هل تتجه "أبو ظبي" نحو مقديشو للفوز بـ "سقطرى" اليمنية؟

 

 

قبل بضعة أيام من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب تطبيع العلاقات الثنائية بين الإمارات وإسرائيل، وقبل أن تضج الحسابات الإماراتية بالترويج لهذا الخبر باعتباره يقع ضمن خطة "إمارات السعادة" في إيقاف ضم مزيد من الأراضي الفلسطينية للأرض المحتلة؛ كان الإعلام الإماراتي منشغلا هذه المرة بشأن آخر، إذ كان "حديث الساعة حينها بالنسبة لوسائل الإعلام الإماراتية مُتّصلا بقيام قبيلتين صوماليتين بتشكيل تحالف بينهما قبيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية المزمع عقدها في ديسمبر\كانون الأول المُقبل، وبحسب تلك الوسائل، فإن الهدف الرئيس من هذا التحالف هو طرد الرئيس محمد عبد الله فرماجو و"رجال الدوحة" في الصومال على حد تعبيرها. وبرغم أن تحالف القبلتين يبقى "أمرا طبيعيا" في ظل تحضير البلد الأفريقي للانتخابات؛ إلا أن تلك الوسائل واصلت إقحام قطر في الحدث، والتأكيد على أن الهدف هو جعل الرئيس الحالي أمام خيارين: إما الرحيل أو الدخول في حرب أهلية.

الرئيس الصومالي "محمد عبد الله فرماجو"
الرئيس الصومالي "محمد عبد الله فرماجو" (رويترز)

في الواقع، يُظهر التنامي المتزايد للتقارير الإعلامية المخصصة لتشكيل رأي إقليمي وعالمي يحرض على تنامي دور قطر وتركيا في الصومال -منذ أشاحت الإمارات بوجهها عن حكومة الصومال المركزية إثر الموقف المحايد للصومال في الأزمة الخليجية عام 2017- يُظهر امتعاض أبو ظبي دوما من العلاقة التي يمكن أن نصفها بالقوية بين قطر وتركيا مع الحكومة الصومالية المركزية. فإلى جانب سلسلة الاتفاقيات التجارية والتبادلات الدبلوماسية والتعاون الإنساني بين تلك الأطراف، يزيد القلق الإماراتي من التعاون العسكري والسياسي، فبموجب هذه التعاون دعمت قطر مقديشو ب٦٨ مركبة مدرعة، فيما أنشأت أنقرة أهم قاعدة عسكرية لها في الخارج في العاصمة الصومالية، بل إن الوجود التركي في الصومال اتخذ بُعدا أمنيا أكبر لمواجهة قرار أبو ظبي بالاستثمار في ميناء بربرة في إقليم "أرض الصومال" الانفصالي، وهو قرار يأتي في سياق الضرب بشكل غير مباشر لمواجهة أنقرة والدوحة، كداعمي لحكومة مقديشو.

إعلان

 

إلا أن الشهور الأخيرة شهدت تغييرا ملحوظا في إستراتيجية أبو ظبي نحو مقديشو؛ بعدما كانت خلافات الموقف من أزمة الخليج قد أفضت لما يشبه القطيعة بينهما. فمع اقتراب الانتخابات الرئاسية القادمة، واحتمالية وصول رئيس جديد لسدة الحكم في الصومال، تريد أبو ظبي أن يكون لها موطئ قدم في الإدارة المستقبلية. لذا، وحينما أرادت ممارسة "دبلوماسية فيروس كورونا" فإن الإمارات أغدقت من دعمها للصومال كما لم تفعل مع أي دولة أخرى في القرن الأفريقي، إذ أرادت أن تبرز من جديد كـ"داعم وراعٍ لهذا البلد الفقير"، فأرسلت في ١٤ من (أبريل \نيسان) الماضي طائرة مُحمَّلة بإمدادات طبية تخدم نحو ٢٧ ألف عامل في مجال الرعاية الصحية، وبالتعاون مع منظمة الصحة العالمية حطَّت طائرات على أرض الصومال مُحمَّلةً بنحو 27 طنا من هذه المستلزمات، ثم بعد مرور شهر واحد أعادت أبو ظبي الكَرَّة فأرسلت وحدها ٣٥ طنا من التجهيزات الطبية لمكافحة الفيروس، كما لم تنسَ أن تُحمِّل طائرتها معونات إنسانية لإغاثة المتضررين من الفيضانات التي ضربت الصومال وغمرت مدنها وقراها مؤخرا.

