دعوة طبية لاستبعاد المدخنين من إجراء العمليات الجراحية
مازن النجار
أعلن صندوق للرعاية الطبية الأساسية عن رغبته في حذف أسماء المدخنين من قائمة انتظار العمليات الجراحية، في محاولة لاحتواء التكاليف المتصاعدة.
وقد اختلف خبيران اختلافا جذريا في الموقف من هذه الدعوة -التي أتت العام الماضي- لرفض إجراء الجراحات للمدخنين الذين لا يمتنعون عن التدخين قبل الجراحة، كما ينصح أطباؤهم.
وقد نشرت وجهتا النظر بالعدد الحالي من المجلة الطبية البريطانية (BMJ)، وأتاحت خلاصتهما يوريكاليرت.
مبررات الاستبعاد
يجادل البروفسور ماثيو بيترز، من مستشفى كونكورد العام بأستراليا، بأن رفض إجراء عمليات جراحية لحالات مرضية معينة أمر مبرر. ويقول إن الاستمرار في التدخين حتى وقت إجراء الجراحة يفاقم مضاعفات القلب والرئة، ويعطل شفاء الأنسجة، كما أنه مرتبط بالتهابات أكثر.
يرى البروفيسور بيترز أن هذه التأثيرات أو العوامل تزيد تكاليف وأعباء الرعاية الطبية، كما تعني أيضا فرصا أقل لعلاج المرضى الآخرين غير المدخنين.
وفي أنظمة الرعاية الصحية ذات الموارد المحدودة، فإن إعطاء الأولوية للمرضى غير المدخنين على المدخنين، في عدد محدود من الإجراءات الجراحية، سوف يحقق -بالتالي- فوائد علاجية أكبر للأفراد والمجتمع.
ويعتقد بيترز أنه طالما أن كل شيء يعمل لمساعدة المرضى على الإقلاع عن التدخين، يصبح أمرا مسؤولا وأخلاقيا تنفيذ سياسة علاجية تعطي الذين لا يريدون أو لا يستطيعون الإقلاع عن التدخين أولوية منخفضة أو تستبعدهم من بعض العمليات الجراحية الاختيارية.
تمييز مرفوض
بيد أن البروفيسور ليونارد غلانتز من كلية الصحة العامة بجامعة بوسطن يعتقد أن هذه السياسة الطبية المقترحة تمييز غير مقبول، فمن المذهل حقا أن يتساءل الأطباء عما إذا كان عليهم أن يعالجوا المدخنين.
من المؤكد أنه على الأطباء أن يبلغوا المرضى باستطاعتهم خفض مضاعفات ما بعد الجراحة إذا ما أقلعوا عن التدخين قبل إجراء العملية الجراحية. لكن هل يكون ثمن عدم اتباع نصيحة الطبيب هو الحرمان من إجراء جراحة مفيدة؟
هناك حجج يتم تقديمها لدعم سياسة تمييز تحرم المدخنين من العلاج. لكن لماذا يتم تركيز معايير خفض التكاليف العلاجية على المدخنين وحدهم؟
فلا أحد يطلب من المرضى البدناء أن يذهبوا إلى نوادي الرشاقة ليخفضوا أوزانهم بعشرة كيلوغرامات مثلا، أو يطلب من مرضى ضغط الدم المرتفع تعاطي أدوية خفض الضغط قبل الجراحة. وكثير من المرضى غير المدخنين يكلفون المجتمع أموالا طائلة في الرعاية الصحية بسبب الأنشطة التي يختارون القيام بها.
يلاحظ البروفيسور غلانتز أن التمييز ضد المدخنين أصبح معيارا مقبولا. لكن من العار على الأطباء أن يكونوا على استعداد لعلاج كل الناس ما عدا المدخنين في مجتمع يفترض فيه أن يكون تعدديا ومتسامحا. ويخلص إلى أن حرمان المدخنين من الجراحة التي يمكن أن تحسن حياتهم ورفاهيتهم بشكل واضح ليس خطأ فحسب بل هو لؤم أيضا.