أكثر من 14 مليون مدخن بالعراق.. ما علاقة السجائر المهربة بذلك؟

تزخر الأسواق العراقية بعشرات الأنواع من السجائر التي تدخل البلاد بشتى أنواع الطرق الرسمية وغير الرسمية، وتباع في العاصمة بغداد وغيرها من المحافظات، ويشير العديد من المراقبين إلى أن غالبية هذه السجائر غير خاضعة للفحص والسيطرة النوعية للتأكد من جودتها ودول المنشأ ومدى مطابقتها لشروط السلامية الصحية.
وتشير تقارير إلى أن العراقيين ينفقون يوميا ما يزيد على مليون دولار لشراء السجائر، في وقت تحاول فيه الجهات المختصة السيطرة على دخولها وتقنينها من خلال زيادة الضرائب والتعريفات الجمركية.
اقرأ أيضا
list of 1 itemغير خاضعة للفحص
يقول العديد من المراقبين العراقيين إن الأسواق العراقية تشهد بيع أنواع من السجائر غير منتشرة في دول الجوار، الأمر الذي يثير العديد من علامات الاستفهام عن الطريقة التي تدخل بها إلى البلاد، وعن أسباب رخص أسعارها مقارنة بدول مجاورة.
وفي هذا الصدد، يؤكد المتحدث باسم وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي عبد الزهرة الهنداوي أن السجائر التي تدخل إلى العراق غير خاضعة لجهاز التقييس والسيطرة النوعية التابع لوزارته، عازيا ذلك لدخول هذه السجائر عبر منافذ حدودية غير رسمية من إقليم كردستان، بحسب تعبيره.
وفي حديثه للجزيرة نت، يتابع الهنداوي أن الوزارة ليس لديها أي مؤشرات أو بيانات عن تجارة السجائر وكمياتها ونسبة استهلاكها داخل البلاد، فضلا عن عدم امتلاك الوزارة إحصائية بأنواع السجائر المباعة في البلاد ومدى جودتها ودول المنشأ، لاسيما أن أنواعا منها تباع بأسعار زهيدة جدا.

التهريب
من جهته، يؤكد عبد الحسين الزيادي، الخبير الاقتصادي وعضو مجلس إدارة اتحاد رجال الأعمال العراقي، أن العراق كان يعتمد في استهلاكه الداخلي على صناعة السجائر في معامل التبغ المحلية قبل عام 2003، إذ كانت تباع بإشراف الجهات المختصة وبرقابة صارمة، إلا أنه منذ الغزو الأميركي، باتت البلاد سوقا مفتوحة لدخول السجائر دون رقابة أو تدقيق، بحسب رأيه.
ويقول الزيادي في حديثه للجزيرة نت إن "دائرة الجمارك العراقية تفرض ضرائب عالية على السجائر والكحول تتراوح بين 100% و200% بموجب التعريفة الجمركية المعدلة، إلا أن المشكلة تكمن في السيطرة على دخولها، إذ ان الضرائب تفرض على التي تدخل من المنافذ الرسمية فقط".
على الجانب الحكومي، يؤكد المتحدث باسم الهيئة العامة للمنافذ الحدودية علاء الدين القيسي أن المنافذ الحدودية للعراق مسيطر عليها من قبل الهيئة، ولا تسمح بمرور أي مواد مخالفة لضوابط وشروط الاستيراد، مشيرا إلى أن جميع المخالفات تحال إلى القضاء لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق المخالفين.
ويوضح القيسي للجزيرة نت أن أي مادة أو سلعة، بما فيها السجائر منتهية الصلاحية وكذلك الأدوية والمواد الغذائية، يتم إتلافها على الفور بمحضر ضبط أصولي من لجنة مشتركة من الدوائر العاملة وبرئاسة الهيئة.
من جانبه، يؤكد المحلل الاقتصادي ملاذ الأمين -في حديث للجزيرة نت- أن ما وصفه بالفساد الإداري في بعض الدوائر الحكومية يعرقل تنفيذ الضوابط والتعليمات الخاصة بتجارة السجائر وغيرها من السلع التي تدخل عن طريق التهريب أو التهرب الجمركي.
ويتفق مع هذا الرأي أحد أصحاب محال بيع السجائر في سوق الشورجة بالعاصمة بغداد، والذي عرف نفسه بـ"أبو محمد"، الذي أكد أن الضرائب تفرض على التجار الذين يستوردون السجائر أصوليا، وهو السبب الذي أدى إلى أن تباع السجائر المهربة بأسعار منخفضة حيث لا تخضع للفحص أو الضرائب.
وفي حديثه للجزيرة نت، أكد أبو محمد أن التجار يفضلون التعامل مع السجائر المهربة التي تأتي عن طريق وسطاء، حيث تباع بكميات كبيرة وبأسعار منخفضة، بحسب تعبيره.
وتتراوح أسعار علبة السجائر الواحدة ما بين 500 دينار (30 سنتا) وألفي دينار (نحو 1.25 دولار) للعلبة الواحدة بحسب النوع والجودة، وهناك تفاوت كبير في استهلاك السجائر بين الرجال والنساء، وهو ما يؤكده هاني العذاري صاحب أحد محال بيع السجائر بالتجزئة في العاصمة العراقية بغداد في حديثه للجزيرة نت.

أعداد المدخنين
وتشير تقديرات إلى أن العراقيين يستهلكون يوميا سجائر بقيمة تبلغ 1.8 مليون دولار، يذهب الجزء الأعظم منها لاستيراد السجائر عن طريق التهريب من دول جوار العراق، في وقت تقدر فيه نسبة المدخنين في البلاد بـ35% من كلا الجنسين، وهو ما يعني أن مجموع أعداد المدخنين يبلغ نحو 14 مليون عراقي من مجموع 42 مليونا.
في السياق، يؤكد رئيس غرفة تجارة بغداد فراس الحمداني أن للسجائر في العراق سوقا رائجا وكبيرا، لافتا إلى أن أغلب الشباب العراقي من المدخنين للسجائر المستوردة في ظل عدم وجود صناعة وطنية للسجائر في البلاد، باستثناء معمل واحد لمستثمر عراقي في بغداد، وإنتاجه لا يغطي 10% من حاجة السوق.
وينبه في حديثه للجزيرة نت إلى ضرورة إعداد وزارة التخطيط إحصائية عن الكميات الواردة من السجائر للسوق العراقي، فضلا عن أنواع السجائر المستوردة، وذلك من خلال التصاريح الجمركية التي تصدرها الهيئة العامة للجمارك والجهات المختصة.
ونصت التعديلات الضريبية التي أقرها مجلس النواب العراقي في دورته السابقة، على إضافة ضرائب جديدة على السجائر والتبغ بنسبة 100%، وكان ذلك آخر تعديل طرأ على قانون الضرائب العامة في البلاد والذي دخل حيز التنفيذ منذ إقراره.
وكان مدير شعبة مكافحة التبغ في وزارة الصحة الاتحادية عباس صاحب قد أكد -في حديث صحفي- أن العراق يسجل حالة وفاة بسبب التدخين كل 20 دقيقة، وفق إحصاءات الوزارة وبحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية، وأن ما يحرقه المدخنون العراقيون يعادل 1.8 مليون دولار أميركي يوميا.