 

وفي مساعيها نحو إظهار المزيد من بوادر كسر الجمود في العلاقات، لم تتوانَ أبو ظبي في الأول من يوليو\تموز الماضي، أن تعرض على الحكومة الصومالية مقايضة يتم بموجبها اعادة فتح مستشفى الشيخ زايد في العاصمة مقديشو الذي أغلق نتيجة الخلافات مقابل دعم البلاد للموقف الإماراتي في اليمن، حيث شجعتها التطورات الناجمة عن سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات العربية المتحدة على جزيرة سقطرى اليمنية درة خليج عدن في 20 يونيو\حزيران الماضي.

 

عنوان ميدان

Somali military officers attend a training programme by the United Arab Emirates (UAE) at their military base in Mogadishu, Somalia November 1, 2017. Picture taken November 1, 2017. REUTERS/Feisal Omar

منذ أكثر من عقدَين، وجدت الإمارات في أحد أفقر دول القرن الأفريقي "الصومال" أرضا خصبة تقيم فيها موطئَ نفوذ لها في القارة السمراء، فهذا البلد المتعطش للأموال والمساعدات الإنسانية، خاصّةً عقب انهيار الحكومة المركزية لسياد بري عام 1991، أصبح مركزا للنشاط الإنساني الذي تقدمه جمعية الهلال الأحمر الإماراتي. يغطي ذلك النشاط 14 قطاعا رئيسيا وأكثر من 30 قطاعا فرعيا، أهمها قطاع التعليم، الصحة، الخدمات الاجتماعية، والصحة العامة، وكما تذكر وكالة أنباء الإمارات (وام) حول جملة المساعدات للصومال (بما فيها الأقاليم الانفصالية) أن : "ما أُرسل إلى الصومال من مساعدات منذ عام 2010 حتى مارس/آذار 2020 بلغ 1.2 مليار درهم إماراتي، استفاد منها أكثر من 1.2 مليون صومالي، وقد تم تقديم أكثر من نصف المساعدات (58.3%) لأغراض المساعدة الإنمائية، والبالغة 695 مليون درهم".

 

بيد أنه بعد قدوم البعثة الإماراتية إلى مقديشو وتعيين سفير إماراتي فوق العادة عام 2013، أخذ الاهتمام الإماراتي بالمشاريع الإنسانية في الصومال يتراجع لصالح الأهداف السياسية والعسكرية، كأن تدرب أبو ظبي ضمن البرنامج التدريبي الذي كان يشرف على عدة دورات تدريبية آلاف الجنود الصوماليين بين عامي 2014-2018، وتدفع رواتب مئات الجنود الصوماليين.

إعلان

 

غير أن أزمة الخليج التي حاصرت فيها السعودية والإمارات دولة قطر في العام 2017، شكّلت -كما ذكر سابقا- نقطة محورية في حلقة العلاقات الإماراتية مع الحكومة الصومالية المركزية. على إثرها خرج الصوماليون عن طوع أبو ظبي التي أرادت أُسوة بحلفائها الآخرين انتزاع موقف مؤيد لدول الحصار ضد قطر، إذ اختار الرئيس الصومالي محمد بن عبد الله محمد البقاء محايدا. بعد ذلك، تدهورت العلاقات بشكل حاد بين مقديشو وأبو ظبي عندما أقر البرلمان الصومالي مشروع قانون في مارس/آذار 2018 يمنع الأنشطة الاقتصادية والعسكرية للإمارات في البلاد، ثم بعد نحو شهر صادرت الصومال أموالا إماراتية قُدِّرت بـ 9.6 مليون دولار، قالت الحكومة إنها خُصِّصت لتأجيج الصراع بين الحكومة في مقديشو والمناطق المضطربة والانفصالية في الصومال، لتدفع المواقف الصومالية أبو ظبي لإنهاء البرنامج التدريبي للجيش الصومالي ووقف المساعدة التنموية.

