"بيت الضيافة" في عجلون الأردنية.. مقصد الباحثين عن الحياة الريفية
يحرص كثيرون على حياة البساطة، عبر استعادة تقاليد ورثوها عن آبائهم وأجدادهم، إلا أن معظمهم يصطدمون بقلة الخبرة والمعرفة بشأن كيفية الممارسة والتطبيق.
والشعب الأردني، كبقية شعوب العالم، تتنوع ثقافاته بين البادية والريف والمدينة والمخيم، ويشتهر كل منها بعادات وتقاليد تميزه عن غيره.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsقصة نجاح عائلية.. بالفيديو- الأردنية فريال الكوفحي أيقونة الأطباق الشعبية والتراثية
تقدمه إحدى القرى التركية للسياح.. ما سرّ “الفطور الفريجاني”؟
أحمد الربابعة.. شابّ أردني يطلق مبادرة ريادية لتوفير التدريب على التقنيات الزراعية الحديثة
صباح بني سلمان "أم أحمد" سيدة أردنية تعيش في قرية كفرنجة التابعة لمحافظة عجلون شمال البلاد، قادها حبها وتمسكها بـ"الخبز البلدي" المصنوع بأفران تقليدية، إلى إنشاء مشروع ريفي خاص، تحول مقصدا للباحثين عن تجربة الماضي بنكهة الحاضر.
الخبز البلدي
أصبح منزل بني سلمان (44 عاما) وجهة سياحية، بعدما جعلته "بيت ضيافة" ومكانا يرى فيه الزائر منتجات أردنية اندثرت، وأصبح وجودها نادرا.
تعودت "أم أحمد" على تناول الخبز البلدي، معتمدة بذلك على والدتها، لكن مرض الأخيرة وتوقفها عن ذلك، دفع السيدة الأردنية إلى الاعتماد على نفسها، رغم الصعوبات التي واجهتها.
وتشير إلى أن "الصعوبة الأولى كانت تكمن في طريقة صنع العجين، ثم في صناعة الخبز على أفران الطابون (يوقد بروث المواشي) وأفران الوقدة (يوقد بالحطب)".
وتمضي قائلة "بدأت الاعتماد على النوع الثاني من الأفران (الوقدة)، وصنعت مجسما لفرن من طين، ولكنني طوّرته إلى الباطون (الخرسانة)، حتى لا يتكرر كسره، كما كان يحدث معي"، بحسب حديثها للأناضول.
وتضيف "أُعجب الكثيرون بالفكرة، وشجعت نساء المنطقة على صناعة الخبز، لكنهن كنّ يبحثن عن فرن شبيه بفرني، ومن هنا جاءتني الفكرة".
وتوضح "قمت بتصميم قالب من حديد للفرن، ثم تشكيله من الباطون بطريقة البناء ذاتها، وبدأت أبيعه لمن يرغبن في ذلك.. ذاع صيتي، وأصبحت معروفة على مستوى المملكة، وعزز من ذلك مشاركتي في أحد البازارات بالعاصمة عمّان قبل 4 سنوات، ما عزز فكرة توسيع المشروع لديّ".
بيت الضيافة
وتردف "بعد ذلك، تلقيت دعما من إحدى المنظمات الكندية من خلال شركة سياحية محلية، وتمثل ذلك في مساعدتي على تجهيز منزلي ليكون بيتا للضيافة، يجد فيه الزوار بساطة العيش، ويحقق لهم مفهوم السياحة الزراعية الريفية".
وبذلك، دخل "بيت الضيافة" الذي تديره "أم أحمد" المسار السياحي في المنطقة، وراحت السيدة النشيطة تستقبل مئات الزوار والسياح أسبوعيا، وتقدم لهم أشهى وأطيب الأطباق الريفية المصنوعة على الفرن، وأبرزها معجنات الزعتر والكشك (خليط من اللبن المجفف مع برغل القمح).
وسط وهج النار المنبعث من الفرن ودخان يغطي وجهها، تقول "أم أحمد" بنبرة عزّ وفخر "تعاملنا مع الزوار لا يختلف عن تعاملنا مع بعضنا في البيت، فكأنهم من أهل الدار، وهذا ما جعل المكان يعج بهم على مدار الأسبوع".
وتستدرك "أكثر الحجوزات تكون في عطلة نهاية الأسبوع، الجمعة والسبت، وبعض الزوار يسألون عن المبيت، لكن الإمكانية لا تسمح بذلك حاليا".
إحياء الموروث التاريخي
الهدوء والسكينة في المكان وأصوات حفيف أوراق الشجر، وخضرة أوراق الزيتون والرمان، وزقزقة العصافير، ومناظر المعدات والأواني التراثية المعلقة على جدران "بيت الضيافة"، تضفي على المكان روعة وتخطف أنظار الزوار.
وصباح بني سلمان هي من النساء الأردنيات القليلات اللواتي يحرصن على إحياء الموروث التاريخي المتعلق بصناعة الخبز الريفي والمأكولات التراثية، وقد أصبحت عنوانا واضحا للباحثين عن ذلك.