يطعم الجائع ويشفي العليل.. الربيع يجود بأعشابه على الأردنيين
فصل الربيع في الأردن موسم لقطاف الأعشاب البرية وتوابل الأكلات الشعبية ومصدر دخل لأهل البادية والريف

المفرق/ البادية الشمالية – يتنقلن بين حقول الأزهار البرية في البادية الشمالية الشرقية التابعة لمحافظة المفرق، يقطفن الأبيض منها والأصفر والأحمر، يعرفن المفيد منها والضار، يجهزنها إما للأكل مباشرة، وإما يجففنها لتصبح توابل للأطعمة الشعبية أو الأغذية المتنوعة.
ومع رحيل أيام الشتاء الباردة وقدوم الدفء وتفتح أزهار الربيع، تبدأ عائلات البادية بجمع الأعشاب الطبية من البرية، تمهيدا لاستخدامها كتوابل أو علاج شعبي لأمراض، أو تصنيعها كأغذية خاصة الزعتر.

وتلقى تلك الأعشاب والتوابل رواجا وطلبا من قبل الأردنيين، نظرا لنشأتها بشكل طبيعي بعيدا عن أية أسمدة أو مبيدات كيميائية، وتشكل مصدر دخل للعائلات الفقيرة في مناطق البادية والأطراف الأكثر فقرا.
غذاء ودواء
تنقسم الأعشاب والنباتات التي تجمعها سيدات البادية واللاجئات السوريات المقيمات في تلك المناطق إلى عدة مجموعات، منها أعشاب للدواء والاستشفاء، وأخرى للطبخ المباشر بعد تنظيفها وغسلها، وثالثة يتم تجفيفها لاستخدامها بهارات للطعام واللحم، ورابعة حشائش يتم جمعها بوصفها أعلافا للماشية.
اقرأ أيضا
list of 4 items“استوديو طيّون” مشروع أردني صديق للبيئة يعيد الغابات بين العمارات الخرسانية
المزيد من الأشجار الآن.. تعرف على الطريقة الذكية التي ابتكرها الهولنديون لزراعة الغابات مجانا
بيتنا أخضر.. مبادرة لتحويل الخرطوم إلى مدينة تستحق لقب "ملتقى النيلين"
في مشغلها الإنتاجي، تجمع أم سالم المساعيد الأعشاب البرية تمهيدا لاستخدامها توابل للأكلات، ومن تلك الأعشاب ما يتم غسلها جيدا وطبخها كأكلات شعبية مشهورة مثل العكوب والفقع وغيرها.

وتضيف المساعيد من تلك النباتات البرية ما يتم غليها وإضافتها إلى أنواع من مشتقات الألبان المصنعة من الحليب البلدي، ومنها ما تستخدم لتطييب رائحة ومذاق اللحم مثل إكليل الجبل والشومر وغيرهما.
ومن أهم الأعشاب البرية المجموعة من البادية الزعتر البري، الذي يتميز بمذاقه الحار واللاذع، ويتم غسله بشكل جيد بعد جمعه لتخلصيه من الأتربة التي علقت به، ومن ثم تقطيعه وعجنه مع طحين القمح لصناعة معجنات يضاف لها البصل والسماق، ومنها كميات يتم تجفيفها وطحنها مع إضافة أنواع مخصصة من البهارات تمهيدا لتناولها مع زيت الزيتون.

مصدر دخل
اللاجئة السورية ناريمان السعد تجمع من الحقول النباتات البرية المفيدة لتجهيزها كطعام لأطفالها الأربعة، تقول للجزيرة نت "أعمل في الحقول الزراعية وبساتين الأشجار المثمرة، وأقطف خلال عملي ما تجود به الأرض علينا لطهيه وإطعام العائلة".
تجمع ناريمان أعشاب الفرفحية والخبيزة والعكوب والهندباء وغيرها من بين الحقول والأشجار، وعند عودتها تبدأ بتفحصها وغسلها وفرمها، وإضافة الطماطم والبهارات عليها، وإذا "توفرت معلبات من الطرود الغذائية التي نحصل عليها أضيف لأكلات الأعشاب بعضا من المعلبات".
وتضيف "الحياة صعبة، والعمل شحيح، والمساعدات الغذائية والمالية باتت شبه معدومة، وزوجي هجر العائلة وترك 4 من الأطفال في رقبتي، ومع قدوم الربيع تزدهر الأرض بالأعشاب، أقطف ما كان مفيدا منها وأطبخه للأولاد، وما يزيد عن حاجتنا نقوم ببيعه في القرية القريبة لشراء الحاجيات الضرورية".

محلات العطارة
في البلدة القديمة بمنطقة وسط البلد في العاصمة عمان، يستقبل تاجر العطارة موسى الحناوي الأعشاب البرية من السيدات، يقول للجزيرة نت: في موسم الربيع نستقبل كميات من الزهور والأعشاب الطبية والنباتات البرية التي يتم جمعها في مناطق البادية الأردنية، منها ما يتم تجفيفه وطحنه تمهيدا لاستخدامه في الوصفات الطبية، ومنها ما يتم نقعه أو غليه وشربه للتداوي به، ومنها ما يستخدم بهارات في وصفات الطعام مثل الأعشاب المستخدمة في إعداد السمن البلدي سواء الحندقوق والكزبرة والعصفر وغيرها.
وتجمع سيدات البادية جملة من النباتات البرية مثل البابونج والشيح والقيصوم والجعدة والبعيثران والمرمية، ورجل الحمامة، وإبرة العجوزة، والمرار، والحرمل، والقعفور، والقرصنعة، والحنظل، والنعناع البري، وغيرها مما يتداوى به.
ويقبل الأردنيون على شراء النباتات والأعشاب البرية للتداوي بها، وتجهيز الوصفات الغذائية منها توابل للأطعمة، ومنها ما يتم جمعها من أراضي المملكة وغاباتها وبواديها، ومنها المستورد من الخارج.

أعلاف للمواشي
أما المناطق الشمالية والغربية والأغوار من المملكة فتكثر فيها الأعشاب وتنمو بشكل أكبر من البادية نتيجة غزارة الأمطار وارتفاع حرارة الطقس، ونتيجة كبر حجم الحشائش والأعشاب فيتم جمعها بكميات كبيرة واستخدامها أعلافا للمواشي، وذلك للتخفيف على مربي الثروة الحيوانية من تكاليف شراء الأعلاف بسعر مرتفع.