شعار قسم ميدان

منتدى كوهيليت.. مليارديرات أميركا الذين يجعلون إسرائيل أكثر تطرفا

"موشيه كوبل" مؤسس ورئيس "منتدى كوهيليت للسياسات".

في فبراير/شباط الماضي، نُظِّم (1) اجتماع مغلق في تل أبيب حضره عدد من المهاجرين الشباب الذين وصلوا لتوِّهم إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي. خلال الاجتماع، وقف البروفيسور "موشيه كوبل"، الأستاذ الفخري لعلوم الحاسوب في جامعة بار إيلان الإسرائيلية، مُدافعا بشراسة عمَّا يُسمَّى بـ"إصلاحات النظام القضائي"، التي أثارت احتجاجات كبيرة ضد الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة برئاسة "بنيامين نتنياهو"، قائلا إنها في الحقيقة إصلاح تُقرِّب دولة الاحتلال بضع خطوات من بقية الديمقراطيات الغربية. وقد ذهب الرجل في رؤيته إلى أن الخطة تُعالج السلطة المُفرِطة للمحكمة العُليا في إسرائيل، مؤكدا ضرورة إسقاط "بند التجاوز" من حزمة الإصلاحات القضائية تلك، وهو بند يُمكِّن الكنيست الإسرائيلي من تجاوز قرارات المحكمة بأغلبية ضئيلة؛ وذلك للاستفادة من الدعم الأوسع الذي يمكن أن يحظى به المشروع في حال تخلَّى اليمينيون عند البند المثير للجدل.

في الوقت نفسه، وعد "كوبل" بتقديم حلول لما تطالب به الأحزاب المتطرفة، التي تهدد بسحب الثقة من الحكومة ما لم تُعجِّل بتمرير البند ومن ثمَّ السماح بمرور الكثير من القوانين التي ترغب في تطبيقها داخل المجتمع الإسرائيلي ولا تزال المحكمة العُليا العقبة الوحيدة أمامها. للوهلة الأولى، يبدو غريبا أن يهتم بروفيسور في علوم الحاسوب بمساعدة اليمين، بيد أن "كوبل" ليس مجرد أستاذ في جامعة إسرائيلية، بل هو أيضا مؤسس ورئيس "منتدى كوهيليت للسياسات"، مركز الأبحاث المثير للجدل الذي يلعب دورا بارزا في تطوير سياسات حكومة نتنياهو المتطرفة، ويعمل باحثوه منذ سنوات لوضع خطط تقويض النظام القضائي التي يتبنّاها اليمين الإسرائيلي.

تحولات إسرائيلية.. وتكيٌُف أميركي

في فبراير/شباط 2019، ثار جدل كبير بسبب تغريدة (2) لحساب لجنة الشؤون العامة الأميركية-الإسرائيلية "أيباك" (AIPAC) على موقع تويتر، وهي جماعة الضغط التقليدية الأبرز لصالح إسرائيل في العاصمة الأميركية. وبينما عمل نتنياهو على تعزيز قاعدته اليمينية في الانتخابات من أجل الظفر بكرسي رئاسة الوزراء، وتفاوض مع ثلاثة أحزاب يمينية متطرفة، هي "البيت اليهودي" و"الاتحاد الوطني" و"القوة اليهودية"؛ اعتبرت "أيباك" أن وجود حزب القوة اليهودية في الائتلاف الحكومي "لا يعكس القيم الجوهرية التي تُشكِّل أساس دولة إسرائيل"، وأنه يُضفي الشرعية على القوى الأكثر تطرفا في السياسة الإسرائيلية. وذلك لأن حزب القوة اليهودية على صِلة وثيقة بـ"مئير كَهانا"، الحاخام الإسرائيلي الأميركي المتطرف الذي حظرت الولايات المتحدة دخوله البلاد ومنعته إسرائيل من دخول الكنيست قبل عقود.

