كيف يشكل الاستيطان الخطر الأكبر على بقية الأراضي الفلسطينية؟

اضغط للاستماع

لم يكن "زئيف" رجلا عاديا أبدا، ومنذ زمن ليس بالقصير يعرف الجميع تقريبا، عربٌ قبل إسرائيليين، أن الأبواب المُغلقة للكيان المحتل تُفتح لأجل الرجل، يعرفون هذا ويستدلون عليه بوقائع عدة، كانت أشهرها تلك التي جرت في الثالث عشر من (أبريل/نيسان) لعام 2003. في تلك الليلة كان "زئيف حفير" الشهير بـ "زامبيش" على موعد مع رئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون(1)، وفي منزل هذا الأخير جرى لقاء مجهول العلّة، وإن كان تاريخ زامبيش الطويل في دفع عجلة الاستيطان بأراضي الضفة الغربية خاصة، وفي الأراضي المحتلة عامة، جعل من اليسير التكهن بما دار فيه، بينما في أكثر حالاتهم تفاؤلا، لم يكن الفلسطينيون ليستبشروا بحال بمثل هذا اللقاء.

لا يرتبط اسم زامبيش بتبني الفكر الاستيطاني فقط، بل بقدرته على ولوج أبواب لا يستطيع مسؤولون إسرائيليون رفيعو المستوى حتى التفكير بها، علانية على الأقل، وهو في هذا يرتكن إلى شبكة واسعة من علاقات لا تُخيب ظن الرجل في كل الأحوال. وبالرغم من أنه سُجن في بداية حياته أحد عشر شهرا بتهمة الانتماء إلى "التنظيم السري اليهودي"، فإنه لم يعرف طريق السجن منذ ذلك الحين، حتى في الفضيحة الأخيرة المُحملة بعلامات اتهام ناصعة تُشير في معظمها نحوه، حتى إنه الوحيد الذي لم يتم التحقيق معه فيها كمتهم بأي حال.

جرت وقائع القضية(2) المقصودة عام 2014، وبالرغم من أن أحداثها قد بدأت قبل ذلك بسنوات عدة، فإن ذروتها كانت بإعلان نتائج تحقيقات جرت في عدة صفقات لشراء الأراضي من فلسطينيي الضفة، وكانت الجهة المشترية هي شركة "وطن" الاستيطانية التابعة لحركة "أمناه" المحسوبة على اليمين الإسرائيلي. ادعت الشركة وقتها أنها ابتاعت الأراضي المعنية من أصحابها بعقود قدمتها للمحكمة العليا الإسرائيلية، لكن نتائج التحقيقات خرجت لتقول إن أغلب العقود المقدمة للمحكمة مزورة، وكان القرار حينها بتأكيد حق الفلسطينيين في أراضيهم، ووقف الأعمال الاستيطانية فيها، بينما لم يكن اللاعب الرئيس خلف كل ذلك ومدير الشركة الاستيطانية ذاتها سوى الرجل القوي: زامبيش نفسه.

لم تكن تلك القضية الأولى من نوعها أو الأخيرة التي تُتهم فيها شركة استيطانية بتزوير أوراق ثبوتية أو عقود شراء لمستوطنين أو أراضي في الضفة المحتلة وغيرها، لكن، وفي هذه القضية تحديدا، قد بدا أن أيًّا من أجهزة الشرطة أو القضاء أو حتى الحكومة الإسرائيلية غير مستعدين لتوجيه الاتهام ناحية الشركة أو زامبيش، وبالرغم من أن التحقيقات المستمرة منذ ذلك العام في أعمال الشركة، ووصولا إلى بدايات العام الماضي 2016، حين أعلنت(3) "الوحدة القطرية للتحقيق في الاحتيال" أن 14 من أصل 15 صفقة تملكت بها الشركة عقارات أو أراضيَ في الضفة الغربية هي مزيفة، بالرغم من ذلك فإن أيًّا من هذه التحقيقات لم يكن سببا في وقت ما لتوجيه التهم إلى زامبيش أو وقف أعمال الشركة التي يديرها منذ عام 2011.

 الرئيس التنفيذي لمنظمة أماناه زئيف
الرئيس التنفيذي لمنظمة أماناه زئيف "زامبيش" هيفير (مواقع التواصل)

ليس زئيف حفير إلا مثالا واحدا على نمط غير مجهول التوجه والأثر في الأراضي المحتلة، وهو نمط يعتمد القوانين وديمقراطية شبه مزعومة وسيلة وسبيلا لتحقيق غاية لا تستهدف إلا نزع الأراضي الفلسطينية من مُلّاكها الأصليين، لكنه نمط قد ضل طريقه في السنوات الأخيرة، ليبدو وكأنه يذهب بممارسيه أنفسهم إلى جحيم ليس من طريق للخروج منه، إذ إن الالتفاف على القوانين والأعراف المحلية والدولية التي تسعى بها إسرائيل لسلب الفلسطينيين أراضيهم أو حق العودة لمن هم خارجها، لا يبدو إلا وكأنه قد سلب من الإسرائيليين أنفسهم الاطمئنان والإيمان الكافي بجدواه، وتحولت الغاية من سرقة حقوق الفلسطينيين إلى سرقة الإسرائيليين أنفسهم لأنفسهم، دون أن يكون خاسرا في تلك اللعبة، إلى جانب الفلسطينيين بالطبع، سوى الكيان المحتل نفسه.

