ارتفاع معدلات الاغتصاب بالمدارس السويسرية

نساء أثناء الإطلاع على تعليمات الإشتراك في ملجأ الهاربات من جحيم الأزواج. سويسرا. تامر أبو العينين
يعيش الرأي العام في سويسرا صدمة كبيرة بعد ارتفاع نسبة العنف بين الشباب بوتيرة سريعة، أخطر ما فيها ظهور حالات اغتصاب عدة بين تلاميذ المدارس في أكثر من منطقة.
 
ففي منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الجاري اتهمت تلميذة في الـ13 من العمر 13 زميلا لها بتناوب اغتصابها لفترات طويلة، وقبلها بشهرين قام تلميذان في سن 11 و13 عاما باغتصاب طفلة لا يتجاوز عمرها 5 سنوات، إلى جانب حالات عديدة مماثلة بلغت 120 حالة هذا العام كانت أعمار الجناة فيها أقل من 16 عاما, أي بزيادة تقدر بنسبة 63% عما كان عليه الحال العام الماضي.
 
حرية بلا قيود
ويرى خبراء التربية أن تطور العنف بين التلاميذ إلى عمليات اغتصاب له أكثر من سبب، فالمراهقون يحصلون على حرية مطلقة، تحت دعوى التخلص من سلطة الأسرة، وتكوين الذات واكتساب الخبرات في الحياة.
 
ويعطيهم القانون امتيازات كبيرة للدفاع عن خصوصيتهم، بينما هم في واقع الأمر لا يعرفون تحديدا حدود تلك الخصوصيات.
 
ولا توجد ضوابط اجتماعية ثابتة يجب الالتزام بها. ويقتصر دور المدرسة على العملية التعليمية فقط، بعد أن فقد المعلمون دورهم التربوي في التوجيه مع تراجع دور الأسرة لأنها مفككة في أغلب الأحيان.
 
وقالت كورنيليا بيسلر مسؤولة قطاع الشباب في زيورخ للجزيرة نت إن المجتمعات الأوروبية بشكل عام أصبحت غارقة في الإباحية الجنسية، من خلال وسائل الإعلام والأفلام وشبكة الإنترنت وآخرها استخدام الهواتف المحمولة في نقل المواد الإباحية.
 
يضاف إلى ذلك عدم وجود أي تحذيرات من مخاطر توزيع هذه الأفلام وإيهام الشباب أنها حرية طبيعية، فيتصرفون بناء على ذلك بشكل غير محسوب، ولا يدركون أنهم يرتكبون خطأ، بل لا يجدون فرقا بين تداول تلك المواد وبين ما كانت تقوم به أجيال سابقة مع المجلات الإباحية التي انتشرت دون قيود منذ عقود طويلة في المجتمعات الأوروبية، على حد قولها.
 
شباب بلا قدوة
وقد استطلعت الجزيرة نت رأي بعض المراهقين حول تلك الظاهرة، فأجابت مجموعة من الذكور بأن الفتيات هن اللائي يشجعن على إقامة علاقات معهن، بل ويتعمدن التباري فيما بينهن ليلفتن اهتمام الشباب.
 
وأعربوا عن دهشتهم لشكوى الفتيات مما وصفوه برد الفعل التلقائي الذي لا يعتبر مشكلة بل أمرا عاديا. ويرجعون ظهور تلك الحالات في وسائل الإعلام إلى أن الحالات التي تم الإعلان عنها على أنها اغتصاب ربما تكون وقعت تحت تأثير المخدرات أو المشروبات الكحولية، باستثناء حادث اغتصاب الطفلة الذي اتفق الجميع على بشاعته.
 
في المقابل، ترى الفتيات أنهن يمارسن حريتهن في السلوك والملبس وفقا لرغباتهن وما يعرضه عليهن الإعلام من آخر صيحات الملابس، وبالتالي فهن يرتدين شيئا عاديا، وليس من المفترض -حسب رأيهن- أن يتصرف الشباب بمثل هذا السلوك المبالغ فيه.
 
ويتفق الشباب والفتيات على وجود فراغ معنوي كبير لا يعرفون كيف يملؤونه، فاشتراكهم في أي أنشطة ترفيهية في الرياضة أو الثقافة يتكلف مبالغ باهظة تشكل عبئا حقيقيا على أسرهم، فلا توجد بدائل سوى التسكع في الشوارع.
 
كما اعترفت نسبة كبيرة منهم بأنهم لا يجدون مثلا أعلى يمكنهم الاقتداء به، فكل ما يرونه في الإعلام إما الحسناء التي يخضع الجميع لها أو يسعون لكسب ودها، أو الشاب القوي الذي يحصل على ما يريد، ولكن كيف؟ لا أحد يعرف، لأن المجتمع لم يضع لأبنائه الفرق بين المحظور والمسموح به، فكل شيء مباح، المهم ألا تشتكي الضحية.
المصدر : الجزيرة