شعار قسم ميدان

الطلاق غير الموثَّق في مصر.. القنبلة الاجتماعية التي لا يلتفت إليها أحد

قرَّر أحدهم تطليق زوجته عبر رسالة صوتية في أحد برامج المحادثات، الأمر الذي يُصيب الزوجة بسلسلة من الاضطرابات تنتهي بزواجها من شخص آخر، مُعتمدة على أنها قد طُلِّقت، ثم يتعقَّد المشهد برفض الزوج الأول الاعتراف بأنه قد طلَّق زوجته لأنه لم يكن يعني الطلاق فعلا حين قاله، ومن هنا تنطلق الأحداث.

نتحدَّث هنا عن المُسلسل المصري "لعبة نيوتن"، الذي أُذيع خلال شهر رمضان الماضي، وتسبَّب بالفعل في ضجة هائلة وقت عرضه، فمن أحد الجوانب أثار حالة من الغضب تجاه تعامل بعض الرجال مع الطلاق الشفهي، ومن جانب آخر أثار نقاشا دفع الكثير من النساء للتحدُّث عن مُعاناتهن مع الطلاق غير الموثَّق. في هذا السياق، كان موقف الأزهر واضحا بوقوع الطلاق الشفهي وسريانه من الناحية الشرعية، إلا أن المشكلة الحقيقية تكمن في الآثار الاجتماعية لغياب توثيق الطلاق وسريانه واقعا في مجتمعنا المعاصر، وهو ما نسلط عليه الضوء في تقريرنا التالي.

"أحيانا أتلمس جسدي، وجهي وعينَيَّ وشفتَيَّ، لأتأكَّد من كوني حقيقية، ذات وجود مادي، في أحيان كثيرة أشعر أن الحياة التي أحياها ما هي إلا مُجرد حلم طويل حتما سأستيقظ منه على واقع آخر، لا ليست حلما، هي بالأحرى كابوس أود لو أستفيق منه بأقصى سرعة". هكذا بدأت مها.س، اسم مُستعار، المرأة الثلاثينية، حديثها مع "ميدان".

تزوَّجت مها منذ ما يزيد على ثمانية أعوام، وأنجبت طفلين خلال سنوات زواجها، لم يبدأ زواجها بقصة حب مُذهلة، كانت حياة عادية لكنها اتخذت مُنحنيات غير عادية بالمرة لم تكن لتخطر بخيال مها، فالزوج الذي كان يذهب طوال اليوم للعمل ثم يعود إلى البيت لتناول الغداء والنوم، ثم يستيقظ في اليوم التالي ليفعل الأشياء نفسها التي فعلها في اليوم السابق، بدا فجأة وكأن بركانا ما قد انفجر بداخله، أصبح يُصرِّح دائما أنه ليس سعيدا ولن يستمر في نمط الحياة هذا إلى أن تطوله يد الموت، في البدء ظنَّت أن ما بزوجها هو حالة إرهاق أو ملل من وطأة الحياة وضغوطها وتكرار تفاصيلها، لكن ما اكتشفته لاحقا أن هناك امرأة أخرى في حياته، وأنه يود الزواج منها.

تقول مها لـ "ميدان": "هذه المرأة لم تكن تريدني، كانت تُصوِّر لزوجي أنني العقبة التي تقف في طريقه إليها، كان يُفرِّغ فيَّ غضبه بسبب ذلك، وصل الأمر إلى حدّ الشجار والضرب، ولكني كنت أصمت مُحافظة على ما حملته على كتفي من إرث "المُحافظة على البيت" و"الأسرة" و"رعاية الصغار""، وبحسب مها فإن الزوجة الأخرى طلبت منه أن يُطلِّقها حتى تقبل هي الزواج منه، لكنه قرار صعب على الزوج، فهي حاضنة وسيكون منزل الزوجية من حقها، بخلاف حقوقها المالية وحقوق الصغار، كل ذلك بالإضافة إلى ما تحتاج إليه الزيجة الجديدة من نفقات.

تُضيف مها قائلة: "واضح أن الحل الذي اهتدى زوجي له كان هو الطلاق الشفهي، افتعل شجارا وطلَّقني فرحلت إلى بيت أهلي بصغاري، ليس لدي أي شيء يُثبت أنني طُلِّقت رسميا، فلا أستطيع المُطالبة بمسكن الزوجية ولا بحقوقي المادية، ذهب هو وعاش حياته وتزوَّج من المرأة التي يريد الزواج منها، دون أن يُقنِّن وضعي منذ ثلاث سنوات، لم يُنفق على صغاره خلالها جنيها واحدا".

