شعار قسم ميدان

إنعاش الآيباد.. هل تنجح أبل بمنافسة سامسونج في التعليم؟

midan - education
رفعت شركة آبل سقف التوقّعات بعدما بدأت بإرسال دعوات مؤتمر (مارس/آذار) الذي ركّز على المجال التعليمي بشكل كامل، فالجميع اعتقد أنها ستدخل للمنافسة بقوّة أكبر، إلا أنها على النقيض عرضت تخفيضًا للهيئات التعليمية وقدره 30 دولار أمريكي فقط على حواسب آيباد الجديدة، و10 دولار على القلم (Apple Pencil)(1)، فهل يكفيها مبلغًا بقيمة 40 دولار لدخول مُعترك الأجهزة الذكية الموجّهة للمدارس والجامعات مع وجود مُنافسة شرسة من قبل بقيّة الشركات على غرار "إيسر" (Acer) وسامسونغ؟

      

أي شيء آخر

من الناحية النظرية، فإن الأجهزة الذكية الموجّهة للطُلّاب والمدارس يجب أن تتوفّر فيها مجموعة من الميّزات على غرار إمكانية الاتصال بالإنترنت وإجراء مُكالمات الفيديو، إضافة إلى تطبيقات لتحرير المُستندات وتصفّح الإنترنت وكتابة المُلاحظات وجدولة المواعيد والحصص الدراسية. ومن هنا، فإن الحاجة لنظام تشغيل مُعقّد ليس بالأمر الضروري، وهو ما ساهم بخروج مايكروسوفت بشكل أو بآخر من سوق الأجهزة التعليمية بعد سنوات من السيطرة عليه(2)، فمع وجود "آي أو إس" (iOS) وأندرويد و"كروم أو إس" (ChromeOS)، لم تعد هناك حاجة لاقتناء حواسب بنظام ويندوز بالنظر إلى ثمن ترخيص النسخة المُرتفع

        

حواسب "كروم بوك" (Chromebook) العاملة بنظام "كروم أو إس" كان لها نصيب الأسد في الآونة الأخيرة، فهي حواسب تتبع التعريف حرفيًا، مع إمكانية إضافة خصائص جديدة لها باستمرار بفضل تطبيقات الويب ومتجر "كروم" من جهة، ومتجر تطبيقات أندرويد "غوغل بلاي" (Google Play) من جهة أُخرى. كما أن عامل السعر يطحن أي مُنافس يُحاول الاقتراب، فالأسعار تبدأ من 179 دولار أمريكي تقريبًا وترتفع وصولًا إلى 999 دولار لتلبية كافّة الاحتياجات.

         

undefined

   

وعلى الرغم من كثرة المُنتجات، إلا أن بعض حواسب "كروم بوك" نجحت في الوقوف أمام المُنافسين، فشركة غوغل وحاسب "بكسل بوك" (Pixelbook)، المزوّد بشاشة تعمل باللمس وبالجيل الخامس من حواسب شركة إنتل رفقة ذواكر وصول عشوائي تبدأ مساحتها من 8 غيغابايت، كفيل بتقديم أداء مُميّز طوال الوقت. دون نسيان حاسب "كروم بوك برو" (Chromebook Pro) من شركة سامسونغ، فهو حاسب بشاشة 12.3 بوصة مع معالج من فئة "إم" (m) من إنتل، وتلك فئة لا تحتاج إلى مراوح تبريد. يُضاف إلى القائمة حاسب شركة "إتش بي" (HP) الجديد، "كروم بوك إكس 2" (Chromebook x2) الذي يحمل شاشة 12.3 بوصة أيضًا مع حاسب لوحي من شركة "إيسر" (Acer)، "كروم بوك تاب 10" (Chromebook Tab 10)، أول حاسب لوحي بدون لوحة مفاتيح يعمل بنظام "كروم بوك"(3).

   

undefined

          

تمنح الحواسب السابقة مجموعة كبيرة من الأدوات للمُستخدمين، فالطالب يحصل على مساحة تخزين سحابية للوصول إلى ملفّاته من أي جهاز. دون نسيان حزمة مستندات غوغل (Google Docs) التي تُتيح إمكانية إنشاء مُستندات وجداول بسهولة تامّة، ناهيك عن ميّزة التشاركية في تعديل الملفّات، فأكثر من طالب بإمكانه المُساهمة في المُستند بشكل آني، مع إمكانية دخول الأستاذ للاطلاع على سير العمل وترك المُلاحظات دون إعاقة طُلّابه. وباستخدام بعض الإضافات المتوفّرة لمُتصفح "غوغل كروم" الذي يعتمد النظام عليه بشكل شبه كامل، فإن الأدوات التي توضع بين يدي المُستخدم تُصبح غير محدودة.

     

دعونا نذهب في رحلة ميدانية

حملت الدعوة التي أرسلتها آبل أكثر من مدلول، فشعارها كان مرسومًا بخط اليد مع عبارة "دعونا نذهب في رحلة ميدانية" وهذا للدلالة على وجود أدوات موجّهة للمجال التعليمي بشكل حصري. وبالفعل، لم تُخيّب آبل الظن كثيرًا، فهي قدّمت الجيل السادس من حواسب آيباد اللوحية، جيل بشاشة 9.7 بوصة تدعم قلم الشركة، بعدما كان دعمه محصورًا بالحواسب اللوحية من فئة "برو" (Pro).

