"النووية".. قنبلة لا تبقي ولا تذر

In this handout picture released by the U.S. Army, a mushroom cloud billows about one hour after a nuclear bomb was detonated above Hiroshima, Japan on Aug. 6, 1945. Japanese officials say a 93-year-old Japanese man has become the first person certified as a survivor of both U.S. atomic bombings at the end of World War II. City officials said Tsutomu Yamaguchi had already been a certified "hibakusha," or radiation survivor, of the Aug. 9, 1945, atomic bombing in Nagasaki, but has now been confirmed as surviving the attack on Hiroshima three days earlier as well.
الولايات المتحدة استخدمت السلاح النووي ضد اليابان في أغسطس/آب 1945 (أسوشيتد برس)
القنبلة النووية من أفتك الأسلحة وأشدها تدميرا على الإطلاق، تعمل وفق تقنية الانشطار النووي التسلسلي لنظير اليورانيوم 235 والبلوتونيوم 239، فتنتج طاقة انفجارية هائلة تعادل ما يُمكن أن تنتجه عشرات ملايين الأطنان من المواد التقليدية الشديدة الانفجار.

السياق التاريخي
في عام 1939، كانت الحرب العالمية الثانية على الأبواب وكانت ألمانيا عاكفة على برامج تسلح هائلة من ضمنها قسم يعنى بدراسة الطاقة النووية، وكانت فرنسا أكثر تقدما في بحوثها بشأن الذرة والانشطار النووي.

في تلك الأثناء وجهت زمرة من العلماء الألمان منهم ألبرت آنشتاين، رسالة إلى الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت، حذروا فيها من خطر امتلاك ألمانيا قنبلة نووية. حفزت الرسالة الرئيس الأميركي على إطلاق مشروع قومي للبحث في المجال النووي ومنافسة ألمانيا. أُطلق على المشروع اسم "مانهاتن" وتولته نخبة من علماء الفيزياء الأميركيين يتقدمهم روبرت أوبنهايمر بوصفه المدير العلمي للبرنامج.

أفلح البرنامج في إطلاق أول تفاعل تسلسلي لنظير اليورانيوم 253 في يناير/ كانون الثاني 1943 على أنْ تُفضي تلك التفاعلات إلى الحصول على القنبلة بعد عامين. وبحلول ربيع 1945 كان البرنامج قد أنتج ثلاث قنابل جُربت أولاها في صحراء نيومكسيكو، وألقيت الثانية والثالثة على هيروشيما ونكازاكي اليابانيتين في 6 و9 أغسطس/آب من العام نفسه مما أسهم في وضع حد للحرب العالمية الثانية.

التقنية
تقوم القنبلة النووية على تقنية الانشطار، فالذرة مؤلفة من نواة حولها نترونات وبروتونات، وفي مدار حول الجميع تدور إلكترونات.

تقوم تقنية التفاعل التسلسلي على كسر الذرة بواسطة نيترون مسرع في غرفة تسريع مصنعة مما يتسبب في انفجار هائل نتيجة انفصام البروتونات والنيترونات. وبشكل يُشبه تأثير الدومينو تتواصل عمليات التفاعل بشكل تسلسلي منتجة كمية هائلة من الطاقة والحرارة. فمثلا انشطار ذرة من البلوتونيوم يحدث طاقة حرارية تماثل حرارة 30 طنا من الفحم الحجري.

وللحصول على كمية كبيرة من الطاقة وقع الاختيار على اليورانيوم 235 لأنه ثقيل أي أنه يتوفر على عدد كبير من البروتونات والنيترونات والإلكترونات، وبالتالي فالطاقة الناتجة عنه كبيرة مقارنة بالعناصر الموجودة في أول جدول العناصر الطبيعية المعروف.

الطاقة التدميرية
بلغت القوة الناجمة عن قنبلة هيروشيما 15 كيلوطنا وهو ما يساوي 15 ألف كيلوغرام من "تي أن تي"، وبلغت القنبلة السوفياتية الأولى نفس الشدة تقريبا، ومع اكتشاف القنبلة الهيدروجينية عام 1954، اكتشف العالم أن القدرة على التدمير لا حدود لها، فقد بلغت شدة هذه القنبلة 10 ميغاأطنان أي 10 ملايين طن من "تي أن تي". وفي عام 1954 فجر الاتحاد السوفياتي قنبلة نووية بلغت شدتها 50 ميغا طن وحملت اسم "القيصر" واعتبرت أشد قنبلة تدميرا في تاريخ البشرية.

ومع توالي السنين وتطور البحث العلمي واشتداد سباق التسلح، أصبحت القدرة التدميرية للقنابل الذرية تحسب بعشرات الميغاأطنان.

رادع مخيف
شكل اكتشافُ القنبلة النووية تحولا تاريخيا في المجال العسكري والإستراتيجي، فقد أصبحت سلاح الردع الأول والضامن للتوازن الإستراتيجي، بل إنَّه خلال الحرب الباردة شكلت الترسانة النووية للولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي وما أحدثته من رعبٍ متبادل عامل توازن ضمن عدم انزلاق العالم إلى حرب عالمية جديدة. ويُرجع باحثون كثر في العلاقات الدولية والعلوم السياسية الفضلَ في السلام الذي عاشه العالم خلال حقبة الحرب الباردة، إلى الردع النووي.

فـالاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة أنتج كل منهما من الرؤوس النووية ما يكفي لتدمير العالم، ومن ثم صارت الحرب عبثية. وفي هذا المنحى، يُؤثر على آلبرت آنشتاين قوله إنه إذا قامت حرب ثالثة فإنه يعسر التنبؤ بمآلاتها، لكن المؤكد أن من سيشهدون الحرب العالمية الرابعة لن يكونوا كثيرين.

في سياق ما بعد الحرب الباردة، تراجع هاجس التهديد وتوارى مصطلح الردع النووي، بيد أنَّ تحديات أخرى برزت بشأن هذا السلاح المخيف. فمع تعاظم انتشار التنظيمات المتشددة أصبح الخوف مستحكما من تمكنها من الحصول على أسلحة نووية وتنفيذ هجمات بواسطتها.

كما أن انتشار السلاح النووي وتوفرِ بعض دول العالم الثالث عليه يُذكي المخاوف من وقوع حوادث نووية، فالولايات المتحدة عبرت في مرحلة معينة، عن مخاوف مما سمته حصول حركة طالبان على مواد نووية من الترسانة الباكستانية.

كما أن الدول العربية طالما نددت بامتلاك إسرائيل لسلاح نووي بفضل دعم الدول الغربية لها، وطالبت بتفتيش الترسانة العسكرية الإسرائيلية حفاظا على أمن المنطقة واستقرارها.

وقد شمل هذا القلق أيضا الملف النووي الإيراني حتى وقعت طهران الاتفاق النووي مع القوى الكبرى الذي يقضي بـ"وقف" برنامجها النووي، مقابل رفع العقوبات وتطبيع العلاقات.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية