هكذا تشكلت إمبراطورية المسجَّلين خطرا والبلطجية في مصر

تحوَّلت "أعمال البلطجة" في مصر إلى وظيفة يمارسها كثيرون ويعتبرونها "مصدر رزق" وسبيلا إلى الترقِّي الاجتماعي.

في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2021، وقعت جريمة قتل مروِّعة هزَّت الشارع المصري كله وروَّعت مدينة الإسماعيلية، إذ أقدم شاب على قتل رجل ثمَّ فصل رأسه عن جسده، قبل أن يتجوَّل في المدينة حاملا رأس الضحية في يد والساطور الذي استخدمه في قطع رأسه في اليد الأخرى، وكل ذلك أمام المارة وفي وضح النهار. بعد القبض على الجاني، تبيَّن لقوات الشرطة المصرية أن القاتل كان تحت تأثير مخدِّر "الشابو" الذي انتشر مؤخَّرا في البلاد، لكن "جريمة الإسماعيلية" الأخيرة ليست الجريمة الوحيدة التي حضر فيها ذلك المخدِّر.

ففي شهر يوليو/تموز الماضي، وقعت حادثة أخرى قتل فيها شاب والده بسلاح أبيض بعد مشادَّة كلامية بسبب إدمان الابن لمخدِّر "الشابو". (1) وفي إبريل/نيسان، تجرَّد أب من مشاعره وقتل طفله الذي لم يتجاوز العاشرة من عمره صعقا بالكهرباء بحجَّة عدم الانصياع لطاعته. وفي الشهر السابق لتلك الحادثة، وقعت مذبحة بشعة في محافظة "قنا"، حيث فتح شاب مدمن نيران سلاحه على أشقائه الثلاثة بعد خلافات داخل المنزل، وفي أثناء محاولة ضبطه أطلقت قوات الشرطة رصاصها عليه فأردته قتيلا.

بيد أن هذا المخدِّر، وأشقاءه من أصناف المخدِّرات المنتشرة في المجتمع المصري، ليس سوى عامل "مُحفِّز" للجريمة التي تموج بها مصر. فبعد أقل من 5 أيام فقط على وقوع "جريمة الإسماعيلية"، قتل أحد "المُسجَّلين خطرا" زوجته ووالدتها بمحافظة "الفيوم" بسبب شكوكه في سلوكها واعتقاده بعملها في "البغاء"، وذلك بعد 11 شهرا فقط على زواجه منها. (2)

تنتشر جرائم القتل والعنف الأسري والتحرُّش والشرف في شتى ربوع مصر، إذ كشفت دراسة صادرة عن جامعة عين شمس أن جرائم القتل العائلي وحدها تُشكِّل نسبة الربع إلى الثلث من إجمالي جرائم القتل، فيما أكَّدت دراسة أخرى "للمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية" أن 92% من هذه الجرائم تُرتكب بدافع العِرض والشرف، فضلا عن العوامل الاقتصادية التي باتت من أبرز أسباب تضاعف معدلات القتل العائلي. (3) يطرح كلُّ ذلك أمامنا تساؤلات عدَّة حول زيادة معدَّل الجرائم ومرتكبيها في مصر، وارتباط تلك الجرائم بتنامي ظاهرة "البلطجة" والتباهي بالسلوكيات الإجرامية العنيفة في شتى طبقات المجتمع.

المصدر : الجزيرة