غوانتانامو في الصحراء.. معضلة نساء وأطفال تنظيم الدولة تؤرق أوروبا
بدأت(1) قصة "أناييس"، التي كانت تسكن إقليم "سافوا العليا" الفرنسي الواقع على الحدود الشرقية للبلاد مع جارتها سويسرا، بلقائها مع زوجها المستقبلي "بينجامان"، اعتنق الشابان الإسلام، وسرعان ما وقعا في غرام مشروع "تنظيم الدولة الإسلامية" الذي دغدغ مشاعر المتحمسين، بعد أن قطع التنظيم على نفسه وعدا بإقامة دولة الإسلام في الأرض لجمع شتات المسلمين المستضعفين في كل مكان.
انطلقت رحلة الثنائي إلى "أرض الخلافة" بحثا عن "دولة الإسلام"، لكن الواقع كان صعبا للغاية ومختلفا كثيرا عن "يوتوبيا" المدينة الإسلامية الفاضلة، انتهى مشروع "داعش" بهزيمة شتتت جمع قيادات التنظيم والمؤمنين به، فتغير حال الكثيرين من الذين بايعوا البغدادي للخلافة. تنقل لنا قناة "RTS" السويسرية قصة "أناييس" وآخرين تركوا أوروبا نحو شرق أوسط مشتعل، أما الشق الآخر من الحكاية فيظهر فيه والد الفتاة الفرنسية متأثرا وهو يشاهد آخر مقطع فيديو أرسلته إليه ابنته وهي تلعب مع أطفالها، ورغم تأثرها الشديد، فإنها أكدت أنها ما زالت مقتنعة تماما بصحة خطوتها نحو بلاد الشام. لسوء الحظ، لا تنتهي الحكاية عند هذا الحد، فبعد أيام قليلة من التسجيل ستخترق رصاصات القوات الكردية جسد الفتاة وزوجها، ليتركان خلفهما طفلتهما الصغرى "أمامة" التي لم تنطق كلماتها الأولى بعد، فيما انقطعت أخبار أختها الكبرى التي يُرجَّح أنها قُتلت في المعركة هي الأخرى.
لم تنته القصة هنا أيضا، بل يمكن القول إنها بدأت للتو بالنسبة إلى الجد الذي بدأ عملية البحث عن حفيدته الصغرى، لعله يجدها، ولعله ينجح في ما هو أصعب من إيجادها: إعادتها إلى فرنسا وإنقاذها من الحياة في المخيمات القاسية المنصوبة وسط الصحراء السورية.
الخوف من "الذئاب المنفردة"
رغم بعدها الجغرافي عن مناطق النزاع في منطقة الشرق الأوسط، فإن الدول الأوروبية كانت إحدى الأهداف التي توجهت إليها نيران مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية ما بين عامي 2015 و2016، نتج عن هذه العمليات ارتفاع نسبة رفض عودة المقاتلين من مناطق النزاع المسلح، لما يشكله ذلك على الأمن الداخلي لهذه الدول.
غير أن قضية عودة المقاتلين بدأت تتخذ حيزا مهما في النقاش الأوروبي بعد تراجع التهديد المسلح لتنظيم الدولة داخل سوريا وبعض المناطق الأخرى التي كانت خاضعة له، ومع تزايد أعداد المحتجزين وتمدد مساحات المخيمات، بدأت مشكلات الجهاديين السابقين وأسرهم تأخذ أبعادا أكبر بسبب التفجيرات العنيفة التي عرفتها بعض المخيمات، كمخيم "الهول" شمالي شرق سوريا، بالإضافة إلى ارتفاع عدد وفيات الأطفال بسبب نقص الأغذية والملابس والطعام وانتشار الأمراض جراء كل ذلك(2).
وحسب بعض الإحصائيات التي أجرتها الإدارة الذاتية الكردية لشمال شرق سوريا في أواخر يوليو/تموز 2018، فإن عدد المقاتلين الأجانب الذين اعتُقلوا يناهز 500 شخص، بالإضافة إلى 550 امرأة وأكثر من 1200 طفل. هذا الرقم يتطابق مع أرقام صدرت سنة 2019 تؤكد أن خُمس مقاتلي داعش البالغ عددهم 10 آلاف هم من حاملي جوازات السفر الأوروبية، علما أن هذه الأعداد عرفت تطورا منذ سنة 2019 حتى الآن بعد انضمام محتجزين آخرين إلى هذه المخيمات(3).
