البيوت المفتوحة وطقس المسامحة أعرق تقاليد عيد الفطر في ماليزيا
الجميع يرتدون الملابس التقليدية بألوان زاهية احتفالية تعبر عن مقدار فرحتهم وسرورهم بالعيد، ويلبس أفراد العائلة لباسا بالألوان نفسها ذكورا وإناثا، وبعد الصلاة يلتقطون الصور التذكارية، ثم يذهبون إلى بيت العائلة.
عيد الفطر في ماليزيا مناسبة ليست ككل المناسبات؛ فهي عنوان الفرح والبهجة والسرور، وتمتد أيامها وتطول لتشغل شهر شوال كاملا، كما أنها فرصة نادرة لا تتكرر في العام لاجتماع العائلة، وإظهار التسامح والعفو والصفح عن الآخرين.
وإن كانت مظاهر العيد قد خبت في بعض الدول العربية والإسلامية في العقود الأخيرة؛ نظرا لكثير من الظروف الاجتماعية والسياسية، فإن العيد لا يزال يحافظ على تألقه وألقه في نفوس الماليزيين.
وحتى في ظل جائحة كورونا وما ترتب عليها من إجراءات صحية احترازية، فإن الماليزيين يسعون جاهدين لتخطي المرحلة، والقيام بواجبات العيد كما هي على أكمل وجه، وقد ظهر ذلك مع الاستعدادات التي بدأت لاستقبال الزائر المنتظر منذ منتصف رمضان.
الاستعداد للعيد
تبدأ التحضيرات في ماليزيا لاستقبال العيد من منتصف شهر رمضان، فتتزين البيوت والشوارع بالفوانيس واللافتات التي كتب عليها باللغة المحلية "سلامة هاري رايا عيد الفطر"، وتعني "عيد فطر سعيد ومبارك"، ومع آخر يوم من رمضان وتحديدا بعد الإعلان عن العيد يبدأ الماليزيون إطلاق الألعاب النارية وتبدأ المساجد التكبير.
في صباح يوم العيد ينطلق الماليزيون إلى المساجد لأداء الصلاة رجالا ونساء وأطفالا -في الوضع الطبيعي قبل كورونا- لكن في ظل صدور تعليمات الحكومة بخصوص الإغلاق، أقيمت الصلاة في ظل الاحترازات الصحية المتبعة.
طقس المسامحة
يرتدي الجميع الملابس التقليدية بألوان زاهية احتفالية تعبر عن مقدار فرحتهم وسرورهم بالعيد، ويلبس أفراد العائلة لباسا بالألوان نفسها ذكورا وإناثا، وبعد الصلاة يلتقطون الصور التذكارية، ثم يذهبون إلى بيت العائلة، وهناك يبدأ طقس المسامحة، ويسمى بالماليزية "بير مأف مأفان" (Bermaaf- maafan).
يطلب الجميع المسامحة من ذويهم وعائلاتهم عن أي خطأ ارتكبوه طوال العام، ويصطف أفراد العائلة ليسلموا على كبار السن أولا، ويظهرون مدى الاحترام والتقدير لهم.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsرمضان زمان في ماليزيا.. عندما تمتزج روح الإسلام الحنيف بالعادات والتقاليد المالايوية الأصيلة
السكان الأصليون في ماليزيا: نحن بخير ما دامت الغابات بخير
ماليزيا.. عادات وتقاليد اجتماعية تتأثر بجائحة كورونا
وفي المقابل، يقوم الكبار بتوزيع العيدية التي تعرف باسم "دوت رايا" (Duit Raya) على الأطفال، وهي عبارة عن ظروف كُتب عليها عبارة "هاري رايا" (وهي عبارة التهنئة في ماليزيا بعيد الفطر أي عيد مبارك) وتكون ملونة ومزركشة، وتوضع داخلها النقود، وهذه العادة مأخوذة من الثقافة الصينية.
