لماذا يرفض الفلسطينيون التبرع بشيكل واحد من أجل القدس؟

Palestinian leader Mahmoud Abbas reads a statement during a meeting with U.S. Secretary of State Antony Blinken (not seen) in Ramallah in the Israeli-occupied West Bank January 31, 2023. Ronaldo Schemidt/Pool via REUTERS
أصدر الرئيس "محمود عباس" مطلع هذا العام قرارا بخصم شيكل واحد من الفاتورة الشهرية لمشتركي خدمات الاتصالات الفلسطينية، قائلا إنها ستذهب لدعم مدينة القدس المحتلة. (رويترز)

حين أصدر رئيس السلطة الفلسطينية "محمود عباس" مرسوما عام 2016 لإنشاء مؤسسة "خالد الحسن" للسرطان وزراعة النخاع بقيمة 140 مليون دولار، بهدف إنشاء مستشفى يخدم الغرض ذاته، غَمَرت الفرحة الفلسطينيين، وبالأخص المرضى وذويهم، بالنظر إلى حاجتهم الماسة إلى خدمات هذا المستشفى. وبعدما تبرَّع المواطن الفلسطيني "حسيب الصباغ" بأرض في قرية "سردا" القريبة من مدينة "رام الله" مساحتها نحو 50 فدانا لإنشاء مدينة طبية، عجَّل المواطنون من شتى محافظات فلسطين من موظفين ورجال أعمال للمساهمة بأموالهم من أجل أعمال البناء. ولكن منذ ذلك الحين، مرَّ وقت طويل دون أن يرى أحد حجرا واحدا في المكان المُخصَّص للمشروع، بل وجاءت الصدمة الكبرى يوم صدر مرسوم رئاسي ثانٍ عام 2021 نَصَّ على إمكانية تغيير مهام المؤسسة، بحيث يصبح إنشاء المستشفى خيارا ضمن مجموعة خيارات، ويمكن استبداله بتطوير أقسام داخل مستشفيات قائمة فالفعل.

 

لم يقتنع الفلسطينيون بالمبرر الرسمي بعدم توفر الأموال الكافية لإقامة المشروع في الوقت الراهن، والتأكيد أن التبرعات المالية المخصصة له لا تزال موجودة ومحفوظة في حساب بنكي خاص بالمؤسسة، وبينما هم في خيبة أمل كبيرة وتشكُّك حيال الحكومة الفلسطينية، بسبب هذه الواقعة وغيرها، أصدر الرئيس عباس مطلع هذا العام قرارا بخصم شيكل واحد من الفاتورة الشهرية لمشتركي خدمات الاتصالات الفلسطينية، قائلا إنها ستذهب لدعم مدينة القدس المحتلة. وبالفعل تلقَّى عشرات الآلاف من الفلسطينيين يوم الاثنين 23 يناير/كانون الثاني 2023 رسائل نصية على هواتفهم المحمولة من شركات الاتصالات تُبلغهم بفرض مبلغ 1 شيكل على فواتيرهم.

إعلان

 

من المتوقع أن يصل المبلغ الإجمالي المجموع بهذه الطريقة إلى نحو 5 ملايين شيكل شهريا، استنادا إلى عدد المشتركين في شبكات الاتصالات؛ وستُحوَّل إلى حساب خاص بالبنك الإسلامي للتنمية في مدينة "جدّة" السعودية، ثم تُخصَّص للمشاريع التنموية في القدس التي تعاني من مخططات التهويد الإسرائيلية والحصار المالي وتراجُع الدعم الخارجي. وفي حين أن الفلسطينيين من غير المتوقع أن يترددوا في دعم أهلهم في القدس، يبدو أن موقفهم من هذه الخطوة عكس مشكلة أعمق تتعلق بطبيعة العلاقة بين الشعب والسلطة الفلسطينية.

