متأثرة بوفاة شقيقها.. تونسية تطلق مبادرة "سفراء السلامة المرورية"
خديجة بن الحاج حميدة-تونس
ودفعت هذه المعدلات الناشطين في المنظمات الأهلية والجمعيات للتحرك وإطلاق المبادرات من أجل التأثير على السياسات العامة والقوانين المتحكمة بالطرق والرفع من مستوى الوعي لدى السائق والراجل، والتوعية بخطر الطريق حينما تكون السياقة عابثة أو خالية من الحذر.
وساهمت الأقدار سنة 2013 في إنشاء جمعية "سفراء السلامة المرورية"، وبرزت في مجال سلامة الطرقات بعد أن قررت مؤسِّستها إنشاءها عقب وفاة شقيقها في حادث مروري خلف لديها لوعة كبيرة.
تقول عفاف بن غنية مؤسسة الجمعية للجزيرة نت -بتأثر شديد- إن فكرة الجمعية نشأت على إثر حادث أليم أسفر عن وفاة شقيقها وهو في الثامنة والثلاثين, تاركا طفلة صغيرة ولوعة كبيرة، فقررت إنشاء الجمعية للتوعية بخطورة حوادث المرور والتنبيه لارتفاع عددها من جهة، والضغط على أصحاب القرار لإيجاد حلول من أجل السلامة المرورية من جهة ثانية.
وضمت الجمعية -وفق عفاف- أفرادا متحمسين من مختلف الأعمار والتخصصات المهنية، واستقطبت العديد من الوجوه المعروفة في مجالات الفن والإبداع والإعلام والرياضة التي باتت تحمل صفة السفير من أجل إيصال الصوت إلى المواطن والمسؤول، والتعريف بمخاطر الطريق والمشاركة في مختلف الأنشطة والحملات التي تنظمها.
آليات عمل غير تقليدية
تذكر عفاف أن الجمعية أطلقت منذ إنشائها العديد من الحملات التوعوية الناجحة، من حملة حول مخاطر استعمال الهاتف المحمول أثناء السياقة تحت شعار "البرتابل (الهاتف الجوال) يوصل الصوت موش (ليس) للموت"، بعد أن أصبح الهاتف النقال في السنوات الأخيرة من الأسباب الرئيسية لحوادث الطرق.
وانتظمت الحملة خلال الصيف الماضي وتواصلت على امتداد شهرين، ووجدت صدى واسعا كبيرا لدى المواطن وفي وسائل الإعلام. تقول عفاف إن الجمعية تعمل بتنسيق كبير مع وزارات الداخلية والنقل والصحة والتربية، وإنها تسعى لاعتماد آليات عمل غير تقليدية في أنشطتها لممارسة دورها في الحد من مخاطر الطريق.
وتضيف أنها تسعى هي والفريق العامل معها إلى الارتقاء بهذه المنظمة غير الحكومية من منظمة صغيرة إلى جمعية كبيرة مشعة وطنيا ودوليا، مشددة على أهمية نشر الثقافة المرورية في المدارس ولدى التلاميذ، وعلى حجم الأنشطة التي تم تنظيمها بالتعاون مع وزارة التربية، آملة في إدراج السلامة المرورية ضمن البرامج التربوية الرسمية للبلاد.
الضغط الإيجابي
توضح عفاف للجزيرة نت أن الجمعية ستسعى للضغط الإيجابي على أصحاب القرار لتفعيل القوانين المتطورة المنظمة للحركة المرورية التي توجد في البلاد، وتقول إن الجمعية لعبت دورا كبيرا للغاية في التعجيل بتفعيل قانون إجبارية وضع حزام الأمان على السائق والراكب الأمامي للسيارة داخل مناطق العمران وخارجها، والذي دخل حيز التطبيق يوم 27 أبريل/نيسان 2017 وشمل راكبي المقاعد الخلفية ابتداء من أبريل/نيسان 2018.
وقامت الجمعية بحملة توعوية واسعة النطاق تواصلت على امتداد سنة كاملة للتعريف بأهمية حزام الأمان الذي من شأنه أن يخفض من مخاطر الصدمة بنسبة 75% للمقاعد الخلفية و50% للمقاعد الأمامية.
ومثلت الجمعية تونس في فبراير/شباط 2017 في المسابقة الرسمية للدورة السادسة للمهرجان العالمي لفيلم السلامة المرورية الذي انتظم في مقر مكتب الأمم المتحدة بجنيف، بمشاركة حول إجبارية وضع حزام الأمان بعنوان "ســارّة".
وتوجت هذه الحملة في العاصمة اليونانية أثينا بالحصول على جائزة "فيديكس" للسلامة المرورية -واحدة من أكبر الجوائز العالمية في مجال السلامة المرورية- وذلك خلال الملتقى العالمي للسلامة المرورية المنعقد في أبريل/نيسان 2019.
البرامج الانتخابية
دعت جمعية سفراء السلامة المرورية جميع المترشحين للانتخابات الرئاسية والتشريعية التي عرفتها البلاد مؤخرا إلى إدراج السلامة المرورية ضمن برامجهم الانتخابية، وتبني سياسة ناجعة في هذا المجال قادرة على حماية الأرواح البشرية على الطرق.
وأشارت رئيسة الجمعية عفاف بن غنيّة لموقع الجزيرة نت إلى أن البرامج الانتخابية لكافة المرشحين للرئاسة غاب عنها موضوع السلامة المرورية رغم خطورة الوضع المروري في تونس، موضحة أن عدد الحوادث المرورية في تونس بلغ خلال العشر سنوات الأخيرة ثلاثين حادثا وأربعة قتلى وحوالي أربعين جريحا يوميا.
وترى عفاف أن الأرقام تعد أعلى بنسبة 50% من المتوسط الأوروبي، وأن لها أثرا سلبيا كبيرا على اقتصاد البلاد وعلى التكلفة الاجتماعية والاقتصادية لها، مشيرة إلى أن 50%من ضحايا حوادث المرور هم من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و35 سنة.
وتعتبر عفاف أنّ الجمعية قد نجحت نسبيا في لفت الانتباه إلى خطورة الأمر من خلال ممارسة الضغط المركز عبر وسائل الإعلام، خصوصا لتبني سياسات تقلص من مخاطر الطريق، موضحة أن بعض الأسئلة التي طرحت في المناظرة الخاصة بالانتخابات الرئاسية تعلقت بمخاطر المرور وتصورات المرشحين للحد منها، وأن هذا الأمر إيجابي للغاية على درب تحقيق أهداف الجمعية.