وبالرغم من أن زامبيش يمثّل نموذجا لرجل يسعى لتحقيق أهداف الكيان المحتل الدينية في ظاهر الأمر فإنه نموذج متكرر، ليس فقط بين العديد من الشخصيات الإسرائيلية، بل لمؤسسات إسرائيلية حكومية وخاصة جعلت من تلك الطرق وسيلة ظاهرها الانتصار للأيديولوجيا، وباطنها الحقيقي تحصيل نفوذ وسلطة وثراء بلا نهاية.

كانت البداية الحقيقية مع فكرة أرسلها تسيون لوريا(4)، الموظف بالدائرة التعليمية التابعة للوكالة اليهودية، إلى "الصندوق القومي اليهودي للأراضي"، وفيها اقترح لوريا بضرورة تأسيس سجل متكامل للأراضي الفلسطينية، تمهيدا لفرصة مستقبلية، رآها لوريا محتمة، ستقع فيها هذه الأراضي تحت سلطة الكيان المحتل المتوقع إقامته في فلسطين وقتها. لم يتوقف قادة الحركة الصهيونية عند الإعجاب بالفكرة فقط، بل لاقت هوى كبيرا في نفس مدير دائرة الاستيطان حينها، يوسف فايتس، فبنى عليها أسس "المشروع القومي" الصهيوني لدراسة الأراضي الفلسطينية عام 1940، وأنهاها بالاستيلاء الكامل عليها بعد نكبة 1948.

بحلول النكبة وانتهائها ثم إعلان قيام "دولة إسرائيل" عام 1948، كانت عناصر الهاجاناه المشاركة في عملية دراسة الأراضي الفلسطينية على علم بالتفاصيل الأكثر دقة لتلك الأراضي، وما يتعلق بإنتاجيتها وقيمتها وأصحابها أنفسهم، لذا لم يكن من الصعب بحال أن يكون الطرد الممنهج للفلسطينيين، منذ أواخر 1946 ووصولا إلى النكبة وما بعدها، قد صاحبه توطين اليهود في تلك الأراضي بمساعدة من ميليشيات الهاجاناه، أو ما سيُعرف بـ "الجيش الإسرائيلي" فيما بعد، واستولى قادتهم على الأراضي ونهبوا ممتلكاتها. كان هذا داعيا للحكومة الصهيونية للتصرف بسرعة وحزم إزاء عمليات استيلاء مقاتليها، وإعلان الممتلكات والأراضي الفلسطينية المتروكة خاضعة لسلطة الحكومة الإسرائيلية المؤقتة، ولها الحق في التصرف بها وفقا لما يراه رئيس الوزراء، أو من يُعينه للتصرف بشأنها.

لم يكن القرار السابق في حد ذاته كافيا لوقف أعمال النهب والتخريب في الأراضي المحتلة، كما لم يكن "قانون أملاك الغائبين"(5) الصادر عام 1950، والذي يضع الأراضي الفلسطينية تحت سلطة "القيّم" أو الوصي عليها، وهو وزير المالية الإسرائيلي حينها أو أحد الموظفين التابعين له، سوى خطوة أولى في طريق منع الفلسطينيين من العودة إلى أراضيهم المتروكة خلال الحرب، إذ إن القانون يعتبر الممتلكات والأراضي الواقعة مباشرة تحت سلطة جنود الاحتلال، أو التي تركها أصحابها أو جزء من أصحابها، هي "أراضي متروكة" وتخضع مباشرة لسلطة القيّم، أي تحت تصرف تل أبيب بشكل كامل.

   

صناديق الجمع لـ
صناديق الجمع لـ"الصندوق القومي اليهودي" (مواقع التواصل)

 احتاجت حكومة الاحتلال بعض الوقت لتُدرك أنها في مأزق، إذ إن الأراضي التي وضعت يدها عليها، نصت قوانين الأمم المتحدة الصادرة بشأن تقسيم فلسطين في المجمل ألا يُصادر أي من طرفي الأراضي الموضوعة من قبل المنظمة الأممية تحت سلطة "الآخر"، وهو ما كان يعني قدرة المجتمع الدولي، إن شاء، على إعادة أراضي الفلسطينيين المسلوبة خلال النكبة إليهم، إذا ما طالب الفلسطينيون بها أو قرروا العودة إليها بعد انتهاء الحرب.