Muse Bihi Abdi, of Somaliland and Sultan Ahmed bin Sulayem, Chairman and Chief Executive Officer of DP World, attend news conference after the signing ceremony of expansion project of Berbera port in Hargeysa, in northern Somalia's semi-autonomous Somaliland region, October 11, 2018. Picture taken October 11, 2018. REUTERS/Tiksa Negeri
"موسى بيهي عبدي" من أرض الصومال وسلطان أحمد بن سليم، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة موانئ دبي العالمية (رويترز)

تسبب الخلاف السابق في تحويل أبو ظبي لدعمها وعملياتها نحو المقاطعتين الشماليتين اللتان تسعيان إلى الاستقلال عن الحكومة المركزية، وهما "أرض الصومال" وإقليم "بونتلاند" شبه المستقل الذي يسيطر فيه المسلحون على موقع جيوسياسي إستراتيجي يمتد على طول الساحل الجنوبي لخليج عدن. لتتجه الإمارات نحو خط أكثر حدّية تجاه الحكومة المركزية، وأخذت تضخ أموالها في جيوب المعارضين للحكومة المركزية حتى أضحت الأكبر كمية من الأموال الأجنبية التي تدخل إقليم أرض الصومال، ليصل الحال بالإمارات عبر ذراعها موانئ دبي العالمية، بضخ 442 مليون دولار في ميناء بربرة التابع لصوماليلاند الانفصالية، وذلك بفضل اتفاقية بين الجانبين تقضي بتشغيل كلٍّ من الميناء والمطار مقابل تطوير عدة مشاريع.

 

في مشهد لافت، إذ بدا من خلفه لافتة كبيرة لصور قادة الإمارات، ومن أمامه طبق ضخم من الفاكهة المنوعة، جلس المؤرخ الإماراتي حمد المطروشي على كرسي مطلي باللون الذهبي يتكلم بحماسة أمام شيوخ وأبناء إقليم ارخبيل سقطرى اليمني أن بلاده ستعمل من أجل أن يصبح إقليمهم جزءا من دولة الإمارات، وأن يمنح سكانه الجنسية الإماراتية. وفي المقطع الذي سُرِّب في نهاية العام 2018 قال المؤرخ الإماراتي إن أغلب سكان إمارة عجمان جذورهم من سقطرى، لذا فإن "سكان سقطرى سيكونون جزءا من دولة الإمارات، وسيُمنحون جنسيتها، هذا الأمر أصبح مفروغا منه".

إعلان

 

بالطبع، لم يكن المطروشي مسؤولا رسميا، لكنه أدرك أن أهداف بلاده ستؤتي ثمارها في القريب العاجل، فهذه القطعة الطبيعية التي هي محل طمع القوى الإقليمية والدولية التي تسعى لتأسيس قواعد لها حول القرن الأفريقي، رأت الإمارات أنها الأقرب إليها من غيرها؛ لتصبح جزيرة الأشجار الغربية الحصرية والصبار والورود الصحراوية منذ عام 2015 محط اهتمام إماراتي كبير. ففي قُراها الفقيرة يُرفع العلم الإماراتي، وفي ميادينها تُنشر رسائل الشكر للمساعدات الإماراتية، حتى إنه في شهر نوفمبر/تشرين الثاني من العام سابق الذكر حين ضرب إعصاران شديدان الجزيرة تحرّكت الإمارات عبر المساعدات الإنسانية، تارة تتبرع لإعمار الجزيرة من تبعات الإعصار، وفي أخرى تُوفِّر العلاج لمرضاها الفقراء، وفي ثالثة تساهم في تزويج أبناء الجزيرة، ثم مع مرور الوقت رأت أبو ظبي ضرورة تحويل مساعدتها من الوظيفة الإغاثية إلى الوظيفة التنموية لتصب جميعها في طموحها السياسيّ والعسكريّ، لتعمل الإمارات على إعادة بناء المدارس والمستشفيات والطرق، لتنطلق فيما بعد نحو تقديم ما يعتبره سكان سقطرى الآن "استعمارا" في الأرخبيل الذي يعد ممر شحن رئيسيا يربط بين أوروبا وآسيا.

 

وبرغم بُعد الجزيرة عن ضجيج الحرب؛ حيث لا حوثيين تُخاض معركة ضدهم، أخذ وجود الإماراتيين يتفاقم ليُنذر بشكل واضح بحجم الأطماع الإماراتية لضم هذه القطعة الثمينة إليها. لقد بنت أبو ظبي قاعدة عسكرية، وأنشأت شبكات اتصالات، وقام الإماراتيون بتعداد سكاني خاص بها. وفي كل مرة كانت الإمارات تقترب فيها أكثر من بسط نفوذها في الجزيرة، كان المجلس العسكري الانتقالي الجنوبي هو اليد التي تضرب من حديد لتنفيذ مصالحها، ففي اليوم الأخير من إبريل/نيسان عام 2018، سعى الإماراتيون عسكريا لتضمين الجزيرة في إستراتيجية سلسلة الموانئ والقواعد العسكرية التي تقع على القرن الأفريقي، بعد أن نجحت في وضع نفسها بالجزيرة ببطء لتصبح قوة إقليمية مستقلة حتى عن حليفتها السعودية، إذ لم تكتفِ الإمارات بإنشاء قاعدة عسكرية في الجزيرة ووضع قواتها فيها، والسيطرة على ميناء حديبو وتوسيعه لتعزيز إسقاطها التجاري والعسكري في المحيط الهندي، بل انقضّت على الجزيرة بعدما نشرت 50 جنديا ومعدات عسكرية واستولت على الميناء والمطار وطردت العاملين فيهما.

