شعار قسم ميدان

"بيكسبي" و"سيري".. ما أبرز ملامح حرب المساعدات الرقمية؟

المساعدات الرقمية

عند الحديث عن المُساعدات الرقمية قبل أربعة أعوام تقريبا، كانت الأسماء تنحصر في "سيري" (Siri) من آبل و"أليكسا" (Alexa) من أمازون. إلا أن العامين اللاحقين قدّما مُساعد غوغل الرقمي (Google Assistant) ومعه "كورتانا" (Cortana) من مايكروسوفت، ليصل "بيكسبي" (Bixby) من سامسونغ آخر الركب في 2017، ومع هذا، فقد نجح "بيكسبي" في التفوّق على أوائل الواصلين على الرغم من وقوف نفس فريق تطوير "سيري" خلفه.

 

وظائف أساسيّة

تنقسم وظائف المُساعدات الرقمية إلى مجموعة من المهام الرئيسية التي تبدأ من تلقّي ما يقوله المُستخدم، فبدون التحليل الصحيح للصوت وفهم الحوار لن تكون تلك المُساعدات ذات قيمة، لأن تكرار الجملة نفسها أكثر من مرّة لا يتقاطع أبدا مع "الذكاء" المزعوم للآلة. ومن هنا، فإنه من البديهي اعتبار أن جميع المُساعدات قادرة على فهم السؤال من المرّة الأولى، إلا أن "سيري" على سبيل المثال عادة ما تُخطئ ويحتاج المُستخدم إلى تكرار كلامه أكثر من مرّة، حالها حال "كورتانا" من مايكروسوفت، في وقت تبرز فيه غوغل وأمازون.

    

"بيكسبي" في هذا المجال حالة فريدة حتى الآن، فالجيل الأول كان سيئا وغير قادر على فهم أبسط الأوامر، إلا أن الكثيرين تحدّثوا عن تحسّن كبير مع وصول الجيل الثاني الذي تُحاول الشركة فيه محو تلك الصورة السيئة مع تقديم مزايا فريدة تسمح لها حصد حصّة أكبر في سوق المُساعدات الرقمية(1).

    

  

الوظيفة الثانية، من ناحية الأهمّية، خلف فهم كلام المُستخدم هي العثور على إجابات لأسئلته، وبدون أدنى شك تحصل غوغل مرّة أُخرى على المركز الأول في هذا المجال بفضل خبرتها الطويلة في مُحرّكات البحث، فتحويل السؤال الصوتي إلى نص ببراعة ساعدها على إيجاد الإجابات ببراعة أكبر بفضل خوارزميات البحث المُتطوّرة التي ساعدتها في السيطرة على سوق مُحرّكات البحث. كما أن بقيّة المُساعدات الرقمية تعتمد بنسبة كبيرة على مُحرّك بحث غوغل للعثور على الإجابات بشكل دائم(2)(3).

 

تفوّق غوغل في تلك المجالات نابع من قدرة المُساعد الرقمي على مُحاكاة حوار الإنسان، فطرح أسئلة مُترابطة سهل جدا، بينما تتفاجئ "سيري" في مُعظم الأوقات عندما يطرح المُستخدم سؤالا على غرار: من هو الهداف التاريخي لنادي برشلونة الإسباني؟ متبوعا بسؤال آخر عن عمره، فمُساعد غوغل يربط السؤال الثاني مع السؤال الأول ويُعطي عمر الهدّاف التاريخي للنادي، بينما ستُجيب "سيري" عن السؤال بسؤال آخر: "ماذا تقصد بكم عمره؟"(4).

 

التحكّم بالأجهزة
بدأت رحلة المُساعدات الرقمية الصوتية في الهواتف الذكية تقريبا بهدف توفير وسيلة تحكّم جديدة لا تتطلّب الإمساك بالجهاز طوال الوقت. الأمر نفسه كرّرته أمازون مع مُساعدها الرقمي عبر إطلاق مُساعد منزلي مُخصّص لطرح الأسئلة والإجابة عنها لمُساعدة المُستخدم في مهامه اليومية، إلا أنها -أي أمازون- بفضل قدمها في السوق من جهة، وبتعاونها مع الكثير من الشركات من جهة أُخرى، أصبحت قادرة على الخروج من نطاق الجهاز الواحد.

 

باستخدام "أليكسا" يُمكن نطق جملة واحدة مثل "صباح الخير" ليقوم المُساعد الرقمي بفتح الستائر، وتشغيل أجهزة التهوية، مع تشغيل مُحضّرة القهوة أيضا، وهذا بفضل أجهزة إنترنت الأشياء (IoT) المُتّصلة بالإنترنت، والتي يُمكن لمُساعد أمازون الرقمي مُخاطبتها بكل سهولة.

