اكتشاف عوامل جديدة تساهم في التغير المناخي

الاحتباس الحراري إخلال بتوازن بيئي قديم


undefined
مازن النجار

سجل باحثون بجامعة أريزونا إنجازا هاما حول فهم تأثير مكون رئيسي في تلوث جو المدن على أنماط التغير المناخي. يمكن لهذا الاكتشاف أن يؤدي إلى تنبؤات أكثر دقة بنشاطات الانحباس الحراري المحتملة، وفقا لما أوردته مصادر جامعة أريزونا (ASU).

أجرى الدراسة باحثان بجامعة أريزونا هما الأستاذ بقسم المواد بيتر كروزير، والباحث بقسم هندسة الميكانيك والفضاء جيمس أندرسُن. نشرت حصيلة هذه الدراسة قبل أيام بمجلة "سايَنْس" العلمية.

ونتيجة لدراسات كروزير وأندرسن لجسيمات (هباء) الجو، فإنهما يؤكدان أن القياسات أو الإجراءات المستخدمة في علوم الغلاف الجوي تفرط في التبسيط واختزال عوامل هامة تتصل بسخونة وبرودة المناخ.

كان عنوان الدراسة "تدفقات مجالات الكربون البني بشرق آسيا وخصائصها البصرية". ويقصد بالكربونات البنية أنواع جسيمات متناهية الصغر (هباء) بالغلاف الجوي، غالبا ما تتجاهلها نماذج دراسة المناخ الحاسوبية الواسعة النطاق.

جسيمات الكربون البنية

"
الجسيمات الفحمية والسلفات الناجمة عن احتراق الوقود الأحفوري والحيوي، وأملاح المحيطات، وغبار الصحارى يمكن أن تساهم في تسخين الغلاف الجوي أو تبريده
"

وكانت دراسات ظاهرة الانحباس الحراري المساهمة مباشرة في التغير المناخي قد ركزت على ثاني أكسيد الكربون وغازات الاحترار الأخرى.

لكن هناك عناصر (مكونات) أخرى في الغلاف الجوي يمكن أن تسهم في رفع حرارة المناخ أو تبريده، كالجسيمات الفحمية والسلفات الناجمة عن احتراق الوقود الأحفوري والحيوي، وأملاح المحيطات، وغبار الصحارى.

بيد أنه من بين عناصر الهباء الجوي كافة، تبقى جسيمات الكربون البنية الناتجة من عمليات الاحتراق هي الأقل وضوحا لدى العلماء.

العامل أو "المعامل" المستخدم عادة لقياس درجات الاحترار هو التأثير (القسر) الإشعاعي، وهو الفرق بين طاقة أشعة الشمس القادمة عبر الغلاف الجوي وطاقة الحرارة والأشعة المنعكسة منه.

ستؤدي غازات وجسيمات الغلاف الجوي، تحت ظروف مختلفة، إلى احترار (تأثير إشعاعي إيجابي) أو تبريد (تأثير إشعاعي سلبي). للمفارقة، وجد الباحثون أن لجسيمات الكربون البني تأثيرا مركبا ومزدوجا، فهي تبرد سطح الأرض وتسخّن الغلاف الجوي أيضا.

الخصائص البصرية
ونظرا لاتساع نطاق عدم اليقين حول التأثير الإشعاعي للهباء الجوي، هناك عدم يقين كبير أيضا حول درجة التأثير الإشعاعي بوجه عام. وهذا يطرح عدم يقين واسع في درجة الاحترار التي تتنبأ بها نماذج التغير المناخي.

وهكذا، فإن مفتاح فهم الظاهرة هو خصائص تشتيت وامتصاص الضوء، وتسمى "الخصائص البصرية" للهباء الجوي. لذلك يحاول كروزير وأندرسن قياس خصائص امتصاص الجسيمات الفحمية للضوء مباشرة، وهي جسيمات وفيرة في الغلاف الجوي.

وإذا عُرفت الخصائص البصرية للجسيمات وتوزيعها عبر الغلاف الجوي بكامله، يمكن إذن بناء نماذج تتنبأ بالتغير المناخي على نحو أدق. لكن معظم التقنيات المستخدمة لقياس الخصائص البصرية لجسيمات (هباء) الجو تقوم بإطلاق شعاع ليزر عبر عمود من الهواء.

المشكلة في هذه الطريقة أنها تعطي متوسط قيم خصائص الجسيمات المقابلة لعدد قليل من الأطوال الموجية للضوء. لذلك استخدم الباحثان تقنية جديدة بديلة بناء على مجهر إلكترون مخصوص.

تبسيط بالغ

"
تقنية الطيف الأحادي اللون لتحديد الخصائص البصرية الكاملة للجسيمات المفردة المتناهية الصغر هي الأولى من نوعها عالميا
"

تقنية الطيف الأحادي اللون (لفقدان طاقة الإلكترون) يمكن استخدامها لتحديد الخصائص البصرية لجسيمات الكربون البنية -المتناهية الصغر- مباشرة على مدى الطيف الضوئي المنظور، وكذلك منطقتي الطيف فوق البنفسجية وتحت الحمراء.

استُخدم هذا الأسلوب لتحديد الخصائص البصرية الكاملة للجسيمات المفردة المتناهية الصغر المأخوذة كعينات من البحر الأصفر خلال دراسة تجريبية دولية واسعة للتغيّر المناخي، وهي الأولى من نوعها.

وبينما اعتاد علماء النماذج المناخية على اختصار تأثير الجسيمات الكربونية بالجو باعتبارها لا تمتص أو تمتص الضوء بقوة، أظهرت قياسات كروزير وأندرسن أن ذلك تبسيط بالغ. فقد تبين أن كثيرا من كربون عينتهما له خصائص بصرية مختلفة عما يفترض عادة في النماذج المناخية.

لذلك، عندما تذاع تنبؤات حول الاحترار المستقبلي عالميا أو إقليميا تكون التنبؤات عادة على أساس نتائج نموذج حاسوبي يتجاهل الكربون البني، لذلك فهو نموذج لا يتصف بدقة عالية.

المصدر : الجزيرة