وقد اتفق كثيرون من يهود أميركا مع موقف "أيباك"، مثل "جوناثان غرينبلات"، الرئيس التنفيذي لرابطة مكافحة التشهير (منظمة يهودية غير حكومية)، الذي غرَّد حينها قائلا: "تحدَّثت رابطة مكافحة التشهير سابقا عن خطاب مليء بالكراهية لقادة حزب عوتسما يهوديت (القوة اليهودية). إنه لمَن المقلق أن تُضفَى الشرعية عليهم من قِبَل هذا الائتلاف". وأتت رسالة القادة اليهود الأميركيين، وهُم أصحاب الباع الطويل في الالتزام بدعم إسرائيل وعدم نقدها علنا، بمنزلة إشارة واضحة على رفضهم إدماج اليمين اليهودي المتطرف في الائتلاف الحاكم. بيد أنه بعد ثلاث سنوات، ومع وصول زعيم حزب القوة اليهودية "إيتمار بن غفير" إلى قمة المشهد عقب انتخابات 2022، أخذت تلك المنظمات الأميركية تُعدِّل سلوكها لتواكب تحرُّكات نتنياهو، في حين صمَّ بعضها آذانه حين تشكَّلت حكومة ضمَّت "بن غفير" بالفعل في صفوفها.

رجَّح البعض أن ردة الفعل الصامتة حيال احتمالية دخول الأحزاب المتطرفة إلى الكنيست ودمجها في الحكومة تعود إلى شعبية بن غفير المتزايدة في دولة الاحتلال، إذ تجنبت هذه الجماعات اليهودية الإدلاء بأي تعليقات حتى لا يُقال إنها تتدخل في السياسة الإسرائيلية لصالح تيار بعينه، ومن ثمَّ تُشعِل صراعا مع نتنياهو. وقد أظهر استطلاع للرأي (3) نُشر في يونيو/حزيران الماضي أن ثلاثة أرباع الأميركيين يرون العلاقات مع دولة الاحتلال جيدة، في حين يعتقد رُبعهم فقط أنها سيئة. ويتفق الجمهوريون والديمقراطيون إلى حدٍّ كبير على حالة العلاقات الثنائية بين البلدين، إذ وصف نحو 74% من الديمقراطيين والمستقلين ذوي الميول الديمقراطية العلاقات بأنها جيدة، وقال 76% من الجمهوريين وذوي الميول الجمهورية الشيء نفسه.

في النهاية، جاءت ردة الفعل الأميركية تجاه عودة نتنياهو إلى السلطة في ديسمبر/كانون الأول الماضي أكثر هدوءا مما هو متوقع بالنظر إلى خلفية العلاقات المضطربة بينه وبين الإدارة الديمقراطية الأخيرة برئاسة "باراك أوباما". ومع ذلك، اضطرت القيادة السياسة الأميركية أن تشتبك مع مواقف وزراء حكومة نتنياهو المتطرفة بين الحين والآخر، وقد ظهر ذلك على سبيل المثال في التنديد بتصريح "بتسلئيل سموتريتش"، وزير المالية وزعيم حزب "الصهيونية الدينية"، الذي دعا فيه لمحو بلدة "حوارة" الفلسطينية بأكملها بعدما هاجمها قطعان المستوطنين وأحرقوا المراكب والمنازل دون هوادة في فبراير/شباط الماضي، إذ قال (4) "توم نيدس"، السفير الأميركي في دولة الاحتلال: "إذا كان سموتريتش (في نظرنا) شخصا غير مرغوب فيه قبل تصريحه بمحو حوارة، فقد صار الآن بعد ما قاله شخصا غير مرغوب فيه أضعافا مُضاعفة".