لذا كانت الخطوة التالية للقيّم الإسرائيلي بأعمال الأراضي هو نقل ملكية(6) جزء منها إلى الصندوق القومي اليهودي "الكيرن كييمت"، والبقية ظلت في عهدة ما سُمي حينها بـ "سلطة التطوير"، وإذ نصت القوانين الإسرائيلية، المصاغة بعناية خلال هذه الفترة وما بعدها، على "عدم إمكانية بيع الأراضي أو تأجيرها لغير اليهود"، فإنها هي أيضا كانت حلقة أخرى في مسلسل سلب الفلسطينيين قدرتهم على العودة، مع عدم تقديم المجتمع الدولي أي مساعدة في هذا النطاق.

استمرت الأمور على هذا النحو حتى نشأة "دائرة أراضي فلسطين" مطلع الستينيات، وأحيلت إليها الأراضي الواقعة في نطاق صلاحيات "سلطة التطوير"، وفيما ضُمت إلى سلطتها بعد ذلك الأراضي الفلسطينية المستولَى عليها بعد نكسة 1967، فإن أثر هكذا تخطيط لم يظهر في إسرائيل سوى بعد ذلك بسنوات.

ضمنت إسرائيل تحقق الهدف الرئيس لنشأة هذه المؤسسات، وهو عدم إعادة الأرض للفلسطينيين، بينما كانت الصلاحيات الواسعة الممنوحة لأي من المؤسسات السابق ذكرها قد جعلتها بشكل ما فوق القوانين، أو بمعنى أدق، منحتها القدرة على تجاوز القوانين الدولية، وحتى القوانين الداخلية للكيان المحتل، لأجل مصالح المؤسسة ذاتها، سواء كانت هذه المصالح تحمل طابعا أيديولوجيا تسعى لتنفيذه المؤسسة نيابة عن تل أبيب، أو مصالح شخصية يحاول أصحابها تمريرها من خلالها، ولم يكن أي من هذا سوى حلقة واحدة في سلسلة طويلة من أعمال النهب والفساد الواقعة في إطار القانون ورعايته كما سيتجلى للإسرائيليين أنفسهم فيما بعد.

لم يكن نقل ملكية الأراضي الفلسطينية لمؤسسات إسرائيلية عدة نابعا فقط من رغبة حكومة الكيان في التخلص من عبء المساءلات الدولية حول قضية الأرض، بل اشتمل في جانب منه على كون العديد من المؤسسات العاملة في نطاق تطوير الأراضي وتوطين اليهود بالأراضي المحتلة غير خاضعة لقوانين حرية المعلومات بأي شكل، ما جعل فرصة جمع البيانات حول الأراضي المسلوبة من الفلسطينيين شبه منعدمة محليا أو دوليا. وإضافة إلى قوانين "أملاك الغائبين" بما يجري عليها من تعديلات بشكل مستمر، فقد استطاعت تل أبيب بالفعل وضع يدها على الأرض، وبقيت المرحلة التالية تحمل عنوان الطريقة التي سيتم بها إعادة توطين اليهود فيها، بما يضمن التأسيس لمجتمعات استيطانية متكاملة اجتماعيا واقتصاديا.

مَثّل تخلص المؤسسات العاملة في نطاق الأراضي والبناء تحديدا من عبء المساءلات القانونية، خاصة في الداخل الإسرائيلي، نقطة محورية استطاعت معها هذه المؤسسات، والشركات التابعة لها أو العاملة معها، النفاذ إلى مساحات واسعة من هذه الأراضي، وبدا أن مصالح الدولة حينها بتوطين الإسرائيليين تشاركت مع مصالح هذه المؤسسات في سعيها لتحقيق النفوذ والثراء، ولم يكن الأمر يحتاج حينها سوى الوقت ليظهر أثر هكذا تعاون على السطح.

تظل "دائرة أراضي إسرائيل" محط اهتمام مستمر في هذا الصراع، إن جازت التسمية، فلا تكاد تظهر قضية فساد جديدة، أو يُعاد الحفر في أخرى قديمة إلا ويكون اسم المؤسسة حاضرا وبقوة في معظمها، لكن القضية الأبرز التي رُجّت لأجلها أركان الدائرة كانت منذ عامين، في 2015، حين كان بنتسي ليبرمان على رأس الإدارة، وكانت حينها المؤسسة وإسرائيل كاملة على موعد مع ما عُرف بـ "قضية الفساد الكبرى"، أو قضية حزب "يسرائيل بيتينو" (7).

