التراث الفلسطيني.. شاهد- هوية المكان والزمان في منزل "أبو عارف"
يعجّ كل ركن في المكان بآلاف القطع التراثية المنسجمة والمتناغمة فيما بينها، وقد نصبت بشكل لا يلفت الانتباه فحسب، بل يشكل للمشاهد قصة متكاملة عاشها الآباء والأجداد.
لوهلة يظن الزائر للمنزل أنه متحف وليس منزلا، فالمكان تزاحمت فيه آلاف قطع التراث وأدواته بمختلف أنواعها وأحجامها، وتراصت إلى جانب بعضها لتروي حكاية فلسطين قبل 100 عام وحتى الآن، والراوي فيها هو صاحب المنزل الحاج الفلسطيني عوني ظاهر (أبو عارف) سادن التراث الفلسطيني وجامعه.
بمنزله في قرية ياصيد قرب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، استقبلنا أبو عارف (59 عاما) بينما كان يجلس متربعا فوق حجر أثري مجور، يعرف باسمه التراثي أنه حجر مكر، وضعه خارج المنزل وغيره العشرات من القطع التي تتحمل تقلبات الجو بحرِّه وبرده.
آلاف القطع التراثية
يعج كل ركن في المكان بآلاف القطع التراثية المنسجمة والمتناغمة فيما بينها، وقد نصبت بشكل لا يلفت الانتباه فحسب، بل يشكل للمشاهد قصة متكاملة عاشها الآباء والأجداد في حقب متتالية.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsنابلس وبلاطها الملون..حكاية مدينة في كتاب
بالفيديو- مدينة نابلس الفلسطينية أم الحلويات الرمضانية.. مهنة الآباء والأجداد
رمضان زمان في نابلس.. شاهد عادات وحكايات عمرها عشرات السنين يعرفها النابلسيون كبارا وصغارا
فقد أفنى أبو عارف عمرا في جمع هذه القطع، وطاف بلدانا عدة ليصل إلى ما يريد، حتى عرف عنه أنه إذا ما خُيِّرَ بين شراء طعام لمنزله أو قطعة تراثية، اختار الثانية.
وبالكاد يجد الزائر للمنزل موطئ قدم له أو مقعدا يستريح عليه لبعض الوقت، وهنا تبرز المعضلة الحقيقية التي يواجهها أبو عارف، فهو يبحث عما يجعل منه متحفا يحتفظ فيه بكل تلك القطع، ويخلق منه منشأة سياحية يزورها القريب والبعيد كل حين وزمان.
لكل قطعة تراثية قصة
يسمع الزائر سردا قصصيا جميلا عن كل قطعة تراثية موجودة في المكان بمجرد أن يقع بصره عليها، فالحديث ذو شجون وأبو عارف بارع في الوصف والتعريف، وهذا ما ميَّزه كسادن للتراث الفلسطيني، فهو لا يدع قطعة تمر دون أن يعرف أصلها وفصلها.
ومن بين القطع المنتشرة بكثافة، كان الزي الفلسطيني للمرأة والرجل في مناطقه المختلفة من شمال الضفة الغربية إلى جنوبها ومن غربها لشرقها، فضلا عن أدوات الزراعة والحراثة ومفاتيح العودة لفلسطين التاريخية وأدوات المطبخ الفلسطيني وبطاقات دعوات الزفاف التي يجمع المئات منها.
تاريخ شفوي
فضلا عن الأدوات المادية، يحكي أبو عارف تاريخا شفهيا ويقصّه بين طلبة المدارس والجامعات، ويقاتل كموسوعة متنقلة وعلى عدة جبهات ليثبت فلسطينية التراث وهويته الوطنية، وأن الكف يجابه المخرز رغم الألم.
لكنه رغم ذلك وأمام مشوار من الشقاء والتعب ممتد سنوات طويلة، يعيش "سادن التراث" إحباطا من قلة اهتمام الجهات المسؤولة ولا سيما الرسمية، وعدم التفاتها لهذا "الكنز" وتوفير مكان تعرض فيه القطع كمتحف أو ما شابه بدلا من المنزل.