تحكي لنا مها عن مشكلة رئيسية واجهتها بينما تطالب بقسيمة الطلاق لإثبات حقوقها، وهي أن بعض الأهل والأقارب كانوا يلمزونها بأن رغبتها في الحصول على قسيمة الطلاق نابعة من رغبتها في الزواج مرة ثانية، ورغم أنها الآن تعمل في وظيفتين تستغرقان أغلب ساعات اليوم فقط لتُلبِّي احتياجات الأطفال، فإن هذه التلميحات لا تتوقَّف.

خلال مداخلة بأحد البرامج التلفزيونية قال جمال عبد المولى، مدير عام الإدارة العامة للإحصاءات في مصر، إن نسبة الطلاق في مصر بلغت 218 ألف حالة طلاق خلال عام 2020 مقابل 225 ألف حالة عام 2019، ورغم هذا الانخفاض النسبي فإن الرقم لا يزال مُفزعا، خاصة إذا علمنا أن عدد حالات الزواج في مصر عام 2020 بلغ 902 ألف حالة زواج. (1)

أوضح عبد المولى أيضا أنه من ناحية أخرى، زادت نسبة أعداد النساء المعيلة في مصر من 10% إلى 15%، لافتا إلى أن إجمالي حالات زواج القاصرات التي لا تتجاوز أعمارهن 18 سنة بلغت نحو 110 آلاف حالة، والعديد من هذه الحالات تكون مُرشَّحة لحدوث الطلاق المبكر.

"لماذا تُريدين قسيمة الطلاق بهذا الإصرار؟ هل ترغبين في الزواج مرة أخرى؟". لا تدري سهام.ج، اسم مُستعار، كم مرة تلقَّت السؤالين السابقين، لكنها تُدرك جيدا في كل مرة تُلقى على مسامعها هذه الأسئلة اختلاف نبرة الصوت، بين ساخرة مُتهكِّمة ومُتهِّمة ومُستفهمة. تقول سهام لـ "ميدان": "كأن الجميع يجهلونني ولا يعلمون عني شيئا، الشيء الثابت الذي يصلني منهم في كل مرة هو أنني أطلب شيئا مُستهجنا، كأن توثيق الطلاق ليس بأهمية توثيق الزواج، أنا أبحث عن تقنين وضعي ومعرفة موقعي بالضبط، لماذا أقبل أن أكون مُطلقة لكن ليس لديّ ما يُثبت ذلك قانونا؟".

تزوَّجت سهام منذ نحو سبعة أعوام، عاشت مع زوجها ثلاثة أعوام فقط، وأنجبت طفلا واحدا كان عمره حينما انفصلت عن زوجها عامين، انفصلت سهام بعد الكثير من الخلافات بينها وبين زوجها، فقد كانت تحيا معه في منزل عائلته، وبحسب تصريحاتها فإن الشجار لم يكن ينتهي في المنزل، سواء بينها وبينه أو بينها وبين أحد أفراد أسرته، إلى أن دبَّ شجار بينها وبين أم زوجها، فانفعل الزوج وتملَّكته الرغبة في الثأر لأمه فطلَّقها شفهيا قبل أربعة أعوام واختفى تماما، ولم يُرسل إليها قسيمة الطلاق. أخبرها المُحامي -بحسب تصريحها- أنها إذا أرادت الطلاق فعليها بالخلع، وهي تتساءل: "لا أعرف لماذا أرفع قضية خلع وأتنازل عن حقوقي وأنا مُطلقة بالفعل؟!".

تُضيف سهام قائلة: "أود أن يُقنَّن وضعي كي أتمكَّن من التقديم لوحدات الإسكان الاجتماعي وأحصل على وحدة أعيش فيها أنا وابني، حتى أتخلَّص من هذا الشعور بالثقل الذي يُلازمني منذ عُدت إلى بيت عائلتي، فوالداي مُسنان، وأخي يعمل في وظيفتين ليتمكَّن من تكوين نفسه، ويعود مُنهكا للبيت، لا أحد منهم يتحمَّل صراخ الصغير وضجيجه، أو نفقاته بالطبع".