مُنحت تلك القضية اسمها من تورط العشرات من المسؤولين الحكوميين في إسرائيل، والمنتمين إلى حزب "يسرائيل بيتينو" أو إسرائيل بيتنا، في اتهامات اشتملت على الرشوة وغسيل الأموال وسوء استغلال النفوذ، وفيما جُمعت الملايين من الشيكلات من حسابات المتهمين، سقطت أسماء عدة في خضم توالي التحقيقات، أبرزها كان وزير الخارجية السابق ومؤسس الحزب أفيغدور ليبرمان، والذي نال لقب "الأكثر اتهاما بالفساد" في حكومات إسرائيل، ومعه اسم بنتسي ليبرمان المستقيل من منصبه كرئيس لدائرة أراضي إسرائيل على خلفية اتهامه في القضية السابقة.

أفيغدور ليبرمان مؤسس حزب إسرائيل بيتنا (رويترز)
أفيغدور ليبرمان مؤسس حزب إسرائيل بيتنا (رويترز)

اتُهم بنتسي باستغلال منصبه في الدائرة، والذي تولاه منذ 2011، لتحقيق مصالح شخصية(8) ارتبطت في جانب منها بصفقات بناء 352 وحدة سكنية لشركة "كردان" في منطقة اللد، وعمل بنتسي كمستشار للشركة ما بين عامي 2008-2009، بينما تورط أيضا مع ناحوم لنغنطال، الشريك السابق في مكتب المحاماة المملوك لبنتسي، في اتهامات باستغلال الأول لمنصب الأخير في دائرة الأراضي من أجل تمرير صفقات خاصة بشركة كردان، والتي كان لنغنطال عضوا في إدارتها. وكان لنغنطال عضوا سابقا بالكنيست فيما كان بنتسي رئيسا لمجلس المستوطنات، ورئيسا إقليميا للمجلس ذاته عن منطقة نابلس، وهو المنصب ذاته الذي تولاه فيما بعد غرشون ميسيكا، المحسوب على حزب إسرائيل بيتنا، والمتهم أيضا في قضية الفساد السابقة.

لم تكن تلك هي القضية الأولى التي يُتهم فيها رئيس إدارة دائرة الأراضي أو موظفوها بالتورط في قضايا فساد، بل إن التحقيقات التي سبقت هذه القضية وتلتها كانت قد أشعلت بالفعل الخلافات الإسرائيلية الداخلية وفي الأراضي المحتلة عن دور المؤسسة الحقيقي، إذ زعمت التحقيقات أن العلاقات بين الدائرة والجمعيات الاستيطانية في الأراضي المحتلة قد ذهبت في تحقيق مصالح كليهما لبيع الأراضي الفلسطينية لهذه الجمعيات بأثمان زهيدة وبدون مناقصات، وفي المقابل تقوم الجمعيات الاستيطانية بتجنيد عشرات الملايين من الشواكل، غير معلومة المصدر، لخدمة أغراضها الاستيطانية، وإذ تحقق هذه الجمعيات في آخر الأمر أهداف الدولة الإسرائيلية الداعية لتوطين اليهود، فلم يكن من سبب مقنع يستدعي وقف هذه الأعمال، لكن التناحر بين هذه الجمعيات من جانب، وتورط العديد منها في قضايا فساد مع مؤسسات إسرائيل الحكومية، ومن جانب آخر تورطها في جرائم ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، كانا داعيين لجذب الاهتمام داخل إسرائيل وخارجها، وفي كل هذا كان هناك اسمان تحديدا يترددان بشكل كبير عندما يصل الأمر إلى درجة عالية من التوتر بين المستوطنين المحتلين والفلسطينيين: شركة "عطيرت كوهانيم" أولا، و"وحدة الاستيطان" ثانيا.

تفرض شخصية بن غوريون نفسها عندما يتعلق الأمر بالأعمال المؤسسة لنشأة الكيان المحتل، ومعها الجرائم المنظمة للإطاحة بالفلسطينيين تماما من نطاق أراضيهم كاملة، وإحدى هذه الأفكار العظيمة بالنسبة للصهاينة، وللكيان المحتل فيما بعد، والتي أسسها بن غوريون نفسه عام 1920، كانت "الهستدروت" أو المنظمة العمالية "الصهيونية" (9)، والهادفة بالأساس إلى تشكيل اتحاد للعمال والفلاحين الصهاينة بما يدعم فكرة الاستيطان القائمة على بناء مجتمع عمال يهودي يقوم بدور قوي وفعال في التأسيس للكيان المحتل.

لم تكن الهستدروت مجرد منظمة عمالية مستقلة تدعم المجتمعات الأكثر فقرا في إسرائيل، بل نبعت قوة المؤسسة من تشعّبها في كافة قطاعات إسرائيل الداخلية، من خلال المؤسسات التجارية والصحية والنقابات العمالية والأحزاب السياسية، وحتى الهيئات التشريعية والقضائية، مما حوّل الهستدروت بشكل ما إلى "دولة داخل الدولة" في إسرائيل.

