"تراث الموصل".. أول متحف غير حكومي يعرض أزياء ومقتنيات تراثية وشعبية عراقية

الموصل – يرجع بك الزمن إلى 100عام أو أكثر عندما تدخل "متحف تراث الموصل" وسط المدينة القديمة في الجانب الغربي من مركز محافظة نينوى شمالي العراق، فهو أول متحف غير حكومي للتراث الشعبي يضم مقتنيات وأزياء ومجسمات تاريخية.

الحفاظ على الهوية
"إلي ما له أول ما له تالي"، من هذا المثل الشعبي العراقي، الذي يعني أن "من ليس له تاريخ مجيد وإرث ليس له حاضر زاهر"، انطلق شباب من مدينة الموصل بجهود ذاتية للمحافظة على موروثهم الشعبي من خلال جمع المقتنيات والوثائق، لتوضع في "متحف تراث الموصل"، الذي يضم أزياء شعبية لمختلف مناطق محافظة نينوى شمالي العراق التي تتسم بالتنوع الديني والمذهبي والعرقي.

ويرشد مسؤول المتحف ياسر كوياني الزوار إلى أهم مقتنيات المتحف، مثل الأدوات التي كانت تستعمل بالمنزل كالجرار والأواني والأنتيكات المعدنية والفخارية والعملات النقدية والوثائق التي نجت من حرب عام 2017 (حرب تحرير الموصل التي شنتها القوات الحكومية وفصائل مسلحة موالية لها لاستعادة المدينة من تنظيم الدولة الإسلامية).

الصناعة والحرفة الموصلية لها نصيب في المتحف، إذ تجد المغزل (مكوك الحياكة) ومكواة أقدم خياط في الموصل.

ونجح أبناء الموصل في جمع مقتنيات المتحف الذي أصبح أول متحف غير حكومي في المحافظة، ليحتفظوا فيه بالموروث الشعبي بعدما حاول تنظيم الدولة طمس هوية العراق عامة، ونينوى خاصة، إبان سيطرته على المدينة بين عامي 2014 و2017. ويضم المتحف مجسّمات جبسية ومنحوتات آشورية وأعمالا فنية ولوحات تشكيلية لأهم الفنانين في نينوى.

المتحف قبلة لزوار المدينة
محافظ نينوى نجم الجبوري يصطحب زوار المحافظة من بعثات دبلوماسية ومسؤولين إلى هذا المتحف للاطلاع على تراث مدينة الموصل من خلال ما يضمه من مقتنيات تبرّع بها بعض أبناء المدينة، مثل نسخة من القرآن الكريم، وقطعة قماش من ستار الكعبة، وصليب يعود لأسرة مسيحية هُجّرت من الموصل وأودعت الصليب مع نسخة من الإنجيل عند عائلة مسلمة وبعدما عادت هذه العائلة إلى الموصل تبرّعت بالصليب والكتاب المقدس ليُعرَضا في المتحف.

إلى جانب هذه النفائس، تجد خوذة جندي من أبناء الناصرية (محافظة ذي قار جنوبي العراق) قتل إبان تحرير الموصل القديمة من تنظيم الدولة في العام 2017، وتمثل هذه الخوذة أيقونة العراق الواحد.

ويزور المتحف سياح أجانب يوميا، بالإضافة إلى سفراء وفنانين ومثقفين من مختلف بلدان العالم.

أجيال لم تزر المتحف الحكومي
غالبية المارة من منطقة الفاروق أو حمام المنقوشة (محلات شعبية) في المدينة القديمة، وسط الجانب الغربي من نهر دجلة في الموصل المدينة، يدخلون إلى المتحف لالتقاط الصور التذكارية، والاطلاع على تاريخ أجدادهم بعيدا عن القيود والإجراءات المتخذة في المتاحف الحكومية.

ثمة أسباب عدة تحول دون الاستمتاع بمشاهدة الآثار الموجودة في المتحف الحكومي الذي يقع وسط الجانب الغربي من مدينة الموصل، والذي دُمِّر ونُهبت محتوياته على يد عناصر تنظيم الدولة أثناء احتلالهم الموصل.

وعلى غرار كثيرين من أبناء المدينة، لم تزر ندى الطائي، فتاة عشرينية من الموصل، متحف الموصل الحكومي بسبب صعوبة الدخول إليه، وهي ترى أن متحف تراث الموصل يُعد فرصة للاحتفاظ بتاريخ المدينة.

وتشير الطائي إلى أنها لم تشاهد قط ولم تعرف حتى أسماء أشياء كثيرة يضمها المتحف، وما استعمالاتها، مثل الرحى التي تطحن الحنطة، والشربة (الجرة) التي يحفظون فيها ماء الشرب، فضلا عن أنواع أخرى من الأزياء لبقية الأطياف التي تمثل جميع أبناء نينوى، التي تُعد "عراقا مصغرا" يضم العرب والأكراد والتركمان والكاكائيين والإيزيديين والصابئة وغيرهم من مكونات العراق.