سلال غذائية وعيادات مجانية.. تعرف على المبادرات المجتمعية في رمضان باليمن

تسهم المبادرات المجتمعية في التخفيف من الأزمة الاقتصادية ومستوى المجاعة ولو بشكل جزئي ومؤقت، أملا بقرب انتهاء الحرب في اليمن.

حركة المواطنين في إحدى الأسواق بصنعاء في نهار رمضان (الجزيرة)

يعكس شهر رمضان في اليمن روح التكافل والتعاون والمبادرات المجتمعية لمساعدة الفقراء والمحتاجين ومكافحة الجوع في ظل أوضاع اقتصادية صعبة يعيشها اليمنيون بفعل الحرب التي دخلت عامها السابع.

وتتسابق مبادرات الخير والصدقات في شهر رمضان من رجال الأعمال والميسورين والمغتربين اليمنيين في مبادرات لها طابع ديني يتعلق بإخراج الزكاة أو الصدقة من الأموال تجسيدا لتعاليم الدين الإسلامي الحنيف.

مبادرات رمضانية متنوعة

وتتنوع هذه المبادرات بين توفير السلال الغذائية التي تحتوي على متطلبات المعيشة في شهر رمضان، والمبالغ المالية التي تعين الناس على توفير احتياجاتهم، فضلا عن توفير المياه للأحياء السكنية التي لا يستطيع المعدمون شراءها في ظل ارتفاع أسعارها بسبب ارتفاع أسعار المشتقات النفطية.

أحد المواطنين يأخذ سلته الغذائية على متن دراجة نارية (الجزيرة)

وتأتي هذه المبادرات في ظل أوضاع اقتصادية في منتهى الصعوبة خصوصا مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشتقات النفطية.

ومن المتوقع أن يعاني قرابة 16 مليون شخص من الجوع عام 2021، وما يقرب من 50 ألف شخص يتضورون جوعا حتى الموت فضلا عن 5 ملايين آخرين تفصلهم خطوة واحدة من هذا الوضع وفق ما جاء على لسان مارك لوكوك وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، في تصريح سابق للجزيرة نت.

مسؤولية مجتمعية وتزكية للأموال

يعمل سعيد الحاج في إحدى هذه المبادرات التي يسهم بها أحد رجال الأعمال وتوفر سلالا غذائية لـ500 أسرة في العاصمة صنعاء موزعة على أحياء سكنية متعددة.

ويقول سعيد إن الأعمال الخيرية تزيد في هذا الشهر كونه شهر الإنفاق وتزكية الأموال والإحساس بالفقراء والمحتاجين، وفيه تتجسد العبادات ويشعر المحتاج  فيه بالأمان وبروحية الشهر المبارك.

صورة لسلة غذائية مقدمة لأسرة محتاجة (الجزيرة)

مبادرات من المغتربين

ويرى محمد علي -أحد المغتربين خارج اليمن- أن الحرب زادت مساحة الفقر في البلاد في ظل غياب حضور خدمي للدولة وتعدد السلطات المنشغلة بإدارة المعارك، وأن ذلك جعل مسؤولية المغترب اليمني كبيرة تجاه بلاده في توفير العون للمحتاجين.

ويسهم محمد بمبالغ مالية لقرابة 200 أسرة في ريف اليمن بواقع 30 دولارا لكل أسرة سنويا في شهر رمضان، ويعدّها زكاة مال لاستثماراته وممتلكاته.

ويقول محمد -للجزيرة نت- إن كثيرا من المغتربين اليمنيين سواء أكانوا في الولايات المتحدة أو في دول الخليج ومختلف المناطق يقومون بدور كبير في مكافحة الفقر في شهر رمضان بتوزيع المواد الغذائية، أو تعبئة خزانات الماء في المناطق التي تفتقد إلى مياه الشرب.

ويرى حسين ماجد -أحد المستفيدين من هذه المبادرات- في حديثه للجزيرة نت أن تعدد هذه المبادرات يسهم في خلق استقرار معيشي لكثير من الأسر في الشهر الكريم.