      

  

وبعد تلك البداية المثالية، كشفت الشركة عن حزمة "كلاس كيت" (ClassKit) التي تُتيح ربط الحواسب اللوحية الخاصّة بالطلّاب بنظام موجود على الحاسب اللوحي الخاص بالأستاذ، أو المسؤول التعليمي. كما يحصل الطالب على مساحة 200 غيغابايت مجانًا للتخزين السحابي على "آي كلاود" (iCloud). سارت الأمور على ما يُرام لحين الكشف عن الأسعار، فآبل أعلنت أن الحاسب اللوحي الجديد بسعر 329 دولار أمريكي، نفس سعر الجيل الخامس الصادر في 2017. لكن الهيئات التعليمية ستحصل عليه لقاء 299 دولار أمريكي. القلم لن يأتي مُرفقًا مع الحاسب اللوحي حتى لو قامت جهات تعليمية بشرائه، فهو متوفّر بسعر 99 دولار أمريكي للعموم، و 89 دولار أمريكي للمدارس والجامعات(1).

    

جمعًا يكون، فإن ما عرضته آبل هو تخفيض بقيمة 40 دولار أمريكي فقط لتلك الجهات على الرغم من المؤتمر بأكمله كان موجّهًا لهم، لتبدأ التساؤلات حول مدى ذكاء هذه الخطوة ومدى جدّية آبل، فهل تمتلك ما لا يمتلكه الآخرون؟ أم أنها تبيع كل شيء اعتمادًا على العلامة التجارية؟

       

undefined

   

بالنظر إلى قوة حواسب آيباد اللوحية، فإن ما يُميّزها هو متجر التطبيقات، المتجر الذي توفّر منذ اليوم الأول لوصولها، وهذا يعني وجود مجموعة كبيرة من الأدوات والتطبيقات الجاهزة للتحميل بشكل فوري، دون الحاجة لانتظار تلك الحلول على هيئة تطبيقات مثلما هو الحال عند مُستخدمي "كروم أو إس"؛ صحيح أنهم قادرين على البحث في الويب، أو داخل متجر "كروم"، أو داخل "غوغل بلاي"، إلا أن هذا يخلق مُشكلة كبيرة على مستوى الفصل الدراسي لأن التكامل غير موجود.

   

بفضل متجر تطبيقات آبل، فإن الأساتذة بإمكانهم تثبيت التطبيق على الحواسب اللوحية الخاصّة بالطلّاب بعد الاستعانة بحزمة "كلاس كيت". وفي نفس الوقت، يُمكن ضمان تشغيل تطبيق مُحدّد وتعطيل أي تطبيق آخر لفترة من الزمن. وبهذه الحالة، يُمكن انتظار النتائج، البيانات، من حاسب كل طالب على حدة. وفي نفس الوقت، يُمكن إرسال شاشة، تمرين، مُختلف لكل طالب. ولأن آبل أجادت في الآونة الأخيرة إنشاء نظام خاص بها تجمع تحت رايته جميع أجهزتها، وأنظمة تشغيلها بطبيعة الحال، يُمكن ضمان تكامل دائم بين بيانات المُستخدم وتطبيقاته أيًا كان الجهاز، وهذا سينعكس إيجابيًا على سير العملية التعليمية من جهة، وعلى تبنّي أجهزة آبل المُختلفة من جهة أُخرى(4).

     

undefined

  

ما سبق يُفسّر قلب آبل القوي الذي دفعها للحفاظ على هامش ربحها المُعتاد دون خوف، فهي تعلم جيّدًا أن متجر التطبيقات وبعض الحزم البرمجية التعليمية التي توفّرها فرصة لا تعوّض بالنسبة للهيئات التعليمية التي تبحث عن حل واحد مُتكامل، كان موجود سابقًا في الحواسب المكتبية والمحمولة عبر نظام ويندوز، وها هو يظهر الآن في متجر تطبيقات آبل. وتجدر الإشارة إلى أن نظام "كروم أو إس" بدأ بدعم متجر تطبيقات أندرويد التي بدأت تزداد توافقيّتها مع النظام(5)، وبالتالي ما هي سوى مسألة وقت حتى يتحوّل "غوغل بلاي" إلى متجر آخر تجد الهيئات التعليمية ضالتها فيه. لكن وحتى تلك اللحظة، ستُحافظ آبل على جرائتها دون خوف أو تردّد.

 

آبل لم تكتفي بحزمتها الموجّهة للمدارس والطُلّاب فقط، بل كشفت عن مجموعة من الأدوات الجديدة للراغبين بتعلّم البرمجة -لغة العصر الجديدة-، "سويفت بلايجراوند" (Swift Playground)، وبفضل مجموعة من الدروس المجّانية وورشات العمل الموجّهة للأساتذة، تدفع الشركة حواسبها اللوحية لكونها الخيار الأمثل من ناحية الجهوزية، مرّة أُخرى لكونها الحل الأوحد المُتكامل(6).

      

    

لطالما انتقد المُستخدمون آبل بسبب إنشاء نظام يدور حول أنظمة تشغيلها وأجهزتها المُختلفة فقط مع غياب المرونة الموجودة في أندرويد على سبيل المثال. لكن هذا الأمر، حتى الآن، ما زال يصبّ في مصلحتها، فالتركيز في مجالات مُحدّدة أفضل من الذهاب في جميع الاتجاهات لإرضاء الجميع، الأمر الذي تنبّهت له غوغل أيضًا وبدأت بالعمل على تغييره في الآونة الأخيرة. ومن هنا، فإن غوغل قد تكسب معركة جديدة ضد آبل في المُستقبل، أو قد تحتاج لانتظار "فوشيا" (Fuchsia)، النظام الجديد، الذي قد يُغيّر من مفهوم أنظمة التشغيل بشكلها الحالي.

   

في الوقت الحالي، فإن الكفّة مُتذبذبة لا تُشير لتفوّق طرف على الآخر بشكل مُطلق، لكن النتائج المالية مع نهاية 2018 من شأنها الكشف عن الكثير من التفاصيل، وإمالة الكفّة للوقوف على جدوى الخطا التي تقوم بها كل شركة.