قاتل أميركي سُجن 54 عاما.. من محكوم بالإعدام إلى متخصص في علم الطيور


بداية القصة
بدأت قصة ستراود مع دراسة الطيور عندما وجد أمام قدميه ذات مرة صغار طير ألقتها عاصفة رعدية فوق سجن "ليفنوورث"، فأعدّ لها عشا من الجوارب في زنزانته ودأب على إطعامها من أكل السجن بعد مضغه لها، قبل أن يشرع في تدريبها ويتنامى شغفه بتحديد عوامل المرض والعلاج لدى الطيور عموما.
وتحول ستراود إلى خبير في الطيور ودرس جميع المؤلفات العلمية حولها التي بلغتها يداه في مكتبة السجن، وأجرى أبحاثه العلمية وشرع في مراسلة أشهر الدوريات العلمية المتخصصة في الطيور، مما دفع إدارة السجن إلى توظيف سكرتير خاص بمراجعة الكم الضخم من مراسلاته وطباعتها.
وتعلم ستراود قوانين التشريح وتقنياته فكان يشرّح الطيور المريضة للوقوف على العوامل المسببة لأمراضها، مما دفع إدارة السجن لتخصيص زنزانة إضافية لتبيت فيها طيوره، ثم أصبح يريد العمل خارج أسوار السجن، وأرسل كتاب التماس إلى الرئيس الأميركي كالفين كوليدج (1872-1933) يطلب فيه العفو عنه، غير أن طلبه قوبل بالرفض.
ولم ييأس ستراود بل كرس نفسه أكثر لأبحاثه العلمية حول الطيور، وصار يصنع العقاقير التي تعرضها والدته للبيع في متجرها الصغير، وزادت شهرته بين الناس وأصبح يتلقى عشرات الرسائل يوميا، ووصلت سمعته كخبير في الطيور إلى جميع الولايات الأميركية.
حياة سجن طويلة
لم يغادر ستراود السجن قط منذ أن كان في التاسعة عشرة من عمره وحتى وفاته في الثالثة والسبعين، ممضيا بذلك 54 عاما خلف القضبان، منها 42 عاما رهن الحبس الانفرادي الذي لا يغادره إلا مرة واحدة في الأسبوع من أجل الاستحمام، وذلك بسبب قتله رجلا اعتدى على صديقته في الجريمة الأولى، وقتله حارس سجن في الجريمة الثانية.
وُلد ستراود يوم 28 يناير/كانون الثاني 1890 في مدينة سياتل التابعة لولاية واشنطن، ولم يلتحق في طفولته بالمدرسة إلا لثلاث سنوات فقط بسبب ظروفه العائلية القاسية جدا، كما وصفتها أمه في خطاب التماس الرحمة الذي قدمته للرئيس وذكرت فيه أن ستراود كان كثيرا ما يتعرض للضرب المبرح على يد والده الشرس الذي هدد غير مرة بقتل جميع أفراد الأسرة.
وشكلت حياة ستراود مصدر إيحاء لفيلم "رجل ألكتراز الطائر" الذي أُنتج عام 1962 وتم اقتباسه من كتاب ستراود "نظرة إلى الخارج.. صوت من داخل القبر"، غير أنه فارق الحياة داخل زنزانته دون أن يراه رغم ما حققه الفيلم من نجاحات.
وحاول ستراود قبل وفاته الانتحار لجلب انتباه العالم إلى محنته، وابتلع كبسولة تحتوي على ورقة صغيرة كتب فيها إشارة إلى المكان الذي أخفى فيه مسودة كتابه "نظرة إلى الخارج.. صوت من داخل القبر"، على أمل أن تشريح جثته سيفضي إلى اكتشافها، لكن المحاولة باءت بالفشل.