اختبار على "أدمغة سائقي التاكسي" في لندن للمساعدة في الأبحاث حول ألزهايمر

مشروع "أدمغة سائقي سيارات الأجرة" يهدف إلى دراسة أدمغة سائقي السيارات السوداء في لندن حيث عليهم التنقل في 26 ألف شارع دون استخدام نظام تحديد المواقع العالمي.

قبل الحصول على ترخيص القيادة في العاصمة البريطانية وحمل "الشارة الخضراء"، يجب معرفة كل مسارات المدينة دون استخدام نظام تحديد المواقع (شترستوك)

خضع عدد من سائقي سيارات الأجرة السوداء الشهيرة في لندن لاختبار صعب لإثبات قدرتهم على تحديد مئة ألف وِجهة في عشرات الآلاف من الشوارع، بهدف المساهمة في مشروع بحثي رائد.

تقول الكاتبة كاثي فري في تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" (washingtonpost) الأميركية، إن سلسلة الاختبارات العادية لسائقي سيارات الأجرة في لندن قد تكون أصعب امتحان لحفظ الأماكن في العالم، حيث يحتاج السائق للحصول على ترخيص القيادة في العاصمة البريطانية وحمل "الشارة الخضراء" لمعرفة كل مسارات المدينة دون استخدام نظام تحديد المواقع العالمي "جي بي إس" (GBS)، والتي تشمل حوالي 26 ألف شارع بقُطر يمتد 6 أميال من مركز لندن.

لكن الاختبار الجديد الذي خضع له سائقو سيارات الأجرة في لندن كان جزءا من أبحاث على مرض "ألزهايمر" (Alzheimer) في كلية لندن الجامعية، أُطلق عليها مشروع "أدمغة سائقي سيارات الأجرة"، وتهدف إلى دراسة أدمغة السائقين وهم يرسمون الطرقات أثناء خضوعهم للتصوير بالرنين المغناطيسي.

أستاذ علم الأعصاب الإدراكي هوغو سبايرز: يتمتع سائقو سيارات الأجرة في لندن بأدمغة رائعة (شترستوك)

أدمغة رائعة

يقول أستاذ علم الأعصاب الإدراكي هوغو سبايرز، الذي وضع المشروع مع 3 طلاب دكتوراه، "يتمتع سائقو سيارات الأجرة في لندن بأدمغة رائعة"، مشيرا إلى دراسة أجرتها عالمة الأعصاب الأيرلندية إليانور ماغواير عام 2000، وأظهرت أن التعلم لاجتياز اختبار رخصة القيادة في لندن يؤدي إلى تغييرات إيجابية في دماغ سائق سيارة الأجرة.

ويضيف "يبدو أن منطقة الحصين في أدمغة سائقي سيارات الأجرة، والتي تلعب دورا مهما في التعلم والذاكرة، تنمو بشكل أكبر كلما طالت مدة عمل السائق، ومن المعروف أن حجم هذه المنطقة يتقلص لدى الأشخاص المصابين بمرض ألزهايمر".

إعلان

ويتابع سبايرز "لا نعرف الكثير عن كيفية استخدام سائقي سيارات الأجرة للحصين أثناء رسم الطريق، وكيف يستخدمون مناطق الدماغ الأخرى للتنقل في 26 ألف شارع؟ نحتاج إلى معرفة المزيد".

ويوضح سبايرز أن الإجابات قد تساعد على تطوير طرق التشخيص والكشف عن الخرف في وقت مبكر وعلاج المرضى بشكل أفضل، مشيرا إلى أن فريقه يخطط لإرسال نتائج الدراسة إلى جمعية أبحاث ألزهايمر الخيرية في المملكة المتحدة والحصول على نتائج أولية في الصيف المقبل.

تجربة تطوعية

وقال سائقو سيارات الأجرة الذين شاركوا في الاختبار والتصوير بالرنين المغناطيسي من يوليو/تموز إلى أكتوبر/تشرين الأول الماضيين، وعددهم 30 سائقا، إنهم سعداء باكتشاف أن هناك طريقة للاستفادة من مهارات الحفظ التي اكتسبوها خلال مشوارهم المهني.

ويملك السائق مات نيوتن (44 عاما) سببا شخصيا للمشاركة في الدراسة، حيث توفي والده بسبب الخرف عام 2019، وشعر بأن من واجبه أن يكون جزءا من هذه الأبحاث.

ويوضح نيوتن، وهو سائق سيارة أجرة في لندن منذ عام 2016، أنه شارك في مشروع "أدمغة سائقي سيارات الأجرة" عندما شاهد إعلانا خلال الصيف الماضي للبحث عن متطوعين من سائقي سيارات الأجرة الحاملين للشارة الخضراء.

سلسلة الاختبارات العادية لسائقي سيارات الأجرة في لندن قد تكون أصعب امتحان لحفظ الأماكن في العالم (شترستوك)

رسم 120 طريقا في لندن

داخل ماسح التصوير بالرنين المغناطيسي، عُرضت على نيوتن صور لمعالم لندن وأسماء الشوارع، وطُلب منه رسم 120 طريقا في ذهنه من النقطة "أ" إلى النقطة "ب".

كما طُلب من سائقي سيارات الأجرة لعب "سي هيرو كويست"، وهي لعبة فيديو تُستخدم غالبا في البحث العلمي لاختبار قدرات التنقل المعقدة في الدماغ.

ويقول طالب الدكتوراه المشارك في الدراسة كريس غانستروم إن كل سائق حصل على حوالي 40 دولارا وصورة بالرنين المغناطيسي للدماغ.

إعلان

ويوضح غانستروم أن "سائقي سيارات الأجرة في لندن هم الفئة الأنسب للمشاركة في هذه الدراسة لأنه لا توجد فئة مهنية أخرى مثلهم، لا سيما في مجال التنقل المكاني. إنهم مجموعة كبيرة من السائقين الخبراء الذين كان عليهم جميعا استيعاب قدر هائل من المعلومات التي يُطلب منهم استخدامها بشكل يومي".

أدمغة سائقي سيارات الأجرة

ويقول نيوتن إنه لم يتفاجأ عندما علم أن أدمغة سائقي سيارات الأجرة في لندن تُصبح أكبر حجما كلما طالت مدة عملهم، ويضيف "لقد درست 12 ساعة في اليوم، 7 أيام في الأسبوع، لمدة 3 أعوام ونصف العام. لقد بدأت بتعلم الكتاب الأزرق، وهو مجموعة من 320 طريقا بين نقاط مختلفة في لندن. بدأت بتذكر 80 من هذه الطرقات كل يوم، ثم تنقلت بدراجة بخارية عبر هذه الطرقات. تعلمت الطرق إلى المستشفيات والمسارح وملاعب كرة القدم، والطرق التي لا توجد فيها إشارات مرور، قبل أن أتقدم بطلب لأصبح سائق سيارة أجرة".

من جانبه، يقول روب لوردون، وهو سائق سيارة أجرة سوداء في لندن ومؤلف كتاب بعنوان "المعرفة.. درِّب دماغك كسائق أجرة"، إنه سجل اسمه في الدراسة بمجرد أن سمع عن مشروع "أدمغة سائقي سيارات الأجرة".

ويضيف "أنا محظوظ جدا لأنه لا يوجد في عائلتي من يعاني من مرض ألزهايمر. مع ذلك، أدرك تماما فظاعة هذا المرض، وإذا كنت قادرا على المساعدة بأي طريقة، أعتقد أنه يجب القيام بذلك".

المصدر : واشنطن بوست

إعلان