ينص مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد، الذي وافق عليه مجلس الوزراء المصري في 20 يناير/كانون الثاني الماضي نهائيا وأرسله إلى مجلس النواب، الذي أجَّل مناقشته بسبب الجدل الواسع الذي أُثير حول مشروع القانون، أن الطلاق لا يقع ولا تُحقَّق الرجعة إلا من الزوج، ولا يجوز للزوج توكيل غيره في الطلاق إلا بوكالة رسمية في الأمور الزوجية تسري لمدة ستين يوما من تاريخ صدور التوكيل.

ونصَّت المادة 46 على أنه يُشترط لوقوع الطلاق أن يكون الزوج عاقلا مختارا واعيا ما يقول قاصدا النطق بلفظة الطلاق عالما بمعناها، وأن يكون الطلاق منجزا ولم يقصد به اليمين على فعل شيء أو تركه، ولا يقع الطلاق بألفاظ الكناية، إلا إذا نوى المتكلِّم بها الطلاق، ولا تنشأ النية في هذه الحالة إلا بإقرار المطلِّق. وفيما يخص الطلاق الشفهي، أكَّدت المادة 55 من قانون الأحوال الشخصية، أن الطلاق المقترن بعدد لفظا أو إشارة لا يقع إلا واحدة، وكذلك المتتابع أو المتعدِّد في مجلس واحد، ويترتَّب على الطلاق الشفهي أثره قانونا حال إقرار الطرفين به أمام جهة رسمية. (2)

"كيف يُمكنني أن أهرب من شعوري بالذنب؟ كيف يُمكنني النظر إلى أعين أولادي الأربعة وأنا أشعر أن حياتي مع والدهم خطأ وحرام؟ يؤرِّقني هذا إلى حد أنني لا أستطيع العيش، لا أستطيع العناية بأولادي وتلبية طلباتهم. طلَّقني ثلاث مرات، جميعهم شفهيا، ولا يُمكنني الاستمرار بهذا الذنب، وهو يرفض الاعتراف بأنه طلَّقني من الأساس".

هكذا بدأت نادية.ع، اسم مُستعار، المرأة الخمسينية، حديثها مع "ميدان"، تزوَّجت نادية منذ ما يزيد على خمسة وعشرين عاما، احتملت الصعوبات كافة خلال سنوات حياتها، بدءا من ضيق الأحوال المادية، وتربية أربعة أطفال في المراحل التعليمية المُختلفة.

تُضيف نادية قائلة: "كُنت في كل مرة أُصِرُّ أن يُردَّني على يد مأذون حتى لا تكون حياتي معه حراما، كان يرفض ويقول إنه لم يكن يقصد الطلاق، لكني كُنت أُصِرُّ خوفا من الحرمانية، إلى أن قلب حياتي رأسا على عقب بالطلاق الثالث، هو بالطبع يرفض الاعتراف بأنه قد طلَّقني".

لم تحتمل نادية الحياة، شعرت أنها ستُجن من كثرة التفكير والشعور بالذنب الذي ظل يُطاردها ليلا ونهارا، تركت البيت واقترضت بعض المال وأجَّرت مسكنا صغيرا يتسع لأولادها، وقرَّرت العمل حتى تُسدِّد دينها وتُنفق على نفسها وأولادها.

فوجئت نادية بعد أشهر من رحيلها بأن زوجها قد أرسل إليها إنذارا بالطاعة على يد مُحضر، لكي تعود إلى المنزل. تقول نادية: "لم أدرِ ماذا أفعل، هو لا يُريد توثيق الطلاق، ولا يُريد الاعتراف به، وأنا ليس معي ما يُغطي أتعاب المُحامين حتى أستطيع أن أقف أمامه في محاكم الأسرة، ولن أستطيع العودة إلى منزله واستمرار الحياة طبيعية وكأن شيئا لم يكن".

خلال مُداخلة هاتفية مع أحد البرامج التلفزيونية يُشير اللواء خيرت بركات، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، إلى أن نسبة الطلاق بسبب الخلع في مصر ترتفع يوما بعد يوم، وفي عام 2019 رُصِدت أكبر نسبة أحكام طلاق نهائية بسبب الخلع بعدد 10500 حالة.(3)

"في كثير من الحالات التي رأيتها، يستخدم الأزواج الطلاق الشفهي للانتقام من المرأة أو لإجبارها على التنازل عن حقوقها، من ناحية يكون طلَّقها وبالتالي هي ليست زوجته ولا تجب عليه نفقتها، ومن ناحية ثانية ليس لديها أي إثبات أنه قد طلَّقها، وبالتالي لا تملك مُطالبته بأي حقوق تخصها بعد الطلاق"، هكذا بدأت المحامية المصرية، مروة.م، اسم مُستعار، حديثها مع "ميدان".