وقد وقَّع مئة (5) وعشرون زعيما يهوديا أميركيا في مارس/آذار الحالي على عريضة ضد زيارة سموتريتش إلى الولايات المتحدة، قائلين إن رئيس حزب الصهيونية الدينية اليميني له تاريخ من التصريحات التحريضية، و"ينبغي ألا يُمنَح منصة في مجتمعنا". بيد أن اليهود الأميركيين ليسوا كلهم من عيِّنة المعارضين لسياسات دولة الاحتلال، بل يوجد رجال مؤثرون منحازون تماما إلى مشروع نتنياهو، بل ويستخدمون ما أُتيح لهم من سلطان ومال لتغيير ملامح دولة الاحتلال، وعلى رأسهم "كوبل".

كوهيليت.. مهمة تحويل إسرائيل من الألف إلى الياء

في عام 1956، وُلد "موشيه كوبل" (6) لعائلة أميركية في مقاطعة "مانهاتن" الأشهر بمدينة نيويورك. ورغم انتماء العائلة إلى طائفة غور الحسيدية المتشددة، فإنها لم تكن مُتديِّنة بالمعنى المألوف عند المتطرفين اليهود، حيث تخلَّت عن اللحية والقُبعة التي يرتديها رجال الطائفة. بيد أن كوبل الذي حصل على بكالوريوس الرياضيات وعلوم الحاسوب من جامعة "يشيفا" اليهودية الأرثوذكسية بنيويورك، ونال درجة الدكتوراه من جامعة نيويورك، لم يهجر دينه أبدا، بل عكف على دراسة التلمود وألَّف كتابيْن عنه.

بحلول عام 1980، انتقل كوبل إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي وعاش مستوطنا في مستوطنة "إفرات" جنوب القدس، وبدأ يتسلق السلم الأكاديمي، فانضم إلى هيئة التدريس في قسم علوم الحاسوب بجامعة "بار إيلان"، ثم أتت المحطة المفصلية عندما دخل إلى عالم السياسة عام 2004، مُنضما إلى اللجنة المركزية لحزب الليكود الذي يرأسه نتنياهو. ومنذ ذلك الحين بدأ كوبل يُظهِر طموحاته وتوجهاته السياسية اليمينية، ويتحدث عن أهمية صياغة دستور يُكرِّس الهوية القومية اليهودية لدولة الاحتلال، وتقليص وصاية القضاء على السياسة الإسرائيلية.

موشيه كوبل مؤسس "منتدى كوهيليت للسياسات" عام 2012. (مواقع التواصل)

أسس كوبل (7) "منتدى كوهيليت للسياسات" عام 2012، وعلى مدار العقد الذي تلا تأسيسه، تطوَّر المركز بفضل جهود 140 باحثا يعملون في مقره الرئيس الكائن في حي "جفعات شاؤول" بالقدس المحتلة، ذاك المقر الذي قرَّب المنتدى جغرافيًّا من الكنيست الإسرائيلي والمحكمة العليا معا، وهي مؤسسات صُنْع القرار التي يعمل المنتدى من أجل التأثير عليها وتغيير موازين القوى بينها لخدمة معتقدات اليمين المتطرف، وإعادة صياغة أيديولوجية يهودية صهيونية محافظة في قالب أميركي تحرُّري ممزوج بتصورات اقتصادية محافظة.

تستند نظرة (8) كوهيليت للعالم إلى القومية والسوق الحرة وتعزيز الهيمنة الشعبوية المستندة إلى الانتخابات دون وصاية قضائية ودستورية، وهو مزيج يُشبه أفكار أقصى اليمين في الولايات المتحدة، الذي حمل ترامب إلى السلطة عام 2016. ويظهر ذلك بوضوح فيما كُتِب على موقع المنتدى الرسمي على الإنترنت (باللغة الإنجليزية): "يسعى منتدى كوهيليت للسياسة إلى تأمين مستقبل إسرائيل بوصفها دولة قومية للشعب اليهودي، وتعزيز الديمقراطية التمثيلية، وتوسيع الحرية الفردية ومبادئ السوق الحرة في إسرائيل". ولم يكن الأمر مجرد شعارات رفعها كوهيليت، إذ إن المنتدى الذي عمل بوصفه وكالة أكثر منه مركز أبحاث استطاع بالفعل تحقيق الإنجاز تلو الآخر في التغلغل داخل صفوف اليمين المتطرف، حتى بات يُشار إليه بالبنان باعتباره أحد معاقل التأثير الواضحة على الحكومة الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل.