 

الشعب والسلطة.. أزمة ثقة

خلال القمة العربية التي عُقِدَت بالجزائر في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وافقت الدول المجتمعة على قرار إضافة أصغر وحدة من العملة الوطنية لكل دولة عربية وإسلامية إلى الفاتورة الشهرية لمشتركي خدمة الهاتف الثابت والمتنقل، على أن تُحوَّل تلك الأموال إلى البنك الإسلامي للتنمية بجدّة واستخدامها في مشاريع بالقدس. وقد صدر قرار مماثل أيضا في الدورة الأخيرة للجنة التعاون الاقتصادي والتجاري بمنظمة التعاون الإسلامي (كومسيك) التي عُقِدَت في إسطنبول في الشهر نفسه، وكانت السلطة الفلسطينية أول مَن شَرَع في تطبيقه. أما رَدَّة الفعل الشعبية في فلسطين فجاءت رافضة في معظمها لهذا القرار، حيث أعرب المواطنون عن غضبهم، وندَّد النشطاء بـ"فساد السلطة"، وهاجموا الرئيس الفلسطيني.

 

وقد تحدَّث "ميدان" مع "أبو عبد الرحمن" من مدينة "نابلس" الذي فسَّر غضب ورفض العديد من الفلسطينيين للأمر قائلا إنه يرفض مبدأ إجبار الشعب على التبرع الذي يُفترَض أن يكون طَوْعيا، وإنه لا يرى أثرا لتبرعات سابقة على حال القدس وأهلها، مضيفا: "لماذا لا يؤخذ المبلغ مباشرة من شركات الاتصالات التي توازي أرباحها سنويا ملايين الدولارات؟". وعقَّب "مجاهد بني مفلح"، الصحافي الفلسطيني المقيم في رام الله، على الانتقادات الفلسطينية في حوار مع "ميدان"، مؤكدا أن الرفض الشعبي لحملة "شيكل واحد" يعود إلى التجارب المريرة السابقة لحملات مشابهة، والخذلان الذي يزداد يوما بعد يوم حيال المشاريع الحكومية، وآخرها مستشفى خالد الحسن للسرطان، وصندوق "وقفة عز" الذي جمع المال لصالح متضرري جائحة كورونا واللقاحات، حيث يقول: "كل التبرعات والخصومات من رواتب الموظفين تبخَّرت، وهناك حصيلة متراكمة من انعدام الثقة، وشبه يقين لدى الفلسطيني بأنه يُسرق، وأن السلطة غير مؤتمنة على إيصال الأموال إلى مستحقيها".

إعلان

 

من جانبه، يقول المقدسي "ناصر الهدمي"، رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة الهدم والتهجير، إن ردة الفعل الرافضة لم تعكس بُخلا أو تراجعا عن دعم القدس، لكنها نابعة من التشكيك في السلطة الفلسطينية ذاتها، إذ يرى الشعب أنها لا تعبِّر عن إرادة الشعب الفلسطيني، وتمتلك علاقات وثيقة بسلطات الاحتلال الإسرائيلي، ثم أضاف: "القدس لم تكن يوما على رأس أولويات السلطة، التي استخدمت معاناتها كي تغتني على حساب المدينة ليس إلا. ويعتقد الناس أن السلطة تنهب الأموال التي تُرسَل لدعم مدينة القدس، ولربما يعي بعض المانحين الذين أرسلوا الأموال هذا الأمر، لكنهم رفعوا العَتب عن أنفسهم وأراحوا ضمائرهم بتقديم الدعم للقدس من أجل الاستهلاك الإعلامي"، وفق قوله. ويستطرد "الهدمي" قائلا: "إن القدس في غِنى عن هذا الشيكل الواحد الذي سيُقتطع من أموال الشعب في الضفة الغربية وقطاع غزة".

 

لا ثقة.. ولا تمويل منذ عشر سنوات

Family and friends attend the funeral of Al Jazeera reporter Shireen Abu Akleh, who was killed during an Israeli raid in Jenin in the occupied West Bank, in Jerusalem, May 13, 2022. REUTERS/Ammar Awad
لم يلمس المواطن الفلسطيني العادي أي تغيير في أحواله أو في جودة الخدمات المقدمة إليه، فيما لا يزال المسؤولون الفلسطينيون يصدحون بتصريحاتهم التي تحذر من قُرب انهيار السلطة الاقتصادي. (رويترز)

بالنسبة للفلسطينيين، كانت زيارة الرئيس الأميركي "جو بايدن" في منتصف يوليو/تموز الماضي لمستشفى "أوغستا فكتوريا" في القدس المحتلة حدثا مهما، حيث اعتبرها المسؤولون الفلسطينيون انتصارا سياسيا على الإسرائيليين، فيما رأى فيها النشطاء الفلسطينيون فرصة جيدة لإظهار اعتراضهم على السياسة الأميركية المتواطئة مع الانتهاكات الإسرائيلية بشكل غير مسبوق، لا سيما تحت إدارة الرئيس الأميركي السابق "دونالد ترامب".

