كيف تسبب كورونا في تشريد الحيوانات الأليفة بالكويت؟
لم تعصف آثار فيروس كورونا المدمرة بأرواح وأرزاق البشر فحسب، خلال الأشهر العشرة الماضية، بل امتدت آثاره الثقيلة إلى الحيوانات البريئة التي كانت تعيش آمنة مطمئنة في بيوت أصحابها.
وقبل الجائحة كان يتوفر لها الغذاء والدواء والدفء والمأوى، ولكن جاء الفيروس ليقلب المعادلة رأسا على عقب، وبات توفير احتياجات هذه الحيوانات عبئا ثقيلا على من فقد وظيفته أو تقلص دخله بسبب تداعيات الجائحة، فآثر إطعام الأبناء وأهل المنزل أولا وتخلى عن حيواناته الأليفة لتصبح مشردة على قارعة الطريق.
اليوم، لم تعد زيارة متاجر الحيوانات الأليفة أمرا ممكنا لكثير من الناس، بل أصبحت ترفا لا يستطيع إليه سبيلا إلا ميسور الحال، إذ أضحت تكلفة احتياجات الحيوان الأليف باهظة الثمن، ابتداء من العصفور وليس انتهاء بأكبر سلالات الكلاب، بل وتكاد تكون أغلى من السلع التي يستهلكها البشر أحيانا، وعليه أصبح من المألوف مشاهدة قطط وكلاب منزلية تملأ الشوارع بعد تخلي أصحابها عنها بسبب ضيق الحال.
وتضج مواقع التواصل الاجتماعي بإعلانات للتبني، حيث يعرض مالكو وأصحاب الحيوانات الأليفة حيواناتهم للتبني رأفة بها بدلا من تركها على قارعة الطريق، على عكس المتعارف عليه قبل أن يحل كورونا ضيفا ثقيلا على البشرية جمعاء.
فقد كانت الحيوانات الأليفة تعرض للبيع وليس التبني وبأسعار لا يستهان بها، وبالذات للسلالات النادرة والجميلة، كما كان السعر يعتمد على عمر الحيوان، مع وجود دفتر تطعيمات خاص به، وملحقاته من الأدوات التي يستخدمها.
أما اليوم فيتم عرضها للتبني مع كافة تجهيزاتها من بيوت وأدوات الاستحمام وما إلى هنالك، بل وكيس طعام مجانا أيضا، أملا بإغراء أحدهم للموافقة على إيوائه بدلا من قسوة الشارع.
تقول دانة غازي، التي تملك قطة من نوع هملايا في عمر 1.5عام "ابتعت مارشملو (اسم القطة) قبل 1.5 عام بقيمة 60 دينارا (180 دولاراً) بدون ملحقاتها، حيث كلفتني 30 دينارا (90 دولارا) إضافية، ناهيك عن تكلفة التطعيمات خلال الفترة الماضية، والأدوية التي اضطررت لشرائها في أوقات مرضها. أما اليوم فقد عرضتها للتبني على حسابي في إنستغرام مع كافة أغراضها وكيس طعام بوزن 10 كيلوغرامات".
وتضيف المواطنة في حديث للجزيرة نت "أمي لم تعد تريدها في المنزل بعد أن امتنع مكان عملها عن دفع راتبها خلال فترة الحظر الكلي، ودفعوا نصفه في الأشهر اللاحقة".
فيتامينات ومكملات غذائية
ولا يقتصر مصروف الحيوانات الأليفة في المنزل على الطعام والشراب فقط، بل يحتاج بعضها إلى فيتامينات ومكملات غذائية، ومراجعات دورية للطبيب، بل ويحرص البعض على شراء بخاخات ترش على الأثاث لمنع القطط من خدشها، وأخرى لإزالة الروائح الكريهة، كما أن هناك ما يسمى الوجبات الخفيفة أو المكافآت اللذيذة، والتي يصعب منعها عن الحيوان الأليف بعد تعوده عليها، ناهيك عن منتجات المحافظة على صحة الفم والأسنان وأثاثهم وألعابهم التي يضاهي ثمنها ثمن المنتجات التي يقتنيها الناس.
من ناحيته، يتحدث للجزيرة نت كارلو روبرت، الشاب الذي يملك 6 حيوانات أليفة في منزله، عن تكلفة رعاية كلبه "ليمون" إلى جانب 3 قطط، وضفدعين، مبينا أن تكلفة حلاقة الكلب تصل 12 دينارا (36 دولار) شهريا، و8 دنانير (24 دولارا) للقطة الواحدة. أما عن تكلفة الغذاء الخاص بهم، فتصل بدورها إلى ما يقارب 16 دينارا (48 دولارا) لما يقارب 45 يوما، غير أن هذه التكاليف لا تشمل أسعار وخدمات الطبابة، ومنتجات الاستحمام، والأثاث والألعاب، مؤكدا أنه لا ينوي التخلي عن إحداها مهما بلغ سوء الحال.
على الصعيد ذاته، تؤكد الناشطة في مجال حقوق الحيوان رولا قبندي، للجزيرة نت، والتي تعمل على إنقاذ الحيوانات وتبنيها في ملجأ مع فريقها، أنهم أنقذوا ما يقارب 31 قطة و13 كلبا خلال الفترة التي أعقبت الحظر الكلي في الكويت، سواء كانت ممن تخلى عنها أصحابها من منازلهم، أو أخرى جريحة أو مصابة في الشارع، مبينة "كنا نشتكي سوء أوضاع الحيوانات قبل جائحة كورونا، الآن بات الناس يتخلون عن حيواناتهم أيضا، فزاذ العبء، والمؤسف أن فواتير غذاء هذه الحيوانات تتراكم علينا والمساعدة قليلة".
وتبين قبندي أن سياسة تبني الحيوانات الأليفة عبر وسائل التواصل تضر الحيوانات ولا تنفعها، فهي في أوجها الوقت الحالي، ولا يعرف ما إذا كان الشخص المتبني على قدر المسؤولية أم سيضاف حيوان جديد إلى الشارع بعد فترة، مضيفة "تبني الحيوان يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار على المدى الطويل، وليس خلال أزمة الوباء فقط، وفي مقدمة ما يجب التأكد منه المقدرة المادية للمالك أو الشخص المتبني على تلبية احتياجات هذا الحيوان الأليف، والذي يحتاج تقريبا لجميع الأدوات التي يستخدمها البشر في حياتهم العادية، وعلى رأس أولويات احتياجاتهم: التغذية السليمة".
ولا تقتصر احتياجات الحيوانات الأليفة على الغذاء والشراب، بل هناك احتياجات أخرى تطرأ حسب الحاجة، لذا تشدد قبندي على التأكد من القدرة على توفير كل ما يلزم قبل أن يقوم أحدهم بتبني فرد جديد يضاف إلى عائلته، عوضا عن التخلي عنه في الطريق بعد مدة لاكتشافه متأخرا أن فاتورة تكاليف العناية بروح أليفة باهظة جدا.