أعراس لا تكتمل في مخيم الأمعري.. هكذا يقتل رصاص الاحتلال أفراح الفلسطينيين
بعد ساعات من تشييعه في مقبرة الشهداء بمدينة البيرة ظهر أمس الثلاثاء، جلست براءة البَو خطيبة الشهيد أحمد جميل عبدو تستذكر آخر ما أخبرها به، أول أمس، حيث وعدها بمفاجأة مختلفة، لكنها لم تتخيل أن المفاجأة ستكون قتله برصاص وحدة إسرائيلية خاصة قرب مخيم الأمعري للاجئين.
كان أحمد وبراءة قد عقدا قرانهما قبل عام وعلى موعد مع زفافهما في يوليو/تموز المقبل، وقالت العروس إنه كان يخرج للعمل منذ ساعات الفجر لتأمين مصاريف العرس بعد أن أنهى بناء البيت.
قتل على الهواء مباشرة
وصباح أمس كانت براءة في اتصال هاتفي مع خطيبها حين قطع حديثه إطلاق نار كثيف، ولم تسمع صوته بعدها. وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن أحمد أصيب بعدة رصاصات قاتلة في الظهر والصدر والأطراف السفلية.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsمسيرة نضالية لأسيرة فلسطينية.. خالدة جرار مرشحة “نبض الشعب” من سجن إسرائيلي
“زهرة الأقحوان”.. أول تنظيم نسوي لمقاومة الاحتلال في فلسطين
الفلسطينية أم عاصف البرغوثي.. تتلمس ذكريات أبنائها وزوجها الذين تقضي رمضان والعيد دونهم
وأفادت مصادر في مخيم الأمعري، جنوب مدينتي رام الله والبيرة بالضفة، أن الشهيد أحمد (23 عاما) والملقب بـ "الفهد" كان يستقل سيارة للعائلة هاجمتها وحدة اسرائيلية خاصة بمنطقة أم الشرايط المحاذية للمخيم، وأطلقت النار عليه حتى لفظ أنفاسه، رغم أنه لم يكن مسلحا.
بعد ذلك، قالت وسائل الإعلام العبرية إن وحدة خاصة من الجيش الإسرائيلي قتلت الشهيد أحمد "بالخطأ" أثناء محاولة اعتقال قريبه المطلوب لسلطات الاحتلال.
وذكّرت حادثة استشهاد "الفهد" قبيل زفافه بأعراس عديدة لم تكتمل وقطعها الاحتلال عن أبناء المخيم إما بالقتل أو بالاعتقال المؤبد، وحرمهم وعائلاتهم فرحة زفافهم.
العريس شهيد أو أسير
في سبتمبر/أيلول 2014، قتل جنود الاحتلال أيضا ابن المخيم عيسى خالد القطري (22 عاما) الذي كان يعمل في مجال الموبيليا، وكان ينهي التحضيرات لزفافه بعد أسبوعين، وبعد خطوبة دامت عامين.
يومها بكته والدته طويلا، وهي تقول إنه أجّل عرسه بسبب استشهاد ابن عمه محمد القطري قبل شهر من ذلك.
ويوم استشهاده ذاته، كانت عروسه سماح طُملية في انتظار وصول "طقم غرفة النوم" إلى منزلها الجديد الذي كانت ستزف إليه، لكنها تلقت فجراً خبر استشهاد عريسها بعد إصابته بالرصاص الإسرائيلي في صدره. وبدلا من تلقي التهاني بزفافها، جلست مع حماتها لاستقبال المعزين باستشهاد العريس.
اختطف من حفل زفافه
في حي غير بعيد وسط مخيم الأمعري، تذكرت الأم الستينية سميرة براش حادثة اختطاف قوة اسرائيلية خاصة نجلها الأكبر "رمزي براش" من حفل زفافه في يونيو/حزيران 2003، خلال انتفاضة الأقصى.
ويقضي رمزي حاليا عامه 18 في الاعتقال بسجن عسقلان الإسرائيلي، بعد أن انفصل عن عروسه بسبب حكمه بالسجن المؤبد.
تقول أمه "كان عمره 23 عاما ومطلوبا للاحتلال مثل الكثير من شباب المخيم. حاصرت قوات الاحتلال قاعة الزفاف وبدأت بتفتيش الحضور بعد أن خلع رمزي بدلة العرس وبدّل ملابسه كي يفلت من الاعتقال، لكنهم عرفوه". ومنذ ذلك الوقت لم يعد رمزي إلى البيت، وصار اليوم في الأربعينيات من عمره.
6 من أبنائها بسجون الاحتلال
ولم تغب حادثة إفشال الزواج عن بيت عائلة أبو حميد المعروفة بمخيم الأمعري، والتي اعتقل 6 من أبنائها في سجون الاحتلال، ومنهم 5 حكم عليهم بالسجن المؤبد.
ففي يونيو/حزيران 2018 اعتقل جيش الاحتلال الإسرائيلي "إسلام" أصغر أبناء العائلة، بتهمة إلقاء لوح حجري على قوة خاصة اقتحمت المخيم، مما تسبب في مقتل أحد أفرادها.
كان إسلام (32 عاما) قد أنهى للتو بناء شقته السكنية في الطابق الرابع لبناية عائلته، وقد عقد قرانه على إحدى الفتيات من المخيم على أن يحددا موعد زفافهما قريبا. لكن اعتقاله أوقف كل شيء، وقرر إسلام الانفصال عن خطيبته "كي تجد نصيبا آخر" بدل انتظار الإفراج عنه طويلا.
وحكم الاحتلال على إسلام بالسجن المؤبد، كما هدم شقته والبناية التي ضمت سكن والدته وأشقائه كاملة.
لكن والدته لطفية قررت مؤخرا انتزاع الفرح لشقيقه الأسير محمد المحكوم بالمؤبد مرتين و30 عاما. ونشرت صور عقد قرانه "عن بُعد" بإحدى الفتيات من منطقة رام الله، بأمل أن يُفرج عنه في صفقة تبادل قادمة.
ويعيش في مخيم الأمعري -الذي لا تزيد مساحته عن كيلو متر مربع واحد- أكثر من 5 آلاف لاجئ ينحدر آباؤهم وأجدادهم من مناطق اللد والرملة وقرى القدس المهجرة في نكبة عام 1948.
ومن بين أبناء المخيم يقبع العشرات من الأسرى في سجون الاحتلال. بينما الأهالي في الأمعري يقدمون نحو 40 شهيدا خلال سنوات النضال الفلسطيني.