لكن رغم هذه الأعداد المُثبتة، تتشبث الدول الأوروبية بعدد من الذرائع من أجل إبقاء مواطنيها في معسكرات الأكراد بعيدا عن القارة العجوز، فهي ابتداء تخشى من أن يستخدم هؤلاء المقاتلون خبراتهم التي جمعوها في المعارك ضد البلدان التي يحملون جنسيتها، أضف إلى ذلك صعوبة جمع الأدلة لمحاكمة المشتبه في تورطهم بجرائم خلال مقامهم بين صفوف رجال تنظيم الدولة الإسلامية، إذ تفتقر المسالك القانونية إلى الأدلة الدامغة لإدانة هؤلاء العائدين، فقد ذكرت مصادر ألمانية على سبيل المثال(4) أن السلطات المحلية لم تستطع إثبات ضلوع مواطنَين ألمانيَّين رحّلتهما تركيا في أنشطة جهادية؛ وهو ما جعل الأمن الألماني يُحجم عن اعتقالهما بعد وصولهما إلى الأراضي الألمانية بسبب عدم وجود أدلة كافية لإصدار مذكرات اعتقال بحقهما.
تواجه هذه الدول أيضا مشكلة ثانية -حسب المسؤولين المحليين- تتمثل في صعوبة إعادة تأهيل هؤلاء المقاتلين الأجانب الذين يحمل معظمهم أفكارا متطرفة، إذ سيكون من السهل عليهم نقل هذه الأفكار ونشرها في الأوساط التي ينتمون إليها، والتي تعاني -كغالب أحياء المهاجرين- من الفقر والتهميش والانعزال عن بقية المجتمع، هذا الرأي تؤيده بعض الدراسات غير الحكومية التي تعتبر أن المقاتلين الأجانب العائدين من مناطق الصراع يؤدون دورا في نشر التطرف أو خلق خلايا نائمة أو الإقدام على بعض الجرائم الجنائية(5).
في نظرتها تلك، لا تفرق الدول الأوروبية بين الرجال الذين حملوا السلاح للقتال في صفوف داعش، والنساء اللاتي رافقن أزواجهن إلى "بلاد الخلافة"، أو حتى الأطفال حديثي السن الذين خَطَوا خطواتهم الأولى في الحياة بين المدن التي كان يسيطر عليها التنظيم ووسط مخيمات الاحتجاز الكردية بعد ذلك. وتعتبر الحكومات الغربية أن نسبة من هؤلاء النسوة يحملن أفكار التنظيم المتطرفة؛ وهو ما دفع المسؤولين عن المخيمات إلى فصلهن عن باقي اللاجئين حتى لا تنتشر أفكارهن في المخيم(6).
اختلاف في توصيف الدواء
لا تمتلك أوروبا إستراتيجية موحدة لحل مشكلة أسر الجهاديين وأسرهم من العالقين في مخيمات الشرق الأوسط، ففي الوقت الذي ترى فيه بعض الدول كفنلندا أن الحل سيكون بإعادة مواطنيهم على اعتبار أن هذا الأمر قد يخفف من حدة التطرف خصوصا في صفوف الأطفال، تتجه دول أخرى مثل فرنسا إلى التخلي شبه الكلي عن هؤلاء القادمين من المناطق التي كانت خاضعة سلفا لتنظيم الدولة على اعتبار أنهم "قنابل مؤقتة".
في مقال(7) له حول الموضوع نُشر على موقع جريدة "لوموند"، قال "جون بيير فيليو"، المؤرخ والأستاذ في تاريخ الشرق المتوسط بمعهد الدراسات السياسية بباريس، إن فرص الجهادي العربي الذي ثبت حمله للسلاح في الخروج من سجون القوات الكردية ثم من مخيماتها للذهاب إلى مناطق أكثر آدمية تبقى أكبر من عودة طفل فرنسي قاصر إلى فرنسا. ونقل الكاتب عن صحيفة "الغارديان" البريطانية قصة جهاديين تمكنوا من الخروج من سجون القوات الكردية بعد أداء مبلغ 8000 دولار للابتعاد عن مخيم "الهول" الذي يقطنه حوالي 68 ألف شخص من جنسيات مختلفة، في الوقت الذي لا تزال فيه النساء والأطفال الفرنسيون يقيمون في ذلك المخيم الذي يفتقر إلى أبسط متطلبات الحياة العادية.