كان أحد أقوى أذرع هذه الدولة هو "وحدة الاستيطان" المنشأة في منتصف الستينيات من القرن الماضي بهدف رسمي "دعم مناطق الهامش في إسرائيل"، ما يشمل إقامة التجمعات السكانية "المستوطنات"، وتوطيد أسس وجودها الاجتماعية والاقتصادية في المناطق المختلفة، سواء كانت هذه المناطق داخل حدود الخط الأخضر، أو داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة ما بعد 1967.

لا تنبع قوة الهستدروت الحقيقية فقط من كونها غير خاضعة بشكل رسمي لإشراف حكومة الاحتلال على ميزانيتها، على الرغم من كون الحكومة نفسها هي المانحة للميزانية الأساسية للوحدة، وإنما تنبع من كونها امتدادا لفكرة الأوائل ومُرداهم من حلم الكيان الإسرائيلي، فهي تحمل ضمنا أيديولوجية الدولة العبرية والهدف من وجودها. ومنذ عام 2010 تحديدا، ومع وقوع المؤسسة تحت سلطة اليمين الإسرائيلي، والتي تتشكل أساسا من حزبي إسرائيل بيتنا، والبيت اليهودي، أصبحت المؤسسة كاملة، ووحدة الاستيطان خاصة، بمنزلة "الخزينة الخاصة والسرية" لليمين الاستيطاني، كما أطلق عليها التقرير الصادر عن مؤسسة "مولاد لتجديد الديمقراطية في إسرائيل" (10) عام 2014، والذي قام بترجمته سعيد عياش لمركز مدار المتخصص في الشأن الإسرائيلي.

شعار منظمة الهستدروت (مواقع التواصل)
شعار منظمة الهستدروت (مواقع التواصل)

 يفنّد التقرير لائحة من اتهامات تضع قادة المنظمة، المشكلين من مسؤولين حكوميين ووزراء ورؤساء أحزاب، في قلب دائرة الاتهامات، أما اللائحة نفسها فتضم إلى جانب سوء استغلال النفوذ لتحقيق مصالح استيطانية، قائمة أخرى من تضارب المصالح ودعم النفوذ السياسي لحلفاء الوحدة، وكذا التحريض على العنف والكراهية تجاه المواطنين العرب في إسرائيل.

يأتي أبراهام دوفدفاني، رئيس الهستدروت الصهيونية العالمية ورجل حزب البيت اليهودي، على رأس قائمة المتهمين كونه يرأس المنظمة في الوقت نفسه الذي يشغل عضوية مجلس إدارة اثنتين من الجمعيات المتلقية دعما ماليا "سخيا" من وحدة الاستيطان، وهي أحد أفرع المنظمة، ومع هذا فإن القائمة الأكبر من الاتهامات تذهب لصالح عناصر أخرى في كل من حزبي اليمين، مَن يُشكّلان رأس الحربة في عمل وحدة الاستيطان تحديدا في الأراضي المحتلة، وبشكل خاص في أراضي الضفة.

لم تسلم الوحدة من قائمة الفساد الخاصة بأفيغدور ليبرمان وحزب إسرائيل بيتنا، إذ يُتهم ليبرمان هذه المرة أيضا باستغلال علاقاته، من ناحية مع داني كريتسمان، رئيس الوحدة الاستيطانية منذ 2010 والمقرب من ليبرمان والذي أعلن تأييده علنا لحزب هذا الأخير بعد انضمامه إليه عام 2012. ومن ناحية أخرى مع المحامي يارون بن عذرا، أو مدير عام الوحدة الذي تم تعيينه في منصبه بقرار سياسي من ليبرمان كما يصف تقرير مولاد، وبعد تمثيل بن عذرا لحزب إسرائيل بيتنا في لجنة الانتخابات المركزية.

ينضم أعضاء من حزب البيت اليهودي أيضا إلى دوفدفاني في قائمة الاتهامات الخاصة بالوحدة، ويأتي على رأسهم الحاخام أرئييل دورفمان، والذي يشغل منصب "رئيس مديرية الأنوية التوراتية" بوزارة البناء والإسكان في الوقت نفسه الذي يتولى رئاسة مركز "همكوم" التوراتي الديني، والذي يتلقى دعما يُقدر بمئات الآلاف من الشواكل سنويا من وحدة الاستيطان. أي إن الحاخام اليهودي يتولى منصبا حكوميا يُحدد من خلاله الدعم القادم لمؤسسة يديرها هو نفسه داخل نطاق نفوذ هذا المنصب، ودون أن يُشكّل هذا تضاربا في المصالح للحاخام أو للوحدة الاستيطانية.

