تقنية الصوت الموجه تفتح آفاقا وتثير مخاوف
تعكف شركتان أميركيتان على تطوير تقنية صوتية تتيح توجيه شعاع صوتي إلى شخص معين ليسمع الصوت دون غيره، في ما يعرف بتقنية الصوت الموجّه (Sound Directional).
وقالت مجلة تكنولوجي ريفيو الأميركية إن شركتي أمريكان تكنولوجي كوربوريشن بقيادة إلوود نوريس وهولوسونيك لابز بقيادة جوزيف بومبي، تستحثان الخطى بشكل مستقل عن الآخر لإنجاز تقنية الصوت الموجه ونقلها إلى نطاق الاستخدام العام.
وبينما تنتج مكبرات الصوت التقليدية أصواتا في شكل موجات تنتشر في كل الاتجاهات ويمكن للأذن تمييزها كالموجات التي تنتج عند إلقاء حجر في الماء، فإن أنظمة الصوت الموجه التي تعمل الشركتان على تطويرها تتمركز حول صنع أشعة دقيقة من الموجات فوق الصوتية.
وتشبه هذه الموجات في فكرة عملها تركيز الضوء في أشعة الليزر، ويكون ترددها أعلى من 20 ألف ميغاهرتز، وهو الحد الأعلى لموجات الصوت الذي تستطيع الأذن التقاطه.
وعندما تنتقل موجات الصوت العادي أو الموجه في الهواء يصيبها بعض التشوش، الذي يؤدي إلى إضعاف وتقليل جودة موجات الصوت العادي. ولكن ذلك التشوش هو مرتكز تقنية الصوت الموجه، لأنه يؤدي إلى تكسير الموجات فوق الصوتية إلى موجات أقل ترددا، يمكن للأذن الاستماع إليها وتمييزها، ولكن في نطاق ضيق يسمح لشخص واحد فقط بسماعها.
” من آفاق التقنية الجديدة مثلا أن يتاح لأسرة من 4 أفراد تجلس في سيارة أن يستمع كل فرد فيها إلى الموسيقى التي يحبها، دون الحاجة إلى ارتداء سماعات على الأذنين ” |
وتطلق أشعة الصوت الموجه من قاذف للموجات فوق الصوتية، يوجه بدقة لشخص معين. وقد أجرى إلوود نوريس تجارب مبدئية عليه فكان يوجه القاذف تجاه أحد الأشخاص في حديقة شركته، فيسمع ذلك الشخص الموسيقى، فإذا ما حرك القاذف لسنتيمترات يمينا أو يسارا، يختفي الصوت فجأة.
ويأمل كلا المخترعين تحقيق ثورة في عالم الصوتيات، لتحل أنظمة الصوت الموجه محل مكبرات الصوت التقليدية التي اخترعت منذ ما يزيد على 80 عاما. فمن آفاق التقنية الجديدة مثلا أن يتاح لأسرة من أربعة أفراد تجلس في سيارة أن يستمع كل فرد فيها إلى الموسيقى التي يحبها، دون الحاجة إلى ارتداء سماعات على الأذنين.
كما يمكن للوحات الإعلانية في الشوارع والمحلات التجارية أن تخاطب زبائنها كلا على حدة، وأن تتمكن قوات الشرطة من التحدث مباشرة إلى الشخص الذي يثير الشغب أو الاضطراب وحده دون الحاجة إلى استخدام مكبرات الصوت.
ويذكر أن الفكرة العلمية الرئيسية لهذه التقنية راودت الكثيرين منذ زمن، فقد كانت تداعب مخيلة إلوود نوريس منذ السبعينيات. كما أن شركات يابانية حاولت إنتاجها في الثمانينيات ولكن واجهتها مشاكل فنية جعلتها تتراجع.
وبرغم البريق الذي يصاحب أنظمة الصوت الموجه، فإن بعض المشغولين بآثار التكنولوجيا على البشر أعربوا عن تخوفهم من التقنية الجديدة.
فقد أوردت مجلة نيوساينتست الشهر الماضي على لسان ريتشارد غلين بوار رئيس مركز الحرية والأخلاق الإدراكية (CCLE) في كاليفورنيا أن تلك التقنية فوق الصوتية هي اعتداء على حرمة الإنسان وخصوصيته، لأنك ستسمع الصوت داخل رأسك مباشرة.
وأضاف "لقد بدأ بالفعل استخدام أنظمة الصوت هذه في ثلاجات المشروبات الغازية في شوارع طوكيو، وما إن تعبر أمام إحداها حتى تسمع إعلانات هذه المشروبات، ولن تدري من أين يأتيك ذلك الصوت".
_____________________
المحرر العلمي – الجزيرة نت