يضيف "فيليو" قائلا: "هؤلاء الجهاديون لم يتمكنوا من الخروج من المخيم فقط، بل أخرجوا أسرهم بعد تمرير اتفاق مع القوات الكردية، ليتمكنوا من الذهاب للاستقرار في بعض المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية، ثم تجاوزوا بعد ذلك الحدود السورية التركية بحثا عن حياة هناك".
لا عجب أن فرنسا تقف على رأس البلدان الرافضة لاستعادة مواطنيها العالقين في سوريا من الذين شاركوا أو عاشوا في مناطق تنظيم الدولة، رغم أنها كانت في مقدمة الدول الأوروبية المصدِّرة للجهاديين. صدّرت فرنسا حسب الأرقام الصادرة عن "لوران نونيز"(8)، المنسق الوطني للاستخبارات ومكافحة الإرهاب الفرنسية، 1450 شخصا ما بين عامي 2012 و2013، عاد 430 منهم بينهم 130 طفلا إلى البلاد في وقت سابق عبر أساليبهم الخاصة أو بعد ترحيلهم من طرف السلطات التركية إلى بلدهم الأصلي. أما باقي الجهاديين الفرنسيين فقد انقسموا بين معتقل في الأراضي السورية وبين قتيل أثناء المعارك المختلفة (الأرقام تشير إلى 700 قتيل)، وحاليا تحتجز القوات الكردية حوالي 80 امرأة و200 طفل فرنسي لا تبدو بلادهم متحمسة لإعادتهم إلى أراضيها، فقد وافقت باريس بصعوبة على إعادة 10 أطفال في وقت سابق بعد موافقة أمهاتهم على التخلي عنهم مقابل إيصالهم إلى بر الأمان(9). ورغم الزيارات التي يقوم بها بعض المسؤولين الفرنسيين بين الحين والآخر لمراكز الاحتجاز الكردية للاطّلاع على الأوضاع هناك، فإن الوضع القائم لا يبرح مكانه، إذ تحتل باريس المرتبة الأولى في عدد النساء المحتجزات رفقة أطفالهن، في حين يلف الصمت مصير الرجال الجهاديين الذين لن تستعيدهم باريس تحت أي ظرف(10).
تتخوف الحكومات الفرنسية على ما يبدو من الإقدام على إعادة أسر الجهاديين خوفا من رد فعل الرأي العام وتحقيق أحزاب اليمين المتطرف للعديد من المكاسب السياسية جراء هذا القرار. وفي السياق نفسه، تتناول ألمانيا بحذر شديد ملف الجهاديين العالقين مع أسرهم في سوريا، فقد عرفت ألمانيا في وقت سابق خروج حوالي 1050 شخصا إلى مناطق النزاع في سوريا والعراق، عاد معظمهم ما بين عامي 2014 و2015، في حين لا يزال المئات من الألمان في هذه المناطق، سواء لمواصلة القتال أو بسبب اعتقالهم من طرف القوات الكردية شمال شرقي سوريا، مع وجود 95 فردا محتجزا حاليا لدى السلطات التركية.
تقدر بعض المصادر(11) عدد الألمان الموجودين في مخيم "الهول" حاليا بـ50 امرأة و60 طفلا و30 رجلا، وقد عملت ألمانيا على إرسال فرق تحقيق سرية لتتبّع جهادييها لكونها لا تملك حضورا دبلوماسيا على الأراضي السورية، حتى يتسنى لها محاكمتهم حال عودتهم إلى بلادهم، كما حذرت الاستخبارات الألمانية من الأطفال والمراهقين الذين لُقِّنوا أدبيات تنظيم الدولة والذين قد يشكلون قنابل موقوتة قد تنفجر في داخل البلاد في أي وقت. لذلك، تعمل برلين على تقسيم جهادييها إلى مجموعات حسب درجة خطورتهم حتى تتمكن من التعامل معهم، فهي تدرس ملف كل حالة على حدة لأن هامش الخطأ بالنسبة إليها يجب أن يقترب من الصفر، لكون القانون الألماني لا يعاقب على السفر إلى سوريا والعراق، بل على الجرائم التي أقدم عليها المسافرون في تلك المناطق، ما يعني ضرورة إثبات هذه الجرائم لعقد المحاكمات على ضوئها.