لم يكن مركز همكوم هو الوحيد الذي يغرد في هذا النطاق، ففحص الميزانية الذي قدمه التقرير عن الوحدة الاستيطانية يؤكد أن 40 من أصل 52 جمعية توراتية، أي ما نسبته 76%، تتلقى مساعدات مالية من وحدة الاستيطان، وترتبط في الوقت ذاته بعلاقات سياسية مع حزب البيت اليهودي، بينما يترأس الكثير من هذه الجمعيات مسؤولون وناشطون في الحزب منهم: دانيئيل تروفر أحد المقربين من زعيم الحزب ووزير الاقتصاد في حكومة نتنياهو الثالثة، ونفتالي بينيت، بالإضافة إلى سلسلة الحاخامات المقربين من الحزب والذين يتزعمون عملية توجيه تابعيهم للتصويت للحزب في الانتخابات المختلفة.

لم تمر الأخبار المتتالية والتساؤلات عن ميزانية الوحدة دون طرح فكرة السيطرة على هذه الميزانية، أو وضعها محل تنظيم وتدقيق من حكومة الاحتلال التي تُمنح الجزء الرئيس منها، على الأقل كما تدعي الوحدة، لكن هذه المحاولات قد ذهبت هي الأخرى أدراج الرياح، والسبب في هذا يمكن تلخيصه أيضا في تلك المرة التي تزعمت فيها تسيبي ليفني، وزيرة العدل الإسرائيلية عام 2014، هذا الطلب في الكنيست، والذي قوبل بالرفض من رئيس لجنة الدستور والقضاء حينها بالكنيست الإسرائيلي ديفيد روتيم، أو بمعنى آخر، المحامي السابق للوحدة، والذي تولى تمثيلها في عدة مرات سابقة.

لم يكن روتيم محاميا للوحدة فقط، بل إنه تولى (11) في مرحلة مهمة إعداد المستندات المطلوبة لإثبات ملكية بعض المستوطنين لأراضٍ فلسطينية في الضفة الغربية، وثبت فيما بعد من قِبل المحكمة العليا تزوير هذه المستندات، ويبقى أن يُعرف أن هذه القضية كانت محسوبة على شركة وطن، وصاحبها زامبيش، ليُصبح التصور أكثر وضوحا عن حجم الفساد داخل منظومة الاحتلال لسرقة الأراضي الفلسطينية.

تُقر المساحة الأكبر من العمل لأجل التوسع الاستيطاني في الأراضي المحتلة، وعلى رأسها الضفة الغربية، لكن هذا لم يكن يعني بحال أن تكون مدينة كالقدس "الشرقية" تحديدا بعيدا عن طائلة التوسع الاستيطاني، أما السبب الذي يجعل لها خاصة أهمية كبرى، فلا يخرج بحال عن الأهمية الدينية للمدينة، لكنه أيضا يتسع ليشمل عدم السماح للفلسطينيين بالعودة أو بالمطالبة بالقدس الشرقية عاصمة لفلسطين إذا ما أدت إلى ذلك أي محادثات سلام محتملة قادمة، وبالرغم من كون المؤسسات السابقة، وعلى رأسها "دائرة أراضي إسرائيل"، هي اللاعب الأكبر فيما يخص الأراضي الواقعة تحت سلطة الاحتلال بالمدينة المقدسة، فإنه يبدو أن الدائرة قد منحت شركتي إيلاد وعطيرت كوهانيم تحديدا الفرصة الأكبر لاستغلال المساحة المتاحة هناك للعمل على توطين المستوطنين، بينما كان الدور الآخر الفاعل في هذه القضية والمساعد للاستيطان، وعلى غير المتوقع، الفرع الفلسطيني للكنيسة الأرثوذكسية، والتي حظيت هي الأخرى بنصيب من التورط مع شركة عطيرت كوهانيم تحديدا، وعدة شركات أخرى في قضايا الفساد الداخلي وسرقة الأراضي الفلسطينية.

على الأرجح، قد لا تكفي كلمة "التعارض" لوصف ما قام به بطريرك الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية، ثيوفيلوس الثالث، تحديدا فيما يتعلق بالضجة التي أثارتها مؤخرا صفقات الأراضي (12) التابعة للكنيسة، والتي تولّى ثيوفيلوس مهمة إنفاذها والدفاع عنها سواء داخل إسرائيل أو خارجها. لا يتعلق التناقض بالصفقات القائمة منذ أسابيع قليلة تحديدا بقدر ما يتعلق بفعل ورد فعل ثيوفيلوس تجاه أراضي الوقف المسيحية بين صفقتين، كانت أولاهما "صفقة باب الخليل" (13) عام 2004، وثانيهما هي صفقة الأراضي المتنازع عليها حاليا بين جهات عدة داخل الأراضي المحتلة.

يرجع تناقض ثيوفيلوس لاعتراضه (14) هو نفسه على قرار المحكمة الإسرائيلية بإنفاذ الصفقات المبرمة من قبل سلفه "إرينيوس الأول" لتأجير فندقين و27 محلا تجاريا تملكهم الكنيسة بمنطقة باب الخليل بالقدس، وهي مساحات أجّرها إرينيوس لأحد المستثمرين الإسرائيليين المنتمين إلى منظمة "عطيرت كوهانيم"، بدعوى الاتهامات المثارة حول المنظمة للسعي لتهويد المدينة المقدسة، بينما كان ثيوفيلوس نفسه هو الذي قام، مع اعتراضه، بتوقيع الصفقات الأخيرة مع مستثمرين إسرائيليين عدة كان من بينهم منتمون إلى المنظمة المذكورة.