تُضيف مروة قائلة: "خلال عملي أرى كثيرا من الجهد المبذول من قِبَل الزوجات لإثبات أن الطلاق قد وقع، فعليها أن تأتي بشهود أنه طلَّقها، وهو ما لا يكون مُتاحا في الكثير من الحالات، حتى إذا أقمنا دعوى طلاق للضرر، ليحكم القاضي بالطلاق، فلا بد من شهود أيضا لإثبات أن هناك ضررا ما وقع على الزوجة، وهو ما يتعذَّر توفُّره خلف الأبواب المُغلقة على الزوجين. إذا كانت الزوجة تحتاج إلى حقوقها المادية فسيكون عليها أن تسير هذا الطريق وهو إقامة دعوى بالطلاق للضرر، أما إذا كان يُمكنها التخلي عن حقوقها المادية فيكون الطريق الأقصر والأكثر سهولة هو الخُلع، الذي لا يحتاج فيه القاضي إلى شهود أو إثبات للضرر، وتكفي فيه شهادة الزوجة أنها لم تعد تستطيع مُعاشرة زوجها".

عدد حالات الزواج في مصر عام 2020 بلغ 902 ألف حالة زواج

وفقا لمروة، يلجأ الكثير من الأزواج إلى حيلة "بيت الطاعة" لتخويف النساء وإجبارهن على اللجوء للخلع لإنهاء الأمر بسرعة، تقول عن هذا: "ورقة على يد مُحضر، هذا كل ما يتكلَّفه الزوج، هذه الورقة هي إنذار للزوجة لتعود إلى طاعة الزوج".

بعض النساء يخفن من الصورة التي كرَّستها الدراما تجاه بيت الطاعة، وأنه يمكن للزوج أن يُجبرها بقوة الشرطة على العودة للمنزل دون رغبتها، لكن هذا بالطبع لا يحدث الآن، ما يحدث أنه بعد هذا الإنذار من حق الزوجة أن تُقيم دعوى اعتراض على الطاعة خلال ثلاثين يوما من استلامها للإنذار، إن لم تفعل هذا يكون من حق الزوج إقامة دعوى بنشوز الزوجة، وهذه الدعوى تُسقط عن الزوجة حقوق نفقتها الزوجية. يُعتبر إنذار الطاعة وبيت الطاعة هم الفزاعة الحالية التي يستخدمها بعض الأزواج لإجبار المرأة على التنازل عن حقوقها واللجوء للخلع كي تحصل على قسيمة طلاقها رسميا.

"لم نكن نستطيع سوى الالتزام بكل ما يُمليه علينا مُجتمعنا من عادات وتقاليد، لكني لم أكن أعرف أن هذه التقاليد ستضعني يوما ما في وضع صعب ومُهين، لم أكن أعرف أن عادات الزواج بكلمة والطلاق بكلمة دون توثيق، التي يُمليها علينا مُجتمعنا، ستُخرجني من بيتي إلى المحاكم لكي أُثبت زواجي وأُوثِّق طلاقي"، هكذا بدأت فاطمة.ع، المرأة الثلاثينية، اسم مُستعار، حديثها مع "ميدان".

فاطمة من عائلة بدوية تقطن في مُحافظة مطروح التي تقع على بُعد ما يزيد على خمسمئة كيلومتر شمال غرب العاصمة المصرية، تزوَّجت حينما كان عُمرها 14 عاما بينما كان زوجها يبلغ من العمر 35 عاما، لم يُؤخذ رأي فاطمة في الزواج، كما هو معتاد في مثل هذه الزيجات.

تقول فاطمة: "تزوَّجنا مثل كل البدو، البنت عندنا تذهب لبيت زوجها بكلمة وتُطلَّق وتعود إلى بيت أبيها بكلمة، قديما كانوا يقولون إن من العيب أن يأخذ رجل من الآخر ورقة، حتى البيع والشراء كانا بكلمة، لكن الآن لا يوجد أمان، بعد الزواج حدثت الكثير من المُشكلات التي جعلتني أرغب في الطلاق، أهلي طلبوا من زوجي أن يكون الطلاق رسميا ومُوثَّقا، لكن بالطبع لم نتمكَّن من هذا لأنه لم يكن هناك قسيمة زواج من الأساس".