ويعمل ماجد في المدينة عامل بناء طوال أيام السنة لتوفير مستلزمات المعيشة له ولأسرته المكونة من 8 أفراد، لكنه في شهر رمضان يعود إلى قريته ليعيش أجواء رمضان التعبدية بعد أن وفرت له هذه المبادرات استقرارا ماليا ولو بشكل مؤقت.

ومثل ماجد هناك آلاف الأسر التي توفر لها هذه المبادرات استقرارا نسبيا وتحدّ من وطأة الفقر التي تعكر صفو الحياة دائما.

جزء من مبادرات توزيع الماء على الأحياء المحتاجة (الجزيرة)

العيادات الرمضانية المجانية

ولا تتوقف الأعمال التكافلية عند هذا المستوى بل يشهد اليمن سنويا انطلاق العيادات الرمضانية المجانية في مبادرات من أطباء يقدمون خدماتهم دون مقابل، ويوفرون الأدوية المجانية بالتعاون مع بعض شركات الأدوية.

وبدأت أولى هذه المبادرات العام الحالي في مدينة سيئون بمحافظة حضرموت حيث تقدم العيادات خدمات علاجية مجانية في أيام شهر رمضان.

كما تنشط المخابز الخيرية المجانية في شهر رمضان لتوزيع الخبز على الأسر الفقيرة والأيتام بمبادرات مجتمعية من الميسورين للتخفيف من معاناة الناس.

إعفاء من الإيجار

وصور التكافل والتعاون لم تتوقف عند هذا الحد بل بلغت إعفاء بعض ملاك المنازل المستأجرين من دفع إيجار شهر رمضان في خطوة جديدة لا تزال محدودة.

يقول علي حسن للجزيرة نت، وهو مالك لـ3 عمارات في صنعاء، إنه تقديرا لأوضاع الناس في ظل الحرب أعفى المستأجرين من دفع إيجار الشهر الذي يقابل شهر رمضان، داعيا كل ملاك المنازل إلى اتخاذ القرار نفسه تقديرا لأوضاع المواطنين.

مواد معدة لتحضير السلال الغذائية (الجزيرة)

مبادرة أصيل

ويدعو أصيل فارع إلى استمرار هذه المبادرات طوال العام كون الفقر والجوع ليس موسميا، مؤمنا بأن الجهود المجتمعية والمبادرات الإنسانية تستطيع أن تحد من وطأة المجاعة في اليمن.

وأصيل شاب يمني يدرس العلوم السياسية في أميركا، ويبلغ من العمر (21 سنة) غادر بلاده وعمره 3 سنوات لكنه بقي مرتبطا بها من خلال المتابعة والتواصل مع الأقارب، فأعدّ فيديوهات توضح الأوضاع الإنسانية والمعيشية في بلاده وتعرف المجتمع الأميركي بهذه المعاناة.

أحد خزانات توفير الماء المجاني بالأحياء الفقيرة (الجزيرة)

أصيل الناشط الاجتماعي والطالب الذي لا يملك المال تقدم بمبادرة شخصية منه لمساعدة المحتاجين في بلاده، فنشر فيديوهات عن الوضع الإنساني في اليمن عبر مواقع إلكترونية في أميركا بغية جمع 10 آلاف دولار لتوفير سلال غذائية لـ58 أسرة يمنية، وتوفير خزانات ماء وتعبئتها بالمياه في الأحياء المحتاجة بصنعاء.

ونجحت مبادرة أصيل إذ شارك فيها مسهمون من غير اليمنيين ومن غير المسلمين في مبادرة إنسانية تجاه بلد كوته الحرب وعمقت مأساته.

وتسهم كل هذه المبادرات المجتمعية في التخفيف من الأزمة الاقتصادية ومستوى المجاعة ولو بشكل جزئي ومؤقت، أملا بقرب انتهاء الحرب لمعالجة أسوء أزمة إنسانية في العالم.

المصدر : الجزيرة