غزة.. حين يجتمع الصيام وانقطاع الراتب

أيمن الجرجاوي-غزة
قد يبدو مشهد الشرطي الغزي طبيعيا كغيره من شرطة المرور في أي مكان، لكن الفارق أن هذا الشرطي -والكثيرين غيره في القطاع- لم يتسلموا رواتبهم منذ تشكيل حكومة الوفاق الوطني في 2 يونيو/حزيران 2014، وهو ما طال نحو 45 ألف موظف عينتهم حكومة غزة السابقة التي كانت تديرها حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وتصرف حركة حماس سلفة (دفعة) نقدية للموظفين في قطاع غزة بشكل غير دوري منذ تشكيل حكومة الوفاق، ويقول الشرطي إنه يتقاضى 700 شيكل (190 دولارا) من الحركة كل شهرين أو أقل قليلا.
ويُعتمد على شرطي المرور في غزة لتنظيم حركة سير المركبات بشكل كبير، لا سيما مع انقطاع التيار الكهربائي عن الإشارات الضوئية، بسبب أزمة الكهرباء التي يعيشها القطاع منذ عام 2006 بسبب قصف الاحتلال الإسرائيلي محطة توليد الكهرباء الوحيدة.

ضيق الحال
الرقيب ماهر أب لطفلتين أصغرهما تبلغ من العمر أربعين يومًا يسكن في بيت جده مع والده، ولم يتمكن منذ تعيينه قبل نحو ست سنوات من ادّخار ما يمكّنه من بناء منزل مستقل له.
واضطر بعد زواجه مباشرة لبيع ذهب زوجته لسداد ديون الزفاف، وهو يذهب إلى عمله ويعود منه ماشيًا على قدميه، ليتمكن من توفير بعض النقود لشراء حليب طفلتيه وحفاضاتهما.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل أصبح الشرطي الشاب مدينًا لمحلات البقالة واللحوم والأدوية، ويسدد ما يتلقاه من "سلفة" مالية للدائنين.
ويقول شرطي المرور للجزيرة نت "القاعدون (موظفو السلطة الفلسطينية المستنكفون عن العمل منذ 2007) في بيوتهم معترف بهم، ونحن لم يتعرف بنا أحد. نسهّل حركة السير ونمنع الحوادث، ولكننا لم نعد قادرين على تدبر أمورنا".
ويحمل الموظف الحكومي كثيرا على حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية، ويتهمها بالنكث بوعودها الذي قطعتها على نفسها عند تشكيلها بصرف رواتب لجميع الموظفين في قطاع غزة دون استثناء.
وبالرغم من ذلك، فإن الشرطي الشاب يبدو نشيطا في عمله الذي يباشره عند الثامنة صباحا إلى الثالثة عصرا، حتى مع اشتداد الحرارة في شهر رمضان المبارك، وطول فترة الصيام البالغة نحو 16 ساعة.