إعلان

 

بعد نحو أسبوعين، تمكّنت الرياض من إقناع أبو ظبي من الانسحاب من الجزيرة لإطفاء لهيب الاحتجاجات التي تمخّضت عن تصرفها، لكن هذا الانسحاب ومنذ الوهلة الأولى أبقى على المخاوف الكبيرة من أن أبو ظبي التي لم تكفَّ عن تأجيج الصراع باليمن وخاصة في جنوبه؛ ستواصل العمل لتحقيق طموحها التوسعي، وأوله إعادة السيطرة مرة أخرى على الجزيرة الواقعة قبالة سواحل الصومال بين البحر الأحمر والمحيط الهندي، وبالفعل أصبح ما تتطلع إليه الإمارات واقعا حين سيطر المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات على الجزيرة مرة أخرى في 20 يونيو/حزيران 2020، وسرعان ما نقلت مصادر يمنية في يوليو/تموز 2020 عن أن أبو ظبي شرعت في إنشاء قاعدة عسكرية بجزيرة سقطرى، بعد أن استحدث المجلس الانتقالي في الجزيرة معسكرا خاصا ورادارات بحرية وزوارق عسكرية لمراقبة الحركة البحرية في الخليج الهندي في جزيرة سقطرى.

قوات من المجلس الانتقالي الجنوبي سقطرى
قوات من المجلس الانتقالي الجنوبي في سقطرى (الجزيرة)

لكن، وفي الـ11 من أغسطس \آب الحالي، خرج أبناء سقطرى في أكبر تظاهرة منذ سيطرة قوات الانتقالي الجنوبي على الجزيرة أواخر يونيو \حزيران الماضي ينددون بالموقف الإماراتي من جزيرتهم، هذه المرة كان صوت المتظاهرين مزعجا للغاية، ويهدد بشكل واضح التحركات الإماراتية، فقد دفعت الإمارات القوات المسلحة التابعة للمجلس الانتقالي إلى قطع الطرقات على المتظاهرين.

 

عنوان ميدان

الآن، وبعدما تمكنت أبوظبي خلال العامين الماضيين من جعل الجزيرة موطأ عسكريا واقتصاديا لها كما أسلفنا، ولتفادي التهديدات المحتملة أمام بسط نفوذها في جزيرة سقطرى اليمنية التي تقع في المياه الإقليمية الصومالية، ترى أبو ظبي أن استعادة علاقاتها مع مقديشو قد يساعد في تمكينها من جعل سقطرى رابطا جديدا في سلسلة الموانئ والقواعد التي تنشئها على طول الحافة الجنوبية لشبه الجزيرة العربية على البحر الأحمر، وأهمها ميناء المُكلا في حضرموت بالمنطقة اليمنية، وبربرة بأرض الصومال، ومنطقة عصب في إريتريا، فأبو ظبي تمضي نحو مآربها في الصومال مستذكرة دعم الرئيس الصومالي آنذاك حسن شيخ لعمليات التحالف الدولي الذي تقوده السعودية في اليمن وسماحه باستخدام المجال الجوي لبلاده من قبل الطائرات التي شنت ضرباتها ضد الحوثيين في اليمن كما استخدمت أيضا المياه الإقليمية للصومال في المعركة.

إعلان

 

وكما جاء في موقع "المونيتور" حول محاولات التطبيع الاماراتية الأخيرة مع مقديشو: "إن أهم سبب يتركز حول أرخبيل سقطرى الاستراتيجي، حيث تقع الجزيرة في وسط واحدة من أهم قنوات تجارة النفط في العالم، فمع الغضب المتزايد ضد وجود الإمارات في سقطرى اليمنية، تحاول الإمارات التأثير على الصومال لتعزيز مطالبتها بالجزر واستخدام التنافس كذريعة لتبرير استمرار وجودها"، ويضيف التقرير: "سيساعد تطوير وجودها في القرن الأفريقي أبوظبي على التحكم في التدفق التجاري عبر مضيق باب المندب الاستراتيجي، وهو قناة عالمية رئيسية للشحن البحري. ويرتبط هذا أيضًا بمطاردة الإمارات للموانئ في جنوب اليمن وجزيرة سقطرى، حيث تسعى أيضًا إلى وجود عسكري، لبناء مجال نفوذ إقليمي قوي".

