أذان العصر، أما أذانا المغرب والعشاء فيحتاجان لصوت فيه حنان وتشويق

رام الله – في النقطة الفاصلة بين مدينتي البيرة ورام الله (وسط الضفة الغربية المحتلة) يقع مسجد البيرة الكبير الذي يعتبر مركزا للأذان الموحد في مناطق واسعة من الضفة الغربية، ويمتاز بمساحته التي تأتي بعد المسجد الأقصى المبارك.
بُني مسجد البيرة الكبير عام 1962، وأطلقت عليه عدة تسميات، من أبرزها: مسجد جمال عبد الناصر، في إشارة إلى الرئيس المصري في تلك الحقبة الزمنية، ومسجد سيد قطب، ومسجد الشهداء.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsمسجد عمر.. بيت اللاجئين والعرسان بإيطاليا
رغم مرور مئات السنين .. براعة بناء مسجد الرحيب بعُمان تقاوم التغيرات المناخية
مسجد عمر في تورينو.. كيف أصبح محطة لكل عابر سبيل مهاجر؟
ويقول رئيس لجنة إعمار مسجد البيرة الكبيرة الحاج نبيل الشوابكة للجزيرة نت إن أكبر جنازة خرجت من المسجد كانت عندما تم تشييع جثمان الشهيد مهند الحلبي نهاية عام 2015، وأطلق عليه مسجد الشهداء لكثرة الشهداء الذين كانوا يشيعون منه خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية 2000-2004.

مسجد مركزي
تم توسيع المسجد عدة مرات، آخرها عام 1999، وتضاعفت مساحته 4 مرات، ليصل اليوم إلى ألفي متر مربع، وانتهى بتسميته مسجد البيرة الكبير، واكتسب شهرة واسعة بعد توحيد الأذان في نطاق زمني واحد في الضفة الغربية المحتلة، وصولا إلى قرى مدينة نابلس في الشمال وقرى جنوب الخليل (جنوبي الضفة).
كما توجهت الأنظار إليه بعد أن أصبحت مدينة رام الله مركزا تجاريا وسياسيا مهما للفلسطينيين، خاصة في الضفة الغربية المحتلة، بوجود الوزارات والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية المحلية، وكذلك المؤسسات الأجنبية، ويتميز بجغرافيا مرتفعة نسبيا وسط الضفة الغربية المحتلة.

تمت العناية جيدا ببنائه خلال توسعته، والتي تحاكي البناء خلال الفترة الأموية، بوجود أقواس ونقوش وحجارة ملونة وأعمدة حجرية وقاعة كبيرة للاجتماعات ومسجد خاص بالنساء من طابقين.
كما كان فيه مكتب لمديرية الأوقاف لمحافظة رام الله والبيرة، وفيه متوضأ بمساحة كبيرة يحوي 35 حماما، و4 متوضآت أخرى فرعية تخدم زوار المسجد والقاصدين مركز المدينة.

مكتبة مركزية وموقع مميز
وفي مسجد البيرة الكبير أكبر مكتبة في محافظة رام الله والبيرة، كونها تحوي أمهات كتب العلوم الشرعية، وفيها مراجع مهمة تساعد الباحثين -خاصة لرسائل الماجستير والدكتوراه- في الوصول إلى ضالتهم العلمية.
رافقنا في زيارة مسجد البيرة الكبير إمامه وخطيبه الدكتور جمعة حمدان الذي قال للجزيرة نت إن المسجد مبني بطريقة عريقة تجمع بين الطرازين القديم والحديث، وهو بحالة ممتازة.
كما أن موقعه الجغرافي المتوسط في قلب محافظة رام الله والبيرة وفي قلب السوق المركزي للمحافظة ووسط الضفة الغربية أدى لازدياد الاهتمام به، ومكتبته ساهمت في توجه الناس إليه.

صوت ذو شجن
وعن الأصوات التي يسمعها الفلسطينيون في الأذان الموحد وسط الضفة، قال حمدان إن الحرص كان كبيرا على وجود أصوات مميزة تتقن مقامات الأذان، ويتميز أصحابها بحسن النطق ومخارج الحروف وبأصوات جميلة.
لذلك، تم اختيار عدة مؤذنين في البداية إلى أن استقر الأمر على 4 منهم ممن لهم لمسة جميلة في أداء الأذان الموحد، وفق حمدان.
أحد المؤذنين هو مراد أبو غربية قال في حديثه للجزيرة نت إن "الصوت الجميل الندي يعطي لذة للسامع، لأن انتقاء الأصوات يجب أن يكون ملائما لأوقات الصلاة".

فصوت أذان الفجر يحتاج إلى صوت ذي شجن ورقة وحنان وشيء من الحزن، وفق أبو غربية، فيما أذان الظهر فيه حدة واستقامة ليشحذ الهمم، وأذان العصر كذلك الأمر، أما أذانا المغرب والعشاء فيحتاجان إلى صوت فيه حنان وتشويق.
وقف أبو غربية أمام الميكروفون في غرفة خاصة بالأذان الموحد وسط مسجد البيرة الكبير، وشرع في رفع أذان العصر، قبل أن ينتقل بعد دقائق لإقامة الصلاة قرب محراب المسجد.

ويعتبر أبو غربية أن الأصوات التي تستخدم في فلسطين لرفع الأذان هي أصوات حزينة بوجه عام، كون البلاد محتلة من الغزاة الإسرائيليين.
قابلنا المؤذن الآخر صابر عواد الذي قال للجزيرة نت إن "الأذان من أكثر الأساليب دعوة إلى الله سبحانه وتعالى، خاصة إذا كان الصوت جميلا وتوفر في المؤذن الإخلاص لله تعالى، فإن الأذان يقع من القلب إلى القلب، وبذلك يحصل المؤذن على دعاء المستمعين المنتشرين في مناطق واسعة من فلسطين".