على سبيل المثال، وقف المنتدى وراء تمرير القانون الأساسي لدولة الاحتلال، وتعريفها على أنها دولة قومية للشعب اليهودي، الذي أقرَّه الكنيست عام 2018. كما أعطى المنتدى "مايك بومبيو"، وزير خارجية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الحجج القانونية الواهية التي استند إليها في إعلان الولايات المتحدة حينئذ أن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة ليست انتهاكا للقانون الدولي في نظرها. ودعم المركز (9) أيضا التشريعات الأميركية التي من شأنها أن تجعل حملات المقاطعة ضد الأنشطة الاقتصادية للاحتلال غير قانونية، بل إن كوهيليت موَّل أوراقا (10) بحثية بقيمة 1.3 مليون شيكل لمساعدة وزير الاقتصاد "نير بركات"، الذي يتبنى خطة لزيادة المستوطنات وُضِعَت تفاصيلها داخل أروقة المنتدى.

إسرائيليون يتظاهرون خارج المقر الرئيسي لمنتدى كوهيلت للسياسة الذي يدعم التغييرات القضائية. (رويترز)

الأهم من كل ما سبق هو أن المنتدى شارك في وضع خطة حكومة نتنياهو لإعادة تعريف القضاء الإسرائيلي ودوره في الحياة الدستورية، ما تسبَّب في إخراج الشارع الإسرائيلي رفضا للتعديلات. فقد كتب المنتدى خطط قانون الإصلاح الجذري التي قدمها وزير العدل الإسرائيلي "ياريف ليفين"، ورئيس لجنة الدستور والقانون والقضاء بالكنيست "سيمحا روثمان" في يناير/كانون الثاني الماضي. وكان محرر مذكرة اقتراح المستشار القضائي للحكومة الذي قدَّمه روثمان هو المحامي "شمعون نطاف"، الذي عمل سابقا في كوهيليت (11) ويعمل حاليا مستشارا لروثمان. وتهدف الخطة إلى إضعاف المحكمة العليا الإسرائيلية، وتقويض الرقابة القضائية على الحكومة بحُجة أن القضاء جهة غير منتخبة، ومن ثمَّ توسيع سيطرة الحكومة والكنيست على التعيينات القضائية، والحد من قدرة المحكمة على إلغاء التشريعات، مقابل السماح لأغلبية بسيطة من أعضاء الكنيست بإلغاء قرارات المحكمة العليا.

أثرياء أميركا وراء "كوهيليت"

في عام 2019، صاغ حزب (12) "نوعام"، وهو حزب قومي ديني، تقريرا داخليا زعم وجود مؤامرة من جهات أجنبية للسيطرة على مدارس الاحتلال وتعليم تلاميذها القيم التعدُّدية. وفي ذلك الوقت، كان زعيم الحزب "آفي ماعوز" مجرد صوت على هامش الحياة السياسية دون أي سلطة لتنفيذ ما دعا إليه التقرير من عملية "تطهير" للمدارس. واللافت للنظر أن الجهات التي ادَّعى التقرير أنها تسعى إلى إفساد الأطفال الإسرائيليين تشمل الاتحاد الأوروبي وصندوق إسرائيل الجديد الليبرالي، الذي بات يتشكَّك فيه اليمين الإسرائيلي وأنصاره.

