كارثة بيئية تهدد سكان البصرة.. ارتفاع مخيف لملوحة شط العرب
يواجه سكان محافظة البصرة جنوب العراق خطرا بيئيا يتمثل في ارتفاع اللسان الملحي في مياه شط العرب، فضلا عن معاناتهم من ارتفاع درجات الحرارة التي تبلغ أحيانا 51 إلى 53 درجة مئوية وتصحبها رطوبة عالية مع تذبذب في التيار الكهربائي.
وواصلت نسبة الملوحة ارتفاعا كبيرا في بعض مناطق محافظة البصرة متجاوزة المواصفات المسموح بها لمياه الاستخدام أو مياه الشرب، كما في قضاء القرنة أو منطقة السيبة أو سيحان.
كارثة بيئية
ويقول الخبير البيئي والأكاديمي الدكتور شكري الحسن إن تعرض شط العرب لموجات ملحية قادمة من الخليج العربي يلقي بظلاله الوخيمة على البيئة المحيطة بهذا النهر، مشيرا إلى أن شط العرب تعرض في العقود الأخيرة إلى انخفاض في التصاريف التي تغذيه وغلق لنهر الكرخة في شماله ونهر الكارون من جنوبه من الجانب الإيراني، ما أدى إلى تدهور بيئته المائية تدهورا كبيرا فضلا عن ما يلقى فيه من ملوثات سامة.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsرغم الحروب والأزمات والفساد.. لا يزال أم قصر أهم موانئ العراق بعد 60 عاما على إنشائه
شاهد – لا يُرى غير سفن صدئة ورافعات معطلة.. ميناء المعقل العراقي يتحول لمنطقة سياحية
ذكرى إبرام معاهدة عام 1937.. يوم اعترفت إيران بعائدية شط العرب للعراق
وأشار الحسن إلى أن دخول الملوحة من الخليج وامتزاجها مع الملوثات الموجودة في النهر نفسه -التي تأتي من القنوات الداخلية والمجاري ومياه الصرف الصحي والبزول الزراعية ومن الورش الصناعية وغيرها- يعمل على تكوين خليط كيميائي سام ويجعل المياه غير صالحة للنواحي الحياتية.
ويضيف الخبير البيئي أن شط العرب يمثل جانبا كبيرا من تجهيز مياه الشرب للسكان خصوصا في مركز مدينة البصرة وغير ذلك، وتحتوي هذه المياه الخطرة على تراكيز محلية عالية وملوثات شديدة الخطورة على الصحة، وهو ما حدث بالضبط في صيف 2018 عندما أصيب أكثر من 100 ألف مواطن بإصابات في الالتهابات المعوية.
ولحل المشكلة يقترح الحسن إنشاء محطات لمعالجة الملوثات وربطها بشبكة واسعة من المجاري من أجل إيقاف تدفق الملوثات إلى النهر، ويعبّر عن أسفه لصعوبة تنفيذ ذلك بسبب الحاجة إلى عمل دؤوب وإمكانات عالية وأموال طائلة لا يمكن توفرها في ظل الوضع السياسي الحالي في البلد، مشددا على ضرورة أن يكون في العراق سياسة بيئية واضحة وتفعيل للتشريعات البيئية والمحاسبة القانونية وحملات توعية وتثقيف في هذا الشأن.
سدود حاجزة للمياه
ويقول الناشط رياض العيداني إن المد الملحي في محافظة البصرة يعتمد اعتمادا كبيرا على كمية الإطلاقات المائية الآتية من نهري دجلة والفرات، التي تمر بالعديد من المحافظات العراقية من شمال البلد إلى جنوبه، والتي وضعت بدورها عددا من السدود منعت فيها الوصول الصحيح لكمية المياه المخصصة للبصرة، ومن ثم لا تحصل المحافظة على حصتها المائية كاملة منذ سنوات عدة، ما جعل المد الملحي يدفع المياه العذبة بشكل كبير وتحوّل شط العرب إلى قناة بحرية.
ويضيف العيداني أن سكان قضاء شط العرب يبلغ تعدادهم ما يقارب 650 ألف نسمة، وكل هذه الأسر لم تصلها المياه الصالحة للشرب، مشيرا إلى أن الحل يتمثل في إنشاء محطة "كهروحرارية" في منطقة كتيبان التي تنتج طاقة كهربائية تبلغ 3 آلاف إلى 5 آلاف ميغاوات، فضلا عن كميات كبيرة من الاستخدام البشري وكمية من الملح حيث إن هذا المشروع فيه 3 خطوط إنتاجية.
ومن جانبه، يقول مستشار محافظ البصرة الدكتور المهندس ياسين حسن طاهر الذي يعمل على معالجة ملف ملوحة المياه إن "اللسان الملحي في شط العرب ملف دولي بسبب ارتباطه بموضوع الإطلاقات المائية القادمة من تركيا وإيران، وهو خارج صلاحيات الحكومة المحلية".
وأضاف طاهر أن المد الملحي يحتاج إلى تحرك نحو دول الجوار أو تدخل كبير لهذه المشاريع الإستراتيجية لعزل شط العرب عن مياه الخليج، وهذا يحتاج إلى دراسة جيدة لمنع تلوث القنوات.
من جهته طالب مدير مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان في البصرة، مهدي التميمي، رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، بإنشاء المحطة "الكهروحرارية" في قضاء الفاو جنوب البصرة ومنح المحافظة حقوقها وعدم حرمانها من أي مشروع إستراتيجي، وتجنب تركها تصارع الموت البطيء.