تختلف الآراء حول الصفقات الأخيرة التي وقّعها ثيوفيلوس، والتي بموجبها وافقت الكنيسة على بيع أو تأجير بعض ممتلكاتها لمستثمرين أغلبهم إسرائيليون على حد ما نُشر. وينبع الاختلاف في أحد اتجاهاته كون بعض الأراضي المعنية تحمل أهمية دينية للمسيحيين خاصة ولأهالي المدينة من العرب تحديدا عامة، ما يجعل تأجيرها أو بيعها يطرح احتمالية عدم بقائها على هذه الحال فيما بعد، وهو ما يتصل بالسبب الثاني للاختلاف حول هذه الصفقات، إذ إن بعض هذه الأراضي تقبع بمدينة القدس "الشرقية" والتي يأمل الفلسطينيون عودتها إليهم كعاصمة لدولة فلسطين في أي اتفاق سلام قد يحل مستقبلا، ما يجعل الصفقات الحالية مصدرا لتهديد الفكرة بأكملها، وخاصة مع كون المستثمرين، أو الطرف الآخر في الصفقة، هم الممثلين عن الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة والداعمين له فيها.

ترى الكنيسة أنها تدافع عن حقها في الاستمرار من خلال توفير مصادر أخرى للدخل، خاصة مع كون الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية في القدس غير مدعومة من الكنيسة الأم اليونانية، ما يضطرها للاعتماد على "مصدرها الوحيد للدخل"، والمتمثل في الأراضي الواقعة تحت سلطتها. وبمعرفة أن الكنيسة هي واحدة من أكبر المتملكين للأراضي في الكيان المحتل، فقد قررت الاستفادة من بعضها لتأمين بعض احتياجاتها الحالية والمستقبلية، وبما يشمل تسديد الكنيسة للديون والمستحقات المالية المتراكمة عليها من سنوات ماضية، والتي بلغت حوالي 70 مليون دولار.

لم يكن الأمر ليشكّل أزمة حتى هذه النقطة، فليس لدى حكومة الاحتلال مشكلة مع بيع الكنيسة ممتلكاتها، طالما كان المشتري إسرائيليا، وهو ما ظهر سابقا في تأييد المحكمة المركزية بإسرائيل لصفقة باب الخليل، وإتمام البيع لصالح عطيرت كوهانيم، ما اعتُبر من قِبل الكنيسة فيما بعد قرارا سياسيا (15) يستهدف تهويد المدينة المقدسة، لكن الأزمة الحقيقية ظهرت مع غياب المعلومات الكافية للحكومة الإسرائيلية عن المستثمرين في صفقات الكنيسة الأخيرة، وهو ما منح الصفقات طابع "التهديد الأمني" لتل أبيب، واضعة احتمالية قيام مستثمر إيراني مثلا بشراء أراضٍ في قلب المدينة المقدسة، حتى اطمأنت حكومة الاحتلال لكون المستثمرين الرئيسين في الصفقات الحالية هم إسرائيليين (16)، وعلى رأسهم مايكل شاتينهادرت، أحد المستثمرين في "أورانيم المحدودة" التي اشترت سابقا عدة أراضٍ وممتلكات من الكنيسة في صفقات عدة، وكذا دافيد صوفر، رجل الأعمال الإسرائيلي كما تصفه تايمز أوف إسرائيل، والشريك الرئيس في شركة كرونتي للاستثمارات المحدودة والتي اشتبكت هي الأخرى مع الكنيسة في صفقات عدة سابقة وحالية.

undefined

لم يكن الأمر ليخلو بحال من شبهة (17) تحوم حول صفقات تُقدّر بمليارات الشيكلات في إسرائيل، ولم تكن الصفقة لتُكذب الخبر قبل أن يتجلى بعض من خباياها، والتي كان المعني بها هذه المرة هو الصندوق القومي اليهودي للأراضي أو "الكيرن كاييمت" كما يُدعى.

وقّع الصندوق ثلاثة عقود مع الكنيسة في عامي 1950-1951، ولمدة 99 عاما، يقوم فيها بتأجير الأراضي المعنية، والتي استغلها الصندوق هو الآخر بتأجيرها لحوالي ألف "مقدسي". وفيما تنتهي مدة العقود بحلول عامي 2050-2051، فقد اشتملت إحدى الصفقات الأخيرة على بيع هذه الأراضي لمجموعة "نايوت كوميميوت للاستثمار"، وإضافة إلى كون غالبية المستثمرين في المجموعة مجهولين للصندوق القومي المعروف بتمسكه بمبدأ عدم بيع الأراضي المحتلة لغير الإسرائيليين، فإن الصفقة تهدد مستقبل السكان ومستأجري الأرض الذين لا يعرفون حتى الآن من هم أصحاب الأرض والمشترين لها بالأساس.