 

ومن أجل ذلك، استقبل الفلسطينيون بايدن أمام المستشفى رافعين الأعلام الفلسطينية وصور صحافية قناة الجزيرة والشهيدة الفلسطينية صاحبة الجنسية الأميركية "شيرين أبو عاقلة" التي قُتلت برصاص الاحتلال الإسرائيلي، كما أطلقوا بالونات تحمل صورها على الطريق المؤدي إلى المستشفى. ومع ذلك، كان الأهم هو الإشارة التي حملتها تلك الزيارة بعودة الدعم المالي الأميركي للفلسطينيين، بُغية تخفيف الصعوبات المالية التي تعاني منها السلطة وتنعكس بطبيعة الحال على الاقتصاد الفلسطيني، فقد أعلن بايدن عن تقديم مساعدة لشبكة مستشفيات القدس بقيمة 100 مليون دولار، تلك الشبكة التي كانت تُهدِّد بتعليق خدماتها بسبب الديون المتراكمة، مع ما يستتبعه ذلك من تعريض أكثر من 500 مريض بالسرطان يتلقون العلاج فيها للخطر.

إعلان

 

بطبيعة الحال، لم يحل المال الأميركي أزمة مستشفى "أوغستا فيكتوريا" ولا غيره من مستشفيات القدس، وهي أزمة ناجمة عن التأخر الشديد في دفع فواتير المرضى المحالين إليها من قِبَل السلطة الفلسطينية، حيث يُقدَّر إجمالي الديون على السلطة الفلسطينية لشبكة مستشفيات القدس الشرقية بنحو 105 مليون دولار منها نحو 72 مليون دولار مستحقة لمستشفى "أوغستا فيكتوريا" وحده. وكذلك لن يحل الأزمة أن يعود الدعم الأوروبي للسلطة، حيث أعلن الاتحاد الأوروبي عودته في يونيو/حزيران الماضي بعد موافقة المفوضية الأوروبية على تخصيص مبلغ قيمته 224.8 مليون يورو.

 

رغم كل تلك الأموال التي تعهَّد بها المانحون، لم يلمس المواطن الفلسطيني العادي أي تغيير في أحواله أو في جودة الخدمات المقدمة إليه، فيما لا يزال المسؤولون الفلسطينيون يصدحون بتصريحاتهم التي تحذر من قُرب انهيار السلطة الاقتصادي. وتعود الأزمة المالية للسلطة الفلسطينية إلى عام 2013، حين وقع انخفاض حاد في المساعدات الدولية لميزانيتها التي تقلصت من 1.3 مليار دولار عام 2013 إلى 129 مليون دولار عام 2021، فيما أفاد البنك الدولي أن المساعدات الخارجية للسلطة الفلسطينية انخفضت من 27% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2008 إلى 1.8% فقط من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2021. وهو انخفاض تفاقم أثره المتراكم طيلة السنوات العشر الماضية، وأدى إلى مشكلات مالية وهيكلية عميقة في السلطة الفلسطينية وإنفاقها العام، وفي الاقتصاد الفلسطيني بالتبعية.

 

على مدى العقد الماضي، انتهج الاتحاد الأوروبي سياسة تأخير صرف المساعدات للقطاعات الحيوية الفلسطينية، مثل رواتب الموظفين وفواتير المياه والكهرباء والعلاج والبرامج التنموية، التي تُقدَّر قيمتها بنحو 230 مليون دولار. مثلا، في عام 2021 ربط الاتحاد تسليم تلك الأموال بتغييرات محددة في الكتب المدرسية الفلسطينية التي زَعَم أنها "تحتوي على تحريض ضد إسرائيل ومحتوى معادٍ للسامية". ومؤخرا خفَّض الاتحاد الأوروبي مساعداته لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) بنسبة 40% للفترة 2022-2024، من 135 مليون دولار إلى 82 مليون دولار فقط.

