منهم مدير وآخر موظف استعلامات.. أطفال يديرون مدرسة ابتدائية في العراق
كيف لطفلة بعمر 10 أعوام أن تصبح مديرة مدرسة وآخر يكبرها بعام مسؤولا عن مكتبة المدرسة؟ ما الموضوع؟ وما الحكاية؟ تعرف على تفاصيل كل ذلك في التقرير الآتي.
بابتسامة عريضة، ترفع الطفلة هه نوا هلكوت (11 عاما) موظفة الاستعلامات في مدرسة "ليدرز" (LEADERS) الابتدائية يدها بإشارة ترحيب بالتلاميذ القادمين للدراسة، في حين تقف ألين جوتيار (7 سنوات) لتدريس اللغة الإنجليزية أمام التلاميذ في الصفّ.
لكن مهلا، كيف يُعقل أن تُصبح طفلة بعمر 10 أعوام، مثل زيوار توانا، مديرة مدرسة، وآخر يكبرها بعام واحد مسؤولا عن مكتبة المدرسة؟.. ما الموضوع؟ وما الحكاية؟ تعرف على تفاصيل كل ذلك من خلال قراءة هذا التقرير.
يومٌ في الأسبوع
في خطوة منها لتنمية قدرات تلاميذها وجعلهم قادة المستقبل باعتمادهم على أنفسهم وذواتهم إذا واجهوا ظروفا صعبة، خصصت مدرسة "مجمع ليدرز التربوي" الابتدائية الأهلية في محافظة حلبجة بإقليم كردستان العراق، وهي من ضمن المشاريع غير الربحية الممولة من الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي القره داغي، يوما واحدا من كل أسبوع ليدير التلاميذ المدرسة، فمنهم من يصبحُ في ذلك اليوم مديرا، وآخر معلما، وغيرهما موظف استعلامات، ومنهم مسؤول المكتبة، وآخرون يتولّون مهام أخرى.
في البداية، كانت إدارة المدرسة متخوّفة من حدوث أي تصادم أو عراك بين التلاميذ عند تطبيق الفكرة في المدرسة بسبب صغر أعمارهم، وعدم خبرتهم في الإدارة وتحمّل المسؤولية، إلا أنهم أذهلوا القائمين المدرسة جراء أدائهم الرائع في إدارة المدرسة وهم في أعمار بين 6 و11 سنة، وهذا ما زاد فيهم التشجيع للقيام بنشاطات أخرى مماثلة تزيد الثقة لدى الأطفال، وتعزّز شخصيتهم.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsبدرجة 100%.. طفلة عراقية موهوبة تحصل على شهادة علمية من جامعة أميركية
ميسي الصغير.. طفل عراقي موهوب يثير اهتمام أندية إنجليزية شهيرة
بأنامل طفلة عراقية.. رسوم كرتونية لتوعية الصغار بمخاطر كورونا
واحدة من أبرز الخصال التي جعلت المدرسة مختلفة تماما عن بقية المدارس الأخرى أن الامتحان لا يكون فيها بشكل فردي للتلميذ، إنما يكون لمجموعات تتكوّن كل منها من 3 تلاميذ، وتجري الامتحانات بشكل تحقيقي جماعي بعيدا عن الشكل التقليدي المعتمد لدى بقية المدارس.
تعوّد التلميذ الامتحان الفردي يصنع منه شخصية أنانية، إلا أن الامتحان الجماعي يُسهم في بث روح التعاون بين الطلبة، وفقًا لمدير المدرسة فيصل إبراهيم. وتوزّع درجات الامتحان على أفراد المجموعة، ليتعلّم الكل أن روح التعاون والمشاركة أساس النجاح وهي إستراتيجية اعتمد عليها الغرب لتطوير التعليم.
زرع شجرة
ومن مميزات المدرسة أيضًا أنّ التقييم يختلف فيها كثيرا عن بقية المدارس في العراق، إذ تضع 40% على الامتحان التحريري والمستوى العلمي للتلميذ، في حين تكون الـ60% المتبقية لقياس عام لسلوك التلميذ ونشاطه ومدى تحمّله المسؤولية وتنظيمه لشؤونه داخل المدرسة حسب المقاييس العلمية المتطوّرة.
ومما تُعزّز به المدرسة روح التعاون بين التلاميذ أنها تحوّل المناسبات الخاصة لهم إلى عامة، فمثلا، بدلا من أن يحتفل التلميذ في يوم ميلاده بتقطيع الكعكة وتوزيع الحلوى أو ما شابه كما هو معتاد، يقوم بزرع شجرة واحدة مع أقرانه في المدينة، وهذا ما جعلها أكثر تميّزًا عن المدارس الأخرى.
تميّز المدرسة بهذه الخصال جعلها تصبح عضوة في مؤسسة وليام غلاسر الدولية الأميركية وهي الوحيدة من بين كل المدارس العراقية التي حظيت بذلك؛ حتى تصبح المدرسة النوعية في مجال التربية والتعليم وهذا ما يؤهلها لتكون من أفضل المدارس في العالم.
الاستقلالية
زيوار توانا (10 أعوام) التي أصبحت مديرة للمدرسة يوما واحدا فضلا عن تولي إدارة المكتبة فيها تطمح إلى أن تصبح باحثة اجتماعية أو ممرضة لمساعدة الناس في حلّ مشاكلهم.
تعلّمت توانا من هذه التجربة -حسب ما تقول- كيف يجب أن تكون مستقلة في إنجاز الأعمال والمهام وإن كانت صغيرة. وتُشير في حديثها للجزيرة نت إلى أنّ أول ما قالته لزملائها التلاميذ مع تسنّمها إدارة المدرسة إنهم قادرون على تجاوز كل الصعاب وإنجاز أي عمل يوكل إليهم إذا كانوا بحالة رضا عن ذلك.
أما مدير المدرسة الافتراضي، نيما أردلان التلميذ في الصف الخامس الابتدائي، فيبدو منزعجا قليلا لعدم سماع التلاميذ لتوجيهاته عندما أصبح موظف استعلامات في المدرسة، لكن مع ذلك يؤكد أن هذه التجربة علّمته وزملاءه كيف يجب أن يكونوا على أهبة الاستعداد إذا وضعت على عاتقهم مسؤولية ما.