عيون السبيل بسراييفو شاهد عثماني يتحدى مرور الأيام

تتدفق المياه من عين علي باشا على مدار أيام العام
تتدفق المياه من عين علي باشا على مدار أيام العام (الجزيرة نت)

إبراهيم القديمي-سراييفو

خلف العثمانيون إرثا حضاريا في سراييفو يتذكره البوسنيون باستمرار, ويعد شاهدا يصعب تجاهله على وجودهم في هذه البقعة من أوروبا في فترة من فترات التاريخ.

وتعد "عيون السبيل" نموذجا يحتفي به سكان سراييفو, وينسجون حوله العديد من القصص والحكايات, حيث ما زال باقيا يتحدى مرور الأيام.

وفي هذا الصدد نظم متحف سراييفو ندوة بعنوان "عيون السبيل" في إطار فعاليات مهرجان ليالي بشارشيا لتذكير سكان المدينة وزوارها بهذه العيون وأهميتها التاريخية والثقافية التي تشكل إرثا حضاريا.

وتعد سراييفو من أوائل المدن الأوروبية التي عرفت نظام شبكات مياه الشرب التي أدخلها العثمانيون في العام 1461 ميلادية وسبقت بذلك مدينة لندن التي أسست شبكتها في العام 1609 وفيينا في 1839 وموسكو 1878 وباريس 1682.

وقد ساعد وجود الجبال المحيطة بالمدينة من جميع الجهات وغزارة الأمطار على تدفق المياه إلى سفح مدينة سراييفو القديمة، وهو ما ساعد على تأسيس شبكة تفرع منها فيما بعد بناء عدد كبير من عيون السبيل التي أوقفها المحسنون الأتراك والبوسنيون في المساجد والطرقات والأزقة والحارات ولا يزال بعضها قائما حتى اليوم رغم مرور مئات السنين.

وذكر الرحالة التركي أولي شلبي أثناء زيارته للمدينة عام 1660 أن فيها 110 نافورات يجري منها الماء الرقراق وبها عيون جارية لابن السبيل.

وطبقا لمديرة متحف سراييفو عمرة مجارفيتش بلغ عدد العيون بالمدينة القديمة 156 عينا ظلت في الخدمة حتى العام 1878 فدمر بعضها على يد الاحتلال النمساوي وبعضها الآخر أزيل بعد تطوير المدينة بالشوارع والمباني الضخمة وبقيت أكثر من عشرين عينا أخرى قائمة تتدفق منها المياه العذبة.

إعلان
 

عمرة مجارفيتش: عدد العيون بالمدينة القديمة بلغ 156 عينا (الجزيرة نت)
عمرة مجارفيتش: عدد العيون بالمدينة القديمة بلغ 156 عينا (الجزيرة نت)

قصص أسطورية
وقد ارتبط بعض العيون بقصص وصفت بأنها أسطورية كعين فراجوشا التي قيل إن امرأة طلبت من زوجها الفقير أن يشتري لها فراجوشا (نقابا إسلاميا) وكان غالي الثمن في حينه فوعدها بذلك.

وحينما توفر له المال أعطاها إياه وأثناء ذهابها إلى السوق قررت بناء عين سبيل بدلا من شراء النقاب ولا زالت العين موجودة حتى اللحظة ومكتوب عليها تاريخ بنائها (عام 1625).

وتعد عين خسرف بك من أقدم العيون في المدينة حيث أوقفها الغازي خسرف بك حينما بنى مسجده في العام 1537 ولا تزال المياه تتدفق من هذه العين التي تتوسط صحن الجامع حتى اليوم.

وأوضحت مديرة متحف سراييفو أن سبيل الماء الذي بناه والي البوسنة محمد باشا كوكافيتسا عام 1754 في حي باشارشيا يعد من أشهر العيون التي يقصدها السائحون نظرا لجماله الهندسي واعتباره معلما شهيرا.

كما توجد في جامع علي باشا الذي بني عام 1561 عينان للسبيل وما زالتا في الخدمة منذ مئات السنين.

أما عين باقية التي تتوسط جامع باقية فلا يعرف واقفها أو العام الذي أنشئت فيه وتم تجديدها وصيانتها في العام 1423 هجرية, بينما يحتضن جامع باشارشيا المبني عام 1528 عين سبيل غير أنه تم تحويلها إلى نافورة تزين المكان.

المصدر : الجزيرة

إعلان