إعلان

 

وبينما أدى تعليق الاتحاد الأوروبي للمساعدات إلى شل القطاعات والخدمات الفلسطينية الحيوية، بما في ذلك الرعاية الصحية في القدس الشرقية المحتلة، جاءت الضغوطات الأميركية التي بدأت عام 2018 بالمزيد من التبعات القاسية، إذ أقرَّت إدارة ترامب قانون "تايلور فورس" الذي قضى بقطع المساعدات عن السلطة الفلسطينية في حال استمرار دفعها مخصصات لأسر الشهداء والأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال. وقد أدى القانون إلى قطع نحو ثلث المساعدات الأميركية، تماما كما أثَّر اقتطاع إسرائيل ملايين الدولارات من عائدات الضرائب الفلسطينية على ميزانية السلطة.

 

ومثلما لعبت الأزمات المؤقتة دورا في تفاقم الأوضاع، بما في ذلك جائحة "كوفيد-19″، أثَّر أيضا تراجع الدعم العربي للفلسطينيين على الوضع المالي الحَرِج للسلطة الفلسطينية. فقد أنهت السعودية دعمها لميزانية السلطة عام 2020 بعد تخصيصها ما يصل إلى 200 مليون دولار في السنوات السابقة للميزانية الفلسطينية، وذلك بسبب "استيائها من الفساد المستشري في السلطة"، ورغم أن المساعدات بدأت في العودة مجددا عام 2021، فإنها لا تزال غير كافية لحل الأزمات المالية للسلطة.

 

حاجة القدس ماسة إلى الدعم.. ولكن

Friday prayer at Al-Aqsa Mosque in Jerusalem- - JERUSALEM - FEBRUARY 24: Palestinians demonstrate in solidarity with Palestinians in Israeli jails as hundreds of Muslims arrive in Al-Aqsa Mosque for perform Friday prayer during the rain in Jerusalem on February 24, 2023.
يضع الاحتلال ميزانية ضخمة لمحاربة التعليم الفلسطيني وفرض المناهج الإسرائيلية على الطلبة المقدسيين وإغرائهم بدخول المدارس المدعومة من دولة الاحتلال. (الأناضول)

قبل بضعة أسابيع، صوَّرت "جي ميديا"، وهي مؤسسة إعلامية فلسطينية، تقريرا مدته ثلاث دقائق تقريبا نقل آراء بعض المواطنين بمدينة الخليل حيال قرار شركات الاتصالات إضافة شيكل واحد شهريا على فواتير المستخدمين. وقد غلبت الآراء الساخطة على المشاركين في المدينة، التي تُعَدُّ قلعة الاقتصاد الوطني وتبرَّع مواطنوها سابقا لمستشفى خالد الحسن للسرطان، حيث قال أحد المواطنين: "من أجل القدس ضحَّى الفلسطينيون بأرواحهم وحريتهم وما زالوا، ولذا كل ما هنالك أننا لا نرى في القرار إلا احتيالا جديدا"، بحسب قوله، فيما قال آخر: "هذه اسمها خاوة (مصطلح شعبي فلسطيني يعني أن يتم أمر ما رغما عنك) وأنا اليوم قدَّمت كتابا بتوقيف فاتورة الاتصالات الخاصة بي لدى شبكتَيْ جوال ووطنية"، ثم قال ثالث مُتهكِّما: "الأَوْلى هو التبرُّع للقدس من حسابات الوزراء والرئيس الفلسطيني في سويسرا".

إعلان

 

يَعتبر الصحافي بني مفلح الموقف الشعبي من قرار السلطة نابعا أيضا من مخالفته للدستور، الذي ينص في المادة 88 على أنه يُمنَع أخذ مال من الناس دون قرار أو قانون من البرلمان"، علاوة على ما رآه الناس من فشل للسلطة الفلسطينية في إدارة شتى الملفات السياسية والاقتصادية والصحية والتعليمية، وتفشي الفساد، مضيفا: "في الحقيقة، حين تذهب الثقة، لا أعتقد أن هناك الكثير من الخيارات. سيكون هناك مسار شاق وطويل من الإصلاح والمصارحة والبناء لكسب الثقة، ولا أرى أن السلطة بعقليتها الحالية تريد أن تسلك هذا المسار".