يُهدد الصندوق بالضغط على حكومة الاحتلال لإيقاف الصفقة، بينما ظهرت مطالب أخرى تسعى لسلب الكنيسة قدرتها على التحكم في ممتلكاتها، كما تزعم الأخيرة، إذ إن مشروعا تتم مناقشته يسعى لفرض قيود حول قدرة الكنيسة على بيع أو تأجير ممتلكاتها، نظرا لما قد يمثله ذلك من "خطر على أمن وسلامة إسرائيل" كما قيل.

لا يُنهي القانون الأزمة، على الأقل في جزئها الفلسطيني الخالص، إذ إن الأمر يدور بالأساس لا حول "أمن وسلامة إسرائيل" كما تروّج تل أبيب، بل حول كون الأراضي التي تتصارع عليها شخصيات ومؤسسات عدة في إسرائيل هي بالأساس ملك للفلسطينيين المُهجرين منها دون حق في العودة، ودون أن تشمل "ديمقراطية إسرائيل" المفترضة في الداخل هؤلاء الذين لا ينتمون إليها بالأساس، ويضم الأمر كل من هو ليس إسرائيليا داخل الكيان المحتل.

يمتلك الفلسطينيون في الضفة الغربية مثلا، وبعد مداولات مطولة، احتمالية ضئيلة للحصول على تأييد محكمة إسرائيلية إذا كانت الأوراق والمستندات تدعم قضيتهم أمام المستوطنين أو الشركات الاستيطانية أو المؤسسات العاملة في نطاق الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية أو البناء عليها، أما في مدينة القدس "الشرقية" تحديدا فإن الاحتمالية تساوي صفرا، كون أن المستوطنين كما الشركات الاستيطانية العاملة هناك لهم اليد العليا، طالما كان المدعِي ليس إسرائيليا.

يسعى مؤسسي إيلاد لإحياء حلم
يسعى مؤسسي إيلاد لإحياء حلم "مدينة داوود" في القدس، فهم يملكون نفوذا قويا في المدينة المقدسة، وهو نفوذ كافٍ لجعل أهالي المدينة من الفلسطينيين في خوف مستمر على حياتهم

كان المثال الأبرز على ذلك في عام 2008، وفي تلك القضية (18) التي وقفت فيها منظمة إيلاد الاستطيانية ضد فلسطينيي المدينة، والتي ثبت فيها تزوير الأوراق الخاصة بالمستوطنين المحسوبين على المنظمة، ليصدر حكم المحكمة بالفعل، لكنه هذه المرة ضد الفلسطينيين، وفي اليوم ذاته توجهت جرافات وعناصر شرطة الاحتلال لهدم المنازل فوق رؤوس أصحابها.

يسعى مؤسسو إيلاد لإحياء حلم "مدينة داوود" في القدس، وهي كما منظمة عطيرت كوهانيم، لها نفوذ قوي في المدينة المقدسة، وهو نفوذ كافٍ لجعل أهالي المدينة من الفلسطينيين في خوف مستمر على حياتهم، ليس فقط لتهديد المستوطنيين المستمر للأهالي، ترغيبا وترهيبا لهم لإخراجهم من المدينة، بل لأن الكيان المحتل نفسه هو من يحمي نفوذ المؤسسة ويرعاها في كل خطوة.

لم يكن هذا هو السبب الوحيد الذي دفع ديفيد أنسليم للقول (19) إن "الفساد في إسرائيل هو فساد مؤسسي"، بل ويرى أنه وبرغم كون "القوانين الإسرائيلية صارمة للغاية وقادرة على لفظ أي سياسي غافل" كما يدعي، فإنها نفس القوانين المساعدة على كل ما حدث ويحدث.

يفترض جوناثان كوك على الجانب الآخر أن قضايا الفساد المتعاقبة في إسرائيل، وخاصة ضمن حدود منصب رئاسة الوزراء تحديدا، لم تكن وليدة الحاضر، بل إن الأمر يعود بالأساس إلى تلك السنوات التي شهدت للمرة الأولى إعلان "دولة إسرائيل"، فـ "تلك الدولة الناشئة على أنقاض الدولة الفلسطينية، والتي لم تكن نخبتها المجتمعية لتقوم إلا على سرقة ممتلكات وأراضي الفلسطينيين، تلك الدولة قد نشأت بالأساس على الفساد"، مضيفا أن هذه الثقافة هي بالأساس "ثقافة متأصلة في الكيان المحتل، وأنه يبدو أن مثل هذه الثقافة يصعب استئصالها".

المصدر : الجزيرة

إعلان