ماذا وراء صراع النفوذ بين فرنسا وروسيا في مالي؟

يخفت حضور عاصمة الأنوار بصورة غير مسبوقة في أفريقيا، بينما يُكثِّف الروس جهودهم لملء الفراغ.

تصميم ميدان

"التضحيات التي قدَّمها جنودنا شاهدة على كل ما قاموا به من أجل الحفاظ على وحدة مالي، والوقوف في وجه قيام خلافة إقليمية بمواجهة الجماعات الإرهابية التي استهدفت الشعوب المحلية وهدَّدت أوروبا".

(الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" في خطاب إعلان انسحاب قوات بلاده من مالي)

قبل تسع سنوات فقط، استقبل الماليون القوات الفرنسية استقبال الفاتحين، وظهر الحماس واضحا على مُحيَّا "فرانسوا هولاند"، الرئيس الفرنسي السابق، وهو يخطب وسط الحشود الهاتفة باسم فرنسا، مؤكِّدا أن بلاده لن تترك مالي وحدها. ولعل الفرنسيين أحسوا حينها بأن أفريقيا قد فتحت لهم أبوابها من جديد، ونسيت، أو لعلها تناست، صورة المحتل القديم صاحب السجل الدموي العريض، الذي لا تزال بصماته الإمبريالية حاضرة إلى اليوم.

لكن ذلك كله تغيَّر الآن بشكل لم يتوقعه هولاند أو خليفته ماكرون في أبشع كوابيسهما، فأعلام فرنسا التي رفرفت سابقا جنبا إلى جنب مع الأعلام المالية، في إحدى أجمل الذكريات السياسية الفرنسية -كما عبَّر عن ذلك "هولاند" بنفسه- لم تعد تحضر إلا برفقة السب والاحتجاج والاتهام باقتراف الجرائم في حق أفريقيا. لقد خسرت فرنسا الكثير، وخرجت مؤخرا من مالي مُجبَرة لا مختارة، تاركة فراغا إستراتيجيا ملأه عدو الغرب الأول حاليا: روسيا، البلد الذي يشارك فرنسا ألوان العلم نفسها، ولكن بترتيب مختلف اختلاف سياسة وتاريخ البلدين في القارة السمراء.

المصدر : الجزيرة