 

وفقا لنص القرار العربي المتفق عليه بخصوص التبرُّع للقدس، يُفترَض أن يُطبَّق القرار في الدول العربية أيضا، ويرى بني مفلح أن حال المواطن العربي تجاه حكوماته ومستوى ثقته فيها في الكثير من البلدان لا يختلف كثيرا عن نظيره الفلسطيني وعلاقته بالسلطة. بيد أن عاطفة الشعوب العربية تجاه فلسطين، واستعدادها أن تقدِّم مبلغا ضئيلا للقدس، لن يواجه عقبات شعبية في ظل عودة الاهتمام بالقضية الفلسطينية طيلة العامين الماضيين على خلفية حربَيْ غزة الأخيرتيْن وأحداث الشيخ جراح والتضامن الواسع مع معتقلي سجن جلبوع ومقتل شيرين أبو عاقلة. ولهذا يقول بني مفلح: "لا أعتقد أنه ستكون هناك موجة رفض عربية مثل تلك الموجودة بين الفلسطينيين، رغم أن الشعوب العربية مُنهَكة اقتصاديا أيضا".

 

أما الأكثر إلحاحا فهو أن هذه الأزمة أتت في ظل حاجة مدينة القدس الماسَّة بالفعل إلى دعم صمود أهلها وإيصال الدعم إلى مستحقيه، فالقدس بحاجة إلى التبرعات والدعم المالي من الدول العربية، كما يؤكد "زياد الحموري"، مدير مركز القدس للحقوق القانونية والاجتماعية، مثلما هي بحاجة إلى الدعم المعنوي في خضم اشتداد موجة التهويد والتهجير والاستيطان، ووجود أكثر الحكومات تطرفا في تاريخ إسرائيل بالسلطة في تل أبيب. وثمَّة قضايا عادلة على الصعيد المالي أبرزها القطاع الصحي والتعليمي، إذ تعاني القدس والضفة عموما من نقص كبير في الصفوف التعليمية والمدارس المؤهَّلة والمختبرات. وفي المقابل، يضع الاحتلال ميزانية ضخمة لمحاربة التعليم الفلسطيني وفرض المناهج الإسرائيلية على الطلبة المقدسيين وإغرائهم بدخول المدارس المدعومة من دولة الاحتلال عبر توفير أحدث وسائل التعليم فيها، بالتوازي مع مقررات تقوِّض بوضوح من الثوابت القومية الفلسطينية والعربية.

إعلان

 

في نهاية المطاف، يبدو أن هنالك تخوفات شعبية "مشروعة من وجهة نظر الكثيرين" من أن تستحوذ السلطة على الأموال مثلما فعلت أكثر من مرة، لا سيما أن الفلسطينيين يعلمون أن الوضع المالي للسلطة صَعب ويجعل استمرارها على المحك. أما إذا عَرف الرأي العام الفلسطيني أين تذهب النقود بوضوح وشفافية، وفي أي مشاريع بالضبط، فلن يتردَّد في تقديم الدعم، فكل ما يطالب به الفلسطينيون هو وجود رؤية واضحة وشفافة، وأن يروا أثر أموالهم وتبرعاتهم في حماية المدينة، التي قدموا أرواحهم بالفعل من أجلها ولن يبخلوا عليها بشيكل واحد بطبيعة الحال. غير أن توابع القرار العربي، لا سيما إن طُبِّق عربيا وإسلاميا بالفعل، والعوائد المالية الضخمة التي سيخلقها، تُوجِب من السلطة وحلفائها من الدول العربية أن يأخذوا زمام المبادرة لتشكيل إطار مؤسسي يحظى بالثقة، كي يتابع الفلسطينيون والعرب مصير تبرُّعاتهم لمدينة القدس.

المصدر : الجزيرة

إعلان