في السياق نفسه، تحاول بريطانيا تجنب عودة مواطنيها من الجهاديين إلى البلاد رغم ضآلة أعدادهم، إذ أُلقي القبض على معظمهم خلال الأيام الأخيرة لـ"خلافة داعش". المسار نفسه سلكته بلجيكا التي تحاول دراسة الملفات بعناية قبل إعطاء فرصة العودة لبعض العالقين، لكن على النقيض من ذلك، سارت فنلندا على منهج مخالف كما أشرنا، إذ أقرت أواخر عام 2019 التزاما يضمن حقوق الأطفال الفنلنديين القابعين في المخيمات السورية، إذ عينت مبعوثا خاصا بهذه المهمة ينوب عن وزارة الخارجية الفنلندية لدى الأمم المتحدة(12).
في البداية لقيت هذه الخطوات معارضة داخلية قوية بسبب الخوف من تهديد هؤلاء العائدين للأمن الداخلي للبلاد، لكن الحكومة الفنلندية أكدت مواصلتها استعادة مواطنيها من الأطفال. وبحلول مارس/آذار 2021، كانت هلسنكي قد أعادت 20 طفلا و6 نساء من الأراضي السورية، وعلّق "جوسي تانَّر"، الممثل الخاص لوزارة الخارجية الفنلندية لدى الأمم المتحدة، على هذه العمليات قائلا: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال في المخيمات ونشأتهم في بيئة مُتطرفة دون تعليم وحماية، زادت صعوبة مكافحة التطرف العنيف والراديكالية في المستقبل، إنهم مواطنون فنلنديون بالنهاية، وعودتهم إلى وطنهم في مرحلة ما هو أمر مرجح جدا على أية حال. الشيء الذي نستطيع اختياره حقا هو توقيت عودتهم وكيفيته، وليس ما إذا كانوا سيعودون أم لا".
ضغوط من واشنطن ومن منازل الأسر
من أجل الانتهاء من هذا الصداع الذي يسببه مواطنوها في الأراضي السورية، تحاول عدة دول أوروبية لعب ورقة "سحب الجنسية" بوصفه حلا قانونيا يُمكِّنها من التخلص من مسؤوليتها تجاه هؤلاء الذين يعيشون في مناطق النزاع الشرق أوسطية.
في سنة 2019، سحبت بلجيكا جنسيتها من 13 شخصا بسبب مشاركتهم في عمليات إرهابية أو بسبب قتالهم في صفوف تنظيم الدولة، ضمت بروكسل بعد ذلك إلى هذه القائمة مجموعة من 6 أفراد للاعتبارات نفسها، وأبدت بريطانيا تحمسها لهذا الحل بعد أن سحبت جنسيتها ولأول مرة من فتاة بريطانية من أصل بنغلاديشي تدعى "شميمة بوغوم"(13)، من جهتها كانت فرنسا قد بدأت في السعي لسحب جنسيتها من مواطنيها الجهاديين في عهد حكومة فرانسوا هولاند، وهو ما تسبب في تصدع داخل الحكومة الاشتراكية التي كان يرى بعض وزرائها أن هذه الخطوة هي أقرب للأيديولوجية اليمينية منها إلى أدبيات اليسار الفرنسي.
لكن على كل حال تبقى هذه الحلول ترقيعية، إذ تواجه السلطات الأوروبية ضغوطا داخلية كبيرة من طرف المعارضة وأسر العالقين الذين يطالبون بإعادة أبنائهم أو على أقل تقدير أحفادهم الذين لا ذنب لهم في قرارات الآباء الذين قضى بعضهم في المعارك السورية والعراقية، ففي فرنسا مثلا تقدم نائبان في البرلمان الفرنسي في مارس/آذار الماضي برسالة تطالب بإعادة الأطفال الفرنسيين مع أمهاتهم، متهمَين الحكومة الفرنسية بالتضحية بالأطفال لاعتبارات انتخابية(14).
في الفترة الأخيرة، ارتفعت أصوات النساء المحتجزات في المخيمات السورية، وبدأت بعض الفرنسيات مثلا الانخراط في خطوات تصعيدية ضد حكومتهن عبر الدخول في إضراب عن الطعام(15)، من جهتها توجهت بعض الأسر نحو المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان للمطالبة بإعادة بناتهم وأحفادهم من مخيمات الاحتجاز السورية. وعلّق المحاميان "ماري دوزي" و"لوران بيتيتي" اللذان يمثلان الطرف المدعي على هذه الدعوات بالقول إن فرنسا انتهكت الاتفاقيات الأوروبية في مجال حقوق الإنسان برفضها استعادة مواطنيها الذين يعيشون في ظروف مزرية.