عادت فاطمة لبيت أهلها تحمل على يديها طفلها الذي لم يمر على وجوده في الحياة أكثر من ستة أشهر، وأصبح عليها بمفردها الآن عبء تربيته وتعليمه، دون أن يكون لها مصدر دخل وحتى دون أن تحصل من طليقها على حقوقها الشرعية لأن الطلاق العرفي، الذي ما زال بعض البدو يلتزمون به، لا يكفل لها أي حقوق مادية. رغبت فاطمة في الحصول على معاش حكومي يُمكِّنها من العيش والإنفاق على نفسها وابنها، لكنها وجدت نفسها أمام متاهة من الأوراق المطلوبة منها، وأقلَّها بطاقة هوية مُدوَّن بها حالتها الاجتماعية.

تقول فاطمة: "الكثيرات يتزوَّجن ويُطلَّقن دون توثيق، بالنسبة لي لم أجد حلا سوى اللجوء للمحاكم لتوثيق زواجي وطلاقي، لا أنكر أنني حينها كُنت ما زلت خائفة من نظرة الناس وكلامهم عن السيدة التي خرجت من بيتها للمحاكم لكي تُقاضي طليقها والد ابنها وابن عمها، لكن مستقبل ابني كان عندي أهم من كل الناس".

تسرد سلمى.ع، اسم مُستعار، المُحامية بمُحافظة مطروح بمصر، لـ "ميدان" المُشكلات الناتجة عند عدم توثيق الزواج والطلاق في بعض العائلات البدوية قائلة: "لدينا مشكلة ضخمة تُسمى توثيق الزواج والطلاق، يترتَّب عليها كثير من التبعات المُعقَّدة التي تظل أحيانا بلا حلول، وأحيانا أخرى تظل كقضايا مُعلَّقة في المحاكم لسنوات طويلة، بالطبع عدم وجود أوراق رسمية يفتح الباب لمئات المشكلات، منها أن الزوجة لا تملك حرية التنقُّل والسفر مع زوجها، وإذا أنجبت وكان زوجها مسافرا فإنها لا تستطيع عمل شهادة ميلاد للطفل، كذلك يوجد مُشكلات في الطلاق حيث إنه إذا لم يكن لدى الزوجة عقد زواج رسمي فإنها ستُطلَّق عرفيا أيضا، والطلاق العرفي يحرم الزوجة من حقوقها الشرعية المادية كافة".

تُضيف سلمى قائلة: "الطلاق العرفي لا يحرمها حقوقها فقط، بل يحرمها أيضا فرصة توثيق أي زواج ثانٍ لأنه لا بد أن تُوثِّق الزواج الأول قبل أن تتزوج ثانية، وهذا ما يجعل المُطلقات عرفيا يتزوَّجن عرفيا أيضا، كذلك إذا استمر الزواج، لكن الزوج تُوفِّي، فلن تستطيع الزوجة عمل إعلان وراثة لأنها غير مُثبتة كونها زوجته، هذا بخلاف المُشكلات التي قد تواجه الأولاد بسبب الزواج العرفي التي يتورَّط فيها الرجال أيضا وليس النساء فقط، فمثلا كانت لدينا قضية أقامها زوج ليُثبت زواجه من زوجته المُتوفاة منذ نحو أربعة أعوام لأن ابنهما يحتاج إلى قسيمة زواج والديه".

هذه مجرد أمثلة لما تُعانيه آلاف النساء في مصر في ظل عدم وجود آلية لإجبار بعض الأزواج على توثيق الطلاق. في جانبه الأهم، لا يتعلَّق الأمر بالجدل الفقهي والقانوني حول وقوع الطلاق الشفهي، بقدر ما يرتبط بالآثار الاجتماعية والنفسية والمادية المُترتِّبة على عدم قدرة الزوجة على إثبات وقوع الطلاق، وبالتالي حرمانها ليس فقط من حقوقها المالية وحقها الطبيعي في الزواج مرة أخرى -حال رغبت في ذلك-، ولكن أيضا إعاقة مساعيها لتوفير حياة طبيعية وهادئة لها ولأبنائها.

____________________________

المصادر:

  1. الإحصاء: 218 ألف حالة طلاق في مصر خلال عام 2020
  2. تفاصيل مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد
  3. حالة طلاق كل دقيقتين في مصر
المصدر : الجزيرة