General view of a stock yard of DP World's fully automated Terminal 2 at Jebel Ali Port in Dubai, United Arab Emirates, December 27, 2018. Picture taken December 27, 2018. REUTERS/Hamad I Mohammed

لا يمكن كذلك هنا أن نتجاهل دافعا مهما يتعلق بضرب المصالح القطرية التركية مع مقديشو التي تتطور بشكل مستمر، لذا يعتقد المحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي في تصريح أدلى به لموقع "ميدان" أن الإمارات بعدما فشلت باللعب في ورقة الإرهاب في الصومال، أصبحت أولويتها الآن متمثّلةً في ضرب المصالح التركية والقطرية في الصومال، إذ يقع ضمن أجندتها الإستراتيجية، التضييق على كل المشاريع السياسية التي توفر مظلة للربيع العربي، حيث بات الوجود التركي يتعدى مسألة التواجد العسكري، بل يمتد إلى علاقات متشابكة جدا استراتيجية واقتصادية وتنموية، مما أضحى مصدر إزعاج كبير لأبوظبي، ويضيف التميمي خلال حديثه لـ"ميدان" : "كما أن محاولة أبو ظبي اليوم العودة للصومال لها علاقة مباشرة بمحاولة الإمارات الاستحواذ على أرخبيل سقطرى".

Mevlut Cavusoglu - Ahmed Issa Awad joint press conference in Ankara- - ANKARA, TURKEY - NOVEMBER 27: Turkish Foreign Minister Mevlut Cavusoglu (R) shakes hands with Somali Foreign Minister Ahmed Issa Awad (L) as they pose for a photo following their joint press conference at the Foreign Ministry Building in Ankara, Turkey on November 27, 2019.
وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو (يمين) مع نظيره الصومالي أحمد عيسى عوض

وفيما يستبعد رئيس مركز الصومال للدراسات الشافعي ابتدون احتمالية عودة العلاقات في المرحلة الراهنة في ظل استمرار سياسات الإمارات تجاه حكومة الصومال المركزية، يوضح ل"ميدان" أن "استمرار أعمال شركة موانئ دبي في أرض الصومال وبونتلاند ستقوض أي آمال لتجديد العلاقات، فاستمرار هذا الخرق الإماراتي بحق سيادة الصومال لا يفتح مجالا لعودة العلاقات إلى طبيعتها، لكن يمكن أن تتجدد العلاقات بين البلاد في إطار الاحترام المتبادل دبلوماسيا وسياسيا بعدها".

إعلان

 

وبشأن تطبيع العلاقات بين البلدين بسبب الوضع في اليمن، يقول ابتدون لـ:"ميدان": "كانت هناك خلافات بين الدولتين تاريخيا وجغرافيا حول أحقية الجزيرة، لكن مع سقوط الحكومة الصومالية عام 1991، أصبحت الجزيرة شأنا يمنيا ولم تتحرك الصومال بشأن البحث عن هذه الجزيرة وبما أن الحق لا يسقط بالتقادم، فإن الصومال لا يفكر حاليا بهذه الجزيرة بقدر ما هو منشغل بظروفه السياسية".

 

ختاما، يظهر جليّا مساعي الإمارات للتحرك نحو السيطرة على سواحل القرن الإفريقي، حتى لو تطلّب منها ذلك التنازل قليلا عن كبريائها الذي أظهرته بقطع المساعدات عن الحكومة المركزية في الصومال عقب موقفها من الحصار تجاه دولة قطر. وفيما تتحرّك الإمارات للتحكم بجزر وموانئ المنطقة، والتحرك بخطٍّ موازٍ لوأد أي ثورة و/أو أيّ حراكٍ ديمقراطي مستقل لا يراعي مصالحها التوسّعية، تبرز دعوات محلية ومواقف إقليمية رافضة لهذا التحكم والتمدد على حساب استقلال الشعوب، أو كما وصفوه أهالي منطقة سقطرى باعتباره "استعمارا" يسعى للتحكم بمقدّرات ومصير شعوب المنطقة.


إعلان