يمزج الواقع بالخيال.. كوافير عراقي يرسم لوحات فنية من بقايا شعر زبائنه
فالح كسر قاعدة الإبداع والابتكار، واستطاع من خلال فنه الفطري تشكيل لوحات تختلف عن المألوف

بغداد- دون فرشاة ولا ألوان وعلى أرضية محله الصغير الكائن في أحد أحياء بغداد يرسم الكوافير الرجالي حسين فالح لوحات فنية رائعة مستخدما بقايا شعر زبائنه.
ويقول فالح للجزيرة نت إنه يحب الرسم منذ صغره حيث كان يرسم مستخدما الورقة والقلم، وبسبب حبه للتميز حتى توصل إلى طريقته الفريدة في رسوماته، فهو يرسم أدق التفاصيل، حيث جاءته الفكرة يوما وهو يقوم بتنظيف محله، فرسم صورة لفتاة في مخيلته وقام بتنفيذها على أرضه مستخدما ما تبقى من شعر الزبائن، وهذا ما شجعه على الاستمرار في نهجه الذي ابتكره خصوصا أنه -كما يقول- يمتلك موهبة تجعله يحوّل أبسط الأشياء إلى لوحات فنية، من بقايا الشعر إلى حبوب البن والفاكهة.

ويكمل فالح حديثه بأنه لا ينتمي لأي مدرسة من مدارس الرسم المعاصرة، فهو فنان حر ومبتكر ومع ذلك لا ينكر تأثره بالرسام الإيطالي ليوناردو دافنشي، ويعتبره مصدرا لإلهامه.

وحين سؤاله عن أكثر الرسمات متعة أجاب بأنه "الرسم بالراشي (الطحينة) وعسل التمر رغم صعوبتهما والتركيز المطلوب فيهما لأنهما من المواد السائلة، لكن الرسم بهما يبقى المفضل لديه".
اقرأ أيضا
list of 4 itemsشاهد- حقق حلما طال انتظاره.. مسن عراقي بعمر 83 عاما ينجح بتعلم القراءة والكتابة
شاهد- بعضها تجاوز عمرها 100 عام.. مسن عراقي يهوى جمع الصابون منذ عقود ويمتلك 811 نوعا
شاهد- للحفاظ على تراث الموصل.. عراقي يحول بيته لمتحف يتضمن آلاف القطع الأثرية
وتخليدا لذكرى لاعب كرة السلة العالمي كوبي براينت والذي توفي مطلع العام الماضي جراء تحطم الطائرة المروحية التي كان على متنها، نفذ فالح أكبر رسمة بالشعر على ملعب لكرة السلة وعلى مساحة 28×15 مترا، واستغرق العمل فيها شهرا كاملا.
الواقع والخيال
تقول المختصة بالفنون التشكيلية والرسم نضال إيليا إن من المبهر رؤية رسام من العراق يقدم لوحاته بأسلوب جديد ومتميز مستخدما الشعر كمادة أساسية، وهذا أمر دفعها لتأمل لوحاته التي مزج فيها الواقع بالخيال ليعطي صورا كأنها حقيقية، ما يجعل المشاهد يعيش مع لوحاته وصور الخيال المتداخل مع الواقع.

ويحضر فالح حاليا لإقامة معرضه الأول الذي سيضم مجموعة كبيرة من رسوماته، وذلك بلصق الشعر مستخدما مادة سرية من ابتكاره، وهو يأمل أن يكون للمعرض صدى واسع على النطاق المحلي والدولي.

وكان الفنان الإيطالي غصيبي أرتيمبولدو، من القرن الـ16، أول من رسم الوجوه مستخدما اللحوم والفواكه والخضروات والزهور عقب نقلها على القماش بعد ذلك.

أما فالح فهو يعتمد بقايا الشعر كمادة أساسية لكنه لا يرسم لوحات وبورتريهات عالمية، بل يعتمد خياله الخصب في رسم لوحات مؤقتة سرعان ما تختفي بعد أن يلتقط لها الصور.

كسر القاعدة
ويقول الرسام والناقد الفني عامر الجازع للجزيرة نت، إن فالح كسر قاعدة الإبداع والابتكار، واستطاع من خلال فنه الفطري تشكيل لوحات تختلف عن المألوف سواء كان بالألوان الزيتية أو رسوم الفحم أو الألوان المائية، فهو يطوّع أشياء بسيطة ويحولها إلى فن بديع.
ويتابع الجازع أنه بغض النظر عن أن أرتيمبولدو مثلا يرسم وينحت بالمأكولات والفواكه، لكن تبقى أعماله مألوفة، أما الرسم بالشعر وتحويله إلى لوحات فنية فهذا هو الجديد. ويضيف أن "فالح فنان متجدد يمتلك من الحس الفني الكثير، ورسم لنفسه لونا خاصا في الأوساط الفنية محليا ودوليا".