حاز آفي ماعوز نفوذا أكبر عندما أبرم صفقة مع نتنياهو وحظي بمنصب نائب وزير بالحكومة، في ديسمبر/كانون الأول 2022. (غيتي)

بيد أنه في ديسمبر/كانون الأول الماضي، حاز ماعوز نفوذا أكبر عندما أبرم صفقة مع نتنياهو وحظي بمنصب (13) نائب وزير بالحكومة. وبعد بضعة أسابيع نال سلطات الإشراف على بعض المناهج الدراسية في المدارس، وذلك بعد أن نُقِلت تلك السلطات من وزارة التعليم إلى مكتب رئيس الوزراء "بموجب اتفاقات الائتلاف الحالي". ويُشرِف ماعوز أيضا بموجب الاتفاق على التمويل والاعتماد للبرامج الخارجية في المدارس، ولذا أُثيرت مخاوف من حدوث صدع بين دولة الاحتلال واليهود الأميركيين الذين تبرَّعوا على مدى عقود بمليارات الدولارات للمدارس وأجهزة التعليم في دولة الاحتلال، وافترضوا باستمرار التزامها بالحد الأدنى من المفاهيم المدنية والليبرالية المُعتادة في التعليم الأميركي الحديث.

في الواقع، تريد حكومة اليمين المتطرف تحديد وجهة واحدة لأموال يهود الشتات الذين شاركوا في تأسيس الدولة اليهودية وتطويرها، وتسخير هذه الأموال في خدمة مشاريع اليمين الإسرائيلي التعليمية والثقافية. وبينما بدأ يحدث توتر بالفعل بين الجهات اليهودية التقليدية التي تتخوَّف من أجندة نتنياهو، ثمَّة جهات يهودية (14) متحمسة لمشروعه المتطرف، وما انفكت تُغدِق عليه بالأموال، تماما مثلما أغدقتها على منتدى كوهيليت. وتهدف هذه الجهات من خلال ضخ أموالها إلى فرض رؤية يمينية متشددة داخل الدولة اليهودية، ودعم كل ما يساهم في إعادة تشكيل النظام السياسي وفق أجندة اليمين.

يعمل المنتدى الذي يعمل بميزانية سنوية تبلغ ملايين الدولارات، ويُموِّل رواتب أكثر من 100 باحث لتعزيز جدول أعمال يرتكز على الضغط على أعضاء الكنيست، وصياغة القوانين، ونشر مقالات الرأي والمدونات ذات الاتجاه اليميني، وبث الدعاية عبر وسائل التواصل الاجتماعي لنشر أفكار اليمين في صفوف الأجيال الجديدة من الإسرائيليين. وتأتي تلك الأموال، لا من رجال المال في تل أبيب، بل عن طريق حفنة من المانحين الأميركيين المحافظين المناصرين لنتنياهو. ويبرز من بين هؤلاء الأثرياء الأميركيين اثنان من المليارديرات المحافظين، أولهما (15) الملياردير الجمهوري "جيفري ياس"، صاحب المرتبة 45 عالميا و23 أميركيا في قائمة فوربس لأثرياء العالم بثروة تقترب من 30 مليار دولار، والذي احتل المرتبة السادسة في قائمة المانحين لجميع المرشحين الجمهوريين للرئاسة عام 2020 وفقا لموقع "أوبِن سيكرِتس" (Open Secrets) (16)، وهو مؤيد منذ فترة طويلة لـ"نادي النمو" (Club of growth) الذي قام بتحويل الأموال إلى السياسيين الذين يدعمون الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، بما في ذلك المشاركون في نشر مؤامرة أن ترامب لم يخسر انتخابات 2020، والتحريض على اقتحام الكونغرس عام 2021. وكان "ياس" أكبر متبرع لكوهيليت في عام 2020 بمبلغ قدره 22 مليون دولار.

ثم هناك شريك (17) آخر وداعم رئيس لكوهيليت هو "آرثر دانتشيك"، أحد مؤسسي شركة "سَسكويهانَّا" الدولية للتداول، الذي يحتل المرتبة 104 في قائمة مجلة فوربس لأغنى الأشخاص في الولايات المتحدة، بثروة تبلغ 7.5 مليارات دولار. ومثله مثل "ياس"، يتبرَّع "دانتشيك" لصالح جماعات اليمين الأميركي، حيث يُموِّل الآن لجنة عمل سياسي جديدة تستهدف تقويض فُرَص المرشحين التقدميين، الذين ينتقدون أكثر من أي وقت مضى الدعم الأميركي غير المشروط لإسرائيل، رغم أن الموقف التقليدي للحزب الديمقراطي لا يزال داعما لإسرائيل في مُجملِه.

