لؤلؤة الصحراء العراقية.. لهذا السبب بحيرة "ساوة" الأسطورية مهددة بالزوال
بحيرة ساوة من أهم المعالم المميزة في جنوب العراق، وذلك لتكوينها الفريد والظواهر الطبيعية التي صاحبتها
حذر خبراء عراقيون من اختفاء بحيرة ساوة وجفافها، بعد أن كانت معجزة طبيعية بيولوجيا وجيولوجيا من عصور ما قبل التاريخ وإلى الآن، ودعوا إلى إنقاذها من حالة التدهور والإهمال وتراجع المناسيب، وذلك في وقفة مناشدة بموقع البحيرة غرب مدينة السماوة في محافظة المثنى جنوب العراق.
وقال سكرتير تجمع حماية البيئة والتنوع البيولوجي في العراق أحمد حمدان الجشعمي -في تصريحات صحفية- إن "بحيرة ساوة معلم بيئي وتاريخي وتراثي مهم، تتعرض للإهمال من قبل الجهات المسؤولة عنها"، عازيا انخفاض المياه فيها إلى أسباب عدة، منها حفر مئات الآبار للمياه الجوفية، والتغيرات المناخية التي تعرضت لها البلاد.
اقرأ أيضا
list of 3 itemsبالصور.. حرف عريقة تتعلمها نساء السماوة لإحياء تراث العراق
منزل في السماوة يتحوّل إلى متحف يختصر روح جنوب العراق
وأضاف الجشعمي أن إنقاذ البحيرة يأتي من خلال إحالتها للاستثمار وإعادة بناء المرافق المحيطة بها، فضلا عن تكثيف الجهود لإدخالها ضمن اتفاقية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونسكو" (UNESCO) للتراث العالمي، لتكون بإشراف دولي من الجانبين العلمي والبحثي، بعد أن انضمت في العام 2015 إلى اتفاقية "رامسار" لحماية الأراضي الرطبة.
تكوين فريد
وتعد بحيرة ساوة من أهم المعالم المميزة في جنوب العراق، وذلك لتكوينها الفريد والظواهر الطبيعية التي صاحبتها، فهي تتميز عن البحيرات الأخرى بأمور عديدة، منها عدم وجود أنهار أو مجرى مائي سطحي يغذيها، بل تعتمد على العيون وما يتدفق من مياه جوفية من تحت البحيرة التي ترشح إليها من نهر الفرات القريب منها، وذلك عبر الصدوع والشقوق التي في أسفلها، وارتفاع البحيرة عن مستوى سطح البحر هو 5 أمتار، وهذا ما يحول دون رؤيتها إلا من مسافات قريبة جدا.
صور من جفاف مساحات واسعة من بحيرة ساوة التي تقع في محافظة السماوة في ظاهرة ربما تحدث لاول مرة ، ولا يعرف السبب.. !! pic.twitter.com/gbVDroUizp
— صادق عطيه منبئ الطقس (@sadeqatyia) March 27, 2021
وساوة هي بحيرة مغلقة ذات ماء مالح ومحاطة بحائط كلسي طبيعي يعيد غلق نفسه عند كسره، بسبب سرعة تصلب المادة الكلسية الموجودة بالماء، كما تحتوي على أسماك صغيرة جدا عالية الشحوم، إذ تذوب بالكامل عند محاولة طبخها، ويبلغ طول البحيرة 5 كيلومترات وعرضها ما يقرب من كيلومترين.
ملوحة عالية
وتبلغ نسب الملوحة في البحيرة 1500 جزء من المليون، وهي نسبة عالية جدا، وتفوق ملوحة مياها مياه الخليج العربي بمرة ونصف المرة، ويتباين مستوى المياه فيها بين مواسم الجفاف والرطوبة، بيد أنها لا تجف بسبب التوازن بين الكمية المضافة من المياه الجوفية والمياه المتبخرة، وهي محاطة بحاجز كلسي يبلغ سـمكه 12 كيلومترا. وحين فحص العلماء ماء ساوة مختبريا، وجدوا شبها كبيرا بينه وبين مياه بحر قزوين الذي يبعد عنها آلاف الكيلومترات.
وتتزين البحيرة بأنواع الطيور المائية، حيث تصل أنواع الطيور إلى 25 نوعا، أهمها البط، وغر أوراسي، وغطاس صغير، والهدهد العراقي، وخناق رمادي.
ويشير الباحث العراقي الدكتور صفاء جاسم في كتابه "بحيرة ساوة.. دراسة طبيعية وبيئية وسياحية" إلى أن اسم ساوة مذكور في الكتب التاريخية التي تتناول تاريخ حضارة العراق القديم، حيث توجد إشارات إلى البحيرة بأنها منبع تدفق المياه الذي أغرق الأرض في قصة الطوفان بعهد سيدنا نوح عليه السلام.
ويعد ذلك دليلا تاريخيا وأثريا لبحيرة ساوة التي لا تبعد أكثر من 30 كيلومترا عن مدينة الوركاء الأثرية، كما ذكرت قصة الطوفان في زمن ملكها جلجامش، ثم عادت البحيرة إلى حالتها الطبيعية بعد أن ابتلعت المياه من جديد.