الكريسماس في بيت لحم.. من أيام العجائب إلى شجرة ميلاد بلاستيكية
المصور الفلسطيني موريس ميشيل: كانت هناك شجرة صنوبر حقيقية في ساحة المهد، وكانت تزين في كل أعياد الميلاد.
فيما تتواصل احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم بفلسطين المحتلة، يستحضر بعض الأهالي بالقدس المحتلة أوجه الاختلاف بين مظاهر الاحتفال اليوم وتلك التي تعودوا عليها في السابق ولونت تفاصيلها طفولتهم.
ففي تقرير نشره موقع "ميدل إيست آي" (Middle East Eye) البريطاني يتذكر مسنون فلسطينيون كيف كانت الاحتفالات بأعياد الميلاد أبسط في الماضي، وكيف كانوا يصنعون زينتها يدويا، كما يستحضرون رحلات التسوق التي كانت تسبق أعياد الميلاد إلى دمشق وبيروت، ويتحسرون على اكتساح البضائع الصينية السوق الآن والتي أصبحت بديلا للزينة التي درج الناس على استخدامها من قبل.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsفي غزة.. رموز أعياد الميلاد على كمامات واقية من كورونا
شاهد بالفيديو.. هكذا احتفلت بيت لحم بأعياد الميلاد في ظل كورونا
أجواء احتفالات أعياد الميلاد المجيد في بيت لحم زمن كورونا
شجرة بلاستيك بارتفاع 12 مترا
ومن مظاهر الاحتفالات التي تعكس ذلك الاختلاف، كون شجرة عيد الميلاد التي تزين ساحة المهد في بيت لحم -والتي يبلغ ارتفاعها 12 مترا- مصنوعة من البلاستيك شأنها شأن معظم الزينة المستخدمة في احتفالات مختلف البلدات والقرى في الضفة الغربية بفلسطين.
تتذكر الفلسطينية فوز عطا الله قمصية (90 عاما) كيف كانت في طفولتها تذهب مع والدها إلى جبل أبو غنيم -الذي يقع جنوب شرقي القدس وكانت توجد به غابات كثيفة في السابق لكنه أصبح الآن موقعا لمستوطنة إسرائيلية- بحثا عن غصن مناسب من شجرة السرو لتزيين بيت الأسرة في أعياد الميلاد.
نصنع الزينة بأيدينا
وتقول قمصية -وهي مدرسة متقاعدة- "كانت لأعياد الميلاد بهجة خاصة في الماضي، وكان العثور على شجرة جزءا من الاحتفال. وقد اعتاد أبي أن يذهب إلى البرية، وكنا نذهب معه، ونقطع غصنا من شجرة صنوبر صغيرة، ولم نقطع قط شجرة كاملة".
وتضيف قمصية "في ذلك الزمن لم تكن هناك كهرباء ولا أضواء في عيد الميلاد، لذلك كنا نصنع كل الزينة بأيدينا؛ كنا نلون الأوراق، ونصنع أشكالا تشبه الزهور والأسماك، ونصنع من الورق أشكالا مختلفة ونعلقها على شجرة الميلاد".
عيد ميلاد أجمل
أما المصور الفلسطيني المتقاعد موريس ميشيل (87 عاما)؛ فيتذكر كيف كانت هناك شجرة صنوبر حقيقية في ساحة المهد، مزروعة بجانب مركز للشرطة كان في الساحة أثناء الانتداب البريطاني في الموقع الذي يُعرف الآن باسم مركز السلام ببيت لحم، وكانت تلك الشجرة تزين في كل أعياد الميلاد.
ويقول ميشيل "الشجرة ظلت هناك مدة طويلة وكان الناس يأتون للتصوير أمامها بسبب الزخارف التي تزينها. حتى عناصر الجيش الأردني (الذين كانوا في القدس آنذاك) كانوا يعزفون قرب الشجرة" في إشارة إلى الفترة ما بين 1948 و1967 عندما كانت الضفة الغربية تحت السيطرة الأردنية.
ويضيف "تلك الأيام كانت جميلة. وكان الناس يجلبون أشجار الصنوبر إلى منازلهم ويزينونها. كان عيد الميلاد أجمل وأبسط حينها، وكنا نشعر فعلا بالعيد وننتظره بفارغ الصبر".
ويقول الفلسطيني لويس ميشيل (61 عاما) الذي يمتلك محلا لبيع الهدايا في بيت لحم، إن جبل أبو غنيم كان المكان الذي يذهب إليه الناس لجلب الأشجار في أعياد الميلاد قبل أن يجتث الاحتلال الإسرائيلي تلك الغابات ويحول المنطقة إلى مستوطنة إسرائيلية.
ويضيف "كان هناك الكثير من أشجار السرو والصنوبر في جبل أبو غنيم الذي كانت توجد به أجمل الأشجار في المنطقة، وكانت كبيرة جدا لدرجة أنها كانت مخيفة.. وقبل عام 1967، كان بإمكاننا السير بجانب التل حتى باب العامود في القدس. ثم بعد الانتفاضة الثانية، قطعوا الأشجار وبنوا هناك مستوطنة هار حوما".
ويتحسر ميشيل -الذي كان يتحدث وهو يحمل في يده مسبحة من البلاستيك صنعت في الصين- على أيام الزمن الذي مضى عندما كانت أعياد الميلاد أكثر بهجة وسحرا، ويقول "ما زلت أتذكر تلك الأيام الرائعة. اليوم ذهب السحر، والناس يأتون لالتقاط صور سيلفي أمام شجرة بلاستيكية".
البلاستيك الصيني احتل البلاد
ويقول الفلسطيني إيلي شحادة -وهو العمدة السابق لبلدية مدينة بيت جالا التي تقع شمالي غرب بيت لحم- إن "شجرة عيد الميلاد في بيت جالا اصطناعية، وأستطيع القول استنادا إلى خبرتي العملية في أعمال البلدية إنه لا توجد شجرة (عيد ميلاد) حقيقية واحدة في الضفة الغربية كلها".
ويضيف "كانت لدى الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية شجرة صنوبر طبيعية كانت تزين سنويا لكنها ماتت منذ سنوات. والآن كل الأشجار (المستخدمة في زينة أعياد الميلاد) مصنوعة في الصين، فقد احتل البلاستيك الصيني البلاد".