مع معرفة مَن يمول أنشطة كوهيليت، وحضوره المتزايد في عالم صنع القرار داخل دوائر اليمين الإسرائيلي التي ما انفكت تعود إلى السلطة بأجندة يمينية أسوأ من سابقتها، يُمكننا أن نفهم جذور الحالة اليمينية اليهودية الصهيونية القائمة في إسرائيل، وارتباطه بالسياق الدولي الأوسع الذي شهد تصاعد موجة اليمين عالميا منذ الأزمة المالية 2008، وكيف تداخلت وتقاطعت خيوط اليمين الإسرائيلي الجديد مع نظيره الأميركي على وجه الخصوص، ضاربة عرض الحائط الأسس التقليدية للعلاقات الأميركية-الإسرائيلية، وضاربة أيضا الخطوط الحمراء التي خطَّتها أميركا بنفسها لحليفها الصغير بخصوص الصراع العربي-الإسرائيلي والسلام في الشرق الأوسط وتسوية القضية الفلسطينية.

ليس غريبا إذن أن السياسة التقليدية الأميركية التي انقلبت رأسا على عقب بصعود ترامب ومؤيديه، والأهم من ذلك رُعاته من أصحاب المال والنفوذ المتطرفين في المجتمع الأميركي، صنعت رجالا هُم أنفسهم مَن يساهمون اليوم في تمرير أجندة يمينية متشددة لمستقبل الدولة اليهودية، مؤكدين لنا أن مصير دولة الاحتلال يظل مُعلقا بتقلبات السياسة الغربية التي صنعت ذلك الكيان المحتل في المقام الأول، وأن دوائر النفوذ والمال الأميركية التي لا تزال في القلب من النظام الدولي ستظل تؤثر في رسم الصراع العربي-الإسرائيلي رغم تراجع النفوذ الرسمي للولايات المتحدة في الوقت الراهن.

——————————————————————————-

المصادر:

1- Head of think tank that helped shape legal overhaul calls override clause ‘stupid’

2- American Israel lobby condemns Netanyahu deal with far-right party

3-  American views of Israel

4- مسؤول أمريكي كبير يصف الوزير الإسرائيلي سموتريتش بـ "الغبي".

5- 120 US Jewish leaders: Smotrich ‘should not be given a platform in our community’.

6- The U.S. Billionaires Secretly Funding the Right-wing Effort to Reshape Israel.

7- Advocates for Netanyahu’s judicial overhaul reach out to English-speaking audience.

8- MEET THE ISRAELI ORGANIZATION BEHIND THE LEGISLATION TO SUBVERT ISRAELI DEMOCRACY, AND THE AMERICAN BILLIONAIRES THAT FUND IT.

9- GOP MEGADONOR IS FUNDING A FAR-RIGHT ISRAELI THINK TANK — AND ESTABLISHMENT DEMOCRATS.

10- The billionaires of Kehalat invested in a company in which Economy Minister Nir Barkat has holdings.

11- How was the Ecclesiastical Forum born, the most successful project of the right in the last decade – and who finances it.

12- Far-right Maoz seeks to end Diaspora donations to pluralistic school education.

13- Cabinet okays far-right MK Maoz as overseer of external programming at schools.

14- The U.S. Billionaires Secretly Funding the Right-wing Effort to Reshape Israel.

15- Meet the Billionaire and Rising GOP Mega-Donor Who’s Gaming the Tax System.

16- opensecrets.

17- MEET THE ISRAELI ORGANIZATION BEHIND THE LEGISLATION TO SUBVERT ISRAELI DEMOCRACY, AND THE AMERICAN BILLIONAIRES THAT FUND IT.

المصدر : الجزيرة