غاليليو الأوروبي انعتاق سياسي وعسكري من الهيمنة الأميركية

-

 
يعتبر إطلاق (GIOVE A) وهو أول أقمار نظام "غاليليو" (Galileo) الأوروبي للملاحة, الخطوة الأولى في السباق التكنولوجي الجديد بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة المشغلة لنظام GPS العالمي (Global Positioning System) الذي تعتمد عليه أوروبا اعتمادا تاما.
 
وبالرغم من أن الاتحاد الأوروبي أكد مرارا بأن نظام غاليليو لا يتعدى كونه مشروعا مدنيا، غير أن ذلك لا ينفي احتمال أن يلعب هذا النظام دورا حيويا في عمل القوات المسلحة الأوروبية في المستقبل.
 
كما أن نظام غاليليو يعد بالفعل جزءا من مشروع سياسي, فالاتحاد الأوروبي لا يريد أن يبقى معتمدا على نظام GPS الذي تديرة وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون). لذلك فإن الأوروبيين يرون بأن انطلاق غاليليو الشهر الماضي خطوة أوروبا الأولى نحو بديل أفضل صنعته بيدها ليوفر فرص عمل لـ150 ألف شخص.
 
وبالرغم من تأخر انطلاق المشروع فإن معظم دول الاتحاد الأوروبي تشترك في إدارته, فالجهة المشرفة على المشروع تتخذ من مدينة تولوز في فرنسا مقرا لها, وتقع إدارته في العاصمة البريطانية لندن, أما مراكز التحكم فتنتشر في ميونخ بألمانيا والعاصمة الإيطالية وروما وبرشلونة الإسبانية.
 
undefined
قمر ثان
ويتوقع إطلاق قمر ثان في فبراير/ شباط المقبل. وسيتولى تأمين وصول موجات الراديو وتزويد الأوروبيين بنظام ملاحة أرضي يتم التحكم به بواسطة الأقمار الصناعية. وتبلغ كلفة مشروع غاليلو أربعة مليارات دولار، ويعد أكبر مشروع فضائي تنفذه أوروبا.
 
ويأمل الاتحاد في أن تساعد شبكة غاليليو التي يطمح أن يعمل ضمن نطاقها ثلاثين قمرا صناعيا, في تحسين مراقبة حركة الطيران وتخفيض الازدحام على الطرقات. وينتظر أن تبدأ شبكة غاليليو الخدمة عام 2008. وسيعمل النظام في إطار شراكة بين القطاع العام والخاص. وتريد المفوضية الأوروبية أن يمول ثلثي المشروع من الصناعة وأن يجيء الباقي من الخزائن العامة للدول الأعضاء.
 
وتهيمن الولايات المتحدة على نظام GPS الذي تشغله مجموعة من الأقمار الاصطناعية المتقدمة يغطي عملها الكرة الأرضية. وبدأ نظام GPS كنظام عسكري سري مخصص لتوجيه الصواريخ العابرة للقارات. وخصص هذا النظام في عهد الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، للخدمة المدنية.
 
وإستفادت من النظام مجموعة من الشركات الأميركية التي صنعت معدات تضمن اتصال المستخدم بنظام GPS, ولعل أبرزها تلك الأجهزة التي توضع في السيارات لإرشادها على الطرق. كما صنعت شركات الهواتف المحمولة مجموعة من الهواتف النقالة تقدر على تحديد موقع حاملها من الفضاء.
 
وداعا أميركا
وقد حفز انتشار هذا النوع من الأجهزة في أوروبا على صنع نظام خاص بها للتحرر من الهيمنة الأميركية على GPS الخاضع لرقابة وكالة المخابرات المركزية الأميركية (CIA), ونيل حصتها من سوق أجهزة تحديد المواقع من الفضاء.
 
ومن هذا المنطلق صمم مشروع غاليليو ليكون البديل الأوروبي للنظام الأميركي.
 
undefined
وبفضل غاليليو وGPS (النظامين سيكونان منسجمين) يمكن على سبيل المثال العثور على حاوية مفقودة أو سيارة مسروقة أو تحديد الوقت المتبقي قبل مرور حافلة, أو متابعة تحركات شخص مراقب يحمل سوارا إلكترونيا, أو إنقاذ تائه.
 
وللدلالة على أهمية هذا النظام, بدأت روسيا العمل على نظامها الخاص الذي يحمل اسم غلوناس. وأعلنت موسكو الشهر الماضي إطلاق ثلاثة أقمار جديدة ليرتفع عدد الأقمار الموجودة في المدار إلى 17. وطلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من الحكومة تسريع العمل حتى يمكن تشغيل النظام قبل عام 2008.
 
وتتوقع وكالة الفضاء الأوروبية أن يصل عدد مستخدمي النظام إلى 1.8 مليار شخص عام 2010 وإلى 3.6 مليارات عام 2020. وفي ذلك التاريخ يتوقع أن يبلغ حجم السوق العالمية لهذه الخدمات أكثر من 250 مليار يورو.
 
ويشكل نجاح وضع قمر GIOVE A في المدار على متن الصاروخ الروسي سويوز, خاتمة لسنة جيدة بالنسبة لبرامج الفضاء الأوروبية, كما قال جان إيف لو غال المدير العام لأريان إسباس وستارسم, الشركة الروسية الأوروبية المكلفة تسويق صواريخ سويوز. ونجحت الشركتان عام 2005 في وضع 11 قمرا في المدار بلا إخفاقات.
 
وغاليليو (1564-1642م) هو فيزيائي وفلكي إيطالي. من إسهاماته اختراع المرصد الفلكي واكتشاف البقع الشمسية. واعتبر غاليليو زعيما للحرب من أجل حرية البحث العلمي التي شنتت ضد السلطة الحاكمة. درس الطب قبل أن يتحول إلى الفلسفة والرياضيات، وتخصص في أدوات الحساب والقياس الدقيقة. واخترع عام 1609 جهاز التلسكوب مكبرا عشرين مرة. وأصدرت الكنيسة نتيجة أبحاثه العلمية المخالفة لتعاليمها قرارا بإعدامه.
___________________
الجزيرة نت
المصدر : الجزيرة

إعلان