وليمة العيد
بعد ذلك، تقوم النساء بتحضير "البيستا" (Pesta)، وهي مأخوذة من الكلمة الإسبانية (Fiesta) وتعني حفلة الطعام (الوليمة)، ويحرص الماليزيون على تقديم أطباقهم التقليدية في العيد، مثل "الليمانغ" (Lemang)، و"الريندنغ" (Rendang)، بالإضافة إلى الحلوى التقليدية كالسابلي بالأناناس والموز المجفف المقلي والعصائر.
الكامبونغ
يفضل الماليزيون قضاء العيد في القرى "كامبونغ" (kampong)، لكن في ظل جائحة كورونا لن يتمكن كثيرون من العودة إلى قراهم لقضاء العيد مع عائلاتهم.
وفي تصريحها للجزيرة نت، تقول نور العين محمد إنها حزينة لأنها لن تتمكن من قضاء العيد مع عائلتها ووالدتها والعودة إلى ولاية صباح بسبب الإغلاق الحاصل بين الولايات.
البيوت المفتوحة
يفتح الماليزيون بيوتهم للزوار طوال شهر شوال، وتسمى البيوت المفتوحة، وهو تقليد من أعرق التقاليد في هذا العيد، وهي عادة ماليزية أصيلة تسمى باللغة الملاوية "روما تربوكا" (Ruma Terbuka).
في الماضي كانت تقتصر على أسبوع واحد، لكن مع تزايد الأعداد وتباعد المسافات، أصبحت تمتد طوال أيام شهر شوال، وتقسم الأيام بالتناوب بين أفراد العائلة، حتى يستطيع الجميع زيارة بعضهم بعضا، ولا تقتصر الزيارات على أفراد العائلة والأصدقاء، بل تمتد لتشمل حتى غير المسلمين من الأعراق الأخرى وكذلك المقيمون.
يقوم صاحب البيت بتقديم الضيافة على أكمل وجه، ويفتخر الماليزيون بأن عادة البيوت المفتوحة انتقلت إلى غير المسلمين فأصبحوا يحتفلون بالطريقة نفسها.
يقوم الماليزيون بالإعلان عن البيت المفتوح بالصحف أو عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، وأحيانا توضع لافتات في الشارع تدل على عنوان البيت المفتوح، الذي عليه الدور في الأحياء.
وعلى المستوى الرسمي يقيم كل من الملك ورئيس الوزراء والوزارات بيوتا مفتوحة، وأهمها يعود لرئيس الوزراء الذي يستقبل في بيته الرسمي الدبلوماسيين والسياسيين وعامة الناس.
75 ألف زائر
ومما يسجل في هذا الصدد أن البيت المفتوح الذي أقامه رئيس الوزراء الأسبق نجيب رزاق عام 2016 استقبل ما يقرب من 75 ألف زائر، من جميع أطياف المجتمع.
كما أن هناك بعض المدارس تقيم بيوتا مفتوحة وتستقيل الأهالي والطلاب، ويذهب الطلاب بملابسهم التقليدية "باجو ملايو" و"باجو كورنغ"، وتقدم المدارس الطعام وتقيم الأنشطة الترفيهية والاستعراضات، كما تقام البيوت المفتوحة في أماكن العمل في المطاعم والقاعات.
اختفاء مظاهر العيد للسنة الثانية
واختفت مظاهر العيد في ماليزيا للسنة الثانية على التوالي بسبب جائحة كورونا، حيث أعلنت الحكومة عددا من الإجراءات الاحترازية، ومنعت التنقل والسفر بين الولايات، كما أعلنت حظر الحركة في العاصمة كوالالمبور وبعض الولايات.
وقرار الإغلاق خلال أيام العيد الذي ترقبه الماليزيون منذ منتصف شهر رمضان سيكون له تأثير سلبي على كثير من الفعاليات التي تقام بهذه المناسبة.