 

غوغل بدورها لم تُهمل الأمر، خصوصا أنها تمتلك توزيعة خاصّة من أندرويد موجّهة لهذا النوع من الأجهزة، ليكون مُساعدها الرقمي أيضا بالكفاءة نفسها ومُدركا لجميع أجهزة المُستخدم المُتّصلة بالإنترنت(5).

 

وفي وقت تحاول فيه سامسونغ اللحاق بالركب على اعتبار أنها تقوم بإنتاج الأجهزة الكهربائية المنزلية الذكية المُتّصلة بالإنترنت، تحاول آبل هي الأُخرى فرض طبقة من الترابط بين جميع أجهزة المُستخدم عبر تطبيق "هوم" (Home)، إلا أن دعم أجهزة إنترنت الأشياء لواجهات آبل البرمجية لا يزال صغيرا مقارنة ببقيّة المُنافسين.

 

من جهة أُخرى، تلعب سامسونغ دور السبّاق في مجال آخر بفضل قدرة مُساعدها الرقمي على التحكّم بالهاتف الذكي نفسه، أي تنفيذ المهام على مستوى النظام، فوظائف مثل تغيير الخلفية أو ضبط درجة سطوع الشاشة من المهام البسيطة التي يُمكن لـ "بيكسبي" تنفيذها، ليكون من أوائل المُساعدات الرقمية التي تعمل على مستوى نظام التشغيل مع إمكانية فهم واجهاته وقوائمه الظاهرة، فتنفيذ مهمّة مثل قصّ أجزاء من الصورة يُمكن القيام به في أجهزة سامسونغ الذكية صوتيا ودون الحاجة إلى لمس الشاشة ولو مرّة واحدة.

 

  
رؤية واضحة
أذهلت غوغل العالم قبل سنوات عندما أضافت ميزة ترجمة الصور إلى تطبيق الترجمة الخاص بها، فهذا يعني وجود خوارزميات مُتطوّرة في مجال الرؤية الحاسوبية قادرة على استخراج النصوص والأرقام من الصورة وترجمتها، ومن ثم عرضها بلغة يفهمها المُستخدم، وتلك خوارزميات وصلت مؤخّرا إلى تطبيق صور غوغل (Google Photos) وإلى مُساعد غوغل أيضا، فالتطبيق قادر الآن على البحث اعتمادا على الصورة كأن يقوم المُستخدم بتشغيل مُساعد غوغل في أحد المحلّات التجارية للعثور على أفضل سعر للحذاء الذي عثر عليه، أو لمعرفة تقييم المطعم الذي يوجد أمامه.

 

هذا الأمر موجود كذلك في "بيكسبي" التي كانت آخر الواصلين إلى سوق المُساعدات الرقمية، في وقت لا توفّر فيه "سيري" هذا الأمر سوى على استحياء داخل تطبيق الصور مثلا بحيث يُمكن العثور على الصور التي تم التقاطها في مكان ما، أو التي يظهر فيها طفل على سبيل المثال، أما تشغيل "سيري" وسؤالها عن طاولات بنفس تصميم الطاولة التي يجلس عليها المُستخدم فهو أمر من وحي الخيال في الوقت الراهن.

 

 

استفادة غوغل من خدماتها المُختلفة كالبحث وفهم أسئلة المُستخدم، إضافة إلى فهم محتويات الصور ينتقل أيضا إلى الترجمة الفورية، فباستخدام سمّاعات غوغل (Pixel Earbuds) يُمكن الحصول على ترجمة فورية لأي حوار يجري أمام المُستخدم، وهو شيء توفّره "سيري" أيضا، إلا أن المُستخدم يحتاج إلى طلب ترجمة كلمة أو جُملة، ولا يُمكن تفعيل الميزة عند إجراء حوار مع شخص أجنبي بشكل آني مثلما هو الحال مع مُساعد غوغل الرقمي، وهي ميزة تعمل أيضا سامسونغ على تطويرها في الوقت الراهن أملا في مُنافسة غوغل بضراوة، خصوصا أن أجهزة الشركة الكورية الجنوبية تعمل بنظام أندرويد الذي يأتي سابقا بمساعد غوغل الرقمي.

 

  

تمتلك غوغل وسامسونغ أفضليّة نسبية في الوقت الراهن، فهما إلى جانب سيطرتهما في سوق الأجهزة الذكية، يمتلكان أيضا أفضلية في سوق أجهزة إنترنت الأشياء، فالأولى توفّر نظاما لتشغيل تلك الأجهزة، والثانية تقوم بإنتاج تلك الأجهزة، وهذا يضمن بشكل أو بآخر وصول مُساعداتهما إلى الأجهزة المُختلفة، وهي أفضلية لا تمتلكها آبل أبدا، بينما تسعى أمازون ومايكروسوفت لامتلاكها عبر التعاون مع شركات مُختلفة، فمُساعداتها الرقمية مرنة وتعمل على أنظمة التشغيل المُختلفة.

المصدر : الجزيرة