من جهتها تؤكد السلطات الكردية على ضرورة استعادة الدول الأوروبية للجهاديين وأسرهم من المحتجزين في المخيمات السورية أسوة بعدد من الدول كروسيا وأندونيسيا وتركيا والولايات المتحدة الأميركية، وهذه الأخيرة تصنف الموقف الأوروبي على أنه غير مقبول، إذ سبق لدونالد ترامب الرئيس الأميركي السابق انتقاد الموقف الأوروبي، داعيا الدول الأوروبية إلى تحمل مسؤوليتها الرسمية تجاه مواطنيها الجهاديين الأسرى في سوريا، وإعادتهم لبلدانهم لمحاكمتهم(16).
تعتبر واشنطن أن إبقاء الجهاديين وأسرهم وسط الصحراء لن يكون مفيدا، لأن الحل الصحيح لا يمكن أن يخرج عن المحاكمة أو التأهيل، من جهته قال "كريس هارنيش" المسؤول الأميركي السابق عن ملف محاربة الإرهاب والذي كان قد أشرف على إعادة الجهاديين الأميركيين من سوريا والعراق ما بين عامي 2019 و2020: "لطالما انتقدَنا الأوروبيون بسبب غوانتانامو، لديهم الآن غوانتانامو أيضا، لكن وسط الصحراء"(17).
من جهتها اقترحت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية إنشاء محكمة دولية خاصة بهؤلاء الأسرى، ليحاكموا في المناطق الخاضعة للقوى الكردية، وهو ما رفضته الولايات المتحدة الأميركية، ودعمته بعض الأطراف الأوروبية رغم الصعوبات اللوجستية المتمثلة في اختيار مقر للمحكمة وتحديد آليات عملها بجانب إنشاء مراكز احتجاز للمعتقلين، دون نسيان أن إنشاء محكمة دولية يعني بطريقة أو بأخرى إشراك نظام بشار الأسد الذي لا تعترف بعض الدول الأوروبية بشرعيته(18).
في النهاية ورغم كل هذه التحديات، يبقى إيجاد حلول حقيقية لمشكلة مقاتلي تنظيم الدولة السابقين وأسرهم من أهم القضايا التي تشغل الحكومات الأوروبية، إذ إن بقاء جميع المتعاطفين سابقا مع التنظيم في البقع الجغرافية القريبة قد يساعده على استعادة بعض مقاتليه، خصوصا بعد أن أبدى الفصيل رغبة واضحة في العودة للأضواء بعد أحداث سجن الحسكة بسوريا مؤخرا، لكن من جهة أخرى لا تشعر الدول الأوروبية بأية رغبة حقيقية في استعادة المواطنين الحاملين لجنسيتها وجوازات سفرها، لما قد يترتب عن ذلك من خسائر ربما تبدأ بالأمن، ولكنها تنتهي حتما عند السياسة، كما هو الحال دائما.
__________________________________________
المصادر:
- Sur la piste des damnés de Daech | Temps Présent
- عودة الأسرى الأوربيين في تنظيم "داعش": القضية الشائكة
- المصدر السابق
- مخاوف أوروبية من عودة المقاتلين الأجانب من القتال في صفوف داعش
- المصدر السابق
- المصدر السابق
- Mieux vaut être un jihadiste arabe qu’un enfant français pour quitter les prisons kurdes de Syrie
- المقاتلون الأجانب ـ خيارات أوروبا للتعامل مع العائدين
- المصدر السابق
- المصدر السابق
- المصدر السابق
- En Syrie, l’avenir incertain des enfants de djihadistes suisses
- المقاتلون الأجانب ـ خيارات أوروبا للتعامل مع العائدين
- واشنطن تلحّ على أوروبا لاستعادة الجهاديين الأجانب
- المقاتلون الأجانب ـ خيارات أوروبا للتعامل مع العائدين
- Jihadistes et leurs familles : le défi du retour
- Europe’s Dilemma: Take In ISIS Families, or Leave Them in Syria?
- عودة الأسرى الأوربيين في تنظيم "داعش": القضية الشائكة